لا بد من كلمة ختامية أولا..
من أصداء ردود الفعل تجاه ما نشر من حلقات،أن البعض مستاء من أسلوب عرض الأفكار،وكأنها تضاد الأحزاب(الحركة..)وهذا ما سرني ليس لأنهم استاؤوا، وإنما لأنهم تفاعلوا مع ما كتبت..ولا ادعي العصمة واحتكار الحكمة..!
أحببت أن أساهم بما يعتمل في صدري..فإن صح ما اجتهدت فيه فلي أجران –كما يقول الحديث –وإن أخطأت فلي اجر واحد..!
ضمن المنظومة القانونية التي يفترض أن الشعوب صاغتها وتحسنها باستمرار وفق المستوى المتطور في الحالة الثقافية فيها.
وكما سبق في مقدمة الحلقة الأولى..فإني أكرر دعوتي لكل من يتفاعل مع هذه الدراسة أن يشارك فيها برد أو نقد،أو إضافة أو نصيحة أو نصيحة أو–حتى التعبير عن الامتعاض أيضا…فهذا هو الهدف من أية كتابة –كما أقدر..!
وكل كاتب يتحمل مسؤولية ما يكتب مهما كانت الصيغة –أدبيا وأخلاقيا … وعليه أن يتقبل النتائج وان جاءت في صيغة قد لا تكون مرضية له..ولعل هذا هو ما يسمى حرية التعبير ديمقراطيا..وان كانت اللهجة العلمية –ما أمكن-مطلوبة عادة..!
ولعلي استطعت أن أثير مسائل يمكن أن تفتح صفحات للحوار-لا للجدال المذموم- حول أهم قضية تشغل واقع الشعب الكردي في سوريا..
مع تحياتي-واعتذاري لما يمكن أن يعتبر تجاوزا –وهو غير مقصود في كل الأحوال..!
“العوامل الموضوعية عموما- وبدرجة جيدة- إضافة إلى عناصر كثيرة من العوامل الذاتية, توفرت الآن للقيام بنوع من التقييم الشامل لكل ما يتصل بالحركة السياسية الكردية (الحالة الحزبية الكردية..).
ما هو المطلوب..؟!
المطلوب إذا:
1- إيجاد آلية حيوية فعالة لممارسة هذا التقييم من جهة,
2- إيجاد آلية (صيغة) لتفعيل الحركة من جهة أخرى.
وذلك ليحسن أداؤها لمهمتها النضالية السياسية لتحصيل الاستحقاقات”.
• آفاق الحل..
أو ما العمل ؟
في البداية لابد من التذكير ببعض ملامح الواقع الراهن, والذي يختلف عما كان عليه الواقع الكردي في الماضي ومن جميع جوانبه:
1- الانتشار الأفقي للمعرفة (في كل بيت تقريبا) متخطيا مختلف الحواجز.
ودون إغفال التفاوت في المستويات وأسبابه في العموم.
وذلك نتيجة – لعوامل مختلفة وكثيرة (المدارس, الصحف والمطبوعات المختلفة, وسائل الإعلام المختلفة, المواصلات والاتصالات المختلفة وعلى رأسها أجهزة الاتصال الحديثة كالهاتف الخليوي والكومبيوتر والانترنت…).
2- جماهيرية التعامل مع السياسة,وكنتيجة للمعطيات السابقة الذكر,ولتوفر(هامش) ديمقراطي محليا، والأصح أن نقول (هامش) من الحرية (أو غض النظر..) وهذه كلها مرتبطة بظروف مواتية ذاتية (وطنيا) وموضوعية (عالميا).
وفي كل الأحوال.
فإن مناخ الحرية في ممارسة السياسة كرديا ووطنيا سوريا, أفضل مما سبق وإن كان هناك تحفظات في تحديد وتشخيص عناصر هذا المناخ.
3- وفرت العوامل السابقة, الإمكانية للتفاعل بسهولة أكثر:
آ- التفاعل مع النفس: بناء الذات باستثمار طاقاتها, بوجود مستوى معرفي كمعطى, وبأدوات معرفية ميسرة سبقت الإشارة إلى بعضها, عندما تتوفر الإرادة لذلك.
ب- التفاعل مع المحيط الوطني- الكردي والعربي وغيرهما- إذ تضاءل دور المقدس من المفاهيم السياسية, بل والرموز السياسية أيضا بدرجة ما، وتوفرت الأرضية لتبلور الحوار كصيغة تعامل وتفاعل (على مستوى المثقفين -أو بعضهم على الأقل- والمثقف هو: المثقف الحزبي وغير الحزبي-فلا تفريق بين المثقف الحزبي وغير الحزبي ،مادام يتمتع بميزات المثقف..من معرفة واطلاع ومرونة واستشراف وقدرة تعبيرية،وقدرة على الفهم،وعلى حسن التفاعل ايجابيا…الخ).
ج- التفاعل مع المحيط العالمي, وخاصة بعد الحرب الباردة, ونشوء مفاهيم جديدة (نظام عالمي جديد مرتكزه شعارات: الديمقراطية, والحرية, وحقوق الإنسان..الخ ومفهوم العولمة, حوار الحضارات والأديان…الخ).
وكذلك فإن تطور التقنية – وخاصة الكمبيوتر وآثاره وخدماته المختلفة ساهم في تسهيل التواصل الإنساني عالميا, وإضاءة الزوايا المظلمة في البلدان التي كانت تضرب طوقا من حديد على شعوبها (الموبايل, الانترنت, مراسلون عبر الأقمار الصناعية…)
4- هذا الاتصال وقبول مبدأ التحاور، سهلا البحث عن الحلول للمشاكل المختلفة, وصياغة تصورات جديدة للعمل- وبآفاق تفجر الأحزمة الضيقة للتفكير !!!-.
بعبارة أخرى: العوامل الموضوعية عموما- وبدرجة جيدة- إضافة إلى عناصر كثيرة من العوامل الذاتية, توفرت الآن للقيام بنوع من التقييم الشامل لكل ما يتصل بالحركة السياسية الكردية (الحالة الحزبية الكردية..).
ما هو المطلوب..؟!
المطلوب إذا:
1- إيجاد آلية حيوية فعالة لممارسة هذا التقييم من جهة,
وذلك ليحسن أداؤها لمهمتها النضالية السياسية لتحصيل الاستحقاقات.
وبتقديري.
فإن المعنى العام للنضال السياسي هو:
العمل على تطوير الحياة في جميع نواحيها، لتقترب بالإنسان من نمط حياة مرجوّة، ولا نقول سعيدة.
ولكن كيف؟
بالتأكيد ليست الإجابة سهلة: ولا يمتلك أحد مفتاحا سحريا للحل.!
ولكن- برأيي- على الجميع-أحزابا، فعاليات ثقافية ،وفعاليات اجتماعية-ضمن معايير مدروسة في اختيارها- على الجميع: بذل الجهد في إطار من:(التحاور والتشاور والتعاون حضاريا).
وذلك لـ:
– تلمس عناصر أولية في صيغة اقتراحات, نابعة من أرضية التجربة والآفاق..
تطرح للمناقشة..
– استخلاص الأفضل منها.
– إطلاق الحريات في تناول مختلف القضايا، وخاصة الحرية الفكرية..
والحرية السياسية..
والحرية الثقافية عموما..
وقد يخطئون، وقد يصيبون..! ولكن دوما يبقى التمييز بين الحالتين (الخطأ والصواب) كثمرة للتحاور والتشاور والتعاون حضاريا (أي بعقلانية وروحية ايجابية بناءة…).
[بالمناسبة هناك نظرية تربوية اسمها(نظرية التعلم بالخطأ)وتعتمد في مناهج بعض المجتمعات إلى جانب نظريات أخرى مختلفة.فلماذا لا نستفيد نحن أيضا منها؟!].
وهنا لابد من التذكير ببعض المحطات في تاريخ الحركة السياسية الكردية في سوريا (الحزبية) كانت مظاهر للفشل في جهود مبذولة في هذا الاتجاه, وهو( تفعيل الحركة السياسية الكردية)عبر توحيد جهودها، منها:
1- محاولة التوحيد بين الحزبين الوحيدين (اليسار واليمين -كما كانا يشتهران حينها كتسمية- وإن لم تكن مرضية لطرف منهما) وذلك، في المؤتمر الوطني الكردي عام 1970 والذي عقد في كردستان العراق، و بإشراف من رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني في العراق، قائد ثورة أيلول 1961 المرحوم / مصطفى البارزاني.
ومما يؤسف له إن هذه المحاولة قد فشلت – وللأسباب التي عددناها سابقا وخاصة تركيبة القيادة الحزبية -, ومن ثم أثمرت حالة جديدة هي:
نشوء حزب ثالث باسم (القيادة المرحلية)، ثم باسم (الحزب الديمقراطي الكردي في سوريا)، بعد عقد المؤتمر الحزبي الأول في كردستان العراق أيضا عام 1972.
(وقد استند على هذا الحزب،السيد محمد نذير مصطفى سكرتير عام البارتي،لاعتبار حزبه استمرارا للحزب الكردي الأول،وأذيعت مقابلته في كردستان تي في.
خلال شهر حزيران لهذا العام، ونسجل عليه في هذه المقابلة انه لم يشر إلى اسم السيد عبد الحميد درويش، باعتباره من المؤسسين للحزب الكردي الأول…!
إن مثل هذا السلوك يشير بوضوح إلى البعد الذاتي المتحكم في قيادات الأحزاب الكردية بمحاولة تجاهل أحداث تاريخية لا يمكن تجاهلها بأي شكل،ولا يقصّر السيد عبد الحميد درويش، أيضا في فعل ذلك، وخاصة في الاحتفال (باليوبيل الذهبي للحزب) والذي أوحى فيه وكأنه وحده (أو حزبه وحده)-وهو يختصر حزبه في شخصه باعتباره السكرتير الوحيد لهذا الحزب منذ أكثر من(40) أربعين عاما(تماه بين شخصه وبين حزبه) – هو ممثل وامتداد للحزب الكردي الأول،وهي مغالطة مقصودة ومضللة ..
.بل إنه في كتابه “أضواء على الحركة الكردية في سوريا” يعزو إلى نفسه يقظة النضال السياسي على مستوى كردستان كلها..ولمن شاء فليعد إلى هذا الكتاب ليطلع على مدى ما خص نفسه فيه من تمجيد لا يؤيده الواقع.
كما يفعل ذلك باقي القيادات في اعتبار ذواتهم امتدادا للحزب الكردي الأول،ودون أن يستطيعوا جميعا الإشارة بوضوح كاف إلى انجازات ملموسة ومؤثرة فعلا، في العملية النضالية السياسية في هذا التاريخ الطويل لأحزابها..!!
2- فشل المحاولات السابقة لتأطير نضال أطراف الحركة في صيغة ما: (توحيدية, تحالفية…الخ) ونذكِّر -في هذا السياق- بفشل المحاولة التحالفية السابقة, وبالإيقاع البطئ جدا في العمل التحالفي القائم، وكذلك في حالة (الجبهة الكردية الديمقراطية في سوريا) وذلك لأن الدافع إلى هذه الأطر مرتكز إلى واقع الحالة القيادية (الحزبية) والذي شخصنا جزءا منه على الأقل، فيما سبق.
وبالتالي فإن حالة التنافس والصراع -أو الشعور بالضعف الحزبي -..هي التي أوحت بهذا التأطير, وليست الجدية القائمة على متطلبات الأداء النضالي وظروف المرحلة ومتطلباتها..
بدليل أن الحالة الجديدة لم تجدد النبض في الحياة الحزبية النضالية كما يجب, كما أن إيقاع العمل يرتبط بظروف التنافسات والصراعات..
وكأقرب مثال يحز في النفس: التجاذب الحاصل حول الشخصية الوطنية المتوفاة في الفترة الأخيرة الشاعر/ تيريز/ رحمه الله و كذلك الموقف من المرحوم درويش ملا سليمان (درويش جوهيري) -وهو من المساهمين الأوائل في تأسيس الحزب.
وفي هذا السياق ،لا بد من الإشادة بمحاولة التأطير الأخيرة بين كل من: التحالف،والجبهة،والتنسيق،في توحيد( الرؤية المشتركة) في الربع الأول من عام 2007 ،ولكن الإشادة مرهونة بمدى التقدم الفعلي،فهناك محاولات عديدة بذلتها الأحزاب الكردية في سوريا ولكنها قلما بلغت المستوى المرجو فيها ، بسبب عدم الجدية من جهة، وعدم توفير عناصر الثقة ببعض من جهة أخرى، بسبب التركيبة المشار إليها للقيادة الحزبية الكردية في سوريا بشكل عام،وحالة تعطيل “الرؤيا المشتركة..ووضعها على الرف –كما يبدو…!
وفي الآونة الأخيرة احتد الصراع بين بعض أطراف التحالف الذي كان مؤلفا من ستة أحزاب وتراجع إلى أربعة أحزاب..
لم تلبث -هي ذاتها- تعيش تناحرا كدّر مزاج الجماهير الكردية –بالرغم من أن التحالف –والجبهة أيضا وغيرهما ..لم يقدم ما كان مطلوبا منه-ووعدت به الأطراف المشاركة عند تأسيسها..!!
3- صعوبة الظروف التي ترافق أي مسعى للجمع بين الأطراف (جبهة وتحالف وتنسيق… أو أي حزب و آخر، ولا تزال تجربة محاولة الجمع بين أحزاب التحالف وأحزاب أخرى (الجبهة فيما بعد) للحوار حول إنشاء مجلس وطني كردي حية في الذاكرة) فكان أن أعلنت بعض الأحزاب مع بعض الوطنيين المستقلين صيغة سميت ” المجلس العام التحالفي” جاءت التجربة أقرب إلى الشكلية منها إلى حركة فاعلة تساهم في تحريك الواقع الراكد للحركة السياسية (الحزبية).
لا تزال هذه التجربة طازجة – وبغض النظر عن المسبب في الفشل – فبرأيي ليس الأشخاص فقط هم السبب..
بقدر ما هي التركيبة القيادية الحزبية, وأسلوب التربية الحزبية القائم على محورية الشخصية الأولى، ومن ثم تربية الأعضاء على هذا النمط الذي يحرمهم فرصة بناء الشخصية المستقلة فكريا، ضمن الحالة الحزبية عموما( أي آليات العمل ضمن التركيبة الحزبية والقيادية فيها بشكل خاص).
وإن هذه الحالة –واقعيا- لا تتجاوب مع معطيات التطور والتغيرات الحاصلة في العمق (عناصر التكوين النفسي الاجتماعي للكرد…) ولقد أحسن السيد “عبد الحكيم بشار” في أحدى لقاءاته- وبعض مقالاته- بقول ما معناه : إن هذه المرحلة من العمل السياسي تتطلب قيادات جديدة ومؤهلة ،تستوعب الظروف المستجدة..!
نخلص إلى نتيجة وهي:
العجز الأكيد للحركة السياسية الكردية(الأحزاب الكردية)عن القيام بمعالجة أزمتها ذاتيا، وبالاعتماد على نفسها كحركة (أحزاب)، استنادا إلى التجارب المذكورة، وغيرها..والتي تمتد إلى أكثر من ثلاثين عاما،ولئن حققت ذلك نظريا فالتجربة علمتنا عجزها عن التطبيق، وهذا ما نخشاه بالنسبة إلى وثيقة ((الرؤية المشتركة)) المتفق عليها قبل زمن ، أيضا.
ونستنتج من ذلك:
ضرورة وجود صيغة تفاعلية بين الحركة (الأحزاب) وبين الفعاليات الوطنية الكردية ذات الإمكانيات و الخصائص المفيدة (الثقافية..
التجربة السياسية الناضجة..
الخبرة الحياتية الواضحة…) تساهم في تفعيل الجو السياسي والحزبي (كرديا).
ولقد مورست هذه الصيغة – بمعنى ما- في أكثر من ظرف:
آ- لجان جمع التبرعات للجبهة الكردستانية العراقية, أثناء الانتفاضة عام 1991
ب- لجنة المساعدة لإيجاد مخرج من أزمة الترشيح في انتخابات مجلس الشعب الدورة السادسة / 1994/
ج- المجلس العام التحالفي القائم من مجموعة أحزاب ومجموعة شخصيات (تعتبر مستقلة) وإن كنا نتحفظ على الأثر الفاعل له ..ولكنها تجربة تدل على إمكانيات إذا صحح في أسلوب صياغته..وأسلوب اختيار المنضمين إليه..
وللأحزاب الأخرى بعض تجارب أيضا..يمكن الاستفادة منها..باختصار:
ضرورة تقييم الأداء الحزبي الكردي في جوانبه المختلفة..والتخلي عن الصيغ والأدوات التي لم تعد تتوافق مع روح العصر(المزاج السياسي للعالم)
ما سبق يشير إلى أن الإمكانية في هذا الاتجاه التفاعلي (الحزبي و اللاحزبي (أي الوطني المستقل )) موجودة، وبدرجة يمكن تحقيقها – إذا توفر المناخ لها- وما على الجميع إلا تفعيلها.
وبطبيعة الحال فإن الحركة (الأحزاب) مدعوة إلى تقديم تنازلات لإنجاح هذا المنحى التفاعلي والتعاوني أيضا- خاصة وأن الحركة هي القائدة السياسية أساسا-.
ومن بعض التنازلات عدم العيش في حالات التشبث بأولوية هذا على حساب هذا..”العمل السياسي -كما يعرف-فن الممكن” وهذه قاعدة يأخذ بها السياسيون في الغرب بقوة.ولكن الحالة الحزبية في الشرق غالبا ما تكون أسيرة أيديولوجيات ذات طابع لا يقبل المعالجة بسهولة..ولعل من أسباب ذلك حالة القداسة التي كرّست لبعض الشخصيات –وخاصة القيادي الأول في حالة شبيهة بما يجري من نوع من قداسة المشيخة في الحالة التصوفية،خاصة لدى المريدين..وفي ذلك تعطيل القوة النقدية الضرورية لأي تقدم،وعلى أي صعيد..!
وربما كان ذلك مبررا –بمعنى ما في الحالة التصوفية استنادا إلى مفاهيمها..ذات الطابع الغيبي..فكيف نسوّغها في الحالة الحزبية التي تبنى -أساسا- على فكر تطوعي،ومداولات عقلية في اطر تنظيمية متجددة –افتراضا-في المؤتمرات المتعاقبة ..؟!
ولولا أن مناخ الحوار لم ينضج مرة أخرى بسبب التركيبة النفسية للحالة الحزبية والقيادية فيها خاصة, فقد كانت المحاولة التي قام بها جمع من الوطنيين (اللا حزبيين) للجمع بين الأحزاب المختلفة, وبقصد إقلاع مشترك في تأسيس / المجلس الوطني الكردي / كانت هذه المحاولة فرصة جيدة ولكنها لم تستثمر وللأسف.
(هذه المحاولة استمرت لأكثر من عامين وربما أكثر..خلال 2001 و 2003).ثم تجددت في أواخر العام 2006 وخلال العام 2007 ..ربما ساهمت بشكل مؤثر في الوصول إلى الرؤية المشتركة المجمّدة –للأسف-حتى هذه اللحظة.
ومع ذلك فإن الإمكانية هذه لا تزال موجودة، وربما مع حظ أوفر بوجود نوع من الصيغ التي يمكن الاستفادة منها في خطوات دبلوماسية، -يعتمدها الساسة عادة- لمعالجة الإشكالات الشكلية بينهم .هذه الصيغة هي/صيغة الجبهة وصيغة التحالف وصيغة التنسيق..
إذ يمكن تشكيل وفود كل منها بدون تسمية تبعث على الحساسية, كما يمكن توظيف اسم/ الجبهة والتحالف والتنسيق / بتجاوز مشكلة الأسماء المتشابهة لبعض الأحزاب(حزبان باسم:الحزب الديمقراطي الكردي…البارتي،وحزبان باسم الحزب الديمقراطي التقدمي الكردي … وان يتناول التغيير بين الفترة والأخرى بعض الأسماء..!
إضافة إلى ذلك،يمكن الاستفادة من شخصيات وطنية حيادية (لا حزبية) تكون مقبولة من الأطراف للقيام بدور مشابه لما قام به السيد /عزيز محمد/ في الجلسات الحوارية بين ( PDK, YNK) في كردستان العراق.
والتي أنتجت توافقا مقبولا بين الطرفين بمساعدة عوامل أخرى ساهمت في ذلك.ولا يزال مستمرا في ظل الحالة المتقدمة لحكومة إقليم كردستان..وان كنا نتمنى على هذين الحزبين أن يبحثا صيغا أكثر جدة وفاعلية لإيجاد طريقة أكثر فعالية في المشاركة الجماهيرية والحزبية الأوسع..
واضعين نصب أعينهم ما توصلت إليه دول غربية وشرقية..من حالة التطور..في كل اتجاه.
وبالمقابل ما يعيش فيه دول شرقية وأمريكية لاتينية وافريقية من تخلف رغم طول الزمن باستقلالهم عن الاستعمار والمحتلين..!
(المشكلة أن الأحزاب الكردية في سوريا تتحسس من مساعي الوطنيين المستقلين للعب دور مبادر في هذا المنحى مع أن هذه الأحزاب تلجأ إليهم –دوما- عندما تحتاج إلى مساهمتهم (جمع تبرعات عام 1991،مشكلة اتخاذ قرار بشأن عدد المشاركين في الترشيح لمجس الشعب دورة 1996 ….).
وهذا ذاته دور فيه غرابة،الخصوصية الحزبية بلغت لدى الأحزاب درجة التفاضل على جماهيرها والتعالي عليها،ولي تجربة بهذا الخصوص عندما قال احد المسؤولين:
((قال لي أحدهم (…) هل تعرف لم َ انتسبت إلى الحزب؟ قلت لماذا؟ قال:لكي لا أبقى في الشارع مثل ال(…)(وصف مؤلم ومتعال …) .
ولقد حاججت هذا المسؤول بالقول:
لماذا هذا التمايز الحزبي على الجماهير؟
أليست الجماهير هي مصدر زخم أنشطتكم في نوروز السنوي؟ و في الانتخابات كل أربع سنوات؟وفي أنشطتكم الروتينية (قراءة المنشورات وحضور الندوات والمنتديات والحفلات..؟ والمساهمة في تمويل حركاتكم وأنشطتكم؟ بل وكم من المستقلين في السجون مثلما يكون الحزبيين…!!
ونذكّر بان سجن قياديي الحزب الديمقراطي الكردي(البارتي) عام 1973 كان مترافقا مع سجن مجموعة مستقلين حينها، منهم السادة خالد مشايخ وعبد الله ملا علي،ومحمد ملا فخري..
وغيرهم ..وقد قضوا الفترة نفسها في السجن حوالي السبع سنوات أو أكثر.
ومنذ انتفاضة 12 آذار 2004 سيق العشرات بل الألوف من غير الحزبيين إلى السجون..ولا يزال الكثيرون قابعين فيها من المثقفين..في حين معظم الحزبيين هم خارج السجون آنئذ..ولا أقصد التشكيك فمن المعروف الأسلوب الذي تتعاطي به الأجهزة الأمنية ،سواء اعتماد الوشايات الكاذبة التي تجد هوى لديها،أو التقصّد في سجن البعض وترك البعض لإيجاد شرخ بين أبناء الشعب..!
بتقديري كل من لم يستحب لمحاولة تأطير النضال السياسي للحركة (الأحزاب) في هذه المرحلة،وإيجاد آليات التفعيل السياسي للشعب الكردي بأسلوب متطور ومتوافق مع روح العصر..
فإنه يضحي بالغالي من أجل الرخيص, وبالمهم في سبيل الأقل أهمية- وبالتالي فإن الواقع الذي يكون فيه- ومهما كان- لا يرقى به واقعيا وتاريخيا إلى ألمصاف الذي يوصله إليه ،فيما لو استطاع الخروج من هالته النفسية التي يتخيلها ذات شأن..
وطبعا لم يعد ينطلي على الجماهير ادعاءات مستمرة بالاستعداد لتوحيد الخطاب والجهود..فقد أصبح ذلك معزوفة مشمئزة ينبو عنها سمع الجماهير بعد فقد أصحابها مصداقية التطبيق ..وهذه أهم مشكلاتها ..!
وما حدث أخيرا في أحزاب التحالف ،وتشبث كل جهة بادعاءات تنظيمية او ديمقراطية ..أو غيرها ليس سوى محاولة لإنتاج ذاتها بنفس الطرق والآليات الكلاسيكية والتي كانت هي السبب في الحالة المزرية التي تعيشها الأحزاب-ولا أقول الحركة- في أحسن الظروف موضوعيا..ولشديد الأسف..!
كل سكرتير يريد ان يموت سكرتيرا ويحضر جنازته جماهير غفيرة من الجماهير التي ضاعت بوصلتها بين شد وتجاذب أحزابها،أو تحرص على أن لا تنفلت الأمور باتجاه صراعات على الأرض كما حصل في لبنان وغيرها من البلدان..وهذه الحالة بالضبط هي ما يحرص عليها هؤلاء السكرتير ون او الأمناء العامون… ومن في حكمهم..!