والمواقف..
والاستحقاقات..)
محمد قاسم
هل يعني ما سبق ، رفضا للحالة الحزبية؟!
هل يعني رفضا لوجود حالة حزبية كأداة نضالية ..؟!
هل كل المنتمين إلى الأحزاب يقصرون..؟!
وبالتالي هل جميع النتائج سيئة؟
بالطبع..
لا..!
وما سبق لا يعني التقليل من شأن الحركة السياسية،كضرورة نضالية.
• ففي تجربة الحركة السياسية الكردية عموم، وفي سوريا خصوصا, كثير من الغنى بالمعاني..
والمواقف..
والاستحقاقات..
ويمكن الإشارة إلى بعض منها بإيجاز..
وإذا كنت قد أشرت إلى جانب سلبي في ظروف ولادتها؛ فليس المقصد هو التقليل من قيمة الجهد والمبادرة, وإنما أشرت فقط إلى المناخ السائد حينذاك.
والذي بقي تأثيره ممتد لحالة لا تزال موجودة واقعيا..
2- حققت الحركة السياسية في الفترة الأولى نتائج تسجل لها: مثلا:
دورها في نشر الوعي القومي..
لفت الانتباه إلى قيمة الثقافة القومية (لغة, فلكلور, تاريخ… الخ)..
وقدمت خدمات في هذا المنحى..
لفت الانتباه إلى وجود قضية سياسية لشعب كبير منسي (أو متناسي) في الداخل والخارج…وهو الشعب الكردي..
3- تحمّل- دوما- عدد ليس بالهين ماضيا وحاضرا, من منتسبي الحركة مشاق في صور عديدة: سجن..
نفي..
تشريد..
تعذيب..
فقر..
وموت أيضا.
وكنتيجة لنضالاتهم، وصمودهم.بغض النظر عن الحالات السلبية التي رافقت مسيرة النضال ولا تزال..فهذه ظاهرة طبيعية في حركة نضالية شريطة انتباه الحركة إلى ذلك ومحاولة إيجاد العلاج المناسب لها..
ليست الايجابيات – إذا- غائبة عن الذهن.
ولا يمكن تجاهل ما كان في الحركة السياسية الكردية من قيمة كبيرة, ومعنى لا يزال كبيرا..! إلا أن البحث – أساسا- يدور حول إبراز أسباب الأزمة, مما وجه نحو محاولة تشخيصها، فانصبت الإضاءة – بالدرجة الأولى- على الجوانب السلبية, وجاء الأسلوب- لذلك- وكأنه يغيّب قيمة الحركة..!
النقد ذو الطبيعة العلمية – عادة- يتجه نحو الجانبين (السلبي والإيجابي).
ولكن تم التركيز على الجانب السلبي باعتباره مصدر الإشكال والمعاناة.
وكان الهدف هو التأكيد على أن الظواهر السلبية في الحركة,تكاد تغلب الايجابية فيها..
إلى درجة مقلقة، حتى كاد معيار الوطنية أن يتلاشى، وأصبح كل شخص يستمد تقييمه مما يستطيع فعله، على مستوى المال..
أالجاه.
..أو العلاقة – حتى- بالجهات غير المرغوبة..
في حين تتقسم القيم النضالية، ومن يمثلهاعنا.- لغياب المعايير- وان استمرار هذه الحالة يعني انهيار المثل الأعلى الإيجابي لصالح مثل أعلى ممسوخ – إن جاز التعبير- • في اهاب نداء:
إن الرئيس الروماني المستبد” نيكول تشاوشيسكو” لم يحسن إنقاذ نفسه، ولا حماية خلفته ،على الرغم من السنيين الطويلة من الحكم الفردي والقوي..
فلنرأف بأولادنا, إن لم نشعر بقيمة أولاد الآخرين..!
ولنرأف بأنفسنا لننجيها من لعنة التاريخ ،وحقد المستضعفين (أحياء كنا أو أمواتا) وإن عودة حميدة إلى رشد سليم, خير من ركوب جامح لأهواء سقيمة(صراعات غير مشروعة مبنية على التحسس والحقد وغير ذلك..) هذه الأهواء لا تلغي الآخرين(المقابل) ولا تبني كيانا فاعلا(لا تنتج)..!!!
وما مصائر أعضاء نظام صدام ورئيسه ببعيد عنا ..!
في كل يوم يدعى لفيف ممن كانوا يهزون العراق بصرخة إلى محاكمة يطأطئون فيها رؤوسهم –ربما خجلا،ربما خوفا،ربما ندما…لا يهم ..المهم إن عدالة التاريخ تحاكمهم الآن وتدفع الواحد تلو الآخر إلى مصير غير مشرف –سجنا كان أو إعداما…!!
الأسباب الموضوعية:
قلنا فيطبيعية: بأن الأساس هو في تحريك الطاقات والقوى الذاتية، والانطلاق من ذلك في التأثير على الأسباب الموضوعية،لأن الأسباب الذاتية خاصة بنا، ولدينا القدرة – إذا أحسنا التصرف- على إنضاجها، واستثمارها بالشكل الأمثل.
وأما الأسباب الموضوعية فهي خارجة عن مجال تأثيرنا المباشر، ما لم نكن مهيئين للتعامل معها بشكل واقعي وسليم..ومن هذه الأسباب:
1- أسباب موضوعية طبيعية :كالحدود الجبلية والمائية، والمناخ المؤثر في نمط حياة المجتمعات،فشعوب الصحراء تختلف عن شعوب الجبال، وهذه تختلف عن شعوب السواحل..وهكذا..وهذه الأسباب ،إما أنها محبطة للشعوب التي تعيشها،وإما أنها محفزة لها على الحركة.فالغزوات كانت نتيجة فقر وجوع عند الكثيري(القبائل الصحراوية عموما ومنها العربية..)،مثلما كانت القوة والغنى محفزا للتوسيع(الروم وفارس في عهود الإمبراطوريات القديمة، ومن ثم أوروبا في مرحلة الاستعمار القديم والآن أمريكا التي تحاول أن تقود العالم وفق برامجها الخاصة والتي أساسها تأمين مصالحها..).
فكيف أثرت هذه العوامل على الشعب الكردي؟
يقال منذ القديم: لا أصدقاء للكرد سوى الجبال ،فهي الوحيدة التي حمته من الصراعات المختلفة حول منطقة كردستان قديما وحديثا،وإن تقوقع الكرد – في حالات كثيرة – ضمن سلاسل الجبال التي حمتهم أدى –في المقابل- إلى تكوين نفسي في بعض عزلة عن مسار التطور الحضاري لحقب طويلة.
2- الأسباب الموضوعية الآتية من البشر كتأثيرات مختلفة أهمها:احتلال البلاد الكردية (كردستان) واستغلال خيراتها،واللعب بجغرافيتها(اتفاقية سايكس بيكو 1916) وقبلها معاهدة سيفر ثم لوزان في أوقات متقاربة، وقبلها (الديران…) التي قسمت كردستان بموجبها بين العثمانيين وبين الصفريين..
وبعد الجميع اتفاقية آذار 1975 بين شاه إيران المخلوع والمقبور محمد رضا بتلوي، و الرئيس العراقي المخلوع صدام حسين برعاية الرئيس الجزائري السابق هزاري بز مدين…والتي بسببها انهارت الثورة الكردية بقيادة البارزاني ولكتها عادت فاستأنفت مسارها فيما بعد حتى وصلت إلى ما هي عليه اليوم.
وربما يمكننا أن نضيف إلى أن هذه النتائج كلها ما يعود إلى دور غربي (صليبي) منذ أن قام صلاح الدين الأيوبي بطردهم من بيت المقدس.في معركة حطين المشهورة.
بل ولا بد من الإشارة إلى دور الدين الإسلامي كعامل موضوعي –ذاتي سواء لجهة سلبية بوضع الكرد في مواجهة مع الغرب، وسعي هذا الأخير لإضعاف القوة الكردية المهددة لمصالحه –بحسب نظرته- فكانت اتفاقية سايكس بيكو المقسمة لكردستان،أو لجهة جوانب إيجابية بانتقال الكرد إلى دين التوحيد السماوي وما كان من نتائج ذلك من المساهمة في الحضارة الإسلامية عبر المشاهير من أبنائها ومنهم صلاح الدين ..
في واقع الحال ،فإن كل منطقة الشرق الأوسط هي تحت واقع تقسيمي يتناغم مع المصلحة الغربية (الأمريكية خاصة..)،والدول المنشأة هي وجدت وفق الحال التي لا تزال عليها حتى اللحظة.وإن بدا مشروع جديد بتسميات مختلفة-الشرق الأوسط الجديد،الشرق الأوسط الكبير..الخ.الفرق الوحيد هو أن الاستعمار السابق كان أوروبيا والآن هو استعمار أمريكي.
وفي هذه، واقعياة فإن الكرد يواجهون فرصة ممكنة إذا أحسنوا التصرف مع المستجدات بأسلوب فيه واقعية، ولكن ينبغي أن يحافظ على منظومة قيمة كردية اجتماعية تسمح للشعب الكردي أن يبقى محتفظا بخصوصية تراثه وثقافته المتجددة والمتفاعلة مع معطيات التطور العصري(هويته الثقافية المميزة كمجتمع كردي مسلم منفتح على معطيات التطور المستمر..)..وهذه مهمة يجب أن تشترك فيها كل القوى الحيوية للشعب الكردي (السياسية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية والعلمية خاصة والفنية…الخ) وإيجاد آليات عمل لتفعيل هذه القوى الحيوية للكرد،ضمن نسق متناغم يتحقق فيه ما يسميه الفيلسوف الألماني ((روح الأمة)) ويعني بها التقاء أفراد الأمة على المسارات الأساسية في الحياة –مهما كانت-.
وربما كان هذا الأمر يلقي بمسؤولية كبيرة على عاتق القيادات السياسية والتي لا يبدو أنها –في الوقت الحاضر –تتمتع بالأهلية لهذه المهمة الشاقة،مادامت لا تفكر سوى بالكيفية التي تبقي بها على مواقعها الحزبية الضئيلة- واقعيا- وهذا دليل انحدار في الطموح السياسي لديها- ولقد تحررت القيادات الكردستانية العراقية بدعم أمريكي من هذه الحال،نسبيا، ومع ذلك فالمشوار أمامهم لا يزال طويلاً؛ لينعكس الأمر حالة اجتماعية سياسية ثقافية اقتصادية ..
متكاملة،واقعيا.
أي تشكيل منظومة حياتية متكاملة تنطوي على المعطيات الواضحة للتطور في كل جوانبه (تكوين مجتمع حضاري..).
ويمكن أن نشير إلى دور السلطات عبر الأساليب الأمنية المختلفة في التأثير على واقع الحركة السياسية الكردية (الحزبية) خاصة في سوريا،إضافة إلى الإجراءات الاستثنائية في التعامل مع مواطنيها الكرد وهي كثيرة ومعروفة؛ نشير فقط إلى الإحصاء الاستثنائي العنصري 1962 والتي رتبت عليها مشروع الحزام العربي العنصري..ناهيك عن عشرات التصرفات المؤذية وتحت عناوين مختلفة.وآخرها وليس أخيرها،ما يتردد من محاولة إسكان عائلات عربية جديدة تجلب من الشداد أو غيرها، في أراض كانت أصلا لفلاحين كرد انتزعت منهم تحت تسميات مختلفة منها (تسمية مزارع الدولة ) والتي حلّت فيما بعد، لعدم جدواها الاقتصادي بسبب فساد العاملين عليها (المسؤولين) وانعكاس الفساد في سلوك الجميع.وربما سيكون سلوك الأحزاب حيال هذا الإجراء الظالم والمتجاوز لكل قوانين العدالة الإنسانية، ربما يكون سلوكها اختبارا لمصداقيتها كأحزاب تزعم القيادة والحكمة والغيرة على مصلحة جماهيرها ، واختبارا لطبيعتها النضالية التي تظل تصف نفسها به باستمرار.
..
ربما كانت هذه هي العوامل (الأسباب الموضوعية) المؤثرة والتي لا يمكن تجاهلها في أي تفكير وتخطيط للعمل النضالي السياسي..!.
……………………………………………………………………..
*وجدت في ظل الأحداث التي تحاول ان تشغل الشارع -أو الجمهور الكردي- بما لا يعود عليه بالفائدة سياسيا..لأنها ليست سبلا نضالية جديدة ومنتجة..
وإنها لعبة قديمة جديدة في سياسة المتنفذين –او المتلاعبين حتى – ضمن الأحزاب الكردية في سوريا ..
نتيجة عجزهم عن انجاز مفيد لجمهور الشعب الكردي..
فينساقون -كما زعماء العرب والشعوب المتخلفة- الى ألاعيب موهمة بشيء..
وهي ليست سوى الهاء الشعب بلا شيء.فوجدت ان التذكير بأسباب أزمة الأحزاب الكردية قد يجعل الاهتمام بما هو أساسي بدلا مما هو هامشي وثانوي..
الاهتمام بمصلحة الشعب وطبيعة التفكير السياسي بدلا من الانشغال بزعامة هذا او ذاك-