هل هي حرب بالوكالة أم أنَّها من محاسن الصُّدف…!!؟

إلى الأستاذ عبدالحميد درويش

هوشنك أوسي

تحت عنوان: “إنهم يريدون تلويث صورة الحركة الكردية”، طالعنا موقع “Welatê-me.com” بتقريرٍ خبريٍّ عن مجريات ندوةٍ، عقدها الأستاذ الفاضل عبدالحميد درويش، سكرتير الحزب الديمقراطي التقدمي في سورية، بمدينة الدرباسيَّة، يوم 5/6/2008.

وبحسب ما جاء في التقرير، إن تلك الندوة السياسيَّة، كانت “لقاء جماهيري كبير”، ويا حبذا، لو أعطانا، صائغ التقرير، عدداً تقريبيَّاً، للحشد الذي حضر ذلك اللقاء الجماهيري الكبير، وهل ينطبق وصف “اللقاء الجماهيري الكبير”، على بضع عشرات، التأم شملهم في غرفة كبيرة، من نوعيَّة الغرف التي يمتلكها مخاتير القرى الكرديَّة، أو التي يمتلكها الوجهاء وأصحاب العزوة والجاه…الخ من أهالي المنطقة!!؟.

على  كل حال، ليس هنا بيت القصيد الكردي.

وجه الخطورة، هو ما جاء في التقرير، من كلامٍ، نسب للسيّد عبدالحميد درويش!.

ونحن معنيون، بما جاء في متن التقرير الخبري، إلى أن يثبت العكس.

وليسمح لي حضرة الأستاذ الفاضل، درويش، بإيراد وتسجيل بعض التعليقات والملاحظات والاستفسارات التاليَّة على ما نُسِبَ إليه، راجياً منه سعة الصدر، وطول البال.

وقبل ذاك، أورد هنا، كلام السيَّد عبدالحميد الذي استهَّل بها ندوته في “اللقاء الجماهيري الكبير”، كي يكون القارئ العزيز على بيّنة ودرايَّة، ومنعاً للقيل والقال، وسوء الفهم، أو سوء الظنّ.
يقول السيّد عبدالحميد: (إنا مسرور أن أجد نفسي بينكم و سأستغل هذا اللقاء لأنقل لكم رأي حزبنا في القضايا الوطنية و القومية , هذا  الرأي الذي وضع منذ خمسين سنة ولا يزال  يحافظ على استمراريته , و الأمر الثابت فيه هو كونه يرسم توجها سياسيا موضوعيا أسسه  ساسة كبار من أمثال الدكتور نور الدين زازا ، و اوصمان صبري و رشيد حمو ورفاقهم آنذاك ، أولئك الساسة الذين سبقوا عصرهم و  قد لا نجد من أمثالهم حتى بعد عشرين سنة قادمة , فهم كانوا ساسة كبار ليس على مستوى الحركة الكردية فحسب و إنما على مستوى سوريا أيضا , فقد رسموا سياسة الحزب في منهاجه الأول بشكله الموضوعي و العقلاني ,هذا النهج الذي يتعرض اليوم إلى التشويه و التهجم وذلك بظهور أصوات مؤذية تدعوا إلى الغلو و التطرف ,في توجه خاطىء من واجبنا جميعا مواجهته لان التطرف لا يخدم قضية شعبنا و يعطي ذرائع للأوساط المعادية لحقوقه , علينا رفض التطرف بكل أشكاله القومي و الديني و المذهبي , و الأحداث التي تجري حولنا تؤكد أن التطرف لا يخدم قضية أي شعب سواء في لبنان او العراق او حتى في سوريا, يهمنا جدا ان تكون بلادنا مستقرة و آمنة و ان تكون بعيدة عن هذه الآفة و أن نحدد مطالب شعبنا بطريقة صحيحة لا تعطي الفرصة لمن يريد التخريب على قضيتنا تحت شعارات مزاودة ، أو المغالاة في التعصب القومي( سواء كانت كردية أو عربية ) يجب ان نقف في وجه ذلك بكل طاقتنا , و علينا العمل من اجل ترسيخ روح التآخي و تعزيز العيش المشترك بين كل مكونات بلدنا لان الوطن لنا جميعا , و التطرف كما تعلمون هو مرض خطير و خنجر مسموم يقتل صاحبه قبل كل شيء,  لذا أتمنى أن لا يفرح احد إذا لجأ البعض إلى إطلاق شعارات متطرفة و مزاودة فهي تؤذي الكرد قبل غيرهم .

ونحن نمارس النضال السياسي الديمقراطي الهادئ البعيد عن العنف و التطرف و بعيدا عن التزييف .

ولذلك فقد تعرض حزبنا  و منذ أكثر من ثلاثين عاما إلى سيل من هذه الشعارات التي لم نرضخ لها لأنها لن تحقق لنا شيئا , ففي السياسة إذا طلبت كل شيء لن تحصل على شيء و الحاضرون هنا يعرفون كم خسر الكرد بسبب هذه الأساليب و لن ادخل في التفاصيل .
في السنوات الأخيرة ظهرت فئة ،تستغل  كل مناسبة فيرفعون عشرات الإعلام ليتلاعبوا بمشاعر الكرد ثم نكتشف لاحقا أن هؤلاء غرباء عن الكرد و علينا أن نحذر منهم فليس هناك فائدة من هكذا أساليب , بل المفيد هو قطع الطريق أمام الشوفينيين الذين يتهموننا باستمرار بالعمل على الانفصال مع أننا لم نطلب ذلك ولا مرة و منذ اليوم الأول لم يكن حزبنا صاحب مثل هذه الشعارات نحن نطالب بالتحديد بالحقوق القومية السياسية و الثقافية و الاجتماعية و عبر النضال السلمي الديمقراطي و بناء الحياة الديمقراطية التي تضمن حقوق الكرد إلى جانب حقوق الآخرين و قلنا بان المشكلة الكردية تحل بالتحديد في دمشق , و ليس في أي مكان آخر,  علينا أن نتفاهم مع أخوتنا العرب لكي يقبلوا بالكرد كشركاء في الوطن سنرتكب خطأ كبيرا إذا لم نجعل العرب يتفهمون قضيتنا و يساعدونا في حلها فبالعنتريات لن يتحقق شيء لأنني اعرف الكثير من أصحاب العنتريات عندما تخاذلوا في السجون (بعد ضربة عصا ) ..

لا بديل لنا عن إقناع العرب و السريان بحقوقنا و ليس الجري في الأسواق و رفع الأعلام و الشعارات , إذا أردنا أن نحصل على حقوقنا لا بد من مواجهة السياسة الشوفينية حتى يعيش شعبنا مثل بقية مكونات بلدنا حيث لا بد من إلغاء السياسات الشوفينية العنصرية التي تضر بالأكراد و لا تنفع العرب بل هي تؤذي الجميع و تضر بوطننا و تخرب الوحدة الوطنية .
وفي هذا المجال قام وفد مشترك من التحالف و الجبهة بنشاط هام بين الأوساط العربية و السريانية حيث التقينا وفودا عديدة من الوجهاء و المثقفين العرب و السريان الذين ابدوا تعاطفا واضحا مع قضيتنا و لكنهم في نفس الوقت أشاروا الى بعض الممارسات التي تقلقهم مثل رفع الأعلام و الصور و الشعارات ( كردستان ..

) و هل هي تمثل  دعوة الى الانفصال ؟؟ .

علينا ان لا نرضخ للعاطفة ان تقودنا بل علينا ان نفعل دور العقل في نضالنا لان العواطف لن تزيل سياسة الاضطهاد بل قد تخدم الأوساط الشوفينية .

فنحن نريد أن نعيش مع كافة أبناء سوريا من عرب و سريان  على قدم المساواة و الأخوة)
أولا: لم نلحظ في التقرير الخبري الآنف الذكر، ما يمتُّ أو يشير لموقف حزبه من القضايا الوطنيَّة، كالمفاوضات السريَّة مع إسرائيل، العزلة العربيَّة والدوليَّة التي تتعرَّض لها سورية، وقضايا الغلاء وانعدام التنمية في المناطق الكرديَّة، وتفشِّي البطالة، واستشراء الفساد في مفاضل الدولة، واستمرار حالة الطوارئ والأحكام العرفيَّة، وملفّ الاعتقال السياسي، وازدياد حالات الاعتقال بين صفوف الأكراد، بخاصةٍ منهم الناشطين السياسيين…الخ، هذه كلَّها قضايا وطنيَّة سوريَّة ملحَّة، تمسَّ كل مكوِّنات الشعب السوري.

لم نلحظ في التقرير إيَّة إشارة لأيٍّ من هذه القضايا الوطنيَّة، التي استغلَّ السيّد درويش هذه الفرصة، كي يشرح للحشد الجماهيري الكبير وجهة نظر حزبه حيالها، باستثناء مسألة الجفاف، واستهتار السلطة بمحنة المنطقة، وقدَّ مرَّ على هذه المسألة مرور الكرام، وبعد أن طرح عليه السؤال حول ذلك!!؟.
أمَّا بخصوص القضايا القوميَّة، ومجريات الحال في كردستان تركيا، وتنامي الحراك السياسي والمدني والعسكري الذي يقوده حزب العمال الكردستاني، وازدياد الضغوط التركيَّة وحملاتها الوحشيَّة على الأكراد في تركيا، واجيتاحها الفاشل لكردستان العراق، وغاراتها الجويَّة وقصفها الجوي، شبه اليومي لكردستان العراق، وحالة التسميم التي تعرَّض لها السيّد أوجلان، والضغوط على النوَّاب الأكراد، ومحاولة حظر حزب المجتمع الديمقراطي…، وازدياد حراك حزب الحياة الحرَّة الكردستاني في كردستان إيران، وتفاقم الغطرسة والبطش الإيراني على الشعب الكردي في كردستان إيران، ومسألة كركوك، وشؤون وشجون كردستان العراق، كل هذه، هي قضايا قوميَّة كرديَّة، لم نلحظ أيضاً، في متن التقرير وكلمة سكرتير التقدمي، أيَّة إشارة إليها، على اعتبار أنه اغتنم هذه الفرصة، كي يشرح في هذا اللقاء الجماهيري الكبير، وجهة نظر حزبه حيال القضايا القوميَّة التي تمسُّ مصير الشعب الكردي في كافة أجزاء كردستان!!؟.

إذن، كلمة السيّد عبدالحميد، خلت من طرح وجهة نظر حزبه من القضايا الوطنيَّة السوريَّة، والقضايا القوميَّة الكرديَّة، خلافَ ما ستهلَّ به كلامه!!.
ثانياً: يعيد السيّد درويش رأي حزبه في القضايا القوميَّة والوطنيَّة، الذي لم نلمح عنه شيئاً في كلامه، إلى بداية الفعل السياسي الكردي، قائلاً: “هذا  الرأي الذي وضع منذ خمسين سنة ولا يزال  يحافظ على استمراريته , و الأمر الثابت فيه هو كونه يرسم توجها سياسيا موضوعيا أسسه  ساسة كبار من أمثال الدكتور نور الدين زازا ، و اوصمان صبري و رشيد حمو ورفاقهم آنذاك”.

معلوم أن السياسة عالم المتغيرات، لا ثابت فيها إلا المصالح.

فكيف لرأي سياسي، يبقى محافظاً على ديمومته وحيويته واستمراريته طيلة 50 سنة!!؟.

أوليس هذا ضرباً من التحجُّر والتزمُّت، ومنافياً لمنطق السياسة والعلم والفكر!!؟.

ثم هل الأستاذ درويش حقَّاً يعني ما يقول!!؟.

ألم يكن هو مع الدكتور ظاظا وفريق اليمين، الذي تبنَّى وجهة نظر؛ أن التكوين أو التنظيم الكردي الذي شُكِّل في 14/6/1957، هو جمعية، وشعارها ليس تحرير وتوحيد كردستان، بالضدّ من فريق الراحل عثمان صبري، الذي أصرَّ أن هذا التنظيم هو حزب سياسي، وشعاره تحرير وتوحيد كردستان!!؟.

وإذا كان ذلك الرأي، قد أسس توجُّهاً سياسيَّاً موضوعيَّاً، حسب رأيك، لماذا اختلفتم عليه!؟.

وإذا أخذنا بقولك هذا، ومديحك المفاجئ للراحل صبري، وقولك عن منهاج الحزب بأنه  كان عقلانيَّاً وموضوعيَّاً،هذا يعني أنك الآن مع كلُّ ما كان طرحه الراحل عثمان صبري، من “تحرير وتوحيد كردستان”!.

إذ لا يوجد تفسير آخر لهذا الكلام!.

وإنْ كان لديكم تفسير آخر، فآتونا به، زادكم الله أجراً وقدراً وسداداً في نضالكم المديد؟!.

إن معطيات تاريخ الحركة، وراهنها، يشيران إلى تغيير جوهري في منهاج الحزب الكردي الأول في سورية.

ولو كان هذا المنهاج عقلانيَّاً وموضوعيَّاً، لاعتمده الأستاذ درويش قبل غيره، كمنهاج لحزبه التقدمي!؟، ولاعتمده باقي فرقاء الحركة الحزبيَّة الكرديَّة في سورية!؟.

وحين يصف السيّد درويش ذلك المنهاج بالموضوعي والعقلاني، وهذا يعني، إن من تخلَّى عنه، فقد تخلَّى عن الموضوعيَّة العقلانيَّة في السياسة الكرديَّة السوريَّة.

وينسحب هذا على السيّد عبدالحميد درويش أيضاً، كونه تخلَّى عن شعار: تحرير وتوحيد كردستان، الموضوعي والعقلاني!.

وعليه، اعتقد أن كلام الأستاذ درويش، بحاجة لمزيد من التأنِّي والضبط، منعاً للتناقض والتنافر والتضاد…
ثالثاً: يا حضرت السكرتير العام؛ المسؤوليَّة التاريخيَّة والوطنيَّة والقوميَّة والسياسيَّة تملي عليكم، ذكر أسماء تلك الـ”أصوات مؤذية تدعوا إلى الغلو و التطرف ,في توجه خاطىء من واجبنا جميعا مواجهته”، التي تتهجَّم على الماضي المجيد للحركة الحزبيَّة الكرديَّة في سورية، وتسعى لتشويهه!.

نحن لسنا أمام قصيدة شعر، يستحبُّ فيها الإيحاء أكثر من الإخبار.

نحن أمام موقف سياسي، يستوجب الوضوح والمجاهرة.

والمواجهة والمجابهة التي تطالبون بها حيال هؤلاء الغلاة المشوِّهين المتطرِّفين، تقتضي منك الجسارة والبسالة وهمَّة المناضل العتيق، الحريص على مصالح شعبه بكشف الغطاء عن الغلاة والطائشين المستهترين العابثين الغرباء، أولي الأعلام والشعارات والبيارق والصور والرموز…!.

فلِمَ التلميح بدلاً من التصريح؟!.

لِمَ اللجوءُ إلى لغة الغمر واللمز، والاستكثار على شعبنا الكردي السوري، بفضح الغرباء المتطرفين، الذين يرفدون بسواقي شعاراتهم وحملهم للأعلام الكرديَّة وصور قادة الكرد وشهدائهم…، طواحين الشوفينيين والعنصريين، التي تهرس الوجود الكردي السوري من أربعة عقودٍ ونصف!!.

هكذا إذن…، إن الشوفينيَّة الشرسة التي يتعرَّض لها كرد سورية، مرُّدها حمل الأعلام الكرديَّة وصور شهداء النضال التحرري الكردي!.

وإن حمل هذه الأعلام، يرعب الشوفينيين، ويقلق الديمقراطيين واللبراليين العرب والسريان وغيرهم… من مكوِّنات الشعب السوري!.

وعليه، وكي نكفَّ بلاء الشوفينيين والعنصريين عن شعبنا الكردي، وكي نطمئن السلطة، وشركاءنا في الوطن، من “المعارضة” بأننا لسنا دعاة انفصال، يجب على الأكراد عدم رفع الأعلام الكرديَّة وصور شهداء ورموز الكرد.

وبل يجب مواجهة هذه الفئة الضالة الغريبة، بكل ما أوتي من قوة ورباط الخيل…، حتى يفيئوا إلى صلاح حالهم وصواب مآلهم، كما حدَّده لهم الأستاذ عبدالحميد درويش!!؟.
رابعاً: ما دام حزبكم، يطالب بالحقوق القوميَّة والسياسيَّة والثقافيَّة والاجتماعيَّة لكرد سورية، فآمل أن تشرح لي، ولو بإيجاز، مفهومكم للحقوق القوميَّة، وتحديد سقف هذه الحقوق التي تصل لحق تقرير المصير.

وأن تشرحوا، بإيجاز، مفهومكم للحقوق السياسيَّة، وتحديد سقف هذه الحقوق، التي تصل لأن يكون أحد نائبي الرئيس كرديَّاً، كما يجري الحال في العراق، وفق مبدأ التوافق والمحاصصة القوميَّة والطائفيَّة.

وان تشرحوا مفهومكم للحقوق الثقافيَّة، وتحديد سقف هذه الحقوق، التي تصل لحد اعتبار اللغة الكرديَّة ثاني لغة رسميَّة في سورية.

وأن تشرحوا مفهومكم للحقوق الاجتماعيَّة…الخ، آمل أن تتفضَّلوا علينا بشرح مفاصل خطابكم السياسي، بشكل واضح وصريح ومحدد، والتخلِّي على دباجة الحقوق القوميَّة والسياسيَّة والثقافيَّة…الخ المبهمة والفضفاضة.

وآمل أن تتفضَّلوا علينا بالإجابة على الأسئلة التالية: متى كان رفع الأعلام القوميَّة أو الحزبيَّة الكرديَّة أو العربيَّة أو السريانيَّة، أو رفع صور الرموز والشهداء…، تصنَّف خارج قواعد النضال السلمي الديمقراطي!؟، وإن هذا السلوك، عنفي!؟.

إن كانت السلطة تعتبر الأعلام الكرديَّة وصور شهداء وقادة الكرد، بمثابة قنابل، فهذا شأنها، فلماذا “تتبرَّعون” أنتم بالوقوف في وجه من يحمل علماً كرديَّاً، أو إمرأة تحمل صورة ابنها أو ابنتها الشهيدة!؟.

هذه وظيفة السلطة وليست مهمَّة حزبكم التقدُّمي!؟.

هل هذا ما تعلَّمه التقدُّمي من قادته الأوائل: نورالدين ظاظا، عثمان صبري، رشيد حمو…الخ!!؟.

وإذا لمح السيد عبدالحميد درويش كرديَّاً يحمل صور عثمان صبري أو نورالدين ظاظا أو الملا مصطفى بارزاني، ويحمل علماً كرديَّاً، هل سيحاسبه على فعلته اللاوطنية، وغير المسؤوليَّة، والتي تجرُّ على التقدُّمي غضب السلطة وحنق وقلق “المعارضة”!؟.

ومتى كان رفع الأعلام الكرديَّة أو صور شهداء وقادة الكرد، مسَّاً بالتآخي والتعايش السلمي بين مكوِّنات الشعب السوري!؟.

ثمَّ من منع السريان والآشوريين من رفع أعلامهم ورموزهم، هل الأكراد!؟.

ولماذا لا يعتبرُ السريان والآشوريين والديمقراطيين العرب، رفع الأعلام العراقيَّة او الفلسطينية، ورفع صور الطاغية صدام، أو صور حسن نصرالله أو صور ياسر عرفات وصور رموز وقادة الشعب الفلسطيني في سورية، مسَّاً بالتآخي، واللاوطنيَّة…الخ!!؟.

أوليس غريباً، هذا التعاطي والتشخيص “الوطني” المخيف، الصادر من سكرتير حزب كردي سوري، مع أكرادٍ مثله، لأنهم يحملون أعلام كرديَّة، ويرددون شعارات كرديَّة، ويرفعون صور شهدائهم الكرد، أليس غريباً أن يتقاطع هذا الموقف مع التعميم الذي صدر عن مكتب الأمن القومي السوري، القاضي بمنع هذه المظاهر، تحت طائلة السجن والاعتقال بتهم الخيانة، واقتطاع جزء من سورية، وإلحاقها بدولة أجنبية!!؟.

أتمنَّى أن يكون التقاطع محض صدفة، ومن “محاسن” الصُّدَف!!؟.

وعلى  حدِّ علمي، أن كل فصائل وكتل الحركة الحزبيَّة الكرديَّة في سورية، انتقدت ذلك التعميم المذكور، وأصدرت بيانات حول ذلك، ورفضته بشكل قاطع.

ومن بينها التحالف الديمقراطي الكردي…، الذي ينتمي إليه حزب الأستاذ درويش.

لكن، الكلام الذي نُسِب للأستاذ حميد، يفيد عكس ذلك.

ويشير إلى أنه منسجم معه، وبل يدعم إلى تفعيله، بكل الطاقات الممكنة!!.

وأمام الحزب التقدُّمي وسكرتيره خياران، لا ثالث لهما: إمَّا هو مع ذلك التعميم أو ضدَّه.
خامساً: يقول الأستاذ حميد: “في السنوات الأخيرة ظهرت فئة ،تستغل  كل مناسبة فيرفعون عشرات الإعلام ليتلاعبوا بمشاعر الكرد ثم نكتشف لاحقا أن هؤلاء غرباء عن الكرد و علينا أن نحذر منهم فليس هناك فائدة من هكذا أساليب”.

إذا كانت الشحنة العنصريَّة والشوفينيَّة المتفاقمة إزاء الشعب الكردي، سببه رفع هؤلاء الغرباء عن الكرد للأعلام والرايات الكرديَّة، وإطلاق شعارات كرديَّة، فماذا عن العقود الماضيَّة من القمع والاضطهاد العنصري الشوفيني للأكراد، حين لم يكن يجرأ فيها أيُّ كرديٍّ على الخروج للشارع، رافعاً علماً أو رمزاً كرديَّاً!!؟.

وإن كانت هذه الفئة غريبة عن الكرد السوريين، فلا داعي لكلِّ هذا الاضطراب والقلق والانزعاج، والدعوة لمواجهتها، بكل الطاقات الممكنة، لسبب بسيط جداً، لأن الشارع الكردي السوري، لن يحتضن هذه الفئة الغريبة، ولأن الشارع الكردي السوري، أوعى من أن ينساق وراء الغرباء.

هذا، إن كانت هذه الفئة، حقَّاً وفعلاً غريبة عن الشعب الكردي السوري!.

وإن كنت تثق بشيءٍ اسمه إرادة الشارع الكردي السوري، وتحترم خياره السياسي، وإن اختار الشارع هؤلاء “الغرباء”، فرحيٌّ بك، كظم الغيظ، وعدم الانجرار لأجندة السلطة.

ولأنَّ اجتماعك ابتدأ بالهجوم على هذه “الفئة الغريبة” من حملة الرايات الكرديَّة وصور شهداء الكرد وقادة الشعب الكردي، عوضاً عن الخوض في الأزمة التي تعتري التحالف، وسبل إيجاد الحل لها، كونك أحد أطراف الأزمة، لا ولن يُفسَّر كلامك في هذه الندوة إلا بمثابة إعلان حرب على حَمَلة الرايات الكرديَّة، بداعي العقلانيَّة والموضوعيَّة والاعتدال ونبذ العنف والتطرُّف…، وهذه ليست حربك، وهي خاسرة لك ولغيرك.

والأجدى، هو الالتفاتة لتدارك مآزق خواتم نضالكم العتيد، بدلاً من إعلان الحرب بالوكالة على أكراد سوريين، من حقِّهم الوطني والقومي، رفع راياتهم ورموزهم لتعانق سماء الوطن السوري!؟.
يقول الأستاذ حميد: “فبالعنتريات لن يتحقق شيء لأنني اعرف الكثير من أصحاب العنتريات عندما تخاذلوا في السجون (بعد ضربة عصا)”.

الشعب الكردي السوري يعرف، لأيّ شيء يغمز السيّد درويش!.

والشعب الكردي السوري يعرف أيضاً، بأنه قبل اعتقالكم، كنتم تقولون: “نحن حزب سياسي، وشعارنا توحيد وتحرير كردستان”.

وأثناء الاعتقال والمحاكمة، قلتم: “نحن جمعية، ولسنا حزب سياسي، ولا نسعى لتحرير كردستان، ولا لتوحيدها”.

ماذا يعني هذا!!؟.

هل هو ضرب من ضروب العنتريات التي انهارت بعد الاعتقال، التي أشرتم إليها!!؟.
سابعاً: كلَّما اتَّهم الشوفينيون في السلطة والمعارضة الأكراد بالتطرف والدعوة للانفصال، وأبدوا قلقهم من رفع الكرد لأعلامهم ورموزهم القوميَّة، هذا لا يعني أنهم على حقَّ، وعلى الحزب التقدمي وزعيمه، الاستماتة في مساعي إقناع السلطة والمعارضة بأن لا معنى لهواجسها واتهاماتها وقلقها، والالتفاتة للشعب الكردي، بغة ذكر مساوئ رفع الأعلام الكرديَّة وضررها على التعايش المشترك والتآخي والتواصل بين مكوِّنات الشعب السوري!.

إن انتهاج التقدمي وزعيمه هذا المسلك، يوثِّق ويصادق على هذه الاتهامات، عبر دعوة الأستاذ حميد، بضرورة عدم رفع الأعلام الكرديَّة وصور قادة الكرد، استرضاءاً للسلطة والمعارضة، واستجداءنا لثقتها!!؟.

ويكفي الأستاذ دوريش بأن يواجه هذه التهم الباطلة بقول: متى كانت السلطة اللبنانيَّة أو الأردنيَّة أو اليمنيَّة أو السودانيَّة…، تشكك في وطنيَّة المواطن اللبناني أو الأردني أو السوداني أو اليميني…، لمجرَّد انتمائه لفرع من فروع حزب البعث في تلك البلدان، ورفع صور الرئيس الراحل حافظ الأسد، والرئيس الحالي بشَّار الأسد، وأعلام حزب البعث، وحتى أعلام سورية!!؟.

ثم ألا يرفع الحزب الشيوعي راية الحزب الشيوعي السوفيتي السابق، وصور لينين في مناسباته، وألا ترفع الأحزاب الناصرية صور جمال عبدالناصر، وعلم الجمهوريَّة المتَّحدة، وألا يرفع الحزب السوري القومي الاجتماعي راية حزبه، وصور أنطون سعادة…، هل تعتبر السلطة السوريَّة هذا السلوك مضرَّاً بالوحدة الوطنيَّة وانتقاص من وطنيَّة تلك الأحزاب؟!، أم الأمر يتوقَّف على الأكراد فقط!!؟.

وإن كان الأمر، يتعلَّق بالأكراد السوريين فقط، فلماذا ينجرّ حزب كردي سوري، وزعيمه للتسويق لهذا التحامل على الأكراد السوريين، ومنعهم من رفع راياتهم وصور قادتهم وشهداءهم!؟.

هل هذا هو المطلوب من حزب كردي سوري تقدمي!؟.

هل هكذا هي العقلانيَّة والواقعيَّة والموضوعيَّة…الخ!!؟.
ثامناً: عطفاً على موضوعى حمل الأعلام الكرديَّة وصور قادة الشعب الكردي، أودُّ لفت عناية الأستاذ درويش لما يلي: في كردستان العراق، وبعد أن تمَّ الاتفاق على علم للعراق، لا زال العلم الكردي مرفوعاً، ولا زال قادة كردستان العراق، في لقاءاتهم التلفزيونيَّة، نجد إلى جوارهم العلمي الكردي والعراقي، ولا زال النشيد الوطني الكردي يعزف في المناسبات والحفالات الرسميَّة…، وعلى حسب فرضيَّة الأستاذ درويش، بخطورة رفع الأعلام الكرديَّة على التعايش والتآخي الوطني…، هذا يعني أن قادة كردستان العراق، متطرفين، وغير موضوعيين، وغير عقلانيين…، لأنهم لا يكتفون برفع العلم العراقي فقط!، وترديد النشيد العراقي فقط!، ويرفعون صور الملا مصطفى بارزاني على أرض العراق، كون إقليم كردستان ليس دولة مستقلة، ولا زال جزء من العراق!.


تاسعاً: كنتُ سأصدِّق الأستاذ حميد درويش، بأنه وطني سوري حتى النخاع، وبل يزيد بسوريَّته على السلطة و”المعارضة”، لو لم تكن مرجعيته السياسيَّة هو المام جلال طالباني منذ 50 سنة!؟.

كنت سأصدِّقه، لو أنه بدأ ندوته بالنشيد العربي السوري، ورفع فيها العلم السوري!.

كنت سأصدِّقه لو أزال كلمة الكردي من اسم حزبه، ليصبح: الحزب الديمقراطي التقدمي السوري، حتى نجد بين صفوفه العرب والسريان والتركمان والشركس…!.

لكن، المسألة باختصار، ليست في ذكر مضار رفع الأعلام الكرديَّة على القضيَّة الكرديَّة في سورية، ومحاسن عدم رفع هذه الأعلام على هذه القضيَّة.

المسألة، هي في حقدٍ قديم يتجدد، على الخلفيَّة السياسيَّة لحملة الرايات والأعلام الكرديَّة، والتي لم يتجرَّاً الأستاذ درويش الإشارة إليها، أعني، حزب العمال الكردستاني، وامتداداته السياسيَّة الكرديَّة السوريَّة.

لقد حاول الأستاذ درويش، وبإيعاز من المام جلال، وآخرين، التسويق لمجموعة “الوفاق” في الحركة الحزبيَّة الكرديَّة السوريَّة، ففشل في ذلك!.

ولم يبقَ أمامه سوى المواجهة العلنيَّة المباشرة، قبل أن تستفحل ظاهرة حمل الرايات، في الشارع الكردي، وتصبح حالة متأصِّلة متجِّذرة، طامحة لتقديم أنموذج جديد للنضال السلمي الديمقراطي، بعيداً من مظاهر التطرُّف الفارغ المسموم، والميوعة الفارغة المسمومة، المستشريَّة في الحراك السياسي الكردي السوري!.

إن ظاهرة حمل الرايات وصور الشهداء الكرد، تسترعي اهتمام وهواجس وقلق الأستاذ دوريش، أكثر من أزمة التحالف، ومآزق حزبه، وفوضى الحركة الحزبيَّة، والكساد والفساد السياسي الكردي السوري!؟.

وهنا وجه الخطورة، إذ نجد مناضلاً كبيراً بقامة الأستاذ عبدالحميد درويش، يعاضد الشوفينيَّة العلنيَّة المستوطنة في السلطة، والشوفينيَّة المستترة، المستوطنة في ما يسمَّى بالمعارضة، بمواقفه الغريبة العجيبة!.
عاشراً: فسِّر بعض أقطاب الحركة الحزبيَّة انتقاداتي واستفساراتي حول أداء الحزب التقدمي وزعيمه، بأنني أستثنيهم!.

لا قطعاً.

أفضل واحد من قيادات الحركة الحزبيَّة هو مسؤول عن الخراب والعطب السياسي الكردي في سورية.

والغريب العجيب، أن بعضهم صاروا نجوم شاشة ANN المعروفة الهوى والتوجُّه والتمويل، وصاروا مدَّاحي هذه الشاشة المشبوهة!.


على كل حال، أشرت في مقالاتي السابقة إلى بعض القضايا الهامَّة المتعلِّقة بنشأة الحركة الكرديَّة في سورية، وطرحت بعض الأسئلة حول الرسالة التي أبرقها التقدمي سنة 1974 لنظام أحمد حسن البكر، تهنئة على قانون الحكم الذاتي، وحول إشاعات تخابر الأستاذ دوريش في بيروت مع السفارة العراقيَّة، فيا حبذا لو أجاب الأستاذ درويش عنها، بعد العودة إليها، لأنني لن أكرر الأسئلة، وأعتقد أنه قد قرأها سابقاً.
مع التحية

دمشق 7/6/2008

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

اكرم حسين في خطوة جديدة أثارت استياءً واسعاً في اوساط السكان ، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي قراراً منسوباً لهيئة الاقتصاد التابعة “للإدارة الذاتية” برفع سعر ربطة الخبز من 1500 ليرة سورية إلى 2000 ليرة سورية ، وقد جاء هذا القرار، في وقت يعاني فيه اهالي المنطقة من تهديدات تركية ، وضغوط اقتصادية ، وارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة….

عبدالله ىكدو مصطلح ” الخط الأحمر” غالبا ما كان – ولا يزال – يستخدم للتعبير عن الحدود المرسومة، من لدن الحكومات القمعية لتحذير مواطنيها السياسيين والحقوقيين والإعلاميين، وغيرهم من المعارضين السلميين، مما تراها تمادياً في التقريع ضد استبدادها، الحالة السورية مثالا. وهنا نجد كثيرين، من النخب وغيرهم، يتّجهون صوب المجالات غير التصّادمية مع السلطات القمعية المتسلطة، كمجال الأدب والفن أو…

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…