مبادرة حكيمة وشجاعة لابد من تثمينها

شلال كدو

في ظل معمعان المهاترات التي تشهدها الساحة الكردية في كردستان سوريا، اقدم اليساري الكردي في سوريا وقيادة وكوادر الاشتراكي الكردي – سابقاً على خطوة جبارة، تكللت بعقد ونجاح المؤتمر الثاني عشر لليسار، الذي خرج بدمج كوادر الحزبين في حزب واحد موحد في مبادرة ربما من شأنها ان تفتح الطريق على خطوات مماثلة لتؤدي الى لم شمل الشتات ولاسيما لقوى الخامس من آب في تنظيم واحد، اضافة الى تشكيل اتحاد سياسي بين العديد من الفصائل الاخرى، خاصة تلك التي تنطلق من الحقيقة التاريخية الساطعة والقائلة: (ان القضية الكردية في سوريا هي قضية شعب يعيش على ارضه التاريخية منذ قرون خلت).
ان مبادرات كتلك التي حققها اليسار والاشتراكي، لاشك انها تحظى ليس بمباركة الكرد السوريين وحدهم فحسب، بل انها تتخطاهم لتشمل كرد الشتات واجزاء كردستان الاخرى، اضافة الى اصدقاء الكرد وقضيتهم العادلة في كل مكان، لان الوحدة في كل الظروف والمراحل تعني القوة ورفع لمعنويات الجماهير وتصعيد لادوات نضالها، وكذلك قوة دفع لمزيد من الحراك، ومن شأنها ان تدفع الناس بالتفكير للضغط على اطراف الحركة من خلال مؤسساتها المدنية والثقافية لتحقيق مزيد من الخطوات المشابهة لتلك التي رأت النور منذ ايام قليلة، لان عصرنا الحالي هو عصر تجميع القوى لاتفريقها وتشتيتها، اذ نرى في هذا المضمار بأن العالم يعج بالتكتلات الاقتصادية والسياسية والحزبية بين دول وحكومات ومنظمات واحزاب هنا وهناك، والكل يسعى – بالطبع – من خلال تلك التجمعات الى تحقيق مزيد من المكاسب لشعوبها خدمة لتقدمها وتطورها ورقيها, لذلك لا يستطيع ايأ كان من يعتبر نفسه ملتزم بابسط قواعد الحكمة والمنطق والتفكير السليم، ان يحارب او يقف بالضد من هكذا انجازات، سواء اكانت بين هذا الطرف اوذاك او بين هذه الجماعة وتلك، واني استطيع الجزم بأن هذه البشرى اثلجت صدور غالبية الكرد اينما كانوا، وهي خطوة مباركة بكل المقاييس ولا بد من تثمينها من لدن الجميع.

ان الحركة الكردية في سوريا شهدت عدد لابأس به من الخطوات الوحدوية بين اطرافها تكللت بعضها بالنجاح واستمرت الى يومنا هذا، و باءت اخرى بالفشل لاسباب تعود في غالبيتها الى غايات ومقاصد في نفوس الذين ينسفون تلك المبادرات النبيلة, وليس بالضرورة ان تنسحب تجربة الفشل على الخطوات الاخرى المماثلة، لان التاريخ اثبت مراراً وتكراراً بأنه لابديل عن تجميع القوى وتوحيدها وتصويبها نحو الهدف، لذلك فأن التعددية المفرطة التي نشهدها الآن في الساحة الحزبية اوالسياسية الكردية في كردستان سوريا، ليس لها ما يبررها على الاطلاق، ولا بد من العمل الجاد لايجاد صيغ وحدوية واطر نضالية على شكل اتحادات سياسية وتحالفية لتفعيل النضال السلمي الديمقراطي للجماهير الكردية، وقيادة ذلك الحراك المنشود بالشكل الذي يؤدي الى ايصال معاناة الشعب الكردي، وكذلك مظاهر الاضطهاد التي تتعرض له الى الرأي العام الداخلي و الاقليمي والدولي، لتشكيل مزيد من الضغط على السلطات، كمقدمة لجرّها الى الاعتراف بوجود شعب كردي في سوريا يناهز عدده الثلاثة ملايين نسمة ومحروم من ابسط حقوقة القومية والديمقراطية والانسانية.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف منذ سقوط النظام المجرم في 8 كانون الأول 2024 وتحول السلطة إلى السيد أحمد الشرع، بات السوريون، سواء أكان ذلك في العاصمة دمشق أو المدن الكبرى والصغرى، يتطلعون إلى مرحلة جديدة يتخلصون فيها من الظلم والاستبداد. حيث سنوات طويلة من مكابدات المعذبين في سجون الطاغية الأسد وأبيه كانت كفيلة بتدمير أرواح مئات الآلاف. بعض السجناء أمضوا…

شكري بكر هذا الموضوع مطروح للمناقشة قد يؤدي بنا للوصول إلى إقامة نظام يختلف عما سبقونا من سلاطين وحكام وممالك وما نحن عليه الآن حيث التشتت والإنقسام وتبعثر الجهود الفكرية والسياسية والإقتصادية والعمل نحو إقامة مجتمع خال من كل أشكال الصراع وإلغاء العسكرة أرضا وفضاءا التي تهدر 80% من الإقتصاد العالمي ، إن تغلبنا على هذا التسلح يمكن…

إياد أبو شقرا عودة إلى الموضوع السوري، لا بد من القول، إن قلة منا كانت تتوقّع قبل شهر ما نحن فيه اليوم. إذ إن طيّ صفحة 54 سنة خلال أقل من أسبوعين إنجازٌ ضخم بكل ما في الكلمة من معنى. سهولة إسقاط نظام الأسد، وسرعة تداعيه، أدهشتا حتماً حتى أكثر المتفائلين بالتغيير المرجوّ. إلا أنني أزعم، بعدما تولّت قيادة العمليات…

طارق الحميد منذ فرار بشار الأسد، في 8 ديسمبر (كانون الأول)، إلى روسيا، وهناك سيل من النقد والمطالبات للحكام الجدد، وتحديداً أحمد الشرع. والقصة ليست بجدوى ذلك من عدمه، بل إن جل تلك الانتقادات لا تستند إلى حقائق. وسأناقش بعضاً منها هنا، وهي «غيض من فيض». مثلاً، كان يقال إن لا حل عسكرياً بسوريا، بينما سقط الأسد في 12 يوماً…