الحركة الكردية في الوضع الراهن

  عدنان بوزان

لا ضير أن يختلف أطــراف الحــركة الكرديــة مــع بعضها البعض وكما لا نستطيع أن نجزم ونفترض بأن هذا الطرف أو ذاك يملك الحقيقة فقط دون سواه وأنه وحده المصيب وأن رأيه لا بديل عنه لكن قد نرى واقع الحركة الكردية في سوريا واقع مــؤلم ومرير ويتطلب جهوداً جـــبارة وقدرات خارقة يبذلها قادة هذه الحركة من أجل لم شملها بطريقة أو أخرى وتقريب وجهات النظر في القضية الجوهرية ألا وهي قضية شعب يحلم بالحياة كما غيره من الشعوب ويعيش مضطهداً ذليلاً على أرض أجداده التاريخية وكما يتطلب من هؤلاء القادة الأفاضل وخاصة في مثل هذه الظروف الدقيقة والحساسة كي لا يتجاوزهم هذا الشعب الذي تهيأ بأن يقدم النفيس والغالي من أجل الحياة.
ولعل من المضحك والمبكي حينما ترى أن هذه الفصائل تشكل طوقاً من التشتت وتلف الشرذمة جسدها وتزداد الأرقام بين ليلة وضحاها بالرغم من المطالب الموحدة وكأن المسألة تحتاج إلى سوق للبازار من أجل إطلاق شعارات رنانة في الفراغ أو كمن يلعب دوراً مسرحياً هادئاً وهو يصارع الحياة من أجل تحقيق هدف اجتماعي أو أمنية عالقة في الذاكرة وآن أوانها أن تتحقق.
وكم من المؤسف جداً أن يلعب هذا الفصيل أو ذاك دور الكومبارس لتكملة أحد الفصول المسرحية هزيلة ولا يدرك بأن دوره انتهى وبات من الماضي السحيق وان هذا الشعب الذي ناضل ويناضل من أجل كرامته عبر الأجيال وأرتوى الظلم والاضطهاد وجربه بجميع أشكاله وألوانه وقاوم ببسالة لا نظير لها ونكران للذات من  أجل إثبات وجوده على أرض أجداده لا يصلح بأن يكون أداة تجريب ويساق به إلى المجهول لتحقيق أمنية أو  مصلحة ذاتية أو آنية لأن تاريخ الشعوب مملوء بالدماء والتجارب ومنه تاريخ هذا الشعب الأبي الذي صارع الموت والإبادة المرات تلو المرات وكان الأقوى والمنتصر ولا تفيد الخزعبلات والمهاترات وينبغي أن ينتحر هؤلاء خجلاً إن كان الخجل يفيدهم.
إن دقة الظروف والمرحلة تتطلب من هذه الفصائل أن توحد الكلمة ولو بحدها الأدنى لكي تكون مقبولة لدى هذا الشعب الذي تجاوزهم وكسر الأغلال بالرغم من المصاعب والتضحيات الجسام ونسعى إلى الدقة في التفكير  واخذ خصوصية المرحلة بعين الاعتبار وتوحيد الممكن من نقاط الألتقاء بشكل جدي وبعيد عن الذكاء الخارق  للشخصيات الأبدية وعدم تصفيف الآخر أو شتم الآخر بكلمات نابية خارقة.
لأن مصلحة شعبنا فوق كل المصالح وبات أن نعمل بجدية ونقدم دوراً فعالاً وحقيقياً لأن خصوصية هذا الشعب  هو الآن بأمس الحاجة إلى قيادة ذكية تقرأ المستقبل بصدق وأمان ونتعامل مع الواقع بشكل عملي.

ينبغي على الحركة الابتعاد عن المهاترات والسجالات ونعمل من أجل التقارب الكردي الكردي ونتحدى المستحيل الذي  أصبح هزيلاً أمام متغيرات العصر ومفاجأته المدهشة وبات أن ندق أبواب العقول الناعسة لنيل الآمال.
وأقول أخيراً ليرحمكم التاريخ أيها الزعماء الأفاضل لا تدعوا الفرصة تتخطانا هذه المرة وأقسموا بأمنيات شعبكم الذي عانى ويعاني الظلم والاضطهاد ويترقب منكم ممارسة فعلية وعملية لحل القضية حلاً دستورياً وديمقراطياً وسلمياً ضمن إطار وحدة البلاد.

عاشت سوريا الحضارة والإنسان وطناً للجميع ورمز الفسيفساء الأخوي .

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

اكرم حسين   في السنوات الأخيرة، يتصاعد خطاب في أوساط بعض المثقفين والنشطاء الكرد في سوريا يدعو إلى تجاوز الأحزاب الكردية التقليدية، بل والمطالبة بإنهاء دورها نهائياً، وفسح المجال لمنظمات المجتمع المدني لإدارة المجتمع وتمثيله. قد تبدو هذه الدعوات جذابة في ظاهرها، خاصة في ظل التراجع الواضح في أداء معظم الأحزاب، والانقسامات التي أنهكت الحركة الكردية، لكنها في عمقها…

عدنان بدرالدين   بينما تتجه الأنظار اليوم نحو أنطاليا لمتابعة مجريات المنتدى الدبلوماسي السنوي الذي تنظمه تركيا، حيث يجتمع قادة دول ووزراء خارجية وخبراء وأكاديميون تحت شعار ” التمسك بالدبلوماسية في عالم منقسم”، يتبادر إلى الذهن تساؤل أساسي: ما الذي تسعى إليه أنقرة من تنظيم هذا اللقاء، وهي ذاتها طرف فاعل في العديد من التوترات الإقليمية والصراعات الجيوسياسية، خصوصًا…

جليل إبراهيم المندلاوي   في عالمنا المليء بالتحديات الجيوسياسية والأزمات التي تتسارع كالأمواج، هناك قضية كبرى قد تكون أكثر إلهاما من مسرحية هزلية، وهي “ضياع السيادة”، حيث يمكن تلخيص الأخبار اليومية لهذا العالم بجملة واحدة “حدث ما لم نتوقعه، ولكنه تكرّر”، ليقف مفهوم السيادة كضحية مدهوشة في مسرح جريمة لا أحد يريد التحقيق فيه، فهل نحن أمام قضية سياسية؟ أم…

أمجد عثمان   التقيت بالعديد من أبناء الطائفة العلوية خلال عملي السياسي، فعرفتهم عن قرب، اتفقت معهم كما اختلفت، وكان ما يجمع بينهم قناعة راسخة بوحدة سوريا، وحدة لا تقبل الفدرلة، في خيالهم السياسي، فكانت الفدرالية تبدو لبعضهم فكرة دخيلة، واللامركزية خيانة خفية، كان إيمانهم العميق بمركزية الدولة وتماهيها مع السيادة، وفاءً لما نتصوره وطنًا متماسكًا، مكتمل السيادة، لا يقبل…