أسباب أزمة الأحزاب الكردية في سوريا (الحلقة الثالثة) *

محمد قاسم

(ضرورة الانطلاق من الأسباب التي نملكها وهي الأسباب الذاتية في تصحيح مسار العمل النضالي السياسي،وضرورة التفريق بين مفهومي “الحركة السياسية ” و” الأحزاب” وتحديد كل مصطلح كما ينبغي).

   رابعاً:
   ما هي الأسباب؟
   برأيي – والرأي هو خلاصة إطلاع وتجربة وتفاعل بشكل عام- فان مرد هذه الحالة المؤلمة في الواقع السياسي الكردي (الحزبي) إلى زمرتين من الأسباب:
   1- الأسباب (أو العوامل) الموضوعية وهي نوعان بدورها:
 آ- الأسباب (أو العوامل) الخارجة عن إمكانيات الكرد, وطاقتهم, والتي حددت الإطار العام – بشكل ما- لتحركهم (مثلا التقسيم بين عدة دول-اتفاقية سايكس بيكو…).

 ب-الأسباب (أو العوامل) المتداخلة بدرجة ما – صغيرة أو كبيرة- مع الأسباب (العوامل) الذاتية, ويمكن للكرد التأثير فيها – إذا أحسنوا التصرف- (مثلا: الانقسامات الحزبية-التفاعل مع الجماهير- التعامل مع السلطات..سياسيا-لا امنيا-…
   2- الأسباب (أو العوامل) الذاتية:
   ونعني بها، تلك الأسباب(أو العوامل)المتعلقة بمجموعة( الخصائص النفسية، والتربوية، والاجتماعية…الخ.للكرد) وبالمعنى الواسع لهذه الخصائص.


   وبالطبع, فان العلاقة بين النوعين من الأسباب (الموضوعية والذاتية) وبين التفرعات داخل كل نوع (زمرة) منها، هي علاقة جدلية متبادلة التأثير.

والاختلافات تكمن في التفاصيل والتحديدات..
ولكي نتمكن من القيام بمهمة “التحديد” و”التفصيل” فينبغي ان تتوفر لدينا القدرة على ذلك.بإتباع المنهج العلمي-المنطقي..
وهذا المنهج العلمي، يتطلب أيضا خصائص .مثل:
الثقافة والخبرة ..وفي حالة السياسة بالذات لا بد من توفر سمات في الشخصية السياسية  تعين على حسن أدائها.

من هذه السمات (الذكاء, الخيال, سعة الأفق (تخيّل)..

المصداقية ..الحرص على المبادئ..

وغيرها).
وعند توفر ذلك في الشخصية يمكن وصفها بالشخصية المبدعة…
 وهذه (الشخصية المبدعة) ينبغي أن تتخصص في مجال إبداعها-إذا أرادت أن تنتج وتبدع فعلا-.
 والمجال -هنا – هو السياسة, (ثقافة وممارسة).
 فهل تحقق ذلك لدى قادة الحركة السياسية الكردية (الحزبية) في سوريا؟!.
هل التزم القادة الحزبيون بالأسلوب العلمي (المنطقي) كأسلوب (منهج) في التفكير والعمل؟!
 وهل توفر لديهم الثقافة والخبرة المرتكزة إلى سمات في شخصيتهم (الذكاء، خيال،سعة الأفق (تخيّل)..المصداقية ،الحرص على المبادئ… وغيرها، إضافة إلى توفر  العزم والحزم  في إطار من “المرونة” التي لا تميّع ولا تحول دون التواصل واقعيا،والاستعداد للتضحية –مهما كانت- في سبيل القضية؟!!!!!
   وهل تميزوا بالحالة الإبداعية في أدائهم لمناشطهم السياسية (الحزبية) بقيادة متميزة منتجة؛ ساعدت على وحدة شعبهم،وتطوير مستواهم السياسي كما تقتضيه المراحل التي قادوا فيها شعبهم…؟!.
أم يتبعون نظام “شبر وفتر” في تقييم الواقع السياسي ومستوى الدور الذي لعبوه فيه..؟!!! يحسبون العمر التنظيمي للفرد الحزبي كإنجاز…وهل هذا المعيار صحيح في ميدان العمل النضالي؟!!
هل النضال أداء مميز وانجازات..؟
 أم انه عد الأيام والسنين التي قضى فيها منتميا الى الحزب؟؟!
ما هو المعيار الذي على أساه نقيّم الأداء النضالي..عادة؟؟؟!
كافأ احد المدراء العاملين في شركته واستثنى احدهم..فذهب إليه محتجا: ان لي خبرة ستة عشر عاما، فكيف استثنيتني..؟!
 فقال المدير: بل لديك خبرة سنة واحدة ولكنها تكررت ستة عشر مرة -أو سنة-..!!
لعل هذا التوصيف من المدير يتوافق مع حال الكثيرين من الحزبيين ..!
 هذه الأسئلة وغيرها تظل تطرح نفسها، وتنتظر إجابة عنها بأسلوب واضح وصادق..لا أسلوب ملتبس يتلاعب بعواطف الجماهير البسيطة في واقع حياتها عموما، والحياة السياسية خصوصا..!
وللأسف تكاد تكون السياسة لدى المهيمنين على الحالة الحزبية كرديا –وعربيا أيضا- هي كيفية ممارسة الحيلة للتأثير على الجماهير والشعوب لجعلها تنقاد الى طموحات –غالبا ما هي أنانية ،بل ومشوهة أيضا..!!
 [وبالمناسبة فان مصطلحي (الذاتي والموضوعي) من مفرزات تطور العلم, والانفصال المتدرج للعلوم عن الفلسفة (حاضنة العلوم في المراحل ما قبل القرن السادس عشر الميلادي حتى كانت تسمى بأم العلوم) ولعل فرنسيس باكون الإنكليزي هو الذي تمت على يديه الخطوة المتبلورة في هذا الجانب (جانب تطبيق المعرفة على الواقع أو التوافق بين أحكام العقل والواقع) وان كان السابقون عليه وخاصة بعض علماء المسلمين (ابن الهيثم, جابر بن حيان… وغيرهما) قد انتبهوا إلى هذه الناحية, وبرزت بشكل واضح في تفكيرهم عبر كتاباتهم..]
   
   لم إقحام هذه المعلومات؟
   لأنني اعتقد أن بعض السبب في الأزمة السياسية عموما والأزمة السياسية الكردية خصوصا؛ له صلة بدقة التعبير (أي صحة الدلالة).وحسن صياغة واستخدام (المصطلح).
فالمنهج العلمي يقتضي التخلص من المؤثرات الذاتية لكي يلتقي الناس على الفكرة المشتركة .وكما يقول احد الفلاسفة: ((على صعيد العقل يلتقي البشر)).
 وان هذا الإجراء المنطقي – العلمي ضرورة يفرضها وجوب الفهم الواحد للمعنى نفسه,وبنفس الدرجة – إذا تساوت المقدرة- وان عدم الفهم الواحد للمصطلح أو الكلمة وما يرتبط بها – برأيي- من الأسباب المؤثرة سلبا في: قصور منظري الأحزاب –إذا اعتبرنا أنهم موجودون واقعيا- في تحديد الرؤية السياسية و وضوحها..والوسائل التي تنسجم مع العمل لتحقيقها..(تنفيذها).
   أي هيمنة الاختلاف على دلالات المفاهيم..

ومن ثم المواقف..والعمل..
   (من حسن الحظ أن بعض الأحزاب الكردية أو معظمها قد اتفقت مؤخرا (في الربع الأول من العام 2007) على ما يسمى بـ(الرؤية المشتركة) وهو البرنامج النظري الموحد لعمل الأحزاب الكردية في سوريا.وهذه خطوة مهمة- إذا صح الالتزام بها – في طريق إزالة عدد من المعيقات النظرية أمام التقارب في الخطوات اللاحقة..

والعملية، كتأسيس (مرجعية) كثر الحديث عنها،ولم تتوفر بعد فرصة تأسيسها وفق تصور متكامل يعوض عن الأخطاء والاهمالات السابقة)**.
   
   تحديد مصطلح (نموذج):
   كل مصطلح ينبغي أن يتحدد لتحقيق الفهم والتصور المشترك،ونحاول ذلك في أحد المصطلحات المستخدمة وهي مصطلح:”الذات”: الذات الكردية – وكأية ذات بشرية- لها مستويان:
   1- الذات كشخص (فرد).

وكل ما هو خارج عنها فهو موضوع بالنسبة إليها (بشرا أو مادة, أو كائنات مختلفة…).
   2- الذات كشعب (أو أمة) تذوب فيها الذوات الشخصية الكردية الأخرى-الفردية-, فتبدو الأمة (الشعب) كذات واحدة, تجاه كل ما هو خارج عنها من أمم بشرية أو حيوانية أو نباتية, وكذلك كل ما هو عديم الحياة من العوالم (الأرض, الأفلاك, وما فيها وعليها أو حولها…).
   3- الذات كإنسان (مفهوم).

تذوب فيها البشرية منذ آدم وحتى يوم القيامة, مقابل الواقع (الموضوع).
   إذن: الأسباب الذاتية تعني: ما نُعتبر- نحن- ككرد مسؤولين عن وجودها أساسا، ودون إغفال عملية التفاعل (الجدلية) بينها (الأسباب الذاتية) وبين (الأسباب الموضوعية).
 وهذه الأخيرة (الموضوعية) آتية (أو مفروضة) من خارجنا.

سواء أصدرت عن بشر (كالتدخل الاستعماري, والمسلك السلبي لحكام المناطق الكردية..) أو كانت موجودة طبيعيا (كحاجز جبلي أو مائي مثلا…) وفي الحالتين فإنها تفرض تحديات تستنهض الهمم في جميع مناحيها –الأدبية –المعنوية”النفسية)- الاجتماعية –المعرفية-الاقتصادية-الدينية…وحسن استثمارها لمصلحة القضية القومية (الوطنية).
   باعتقادي فان تحديد مسؤوليتي (ومسؤولية أي إنسان فرد) كنهج, هو ما يجب فعله أولا, وقبل البحث في مسؤولية الآخرين- بعد وعي الظروف طبعا-.
 ولذا فإنني أفضل البحث في الأسباب الذاتية- والتي يعتبر الكرد مسؤولون عنها- والتركيز عليها فهما وتشريحا وتحديدا…, ثم أشير- وبنوع من العجالة- إلى أهم الأسباب (الموضوعية) بسبب العلاقة الجدلية القائمة بين النوعين، فأحاول فهمها (الأسباب الموضوعية) ومن ثم اتخاذ الموقف تجاهها.
   وإنني إذ أفعل ذلك،فللتأكيد على أهمية دور الأسباب (العوامل) الذاتية…
   وعلى أنها الساحة الأساسية لعملنا ونضالنا كشعب كردي, وتقع علينا مسؤولية إنضاجها وتأطيرها واستخدامها, بقصد جر الأسباب (العوامل) الموضوعية, بشكل عام, إلى مصبِّ حقوقنا السياسية (مصالحنا وما يلحق بها…) ولأننا لا نملك التأثير فيها إلا من هذه الناحية، باعتبارها الحامل لكل نشاط كردي…!
   ولعله من المفيد الإشارة إلى ممارسة تضليلية يلجأ البعض إليها عندما يخلطون متعمدين بين (الحزب) وبين (الحركة السياسية).

فهم عندما يريدون إبراز دور أحزابهم يحاولون استخدام مصطلح “الحركة السياسية” ليسدوا أمام الملاحظ أو الناقد، السبل للقيام بدورهم في ممارسة النقد،وإلقاء الضوء على نواحي الخلل في أدائهم،ولكنهم عندما يجدون ما يعتقدون انه إنجاز، أو حركة إعلامية مفيدة لهم، يركزون في ذلك على دور أحزابهم..!ّ
وهي مغالطة محسوبة وليس عفوا..مما يشير بوضوح إلى الدور المقصود في بعض الأداءات السيئة نضاليا، بدوافع مصلحيه ضيقة (حزبية أو شخصية..).
   إنهم يشبهون ذلك التيار العروبي القوموي الذين يخلطون -عن عمد- بين الإسلام (الدين ألأممي الإنساني) وبين العروبة (القوموية الضيقة) وينتقلون بحسب ما يرونه مصلحة بين استخدام مصطلح (العربي الإسلامي) أو مصطلح(العربي القومي) مسخرين فهلوتهم في انتحال ما هو إسلامي – إذا أعجبهم- لينسبوه إلى العروبة – بما فيها الأشخاص والأقوام- وما لا يعجبهم من الإسلام ،إما يفلسفونه بطريقة أو أخرى للتنصل منه أو ينسبونه إلى ..الأقوام غير العربية في الإسلام كالفرس المجوس مثلا، أو الاستعمار..

يتكيفون في تصوير نظرية المؤامرة الاستعمارية بطريقة مدهشة.

يساعدهم في ذلك لغة ذات طبيعة أدبية تخيلية في تراثها الطويل.
   (وكما يرى الجميع فإن الظروف الموضوعية في هذه المرحلة ” أواخر القرن العشرين وأوائل القرن الحادي والعشرين” تعتبر في أفضل حالاتها بالنسبة للمصالح الكردية منذ زمن طويل ممتد،وما على الكرد إلا أن يحسنوا قراءتها، ويحسنوا استثمارها أيضا.
ويبقى السؤال:هل القيادات الحالية، والتي استمر البعض منها في مركزه أكثر من أربعين عاما،متشربا بثقافة خاصة من مرحلة خاصة –إذا أحسنا النية بهم-هل يتمتعون بالأهلية السياسية في فهم معطيات المرحلة الحالية والتفاعل إيجابيا معها، وبأفق استراتيجي..

وجرأة تتطلبها الظروف أحيانا..؟
 وهل تتضمن الإستراتيجية الحزبية لدى هؤلاء –الأشخاص القياديين خاصة- نوعا من التضحية؟.!
هذا ما فعله مانديلا (جنوب أفريقيا) ونجح  وأنجز….
وهذا ما فعله  غاندي (الهند)… ونجح  و أنجز…!
وهذا ما فعله  إبراهيم لنكولن (أمريكا) ونجح  وأنجز…!
وهذا ما فعله ثوار جبل الزاوية بقيادة إبراهيم هنانو الكردي -والسلطان الأطرش الدرزي- وصالح العلي العلوي…الخ ولكنهم جميعا كانوا يحملون لواء وطن اسمه “سوريا”وفيما بعد “الجمهورية السورية”قبل ان يحتكرها “البعث العربي الاشتراكي” الى “الجمهورية العربية السورية” ليفرضوا وجهة نظر شوفينية على الجميع بدءا بتعريب أسماء الأشياء والأماكن والأشخاص فضلا عن التلاعب بالتاريخ وفق أيديولوجيتهم التي استمدوها من الماركسية-أساسا – ولكن الروس أنفسهم-منفذوا الأيديولوجية عمليا- تركوه او عدلوا فيها، إلا ان “حزب البعث” لا يعرف أن يتراجع ولا ان يتقدم وهذه مشكلة كبيرة..!!
 وهذا ما فعله تشي غيفار (التشيلي) في كوبا، ولكن كاسترو صادر جهوده لينفث في السيكار الفاخر –كقائد اشتراكي –يسعى لخدمة الكادحين.وقد اتخذ من عداوة أمريكا سياسة استراجية له للإبقاء على هيمنته على السلطة بهذه الحجة، ويعيش في أرقى مستويات الحياة مع المحيطين به، على حساب شعب يعاني منذ عشرات السنين الفقر والجوع، ويغامر شبابه بحياتهم في سبيل الحصول على هجرة إلى دول أخرى طلبا للحرية والعيش الكريم.

وهذا هو ديدن أصحاب الأيديولوجيات التي أثمرت أشد حالات الاستبداد في العصر الحديث-على الرغم من كثير من العوامل الايجابية فيها والتي يمكن استثمارها إذا وجدت الآلية الصحيحة لذلك..
ولقد قام خلفه بمكرمة السماح للهاتف الجوال ان يدخل كوبا..-مكرمة من جيب عائلته..تكرم بها على المواطنين..الشعب والوطن ملك له فهو يقدم مكرمات منه ..يا لسخرية القدر..حاكم يبتز شعبه ولكن سماحه لاقتناء الهاتف النقال يعد مكرمة..؟!
……………………………………………………….
*وجدت في ظل الأحداث التي تحاول ان تشغل الشارع -أو الجمهور الكردي- بما لا يعود عليه بالفائدة سياسيا..لأنها ليست سبلا نضالية جديدة ومنتجة..وإنها لعبة قديمة جديدة في سياسة  المتنفذين –او المتلاعبين حتى – ضمن الأحزاب الكردية في سوريا ..نتيجة عجزهم عن انجاز مفيد لجمهور الشعب الكردي..فينساقون-كما زعماء العرب والشعوب المتخلفة- الى ألاعيب موهمة بشيء..وهي ليست سوى الهاء الشعب بلا شيء.فوجدت ان التذكير بأسباب أزمة الأحزاب الكردية قد يجعل الاهتمام بما هو أساسي بدلا مما هو هامشي وثانوي..الاهتمام بمصلحة الشعب وطبيعة التفكير السياسي بدلا من الانشغال بزعامة هذا او ذاك-وأي زعامة..؟؟؟!!

** على الرغم من الانجاز الحاصل في الاتفاق على الرؤية المشتركة، إلا انه لم يجد النور..مما يشير –بوضوح- الى أن المشكلة الأساسية ليست في التوصل الى الفهم المشترك..

وإنما المشكلة هي في عدم قدرة الأحزاب –عبر الرموز المهيمنة عليها – على التفاعل واقعيا..وبالتالي فإن العوامل الذاتية-الحالة التكوينية الشخصية لهؤلاء- هي التي تعيق التوصل وليست العوامل الموضوعية –إلا بقدر تقاطعها مع العوامل الذاتية- كان يرتبط البعض بمخططات السلطات مثلا..!

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف تعود سوريا اليوم إلى واجهة الصراعات الإقليمية والدولية كأرض مستباحة وميدان لتصفية الحسابات بين القوى الكبرى والإقليمية. هذه الصراعات لم تقتصر على الخارج فقط، بل امتدت داخليًا حيث تتشابك المصالح والأجندات للفصائل العسكرية التي أسستها أطراف مختلفة، وأخرى تعمل كأذرع لدول مثل تركيا، التي أسست مجموعات كان هدفها الأساسي مواجهة وجود الشعب الكردي، خارج حدود تركيا،…

روني آل خليل   إن الواقع السوري المعقد الذي أفرزته سنوات الحرب والصراعات الداخلية أظهر بشكل جلي أن هناك إشكاليات بنيوية عميقة في التركيبة الاجتماعية والسياسية للبلاد. سوريا ليست مجرد دولة ذات حدود جغرافية مرسومة؛ بل هي نسيج متشابك من الهويات القومية والدينية والطائفية. هذا التنوع الذي كان يُفترض أن يكون مصدر قوة، تحوّل للأسف إلى وقود للصراع بسبب…

خالد حسو الواقع الجميل الذي نفتخر به جميعًا هو أن سوريا تشكّلت وتطوّرت عبر تاريخها بأيدٍ مشتركة ومساهمات متنوعة، لتصبح أشبه ببستان يزدهر بألوانه وأريجه. هذه الأرض جمعت الكرد والعرب والدروز والعلويين والإسماعيليين والمسيحيين والأيزيديين والآشوريين والسريان وغيرهم، ليبنوا معًا وطنًا غنيًا بتنوعه الثقافي والديني والإنساني. الحفاظ على هذا الإرث يتطلب من العقلاء والأوفياء تعزيز المساواة الحقيقية وصون كرامة…

إلى أبناء شعبنا الكُردي وجميع السوريين الأحرار، والقوى الوطنية والديمقراطية في الداخل والخارج، من منطلق مسؤولياتنا تجاه شعبنا الكُردي، وفي ظل التحولات التي تشهدها سوريا على كافة الأصعدة، نعلن بكل فخر عن تحولنا من إطار المجتمع المدني إلى إطار سياسي تحت اسم “التجمع الوطني لبناء عفرين”. لقد عملنا سابقاً ضمن المجتمع المدني لدعم صمود أهلنا في وجه المعاناة الإنسانية والاجتماعية…