كلمة حزب آزادي في الذكرى السنوية الاولى لاستشهاد الشيخ الخزنوي

أيها الضيوف الأعزاء
أيها الحضور الكريم
باسم حزبنا – حزب آزادي الكردي في سوريا – نحييكم جميعا رجالا ونساء، شيبا وشبابا، نخص بالذكر الممثلين للأحزاب السياسية ولقوى وفعاليات المجتمع السوري – لجان المجتمع المدني ، النشطاء في مجال حقوق الإنسان – كما نشكر لكم مشاركتكم في إحياء الذكرى السنوية الأولى هذه،لاستشهاد الشيخ الشهيد العلامة محمد معشوق الخزنوي، الذي اغتالته يد الغدر والجريمة النكراء في أبشع صورها المعبرة عن أفظع معاني الحقد والضغينة التي قلما عرفها التاريخ البشري ..حيث الخطف في دمشق يوم 10 أيار2005، وبعد مرور ثلاثة أسابيع من الاختفاء – قيل أنه قتل في حلب – وسلمت جثته إلى أبنائه وذويه في دير الزور يوم الأول من حزيران 2005 وعليها آثار التعذيب ودلائل محاولات التشويه ..
أيها الحضور الكريم
إذا كان قدْر الإنسان يقاس بمدى امتلاكه للقيم الإنسانية والمعاني السامية والخصال الحميدة والسجايا الطيبة التي يتحلى بها، وإذا كان علو شأن الرجال يتجلى في مدى قدراتهم المعرفية وملكاتهم العقلية ودورهم البارز في محيطهم ومجتمعهم وفي مدى عملهم وتفانيهم في خدمة هذا المجتمع بكل ما يحمله من القيم والمبادئ التي آمن بها وعمل من أجلها، وما يتطلع إليها من طموحات وأهداف سامية ونبيلة، سواء لأبناء وطنه أو لأبناء جلدته أو للإنسانية جمعاء، بما فيها خدمة دينه وعقيدته..

إذا كان ذلك هو المعيار في تأكيد إنسانية الإنسان وعظمة الرجال ، فلاشك أن شيخنا الجليل كان يحمل من كل تلك المثل والقيم والخصال ما يكفي ليحتل موقعه بين الشهداء والصديقين والصالحين وليسجل تاريخه القومي والوطني بأحرف من نور ساطع ..
لقد كان شيخنا سليل عائلة الشيخ الجليل أحمد الخزنوي المعروف بورعه وعلومه وأدبه وأخلاقه ووطنيته واعتزازه بقوميته الكردية والذي ارتشف شيخنا الشهيد من مناهل علمه وأدبه ما أكسبه التقى والمثل والقيم، وما زاد في صقلها وترسيخها متابعته الجادة لتحصيله العلمي لدرجة الدكتوراه حيث أصبح في مستوى العلامة في علوم الدين الإسلامي، مما جعله يمتلك قدرات نوعية تؤهله في التعامل مع ألوان الطيف الوطني بصرف النظر عن الانتماء الديني أو القومي أو السياسي، فكان يلتقي عنده الاسلامي بالمسيحي بالإيزدي ، والعربي بالكردي بالسرياني والأرمني ، والقومي بالعلماني بالديني ..الخ فلم يكن يميز بين الإنسان والإنسان إلا بقدر ما يحمله هذا الإنسان من العلم والمعرفة والقيم والمثل وبذلك كان مثال الإنسان المحب لأخيه الإنسان تأكيدا لإيمانه القوي وتطبيقا للحديث النبوي :”لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه ” والمقصود هنا أخيه الإنسان بكل معاني البعد الإنساني في نفسه وذاته، وبقدر ما امتاز به شيخنا في حبه لدينه كان حبه لوطنه سوريا وبذات القدر كان حبه لأبناء شعبه الكردي ومناصرته إياهم ..
كان داعي صدق لخدمة الإسلام من خلال مساعيه الاجتهادية نحو نقلة نوعية تناسب العصر والمرحلة وتواكب التطور والتقدم التكنولوجي ، كما كان شغوفا في خدمة سوريا مدافعا أمينا من أجلها في الداخل وفي المحافل الدولية التي كان يحضرها، كان يعتز بوطنيته السورية ويسعى دائما ليجعل من ألوان طيفها عامل قوة ومنعة عامل تقدم وجمال لا عامل ضعف و انقسام، كان يدعو إلى وحدة وطنية على أساس من العدل والمساواة وإحقاق الحق على مبدأ “إعطاء كل ذي حق حقه “، ولم يكن حبه لشعبه الكردي أقل شأنا مما ذكر وخصوصا في المراحل الأخيرة من حياته تجلى ذلك في مشاركاته المتميزة في احتفالات أعياد نوروز وخطبه خلالها بجمل معبرة وبأقوال مأثورة، وكذلك دوره وجهوده في انتفاضة آذار 2004 في المناطق الكردية ومناطق التواجد الكردي بدءا من قامشلي وكل مدن الجزيرة مرورا بكوبانية والرقة وحلب وعفرين وصولا إلى دمشق حيث زورآفا (وادي المشاريع بدمر) وحتى الشتات ، كما لم يدخر الشيخ الشهيد وسعا في شرح القضية الكردية ومعاناة الشعب الكردي في عموم كردستان وفي سوريا بشكل خاص ومن طرائف مواقفه إضرابه عن الطعام لفترة زمنية قصيرة على إحدى الموائد الأوربية بغية لفت النظر لشرح وضع الشعب الكردي في سوريا وما كابده خلال الانتفاضة وما ينبغي من مد يد العون والمؤازرة له في محنته ..
والشعب الكردي الأبي في القامشلي والمدن الأخرى ومعه أصدقاؤه ومناصريه لم يتوان عن التعاضد في المحن والنكبات فخرج يوم 1 /6 / 2005لاستقبال جنازة الشيخ الشهيد في مراسيم لائقة حيث شيعه في موكب جماهيري مهيب وسط حشود عارمة تهتف بحياته وتندد بالقتلة والمجرمين المخططين منهم والمنفذين واستمر الموكب والحشد إلى أن وارى الثرى في مقبرة قدور بك بالقامشلي ، واستمرت مجالس العزاء في خيم حاشدة تؤمها الجماهير من كل حدب وصوب ومن مختلف المحافظات وهي تتلو سورة الفاتحة وآيات من الذكر الحكيم وأخرى خطب وكلمات القوى والأحزاب السياسية والفعاليات الثقافية والاجتماعية ورجال الدين الإسلامي والمسيحي وهي تمجد الشهيد وتندد بالقتلة المجرمين ..واختتمت مجالس العزاء بمسيرة جماهيرية سلمية دعا إليها حزبنا حزب آزادي الكردي في سوريا وحزب يكيتي الكردي في سوريا يوم 5/ 6 / 2005 كرسالة للمؤتمر العاشر لحزب البعث الحاكم بضرورة حل القضية الكردية حلا ديمقراطيا عادلا، و تنديدا بالمجرمين وتعبيرا صارخا عن استنكار واستهجان هكذا جرائم بشعة يرتكبها المجرمون بحق الأفاضل من أبناء شعبنا من أمثال الشيخ الشهيد معشوق الخزنوي، ولم تدخر السلطات وسعا في قمعها مستخدمة الهراوات والعصي في الضرب المبرح وإصابة العديد بالجروح البليغة دون تمييز بين امرأة ورجل بين مسن وحدث وكذلك الغاز المسيل للدموع والرصاص الحي والاعتقال العشوائي شمل حتى الأحداث منهم بلغ عددهم أكثر من ستين شخصا ولا تزال محاكمهم الاستثنائية قائمة ، كما عمد اللصوص المدعومين من السلطات إلى نهب المحلات التجارية الكردية في مدينة القامشلي بملايين الليرات السورية ودون شفقة ..
إننا في حزب آزادي الكردي في سوريا ووفاء للشيخ الشهيد وكل شهداء شعبنا وشهداء الحرية في العالم سنواصل العمل من أجل الأهداف والمبادئ التي آمنوا بها وعملوا من أجلها على طريق تقدم سوريا وتحقيق الأهداف والأماني القومية والوطنية من خلال العمل من أجل تغيير وطني ديمقراطي ينفي الاستبداد واحتكار السلطة ويحقق الحياة الديمقراطية التي تكفل إطلاق الحريات الديمقراطية وتبني حياة سياسية جديدة تعزز وحدة سوريا وتضمن للشعب الكردي حقوقه القومية الديمقراطية بما في ذلك حقه في تقرير مصيره بنفسه، والذي يتلخص في تطبيق شعار الديمقراطية لسوريا والاعتراف بالشعب الكردي كثاني قومية في البلاد..
من هنا فإن حزبنا يدعو لاتخاذ هذه المناسبة – الذكرى السنوية لشهادة شيخنا- حافزا من أجل لم شمل الحركة الكردية في إطار متقدم فاعل يستند على برنامج عصري يراعي خصوصية الكرد على أنها قضية أرض وشعب وما يترتب عليها من الحقوق والواجبات، تتوافق عليه أطراف الحركة الكردية كأساس لنقلة نوعية وسط تفاعلات المرحلة ومقتضيات العصر وبما ينسجم مع واقع الشعب الكردي ويخدم تطور البلاد ووحدتها ..
وأخيرا وليس آخرا لا بد من رفع صوت الشجب والاستنكار مجددا لهذه الجريمة النكراء ، مع تجديد إصرارنا على المطالبة بتحقيق عادل يشاركه المختصون من أبناء شعبنا الكردي للكشف عن ملابسات الجريمة من حيث التخطيط والتنفيذ ودوافعها السياسية وأهدافها القريبة والبعيدة ..
كما ندعو إلى إلغاء محاكم معتقلي مسيرة 5/ 6 / 2005 وكل المحاكم الاستثنائية وإطلاق سراح السجناء السياسيين كافة ، و تعويض المتضررين ممن نهبت محلاتهم التجارية في مدينة القامشلي والمدن الأخرى كالحسكة ورأس العين وغيرها سواء بسبب المسيرة أو إبان انتفاضة آذار وتداعياتها ..
و في الختام لا يسعنا إلا أن نعزي أنفسنا وذوي الشهيد وأصدقائه ومحبيه وأن نرفع أسمى آيات التحية والإجلال لأرواح شهدائنا البررة وتحية عطرة إلى روح الشيخ الشهيد الدكتور محمد معشوق الخزنوي ، والخزي والعار للقتلة المجرمين ..
والسلام عليكم ، وشكرا لإصغائكم .
القامشلي في 1 / 6 / 2006
حزب آزادي الكردي في سوريا

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

خليل مصطفى مِنْ أقوال الشيخ الدكتور أحمد عبده عوض (أُستاذ جامعي وداعية إسلامي): ( الطَّلَبُ يحتاجُ إلى طَالِب ، والطَّالِبُ يحتاجُ إلى إرادة قادرة على تحقيق حاجات كثيرة ). مقدمة: 1 ــ لا يختلف عاقلان على أن شعوب الأُمَّة السُّورية قد لاقت من حكام دولتهم (طيلة 70 عاماً الماضية) من مرارات الظلم والجور والتَّعسف والحرمان، ما لم تتلقاه شعوب أية…

أحمد خليف الشباب السوري اليوم يحمل على عاتقه مسؤولية بناء المستقبل، بعد أن أصبح الوطن على أعتاب مرحلة جديدة من التغيير والإصلاح. جيل الثورة، الذي واجه تحديات الحرب وتحمل أعباءها، ليس مجرد شاهد على الأحداث، بل هو شريك أساسي في صنع هذا المستقبل، سواء في السياسة أو في الاقتصاد. الحكومة الجديدة، التي تسعى جاهدة لفتح أبواب التغيير وإعادة بناء الوطن…

إبراهيم اليوسف إنَّ إشكالية العقل الأحادي تكمن في تجزئته للحقائق، وتعامله بانتقائية تخدم مصالحه الضيقة، متجاهلاً التعقيدات التي تصوغ واقع الشعوب. هذه الإشكالية تطفو على السطح بجلاء في الموقف من الكرد، حيث يُطلب من الكرد السوريين إدانة حزب العمال الكردستاني (ب ك ك) وكأنهم هم من جاؤوا به، أو أنهم هم من تبنوه بإجماع مطلق. الحقيقة أن “ب ك ك”…

شيروان شاهين سوريا، الدولة ذات ال 104 أعوام البلد الذي كان يومًا حلمًا للفكر العلماني والليبرالي، أصبح اليوم ملعبًا للمحتلين من كل حدب وصوب، من إيران إلى تركيا، مرورًا بكل تنظيم إرهابي يمكن أن يخطر على البال. فبشار الأسد، الذي صدع رؤوسنا بعروبته الزائفة، لم يكتفِ بتحويل بلاده إلى جسر عبور للنفوذ الإيراني، بل سلمها بكل طيبة خاطر…