الجزيرة المنكوبة ربيع غائب و موارد منهوبة

نشرة روز *

في السنوات الماضية وفي مثل هذه الأيام من السنة كانت المحافظة في حركة دائمة, رحلات ترفيهية تضرب طول المحافظة  بعرضها ,في أحضان الطبيعة الخضراء الغناء, ثم كان الاستعداد  لموسم الحصاد , الكل يتحرك ويعمل.

المزارعون  يبحثون عن  الحصادات قبل  فوات  الأوان, وأصحاب الحصادات  يبحثون عن العمال  قبل أن  يأتي موعد الحصاد , ويستغلون من قبل العمال , وأخيراً كان الكل يصل إلى مبتغاه , فما أن ينضج الزرع ويقترب وقت القطاف (الحصاد) حتى  ترى الحصادات قد خرجت وبرفقتها أعداد  من العمال (سائقين , عتالين , طباخين , ميكانيكيين و….الخ)

 

هذا بالإضافة إلى المزارع الذي كان يقف على  زرعه  حتى  إنهاء الحصاد, ليقوم  بترحيل محصوله إلى مراكز الحبوب  وبيعه , لينتظر الفواتير مرتاح  البال , وصاحب الحصادة  يكون  قد أنجز عملاً كبيراً, فله حصة في إنتاج الأرض التي  يحصدها, وما أن ينهي عمله في الحصد حتى يعود إلى البيت بانتظارالفواتير التي كانت  تحل الكثير من المشاكل الاقتصادية للمنطقة , وبعبارة أخرى كانت عائلات كثيرة تعيش على  الخيرات الطبيعية للمحافظة, وبذلك لم تكن نتائج السياسةالاقتصادية المتبعة في المحافظة من أجل تجويع أبنائها عموماً و الكرد خصوصاً ذات آثار سلبية بالقسوة التي نراها اليوم –  وان كانت سياسات التجويع المتبعة  بحق شعبنا  الكردي في سوريا  تفعل فعلها , وتعطي أكلها كل  حين – حيث جاء الجفاف , والقحط  وانحباس المطر في هذا العام ليضرب اقتصاد المحافظة المعتمد أصلاً  على الزراعة  و الثروة الحيوانية في الصميم و ليزيد من معاناة أهلها, وكأن الطبيعة قد انضمت إلى  فريق السلطة في محاربة أبناء المحافظة , لذلك  كدنا نفتقد في هذا العام  مظاهر الفرح والابتهاج في الرحلات الربيعية التي تقلصت كثيراً , وتكاد أعيننا لا تقع إلا على  رحلة  أو رحلات قليلة إلى مناطق يابسة كصحراء مقفرة , الأمر الذي يفسد الرحلات معانيها الترفيهية, في حين نرى رحلات من  نوع آخر , نرى قوافل العوائل التي تشد رحالها  إلى المحافظات  الداخلية بحثاً عن عمل يسد كفاف عيشهم, فالمعلوم أن المحافظة منطقة زراعية , و معظم سكانها مزارعون أو فلاحون أو مربو المواشي والحيوانات, ولا يشكل الموظفون لدى الدولة إلا نسبة ضئيلة جداً من سكان المحافظة الأصليين , هذا بالإضافة إلى سوء إدارة الموارد الاقتصادية في حكومتنا (الرشيدة ؟؟) , وسوء التخطيط , بل وعدم التفكير أصلاً بالتخطيط الاقتصادي بعيد المدى ((فنحن أولاد اليوم)) وان للغد ربه ؟؟ !!, وقراراتها غير المسؤولة , بإطلاقها العنان لسعر المازوت ليرتفع بنسبة تقارب 360% والتي ستؤدي حتماً إلى زيادات مماثلة على أسعار كافة السلع ولا سيما الاستهلاكية منها بعد الزيادة الجنونية التي حصلت وتحصل بخط تصاعدي على أسعار كافة المواد , كل هذا إضافة إلى ما كانت تعانيه المحافظة بالأصل من السياسات الجائرة بحق المواطنين دفعت بالمحافظة إلى حافة الهاوية , وتهدد بمستقبل بائس لأبنائها الذين بدأت قوافلهم تهاجر الديار إلى المحافظات الداخلية , مما قد يؤدي إلى إفراغ المحافظة من سكانها الأصليين , وقد يأتي وقت لم تر في المحافظة إلا المسؤولين, وحينها قد يلتحقوا هم أيضاً بهم في ديار الغربة , ربما ليشمتوا بهم هناك , فالمحافظة اذاً أصبحت منطقة منكوبة بكل المقاييس, فهل من مغيث ؟ .
——-
* نشرة دورية تصدرها اللجنة المنطقية للحزب الديموقراطي الكردي في سوريا (البارتي) في الجزيرة _العدد /91 / نيسان 2008

 

لمتابعة مواد النشرة انقر هنا  roj_91

 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

اعتبر الزعيم الكوردي رئيس الحزب الديمقراطي الكوردستاني مسعود بارزاني، يوم الجمعة، أن الارضية باتت مهيأة لإجراء عملية سلام شامل في منطقة الشرق الأوسط للقضية الكوردية. جاء ذلك في كلمة ألقاها خلال انطلاق أعمال منتدى (السلام والأمن في الشرق الأوسط – MEPS 2024) في الجامعة الأمريكية في دهوك. وقال بارزاني، في كلمته إنه “في اقليم كوردستان، جرت الانتخابات رغم التوقعات التي…

اكرم حسين في خطوة جديدة أثارت استياءً واسعاً في اوساط السكان ، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي قراراً منسوباً لهيئة الاقتصاد التابعة “للإدارة الذاتية” برفع سعر ربطة الخبز من 1500 ليرة سورية إلى 2000 ليرة سورية ، وقد جاء هذا القرار، في وقت يعاني فيه اهالي المنطقة من تهديدات تركية ، وضغوط اقتصادية ، وارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة….

عبدالله ىكدو مصطلح ” الخط الأحمر” غالبا ما كان – ولا يزال – يستخدم للتعبير عن الحدود المرسومة، من لدن الحكومات القمعية لتحذير مواطنيها السياسيين والحقوقيين والإعلاميين، وغيرهم من المعارضين السلميين، مما تراها تمادياً في التقريع ضد استبدادها، الحالة السورية مثالا. وهنا نجد كثيرين، من النخب وغيرهم، يتّجهون صوب المجالات غير التصّادمية مع السلطات القمعية المتسلطة، كمجال الأدب والفن أو…

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…