زيادة الرواتب نعمة أم …نقمة ؟

 دلوفان  دشتي  

   ” إجت الحزينة لتفرح , ما شافت للفرح مطرح ” مثل شعبي لا أدري إلى أية جغرافية ينتمي بالأصل, ولكنني أراه وكأنه انطلق, أول ما انطلق, من أرض سوريا, بلاد الجائعين.

إنه مثل كنت أحفظه على أنه جزءٌ من تراث شعبي, نابعٌ من واقع قلما يبتعد عنه الألم, واقع متشح بوشاح المأساة الأسود الداكن طيلة أيام الدهر تقريبا ً.

حفظته ولم أكن أدري أنني سأحتاجه يوما ً ما في حياتي اليومية لأعبر عن أضحوكة مبكية.

إنني أسمعه أينما توجهت من كل فم صامت وأراه في بريق كل عين مغمضة, وكأنها تريد أن ترى مأساة الزيادة التي خرجت إلى النور بموجب مرسومين, والتي بلغت 25% من الرواتب والأجور.
    في كل بلدان العالم تكون الزيادة مطلبا ً  ملحا ً للشعب ومصدر الفرح والسعادة.

أما في بلدي فإنها تجرّ على المواطن المسكين الويلات.

نعم, ويلات الغلاء الفاحش الذي بات يسبق كل زيادة و….

يرافقها و ….

يعقبها ….

بل ويفوقها أضعاف أضعاف المرات.

لقد بات ارتفاع الأسعار- كل الأسعار, بما فيها المحسوبيات والرشوة, ( لا سمح الله ) مطرداً مع الزمن, وكأنه يريد أن يسابقه, منذ أن وعيت إلى الحياة.

ولكنها ومنذ ما يقارب ثلاثة أشهر بلغت أوجها ولو أن ليس لها قمة وبالتالي ليس هناك توقف عند الوصول إلى الذروة بل الازدياد والازدياد والازدياد المستمر إلى ما لا نهاية.

إنه غلاء ممنهج خارج دائرة الضمير ونطاق الوجدان, وبعيد كل البعد عن متناول يد الرقابة, والمحصّن ضد كل قانون أو محاسبة.

فالكعكة عندما تحضر تجلب معها الذين يقتسمونها, كل حسب مركزه أو سلطانه أو جاهه ووجاهته,دون أي رادع .

فلا دوائر تموينية ولا مؤسسات رقابية ولا مجالس أو اتحادات تدافع عن هذا المواطن المسكين الذي يبتلع السكين ولا يستطيع أن يقول شيئا ً , إذا تألم وصرخ فلا أحد يسمعه.
    نعم, هذه الزيادة التي يفترض أن يفرح بها الموظفون والعاملون لدى الدولة  وحتى في القطاعين المشترك والخاص, ولكنها جاءت وبالا ً عليهم بقرارات زيادة سعر المازوت الحر من / 7 / ليرات سورية إلى / 25 / ليرة بنسبة 257,14 % , أما المقنن بموجب القسائم فأصبح سعره / 9 / ليرات فقط لا غير!!!! وارتفع سعر عبوة الغاز المنزلي من / 145 / ليرة إلى / 250 / ليرة بزيادة نسبتها  103% .

مع العلم أن كل ذلك قد تم بعد دراسات معمقة وموسعة للوضع المعيشي ( المرفه, من الترفيه ) الذي يسود البلاد.

فيا لها من هدية قيّمة للعمال في عيدهم.


 إنها هدية بداية السنة العمالية ( بدلا ً من الميلادية ) كحافز لهم على بذل أقصى الجهد ( لتحمل الجوع  ) عفوا ً للمزيد من الإنتاج.

ولكن للأسف الشديد قد أفرغت الهدية من محتواها ومغزاها وحتى من مفهومها قبل الإعلان عنها.

لقد أفرغت من كل شيء, اللهم سوى فتح الأبواب على مصراعيها أمام أولئك الجشعين ليلعبوا بمصائر الوطن والمواطن, بلا مبالاة, مدركين أنه لا يوجد قانون يحاسبهم, ولا غيور على الوطن والمواطن يمكنه أن يصرخ في وجه كل زيادة بما فيها زيادة الرواتب والأجور.

فالمواطن المسكين يمضي في طريقه, لا يلتفت إلى الوراء, يرسم الدرب للشاردين وينيره للسالكين, ظنا ً منه أنه يسير على الصراط المستقيم وهذا ما يحميه من الذهاب إلى …..

( بيت خالته ).

فبربكم هل مثل هذه الزيادة على الرواتب والأجور نعمة ….. أم  نقمة ؟ ؟ ؟ 

  5 / 5 / 2008 

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…