رستم محمود
منزاحة وسطحية كانت، معظم ردود الفعل الكتابية، التي صدرت من المنابر الإعلامية “المقاوِمة” و”المُمانعة” على زيارة ومحاضرة وزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيبي ليفني، في المنتدى الأخير حول الديمقراطية والتنمية والتجارة الحرة الذي أقيم في العاصمة القطرية الدوحة.
لم تذهب تلك الردود إلى أبعد من تفنيد الدعوات الإسرائيلية المحرضة على معاداة إيران وحزب الله وحركة حماس، وكشف مدى نفاق الدعاية الإسرائيلية الداعية لإقامة السلام في المنطقة.
منزاحة وسطحية كانت، معظم ردود الفعل الكتابية، التي صدرت من المنابر الإعلامية “المقاوِمة” و”المُمانعة” على زيارة ومحاضرة وزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيبي ليفني، في المنتدى الأخير حول الديمقراطية والتنمية والتجارة الحرة الذي أقيم في العاصمة القطرية الدوحة.
لم تذهب تلك الردود إلى أبعد من تفنيد الدعوات الإسرائيلية المحرضة على معاداة إيران وحزب الله وحركة حماس، وكشف مدى نفاق الدعاية الإسرائيلية الداعية لإقامة السلام في المنطقة.
أي أن ردود الفعل تلك، اخُتصرت في قراءة جوهر محاضرة ليفني، وانزاحت عن بؤرة الحدث، حينما لم تذهب لتفكيكه بذاته: “وزيرة خارجية دولة تمارس هواية قتل الأطفال الفلسطينيين والعرب ليل نهار، في ضيافة دولة عربية تصدح بالمقاومة والحقوق العربية… أيضا ليل نهار”.
كما أنها كانت سطحية حينما لم تمارس دورها ـ تلك المنابر الإعلامية ـ في توزيع شهادات الوطنية والخيانة، وحينما لم تصرخ بالضمير والوجدان والذات والثقافة والكرامة….
العربية.
كما تذهب كل مرة، في إلهاب العواطف والغرائز في كل حدث شبيه.
في رياضة ذهنية ليس إلا، ماذا لو تصورنا أن محاضرة تسيبي ليفني تلك، كانت في عاصمة إقليم كردستان أربيل.
وماذا لو تصورنا ردود فعل تلك المنابر عليها.
لكانت تلك المنابر ستضع خبر الزيارة في صدر نشراتها، ولكانت ستستدعي “كبار” المحللين السياسيين، الذين كانوا سيفتحون تاريخ التعامل “العمالة” الكردي مع دولة إسرائيل “العدو الصهيوني حسب تعبيرها” منذ الستينات، ولكانت جمعت وطرحت للبرهان على العداوة الجوهرية التي يكنها الكرد تجاه جيرانهم العرب.
ولكانت الشتائم ستنهال على زعمائهم في البرامج المنبرية.
كما أنها كانت ستخصص حلقات من برامجها الدينية، وبالصدفة البحتة في تلك الفترة بالذات! عن المحرمات الشرعية في التعامل مع من يشنون عدوانا على المسلمين.
وطبعاً في عز الأزمة كانت ستعرض برنامجاً مشاكساً، يتساءل: هل الأكراد عملاء جدد لإسرائيل، أم أن الأكراد عملاء تاريخيون لها.
طبعاً وقتها سيكون الضيف العربي ممن يحملون الدكتوراه في الخطابة والفصاحة العربية، بينما الضيف الكردي سيكون نصف أخرس، يتلعثم في لفظ الثاء سينا حينما يتكلم العربية.
وعلى من لا يصدق تلك التصورات الذهنية، أن يعود إلى ردود فعل تلك المنابر الإعلامية، إبان التقرير الشهير للصحافي سيمور هيرش، الذي أدعى فيها كثافة الحضور المخابراتي الإسرائيلي في كردستان العراق، حيث أثبت فيما بعد أن مصدر معلوماته كان الوزير التركي آنذاك عبدالله غول… وللنبيه فهم بقية الحكاية.
في تلك الرياضة الذهنية كشف لثلاثة معان واضحة:
أولاً: الروح العرقية القومية في بعض الثقافة الكتابية العربية، والتي تتبلور على أحد أشكالها بما يلي: حينما يمارس بعض العرب السلام والعلاقات مع إسرائيل، ومع أميركا في عقليات أكثر تحجراً، فإن ذلك يكون إما في وارد دفع البلاء والحفاظ على المصالح العليا للأمة العربية، وإما أن تكون تلك العلاقات تكتيكياً مرحلياً لتحقيق المصالح المستقبلية للأمة.
لكن حينما يمارس غير العرب أتراك أكراد هنود… الخ مثل تلك العلاقات، فإنها ترد لسياق التواطؤ المراد به تدمير الأمة العربية.
ثانياً: عدم اتساق تلك المنابر في ممارسة عمليتها التفكيكية النقدية، وذلك يتضح حينما تتصدى لموضوع واحد، يمس ندّين متباينين في علاقتهما مع المنبر.
والذي بدوره يفتح السؤال على مدى تجاوزها للتسيس الطبيعي الموجود في أي وسيلة إعلامية تدعي الموضوعية.
والذي يتاخم سؤال المصداقية الإعلامية، حيث يتحول أي منها بدونها ـ المصداقية ـ إلى بروبغندا مكرسة لخطاب الغرائز والعواطف والتخويف، تحت يافطة “يكرهوننا” “سيدمروننا” “الحذر والحيطة على مستقبل الأمة”.
ثالثاً: مدى ما تمارسه تلك المنابر الصادحة بالحقوق العربية من تغطية على الممارسات الفعلية لأصحابها، فهي تكون بمثابة السور الصوتي الحامي لهم من كل نقد ونقمة شعبية وثقافية مضادة.
من هنا سيكون الرد على أي أدعاء للعلاقة الكردية الإسرائيلية: ليس لنا أن نفعل ذلك، في الوقت الذي لا نملك فيه مضادات تخوين، كقناة الجزيرة مثلا.
وأن رأيتمونا نؤسس قنوات كتلك….
فاحذروا منا يا جيراننا العرب… الذين تجري المتاجرة بعواطفكم… أيضا ليل نهار.
كما أنها كانت سطحية حينما لم تمارس دورها ـ تلك المنابر الإعلامية ـ في توزيع شهادات الوطنية والخيانة، وحينما لم تصرخ بالضمير والوجدان والذات والثقافة والكرامة….
العربية.
كما تذهب كل مرة، في إلهاب العواطف والغرائز في كل حدث شبيه.
في رياضة ذهنية ليس إلا، ماذا لو تصورنا أن محاضرة تسيبي ليفني تلك، كانت في عاصمة إقليم كردستان أربيل.
وماذا لو تصورنا ردود فعل تلك المنابر عليها.
لكانت تلك المنابر ستضع خبر الزيارة في صدر نشراتها، ولكانت ستستدعي “كبار” المحللين السياسيين، الذين كانوا سيفتحون تاريخ التعامل “العمالة” الكردي مع دولة إسرائيل “العدو الصهيوني حسب تعبيرها” منذ الستينات، ولكانت جمعت وطرحت للبرهان على العداوة الجوهرية التي يكنها الكرد تجاه جيرانهم العرب.
ولكانت الشتائم ستنهال على زعمائهم في البرامج المنبرية.
كما أنها كانت ستخصص حلقات من برامجها الدينية، وبالصدفة البحتة في تلك الفترة بالذات! عن المحرمات الشرعية في التعامل مع من يشنون عدوانا على المسلمين.
وطبعاً في عز الأزمة كانت ستعرض برنامجاً مشاكساً، يتساءل: هل الأكراد عملاء جدد لإسرائيل، أم أن الأكراد عملاء تاريخيون لها.
طبعاً وقتها سيكون الضيف العربي ممن يحملون الدكتوراه في الخطابة والفصاحة العربية، بينما الضيف الكردي سيكون نصف أخرس، يتلعثم في لفظ الثاء سينا حينما يتكلم العربية.
وعلى من لا يصدق تلك التصورات الذهنية، أن يعود إلى ردود فعل تلك المنابر الإعلامية، إبان التقرير الشهير للصحافي سيمور هيرش، الذي أدعى فيها كثافة الحضور المخابراتي الإسرائيلي في كردستان العراق، حيث أثبت فيما بعد أن مصدر معلوماته كان الوزير التركي آنذاك عبدالله غول… وللنبيه فهم بقية الحكاية.
في تلك الرياضة الذهنية كشف لثلاثة معان واضحة:
أولاً: الروح العرقية القومية في بعض الثقافة الكتابية العربية، والتي تتبلور على أحد أشكالها بما يلي: حينما يمارس بعض العرب السلام والعلاقات مع إسرائيل، ومع أميركا في عقليات أكثر تحجراً، فإن ذلك يكون إما في وارد دفع البلاء والحفاظ على المصالح العليا للأمة العربية، وإما أن تكون تلك العلاقات تكتيكياً مرحلياً لتحقيق المصالح المستقبلية للأمة.
لكن حينما يمارس غير العرب أتراك أكراد هنود… الخ مثل تلك العلاقات، فإنها ترد لسياق التواطؤ المراد به تدمير الأمة العربية.
ثانياً: عدم اتساق تلك المنابر في ممارسة عمليتها التفكيكية النقدية، وذلك يتضح حينما تتصدى لموضوع واحد، يمس ندّين متباينين في علاقتهما مع المنبر.
والذي بدوره يفتح السؤال على مدى تجاوزها للتسيس الطبيعي الموجود في أي وسيلة إعلامية تدعي الموضوعية.
والذي يتاخم سؤال المصداقية الإعلامية، حيث يتحول أي منها بدونها ـ المصداقية ـ إلى بروبغندا مكرسة لخطاب الغرائز والعواطف والتخويف، تحت يافطة “يكرهوننا” “سيدمروننا” “الحذر والحيطة على مستقبل الأمة”.
ثالثاً: مدى ما تمارسه تلك المنابر الصادحة بالحقوق العربية من تغطية على الممارسات الفعلية لأصحابها، فهي تكون بمثابة السور الصوتي الحامي لهم من كل نقد ونقمة شعبية وثقافية مضادة.
من هنا سيكون الرد على أي أدعاء للعلاقة الكردية الإسرائيلية: ليس لنا أن نفعل ذلك، في الوقت الذي لا نملك فيه مضادات تخوين، كقناة الجزيرة مثلا.
وأن رأيتمونا نؤسس قنوات كتلك….
فاحذروا منا يا جيراننا العرب… الذين تجري المتاجرة بعواطفكم… أيضا ليل نهار.
المستقبل – الاحد 4 أيار 2008 – العدد 2951