الخزنوي حمامة السلام

أوركيش إبراهيم*

شيخي لا أعرفُ كيف أكتبُ مرثيتي هذهْ؟ أأرثي نفسي أم أرثي قامشلو, أم أرثي شعب يحلم بوطن تشرق فيه الشمس وتبعث الدفء في ثنايا قلب كل فرد فيه, وطن يفتح ذراعيه لكل أبنائه ويغمرهم بالعدل والمساواة, اليوم نستحضر ذكراك وكلنا توق إلى سماع كل خطبة من خطبك, إلى كل كلمة ممزوجة بالدر والجواهر التي كنت تنطق بها على منبرك العقيقي.
خطاباتك الممزوجة بألف لون من ألوان الورد والياسمين, كلماتك الرائعة كروعة الحياة الكردية البسيطة التي تعلمناها في مدرستك الغالية.
سيدي وشيخي يقولون في الوداع لقاء ودعناك العام المنصرم لنلتقي بك هذا العام, ونحتفل اليوم بحياتك الجديدة , جئنا اليوم وكلنا أمل للغد لنرى رؤياك التي تنبأت بها, ليتحول كل كردي إلى معشوق جديد في مدينة تكنى بالعشق, نعم العاصفة كانت قوية جارفة ولكننا مثل ذاك الجبل الذي لطالما أحببته جبل (باكوك ) الذي تصدى لكل المكائد التي حيكت ضدنا و هيهات أن تقتلع جذورنا هذه العاصفة , فالحياة لا تأخذها العواصف إنما الله هو الواهب , ولأن الروح بضع من الله سيستردها وقتما يشاء.
وكنت تقول لنا بكل وضوح “صراحة الأب لأبنائه وبناته”, لا يستطيع أحد أن يوقف مسيرة شعب في نيل مراده وحقوقه السليبة, أنت حمامة السلام الوحيدة التي جابت أوروبا ليجمع كلمة الأديان السماوية على أرض واحدة, أنت العشق الكردي الأصيل,وصوت الضمير الصارخ بك نتبارك وعلى نسمات أريجك الكردي أفقنا على حياة جديدة بروحك الطاهرة التي تغرد في سماء كردستان الأبية, أجل لقد تفاخرت فضاءات ووهاد كردستان بأنها لامست روحك العطرة, وطني الذي يتوق إلى الحرية بكل معانيها ومفاصلها وتشعباتها, هل أقول كما قال الشاعر الفلسطيني محمود درويش في زيارته الأخيرة لدمشق,”و لأن لفظة الحرية بمعناها الشخصي والعام، ما زالت مستعصية على العرب والعاربة والمستعربة… والإعراب!”, ولكنني أقول للشاعر محمود درويش : لا زال في العرب من يقدس الحرية ويناضل من أجلها من أمثال :(محمد الغانم)  الإنسان و صديق الشعب الكردي و(كمال اللبواني وأنور البني),وغيرهم من الشرفاء الغيورين على تراب سوريا, فلا تخشى يا شيخي إن هذه القيم والمبادىء والأفكار التي زرعتها و حملتها وبشرت بها ستبقى رمزاً وحياة يقتدي بها الشعب السوري بكرده وعربه, وستزهو قامشلو بذكراك العطرة وتتباهى بأنها أنجبت الخزنوي من رحمها ,حباتك التي زرعتها أنبتت آلاف السنابل وفي كل سنبلة مئة حبة وكما قلت يا شيخي أن الله يضاعف لمن يشاء , نساؤنا ولدن آلافاً من أمثال (فرهاد وجوان وكيفارا وفريدة)وعشرين ونيفاً من شهدائنا و هم سائرون على طريقك, طريق الكلمة الصادقة, طريق قول الحق طريق الشهادة والخلود,
أجل لقد حملت بيديك الطاهرتين رسالة المحبة والإنسانية وطرزت بأناملك النورانية أجمل آيات سحر البيان لمدينة تتوضأ بالحلم, بالعدل والمساواة , آن لك أن ترتاح يا قرة عيني وشيخي فكل الأكراد باتوا راشدين ومرشدين وهم تعلموا البيان والاستبيان منك, فكل الثورات بدأت بشيخ جليل مثلك .
————————-
* كاتبة كردية سورية
* القيت هذه الكلمة في حفل التأبين المقام بمناسبة الذكرى السنوية الأولى لاستشهاد الشيخ محمد معشوق الخزنوي

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

خليل مصطفى مِنْ أقوال الشيخ الدكتور أحمد عبده عوض (أُستاذ جامعي وداعية إسلامي): ( الطَّلَبُ يحتاجُ إلى طَالِب ، والطَّالِبُ يحتاجُ إلى إرادة قادرة على تحقيق حاجات كثيرة ). مقدمة: 1 ــ لا يختلف عاقلان على أن شعوب الأُمَّة السُّورية قد لاقت من حكام دولتهم (طيلة 70 عاماً الماضية) من مرارات الظلم والجور والتَّعسف والحرمان، ما لم تتلقاه شعوب أية…

أحمد خليف الشباب السوري اليوم يحمل على عاتقه مسؤولية بناء المستقبل، بعد أن أصبح الوطن على أعتاب مرحلة جديدة من التغيير والإصلاح. جيل الثورة، الذي واجه تحديات الحرب وتحمل أعباءها، ليس مجرد شاهد على الأحداث، بل هو شريك أساسي في صنع هذا المستقبل، سواء في السياسة أو في الاقتصاد. الحكومة الجديدة، التي تسعى جاهدة لفتح أبواب التغيير وإعادة بناء الوطن…

إبراهيم اليوسف إنَّ إشكالية العقل الأحادي تكمن في تجزئته للحقائق، وتعامله بانتقائية تخدم مصالحه الضيقة، متجاهلاً التعقيدات التي تصوغ واقع الشعوب. هذه الإشكالية تطفو على السطح بجلاء في الموقف من الكرد، حيث يُطلب من الكرد السوريين إدانة حزب العمال الكردستاني (ب ك ك) وكأنهم هم من جاؤوا به، أو أنهم هم من تبنوه بإجماع مطلق. الحقيقة أن “ب ك ك”…

شيروان شاهين سوريا، الدولة ذات ال 104 أعوام البلد الذي كان يومًا حلمًا للفكر العلماني والليبرالي، أصبح اليوم ملعبًا للمحتلين من كل حدب وصوب، من إيران إلى تركيا، مرورًا بكل تنظيم إرهابي يمكن أن يخطر على البال. فبشار الأسد، الذي صدع رؤوسنا بعروبته الزائفة، لم يكتفِ بتحويل بلاده إلى جسر عبور للنفوذ الإيراني، بل سلمها بكل طيبة خاطر…