في تداعيات رفع الدَّعم.. اتركوه.. مازال يتنفس

عمر كوجري

تقول القصة إن طفلاً اصطاد عصفوراً بعد جهد كبير..

ومن شدة فرحه كان يضغط بكلتا يديه على جسده الواهن، فقيل له: أنت هكذا تخنق العصفور، فرد الطفل المشاكس: ولكنه..

لكنه مازال يتنفس.

نعم فمواطننا السوري أصبحت حاله مثل حال العصفور المسكين، أي أنه لم يسلم الأمانة بعد لباريها إلى اللحظة..

ولكنه بالتأكيد في الطريق إلى ذلك بعد سلسلة قرارات وممارسات الفريق الاقتصادي في بلدنا من أجل خنق المواطن كلياً وإضعاف روح المقاومة عنده بمحاربته في لقمته، ولي عنقه..

بأي سبب، فمن المستفيد؟؟
الجواب عند الدرادرة من جهابذة الاقتصاد السوري الذين يريدون أن يلحقونا بركب صندوق النقد والبنك الدوليين اللذين تديرهما بصفاقة وحماقة واستعباد الولايات المتحدة وإسرائيل.
هذا الفكر «الدردري» يدري أو دون أن يدري يحاول أن يجعل المواطن السوري يتخلى عما تبقى من كرامته ومنعته الوطنية، وفي هذا الوقت العصيب الذي تمر به بلادنا سورية.
فالمواطن السوري اكتوى تماماً بنار الأسعار اللهابة، فهو ينام كل ليلة على كابوس رفع الأسعار، ويستيقظ صباحاً «وما إصباحه بأمثل من ليله على حد قول امرئ القيس» ليرى الأسعار محلقة من جديد، ولا يعرف المسكين ماذا يفعل في ظل هذه الأزمة الخانقة..

وراتبه بالكاد يكفيه لثلاثة أيام أو أربعة، بينما يبقى الأولاد وأمهم يطوون بطونهم ويعصبونها مرملين إلى آخر الشهر، يعمل الوالد مثل… لأكثر من ست عشرة ساعة ولا فائدة!!
لقد بدأ جرس الخوف الحقيقي يرن بصفاقة وعنجهية بعد أن وردت في الصحافة الرسمية أخبار يشم منها أن المازوت في طريقه إلى رفع الدعم عنه، فالعمل بالقسائم بدأ الآن..

وبإيعاز من وزارة الداخلية، وتم فرز المواطنين بهذا الخصوص.
ومعلوم أن مجرد رفع سعر المازوت سيجر معه ارتفاعات هائلة بكل المواد المتعلقة به..

ولن يأكل العلقة غير المواطن السوري الغلبان، حيث الرواتب المتراوحة في مكانها والتي حتى إن تحركت قليلاً فسيبتلعها «تسونامي»  الأسعار الجديدة التي ترتفع قبل رفع الدعم، وبعد أن تخلت «أمنا» الدولة عنا وانحازت لآخرين، لصالح حيتان المال والسماسرة والفاسدين والمتلاعبين بقوت الشعب وما أكثرهم!!
والجدير ذكره أن طيفاً واسعاً من الشعب السوري ليس موظفاً لدى الدولة أو يعمل في القطاع الخاص بأجر مهين..

فماذا عنه؟؟
والأنكى من كل هذا وذاك أن شريحة واسعة من مجتمعنا السوري لن تلحقه الفائدة من قسائم المازوت، لأنه لا يملك أية وثيقة يبرزها لمن يهمه الأمر، وهذه الشريحة يمثلها أجانب الحسكة المتزوجين من زوجات يملكن الهوية العربية السورية..

فهؤلاء لا يحق لهم الحصول على دفتر العائلة، وهم في خانة الحالة الاجتماعية في إخراج قيدهم عازبون رغم دزينة أولادهم، وأنا واحد من هؤلاء، وبطبيعة الحال أولادهم مكتومون، رغم أنهم وآباؤهم وأجدادهم سوريون..


نتساءل: ما مصير هذه النفوس الكبيرة التي ستنخر عظام أبنائها من البرد بلا مازوت؟؟

من ينصفهم؟؟ أهذا ما نحتاج إليه في وقت تتكاثر الحراب من كل حدب وصوب؟؟

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

اكرم حسين في خطوة جديدة أثارت استياءً واسعاً في اوساط السكان ، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي قراراً منسوباً لهيئة الاقتصاد التابعة “للإدارة الذاتية” برفع سعر ربطة الخبز من 1500 ليرة سورية إلى 2000 ليرة سورية ، وقد جاء هذا القرار، في وقت يعاني فيه اهالي المنطقة من تهديدات تركية ، وضغوط اقتصادية ، وارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة….

عبدالله ىكدو مصطلح ” الخط الأحمر” غالبا ما كان – ولا يزال – يستخدم للتعبير عن الحدود المرسومة، من لدن الحكومات القمعية لتحذير مواطنيها السياسيين والحقوقيين والإعلاميين، وغيرهم من المعارضين السلميين، مما تراها تمادياً في التقريع ضد استبدادها، الحالة السورية مثالا. وهنا نجد كثيرين، من النخب وغيرهم، يتّجهون صوب المجالات غير التصّادمية مع السلطات القمعية المتسلطة، كمجال الأدب والفن أو…

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…