بلا رقيب

مشعل التمو

أن اخطر ما تواجهه امة ما , هو أن ينصب البعض من نفسه وصيا على مصيرها متوهما بأنه يمسك بمفاصل القرار والمصير , سواء استخدم فرادته الشخصانية , أو بعض من تاريخ كان يوما ما ناصعا , ولعل التوهم هذا , ينبع من السكون العقلي المرافق للعطالة المجتمعية التي يستعاض عنها بدوائر حزبية باهتة كما القمم العربية , ويبدو أن البعض ومن شدة التصاقه بالاستبداد , يتقمص أدوارا غاية في البؤس السياسي , من حيث القرب من النظام , والابتعاد عن القضية التي يدعي وصايتها أو النطق باسمها وهو ما يندرج في إطار الملكي أكثر من الملك , أو ما اصطلح ماركسيا على تسميته ” بالتمثلية القومية “

 

ونحن كشعب كوردي نعاني كثيرا من كوابيس الشخصانية , البعيدة عن نبض الشارع وهمومه وهواجسه وتطلعاته , لدرجة أنها تبرئ الجلاد وتحمل الضحية وزر مقتلها , في منطق غريب ينحصر سعيه في تبرئة الذات ووقايتها , التي أوجدت بامتزاجها بالاستبداد ودوائر الرعب التي أوجدها , ثقافة عامة ولها مستويان , الأول : ثقافة تمجيد النظام الأمني الراهن , والثاني : ثقافة الأكل والتناسل .
أن منطق الوصاية في الحالة الكوردية , مختزل في حالات حزبية ضيقة , تنحصر باستمرار , وتبتعد عن طموح الشباب الكورد باطراد , واتساع المسافة بين العقل المستقيل  والإرادة الشبابية , عنوان لسقوط أو قرب انتهاء منطق الوصاية والشخصانية , ولعل انفصال الفعالية الكوردية عن الدائرة الحزبية , لهو دليل على الخط البياني الذي يزداد فيه الافتراق , بمعنى تتضاءل تأثير الشخصانية والحزبية , وهو التأثير الذي يفخر أصحابه , بأنه كان جزء مهم في الضبط والتحكم بالمجتمع الكوردي وفعالياته .
الحالة الحزبية الكوردية , تبدع في خيال أصيل , مباشر ومستقيم , ينتج طاقة منع وأوراق حماية , ناهيك عن إعادة إنتاج لذات الصورة السياحية في عدم القدرة على ملامسة الفعل الشبابي وقيادته بشكل خلاق ومنطقي , وليس المساهمة في ما يريده النظام من تصدير لهذه الفعالية وعبر مختلف وسائل الإسقاط والتهويل , وإذا كان اختلاف الظروف بين الأمس واليوم , من حيث الوعي والتجربة والهدف , يشكل ليس فقط حاجزا لإفشال خطط النظام , بل وإسقاطا لمنطق وسياسة التصدير من جهة , وسياسة النعامة الكوردية من جهة ثانية .
أن سوية الفعل المجتمعي لدى الشباب الكورد , طبيعية وضرورية , لمواجهة الصهر والتهجير والقتل على الهوية , والفعالية هذه تندرج في سياق ومنحى التغيير الديمقراطي المنشود في سوريا , حيث انتزاع الحق في الحرية , لا بد له من رافعة شبابية  والتغيير الديمقراطي لا بد له من حامل مجتمعي , يتبلور يوما بعد أخر , وعلى الضد من منطق بعض العروبيين المشبعين بالقوموية العابرة للقارات , والتي لا ترى في الفعل الكوردي سوى علم قومي رفع هنا وهناك , وبالتالي تنطلق في أحكامها من موقع السلطة نفسه , وهو ما يسوغ القتل على الهوية , أو بعض الكردويين , الذين يملكون أقداما كثيرة , جلها لدى النظام , وبعضها نظريا في الموقع النقيض , وهم حريصون دائما على تجزئة الفعل الأمني من جهة , وتوليد الصمت وتقبيل اليد الممسكة بالزناد من جهة ثانية , حتى انه تنطبق عليهم مقولة الفارابي ” كُل موجود في ذاته , فذاته له , وكُل موجود في آلة فذاته لغيره ” .
اعتقد بان ما نلمسه ونشارك في فعالياته , هو بداية النهاية للعقل المستقيل , وهو البناء الذي ستنتزع عبره الطاقة الشبابية الكوردية , حق الشعب الكوردي في الحرية  وسيكون رافدا للطاقة السورية ككل في تفعيل منحى التغيير الديمقراطي , وصولا إلى بناء دولة مدنية تعددية وتشاركية , تكون لكل أبنائها .
——
عن جريدة المستقبل  التي يصدرها تيار المستقبل الكوردي في سوريا – العدد 13- 2008م

 

لمتابعة مواد العدد انقر هنا  pesheroj_14

 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

اعتبر الزعيم الكوردي رئيس الحزب الديمقراطي الكوردستاني مسعود بارزاني، يوم الجمعة، أن الارضية باتت مهيأة لإجراء عملية سلام شامل في منطقة الشرق الأوسط للقضية الكوردية. جاء ذلك في كلمة ألقاها خلال انطلاق أعمال منتدى (السلام والأمن في الشرق الأوسط – MEPS 2024) في الجامعة الأمريكية في دهوك. وقال بارزاني، في كلمته إنه “في اقليم كوردستان، جرت الانتخابات رغم التوقعات التي…

اكرم حسين في خطوة جديدة أثارت استياءً واسعاً في اوساط السكان ، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي قراراً منسوباً لهيئة الاقتصاد التابعة “للإدارة الذاتية” برفع سعر ربطة الخبز من 1500 ليرة سورية إلى 2000 ليرة سورية ، وقد جاء هذا القرار، في وقت يعاني فيه اهالي المنطقة من تهديدات تركية ، وضغوط اقتصادية ، وارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة….

عبدالله ىكدو مصطلح ” الخط الأحمر” غالبا ما كان – ولا يزال – يستخدم للتعبير عن الحدود المرسومة، من لدن الحكومات القمعية لتحذير مواطنيها السياسيين والحقوقيين والإعلاميين، وغيرهم من المعارضين السلميين، مما تراها تمادياً في التقريع ضد استبدادها، الحالة السورية مثالا. وهنا نجد كثيرين، من النخب وغيرهم، يتّجهون صوب المجالات غير التصّادمية مع السلطات القمعية المتسلطة، كمجال الأدب والفن أو…

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…