هل من أداء أفضل للحركة الوطنية الكردية في سوريا

ديار أحمد

للمرة الثانية خلال أربع سنوات تستخدم الأجهزة الأمنية السورية النار ضد المواطنين العزل ، ففي 20 آذار وبينما كان المواطنون الأكراد يتهيأون للاحتفال بعيدهم القومي نوروز ، فقد ثلاثة من الشبان الأكراد حياتهم في مدينة القامشلي ، بينما كانوا يحتفلون حول حلقة نار في ذلك المساء الآذاري .
وبدلاً من تقبل التهاني بالعيد استقبلت صدورهم رصاصات أشخاص من المفترض أنهم يحمون أمن الوطن والمواطن، وجرح عدة أشخاص كانوا بعيدين عن مكان الحادث أو على شرفات منازلهم ، وهذا يدل على أن عملية إطلاق النار كانت متعمدة ، ويفند المزاعم التي تتحدث عن حدوث شغب تطور إلى إطلاق نار ليتبدل المشهد من فرح إلى حزن عم القامشلي الجريحة وسائر المناطق الكردية على امتداد الوطن وفي المهجر ، وكانت تلك الجريمة موضع إدانة واستنكار من جميع القوى المحبة للخير والمدافعة عن حقوق الإنسان في العالم .

لقد كانت رسالة الأجهزة الأمنية واضحة ..

توجيه ضربة للشعب الكردي واستكمال مخطط آذار 2004م ، وتعطيل احتفالات نوروز 2008م ، ووضع الحركة الكردية في موقف محرج ومرتبك ، وبالتالي بث اليأس في نفوس الكرد .
أن الطبيعة الاستبدادية للنظام في بلادنا وتعاطيه مع المسائل الداخلية من منطلق أمني بحت وإبقاء الأوضاع على ما هي عليه ، والاستمرار في قمع كل رأي حر ، وبث روح التفرقة والعنصرية ، ومحاولة حلق الفتن بين مكونات الشعب السوري وخاصة في منطقة الجزيرة ضارباً عرض الحائط مطالب الشعب الكردي المشروعة ، كل ذلك وغيره من السياسات ، تعرض وطننا لأشد المخاطر التي لا تحمد عقباها حتى وصل الأمر بالسلطة إلى عدم التحقيق العادل والعلني في الحوادث التي تكررت منذ انتفاضة آذار وتداعياتها ، وحتى أحداث نوروز 2008م ، حيث لازالت نتائج التحقيقات التي قامت بها السلطة حبيسة أدراج المسؤولين ولم يتم محاسبة مسببي تلك الجرائم ، ويأتي في السياق ذاته حادثة اختطاف شيخ الشهداء الشهيد محمد معشوق الخزنوي والتي فبركتها السلطة كعادتها وفق مقاييسها المعروفة ، وكذلك استشهاد أحد الشباب الأكراد في أواخر 2007م في القامشلي أثناء مظاهرة سلمية .
ومرة أخرى وضعت الحركة على المحك وفي موقف صعب لا تحسد عليه ، وإذا كانت الظروف الحساسة تدفع أطراف الحركة إلى الالتقاء والاتفاق ( وهذا شيء إيجابي ) فإن قراراتها تأتي متسرعة وتحت ضغط الحدث  وتأخذ طابع الارتجالية والغموض والتأويل ، فما معنى إلغاء احتفالات نوروز إذا كان البديل البقاء في المنازل والاكتفاء بالحداد .
وإذا كانت للحركة مبرراتها ومخاوفها ( على أهميتها ) فإن الرد على الجريمة التي ارتكبت في القامشلي لم يكن بالمستوى المطلوب ، كان من الممكن إلغاء الجانب الفني ومظاهر الفرح وتعويض ذلك بمهرجانات خطابية واحتجاجات سلمية تقودها الحركة ( وخاصة أثناء تشييع الشهداء ) والتنديد بالجريمة ومرتكبيها وتمجيد الشهادة ، والدعوة إلى تصعيد النضال ووحدة الصف الكردي في مواجهة الاستبداد والمشاريع الشوفينية … ومشاريع القتل وثقافة الإقصاء والكراهية ، مع التأكيد بأن الكرد الذين يعيشون على أرضهم التاريخية هم شركاء في هذا الوطن ، وان قضيتهم قضية وطنية وحلها  مسؤولية الجميع وخاصة القوى الحريصة على مصلحة البلاد .
ولا يفوتني هنا إلا التذكير بأن مشاركة الحركة في مسيرة التشييع كانت متواضعة ( وخاصة بعض الأطراف ) حيث لم تدعو الحركة الكردية جماهيرها للمشاركة في التشييع وكسر حاجز الخوف الذي تغذيه إشاعات الأجهزة الأمنية .
لقد كان حدث 20 آذار ( على بشاعته ) فرصة للحركة الكردية لاختبار قدراتها على تحريك وضبط الشارع الكردي المحتقن وتربيته وتوعيته على ممارسة الأساليب والفعاليات السلمية في النضال ، وجعل نوروز 2008م يوماً لتصعيد النضال ورفض الظلم .
إن الحركة الوطنية الكردية ورغم أخطائها وسلبياتها تبقى أمل الجماهير الكردية ، لأنها تعبر عن إرادة الشعب الكردي وهي مدعوة اليوم لتجاوز الخلافات الشكلية والانقسامات غير المبررة والبدء بمراجعة الذات ،بغية توحيد الحركة ، واستيعاب الشباب ، وطاقاتهم الفكرية الخلاقة, وإفساح المجال للكوادر الكفؤة والمثقفة للعب دورها في قيادة الحركة ، لأن عصر القيادات الأبدية والتاريخية قد ولى وحل محلها البديل التشاركي والنظام المؤسساتي ، وبالتالي استئناف الحوار من أجل الوصول إلى المرجعية الكردية على أسس ديمقراطية برؤية مشتركة اتفقت عليها الأطر الثلاث ، وطرحها للرأي العام للمناقشة كمشروع قابل للتعديل ، بعيداً عن روح الأنانية الحزبية والعقلية الفردية .

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

اكرم حسين في خطوة جديدة أثارت استياءً واسعاً في اوساط السكان ، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي قراراً منسوباً لهيئة الاقتصاد التابعة “للإدارة الذاتية” برفع سعر ربطة الخبز من 1500 ليرة سورية إلى 2000 ليرة سورية ، وقد جاء هذا القرار، في وقت يعاني فيه اهالي المنطقة من تهديدات تركية ، وضغوط اقتصادية ، وارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة….

عبدالله ىكدو مصطلح ” الخط الأحمر” غالبا ما كان – ولا يزال – يستخدم للتعبير عن الحدود المرسومة، من لدن الحكومات القمعية لتحذير مواطنيها السياسيين والحقوقيين والإعلاميين، وغيرهم من المعارضين السلميين، مما تراها تمادياً في التقريع ضد استبدادها، الحالة السورية مثالا. وهنا نجد كثيرين، من النخب وغيرهم، يتّجهون صوب المجالات غير التصّادمية مع السلطات القمعية المتسلطة، كمجال الأدب والفن أو…

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…