حلقـــــة أخــــرى مــن ســلسـلة حلقات التآمر على شعبنا الكردي

  افتتاحية صوت الأكراد *
عشية عيد نوروز هذا العام ، خرجت الجماهير الكردية كعادتها في كافة مناطقها، للتعبير عن فرحتها بعيدها القومي ( عيد نوروز ) المجيد ، الذي يحمل في طياته قيم إنسانية وأخلاقية تتمثل في التحرر والتسامح والمحبة والوئام ، وتبعث البهجة والسرور في نفوسها من خلال قيام الشباب والفتيات بعقد حلقات الدبكة حول شعلة ( نوروز) ، على أنغام الموسيقى الشجية والأغاني الحلوة التي تنطلق من حناجر هؤلاء الشبان والفتيات ، ولكن يبدو أن هذا المظهر الرائع لم يحل لغلاة العنصرين من قوات الأمن والشرطة التي سارعت باتجاه الحي الغربي من مدينة القامشلي لتفريق المحتفلين الذين لم يلحقوا الإساءة والضرر بأحد

باستخدام خراطيم المياه والغازات المسيلة للدموع وإطلاق الرصاص الحي وبطلقات متفجرة على هؤلاء الشباب مما أدى إلى استشهاد ثلاثة من الشباب الكرد ، وجرح أربعة آخرين بجروح مختلفة، ونحن نسأل ماذا فعل هؤلاء الشباب؟ وبماذا عبثوا؟ وبأي ذنب قتلوا محمد ومحمد ومحمد في يوم عيد مولد النبي محمد ( ص ) ، إنهم قتلوهم لأنهم كانوا يفرحون بعيدهم القومي ( عيد نوروز ) ليس إلا … كما نتساءل أهكذا يسترخص بسهولة دم المواطن في بلادنا وقتلهم بالرصاص الحي وبدم بارد؟ في الوقت الذي لا تطلق قوات الأمن الرصاص الحي على كلب مسعور في الدول المتحضرة والمتقدمة إنما يعاملونه بطلقة مخدرة بغية إلقاء القبض عليه وإيداعه في مكان آمن ، تقدم له أشهى وأحلى المأكولات ، لذلك نقول : إن كل ما في الأمر هو أن هؤلاء الشوفينيون قاموا بتنفيذ حلقة جديدة من سلسلة حلقات التآمر على شعبنا الكردي المسالم.

أن هذا العمل الوحشي أثار موجة من السخط والاستنكار لدى شعبنا الكردي ، وزاده احتقانا كما أثار الإدانة والشجب لدى العديد من القوى الوطنية والديمقراطية ، والقوى المحبة للحرية والسلام ، كونه كان عملاً إجرامياً واعتداءاً صارخاً على حرية المواطنين الكرد وحياتهم خلافاً للحقوق الدستورية والقانونية ، والحق ضرراً فادحاً بالوحدة الوطنية ، وإساءة بالغة بسمعة بلادنا ، لكن ما يثير الدهشة والاستغراب هو كيف أن السلطة اتخذت موقفاً لا مبالياً ولا مسؤولاً تجاه ما حدث بحق هؤلاء المواطنين ، وأن دل هذا على شئ إنما يدل على أن السلطة هي التي تتحمل مسؤولية هذه الجريمة النكراء والمدانة بجميع المقاييس الإنسانية.

لقد أثبتت الوقائع والأحداث التاريخية منذ أكثر من ربع قرن، أن شعبنا الكردي عندما بدأ بإحياء طقوس (عيد نوروز ) المجيد علنية في أحضان الطبيعة وبأعداد كبيرة تصل في بعض الأماكن إلى مئات الألوف، وأن حبال خيم عوائل المحتفلين كانت تتشابك بحيث تكون كل خيمة ملاصقة للخيمة الأخرى ، لم يسجل التاريخ وقوع أي اعتداء أو مشاجرة بين شخصين أو عائلتين من المحتفلين ، لكن استفزازات السلطات الأمنية للمحتفلين أحيانا كانت تقلق راحتهم ، ما عدا السنوات الأربعة الأخيـرة حيث كان الأمن والاستقرار وراحـة النفس يخيم على أجواء الاحتفالات عندما كانت السلطات الأمنية تراقـب المحتفلين عن بعد ، دون التدخل في شؤونهم ، باستثناء ما كان يحصل من سلبيات هنا وهناك تكاد لا تذكر .

أن شعبنا الكردي يمتلك وعياً كافياً ، ويدرك جيداً أن الوسط الشوفيني يحيك بحقه صنوف المؤامرات الدنيئة للنيل من نضاله المشروع ، ومن حقوقه القومية والديمقراطية، وذلك في محاولة منهم لجره إلى مزالق ، لتأليب الرأي العام السوري ضده، غير أن هذه الأعمال الوحشية التي يقوم بها غلاة العنصريون لا يمكن أن تثني من عزيمة شعبنا في مواصلة نضاله الوطني والقومي بل تزيده عزيمة وإصرار ، لان شعبنا الذي آمن بولائه لسوريا ، واعتبر نفسه جزءا من النسيج الوطني الاجتماعي السوري ، وبالتالي فان حركته الوطنية هي جزء من الحركة الوطنية العامة في البلاد ، وتحت هذه العناوين سيواصل شعبنا وحركته السياسية نضالها المشروع مع بقية القوى والأحزاب الوطنية السورية من أجل تحقيق حقوقه القومية والديمقراطية، ومن أجل تمتين وشائج الوحدة الوطنية التي نحن بأمس الحاجة إليها اليوم أكثر من أي وقت مضى، وذلك للتصدي للتحديات الداخلية والتي منها معالجة الوضع المعيشي المتردي في البلاد وضرورة تحسينه ، وحل مشكلة البطالة المتفاقمة ، ورفع حالات الطوارئ والأحكام العرفية التي تكبل التطور الاقتصادي والسياسي والاجتماعي، والإفراج عن كافة المعتقلين السياسيين ومعتقلي الرأي ومنهم معتقلي شعبنا الكردي، والدعوة إلى مصالحة وطنية شاملة لإقامة نظام ديمقراطي تعددي ينتفي في ظله كافة إشكال الاضطهاد القومي ، والتمييز العنصري ، والعمل على تحقيق المساواة التامة بين كافة المواطنين دون تمييز ، وإزالة كافة القوانين الاستثنائية والمشاريع العنصرية المطبقة بحق أبناء شعبنا الكردي ، ووضع حل ديمقراطي عادل للقضية الكردية ، والاعتراف الدستوري بوجود الشعب الكردي كقومية ثانية في البلاد.

أن شعبنا الكردي الذي لم يتخلف عن أداء واجبه الوطني ، وساهم بشكل فعال في تحقيق الاستقلال وحمايته لا يستحق كل هذا الظلم والإجحاف، لذلك ندعو السلطة إلى الكف عن هذه الممارسات الخطيرة حيال شعبنا الكردي الذي يشكل مكوناً أساسياً من مكونات المجتمع السوري ، ونطالبها بفتح تحقيق جدي ، علني وشفاف ، بالحدث الدامي الذي أودى بحياة ثلاثة مواطنين كرد وجرح أربعة آخرين في عشية عيد نوروز هذا العام في مدينة القامشلي، وذلك من خلال تشكيل لجنة مستقلة لكشف المسؤولين الذين أصدروا الأوامر بإطلاق الرصاص الحي، والذين نفذوا العملية الوحشية، وذلك حرصاً على إنصاف الشعب الكردي ، وحمايته من مختلف إشكال التآمر ، بعيدا عن المعالجة الأمنية ، كما ندعو كافة القوى والأحزاب الوطنية الديمقراطية والتقدمية ، للوقوف إلى جانب الشعب الكردي في محنته كي لا يكون فريسة لغلاة العنصرين والشوفينيين ، ويداً بيد من أجل بناء سوريا وتطويرها وازدهارها.

الخزي والعار للقتلة المجرمين …


وللشهداء جنات الخلد ، وللجرحى الشفاء العاجل ، ولذويهم الصبر والسلوان …


——–

* لسان حال اللجنة المركزية للحزب الديمقراطي الكردي في سوريا ( البارتي ) – العدد 401 آذار 2008م

لمتابعة صفحات العدد انقر هنا  denge_kurd401

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

شيروان شاهين تحوّل الصراع في سوريا، الذي بدأ منذ 14 سنة كحركة احتجاجات شعبية، من حالة صراع بين ميليشيات مسلحة وسلطة منهكة على مستوى أطراف المدن والأرياف إلى صراع طال شكل الدولة ككل. حيث أفرزت الحرب الأهلية واقعًا وعنوانًا جديدًا في 8 ديسمبر 2024: انهيار دولة البعث وإعلان دولة القاعدة. تميّز حكم البعث، الذي بدأه أمين الحافظ “السني”…

اكرم حسين   طرح الأستاذ عاكف حسن في مقاله هل ما زلنا بحاجة إلى الأحزاب السياسية؟ إشكالية عميقة حول جدوى الأحزاب السياسية اليوم، متسائلاً عمّا إذا كانت لا تزال ضرورة أم أنها تحولت إلى عبء ، ولا شك أن هذا التساؤل يعكس قلقاً مشروعًا حيال واقع حزبي مأزوم، خاصة في سياقنا الكردي السوري، حيث تتكاثر الأحزاب دون أن تنعكس…

صلاح عمر   ثمة وجوه تراها حولك لا تشبه نفسها، تبتسم بقدر ما تقترب من الضوء، وتتجهم حين تبتعد عنه. وجوهٌ لا تعرف لها ملامح ثابتة، تتشكل وفقًا لدرجة النفوذ الذي تقترب منه، وتتلون بلون الكرسي الذي تطمح أن تجلس بقربه. هؤلاء هم “المتسلقون”… لا يزرعون وردًا في القلوب، بل ينثرون شوك الطمع على دروب المصالح. لا تعرفهم في البدايات،…

أزاد فتحي خليل*   لم تكن الثورة السورية مجرّد احتجاج شعبي ضد استبداد عمره عقود، بل كانت انفجاراً سياسياً واجتماعياً لأمة ظلت مقموعة تحت قبضة حكم الفرد الواحد منذ ولادة الدولة الحديثة. فمنذ تأسيس الجمهورية السورية بعد الاستقلال عام 1946، سُلب القرار من يد الشعب وتحوّلت الدولة إلى حلبة صراع بين الانقلابات والنخب العسكرية، قبل أن يستقر الحكم بيد…