تعدد الزّوجات نقيضٌ للإنسانية

نارين عمر


السّبب الأوّل والأساسي في الاختلاف بين الأديان يكمنُ في إيمان البعض بوحدانية الله الواحد الذي لا شريكَ له وإيمان البعض الآخرو الأكيد على أبوته الروحانية والرّأي القائل بوحدانيته يؤكد بأنّ الشّراكة مع الله في القرابةِ والخلقِ كانت ستخلقُ اختلافاً كبيراً في نظام الكون والكائنات كافة.

ومعظمُ الشّراكات التي تحدثُ بين البشرِ وفي كافة مجالات الحياة تنتهي بالفشل والأسرةُ الواحدة لا تستمرّ علاقات الشّراكة بين أفرادها حيثُ يؤسّسُ كلّ منهم لنفسه كياناً خاصّاً به وشريعةُ الحبّ تنصّ على وحدانية المحبوب أو المحبوبة وإلا سيفقدُ هذا الحبّ أهمّ أركانه وأسسه وهو (الصّدقُ والوفاء).
فلماذا على المرأةِ وحدها أن تقبل مرغمةً الشّريك الثّاني وربّما الثّالث والرّابع وبحسب قانون المجتمع المجبول من رحم العادات والأفكار الضّيقة جدّاً المستندة بدورها استناداً واهناً وضعيفاً على قانون الدّين والشّريعة.
المرأةُ التي ترى نفسها سيّدة بيتها والمسؤولة المباشرة عن كلّ فردٍ من أفرادها تجدُ نفسها وبعد أن تهدر من عمرها أجمل سنواته وتهبه قرباناً للمحافظة على هدوء واستقرار الأسرة معنوياً ومادياُ ونفسياً واجتماعياً فاقدة السّيادة والكيان لتكون أشبه بدمية عتيقة بالية لا تصلحُ أن توضع حتى في زاوية متواضعة من متحفٍ متواضع.
تجدُ نفسها وجهاً لوجه أمام شريكةٍ أخرى قد لاتفوقها حسناً ورزانة وصدقاً.
كنّا نظنّ أنّ ظاهرة تعدّد الزّوجات ستختفي وتتقهقر بتطوّرالحياة والبشر وبنضج فكرهم ومدى ملامستهم للمشاعر الإنسانية الحقّة ولكن يبدو أنّ هناك شرخٌ واضحٌ بين الادّعاء بالتطور والاستفادة منه وبين تطبيقه عملياً على أرض الواقع أو استيعابه وفهمه بشكلٍ صحيح وسليم.
مسبّباتُ قرار الرّجل الزّواج بأخرى كثيرة ووفيرة وهي مبّررة له في أغلب الأوقات إمّا بإلقاء اللوم والعتاب على المرأة كونها مَنْ تخلقُ مثل هذه المسبّبات أو بإطلاق شعارات ومبادئ رنّانة مثل:
(لا يحقّ لأحدٍ أن يتدخل في خصوصيات غيره وما فعله هذا الرّجلُ يعدّ شأناً خاصّاً به ولو لم يكن مضطرّاً لما فعل ذلك).ومن جملة تلك المسبّبات عصيان الزّوجة أو عدم تمكنّها من إدارة شؤون البيت أو…؟؟ لأنّ هذا الرّجل المرهف الحسّ والرّقيق الشّعور والمتوهّج إنسانية لم تعد هذه الزّوجة قادرة على دغدغة حسّه وشعوره فلا بدّ له إلا البحث عن نصفه الآخر ليملأ لديه شواغر الحسّ والشّعور والإنسانية وكأنّ زوجته ليست من فصيلة البشر ولا تملكُ حسّاً ولا شعوراً ولا تحتاجُ هي كما يحتاجُ هو إلى كلمةٍ طيّبة وتعاملٍ إنسانيّ ونفسٍ راضية مرضية.
الزّواج الثّاني أيّاً كانت أسبابه دمارٌ لكيان الأسرة وتشتتٌ لأبنائها وأنانية مجحفة يستطيعُ الرّجل الاستغناء عنها إذا ما نظر للمسألة من ناحيةٍ إنسانيةٍ صرفة وإذا تأكد تماماً أنّه بفعلته يساهمُ في تحطّم نفوسٍ كانت تراه سابقاً السند والعون والوقار .

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…

اننا في الفيدرالية السورية لحقوق الانسان والمنظمات والهيئات المدافعة عن حقوق الإنسان في سورية، وبالمشاركة مع أطفال العالم وجميع المدافعين عن حقوق الطفل وحقوق المرأة وحقوق الانسان، نحيي احتفال العالم بالذكرى السنوية الثلاثين لاتفاقية حقوق الطفل، التي تؤكد على الحقوق الأساسية للطفل في كل مكان وزمان. وقد نالت هذه الاتفاقية التصديق عليها في معظم أنحاء العالم، بعد أن أقرتها الجمعية…

نظام مير محمدي* عادةً ما تواجه الأنظمة الديكتاتورية في مراحلها الأخيرة سلسلةً من الأزمات المعقدة والمتنوعة. هذه الأزمات، الناجمة عن عقود من القمع والفساد المنهجي وسوء الإدارة الاقتصادية والعزلة الدولية، تؤدي إلى تفاقم المشكلات بدلاً من حلها. وكل قرارٍ يتخذ لحل مشكلة ما يؤدي إلى نشوء أزمات جديدة أو يزيد من حدة الأزمات القائمة. وهكذا يغرق النظام في دائرة…