استجداء الحق خيرٌ من استجداء القيادة يــا بير رستم

ألند أوسو
يقول علماء النفس و الاجتماع إن الفضيلة وسط بين رذيلتين هما التهور و الجبن، و هذا ما ينطبق على إشكاليات كثيرة نمرّ بها في حياتنا اليومية و يكون لها القرار الحاسم في كثير من الأمور التي تعترضنا  أفرادا و جماعات و ليكون الإنسان فاضلا لا يجب أن يبرج نفسه للآخرين حتى يحافظ على موقعه لأن تلك الأفعال ستشوه صورته و تقلل من مصداقيته بين العامة ، فإذا راجع المرء سجل المبادئ الكبرى لوقف مذهولا أمام هذا الكم الهائل من التطاول و الخرق و النقض.

و لو أنه راجع وقائع الأحداث و وقع المبادئ على أرض الواقع و ترجمة ذلك في الأنفس و الآفاق لأخذه العجب من هول ما يرى و يسمع.

لقد سمعنا عن الأخ بير رستم الاحتياطي في اللجنة المركزية و عرفناه مؤيدا للوحدة بين طرفي البارتي قبل أن يقترب من القيادة بعد المؤتمر ، وهاهو الآن يبدأ بالتشكيك باللجنة الوطنية المحكمة لتوحيد طرفي البارتي و كيل الاتهام لهم، فيا أخ بير ما هكذا تورد الإبل.

فالأخ بير رستم يتهجم على مقابلة اللجنة المحكمة و رئيسها و التي شكلت و حدد أعضاؤها باقتراح من أصدقائه الجدد، و هو في مقالته الأخيرة يتهجم ويحاسب رئيس اللجنة لغويا و هو يعلم أن رئيس اللجنة ليس بكاتب أو شاعر يهتم بأصول اللغة و مفرداتها و قد آثر أن ينشر اللقاء كما صرح به فبذلك يكون اللقاء أكثر موضوعية و صدقا، فإذا كنت في شك بما قيل أو في شك بمن هم حولك أو من يحاول أن يسيّرك لأهوائه المبيتة ذلك لأن الأقوال و الآراء و النظريات تبقى معلقة بين الأمنيات العذاب و التغني المبهج و الحركة الواقعية المترجمة لها في الوجدان و في الخلق و في التقويم، فالمبادئ الكبرى يا بير سياسية كانت أم أخلاقية أو مثلا رائدة عليا أم مذاهب و أفكار؟! تبقى معلقة ما لم تختلط بالواقع بالواقع التطبيقي الذي هو حصيلة إرادة الإنسان الجاذبة نحو المبدأ و غرائزه و رغباته و ميوله الداخلية العميقة النابذة إلا لما يرضي العذب القريب المنال و المرضي من قيم الذات و الوصول و التقرب من هموم النفس الداخلية و خلجاتها و ضروراتها الذاتية المغرقة في الإرضائية و الوصولية و الهم الفردي و الجماعي المتصل بحاجة القطيع الأساسية و الدوافع الأولية الحافظة للحياة و المطورة لها و الباعثة على حماية غريزة البقاء و الامتداد و الاكتناز و الامتلاك و هو السائد و السابق لكل البهارج و الزينات و المباهج الظاهرة بامتلاك المعرفة و القيم ونبل الأخلاق و سمو المقاصد و نبل المبادئ الكبرى ليصدق المثل يا أخ بير ( من يفكر تفكير العظماء و يجنح إلى صوامع العابدين و يرقى إلى قيم القديسين و الشهداء، و من يفجر تلك القيم و يرقى بها على روح و راحة و يلقي بنفسه في عمق الردى و من يحصد ثمرة الأفكار الكبار في وصولية بائسة و ميكافيلية فاجرة) ليبق أولئك الكبار يا بير في صوامع معزولة و قيم فاضلة مكروبة و ينعم الآخرون بعباءاتهم الملفقة بكل إثم و فجور حاصدين ثمرة الأقلام و الأفهام و خلاصة المفاهيم و عصارة العقول الكبيرة، يستذكرني في رأيك عن اللجنة المحكمة كلمة للكاتب بسيسو حين يقول و هو يصور العقل العربي الإزاحي (لو أن صلاح الدين قد هزم في حطين لقلنا إنه خائن كردي و لكن بما أنه قد انتصر في حطين فهو قائد عربي) ذلك مثل الذين اغتروا بما يملكون و اغتر بهم البسطاء و السذج و عامة المريدين و المحيطين بالمبادئ الكبرى و المقدسين للقيم الخالدة و رموزها و قادتها و الداعين الأوائل إليها، ممن أفنوا زهرات يانعات من حياتهم و هم يبنون بأفعالهم و أقلامهم و كبريات مواقفهم تلك الصروح الخالدة ليأتي الحاطبون بالليل يا أخ بير و الناهبون للفكر و الآثمون الغارقون في خديعة أنفسهم و المتمرغون بشهواتهم متبجحين متصنعين ملتهين بما لم يؤمنوا به أصلا إلا بدواخل مريضة تعلو و تزمجر في دواخلهم و أعماقهم الخاوية فيحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده إلا ظلالا لذلك فعلى أولئك ممن ادّعوا كذبا وزورا و هم يرتعون في وخم وبيل كالدابة التي حبطت و انتفخت و تفسخت، فهناك الكثير ممن يزاودون بالبارزانية فكرا و قيما و سقط القناع تباعا من خلال براقعهم السوداء و سوف يسقط كل ما من شأنه أن يستر العورات ولو إلى حين و تظهر الحقيقة الساطعة فكرا و ممارسة أفعالا لا أقوال و إن غدا لناظره قريب فلا تستبق الحكم مادام الشاهد حي و موجود فلا تجعل من نفسك خنجرا مسموما بيد الغارقين في الوحل و أنت القريب البعيد من الحدث فلا يغرنك صوت الطبل من بعيد و اللجنة مستعدة لتوضيح و قول الحقيقة مرارا و تكرارا أمام كل الباحثين عن الحقيقة، واللجنة بكافة أعضائها مشهود لهم بالإخلاص و الوطنية فلا تدافع عن أخطاء غيرك و أنت الجديد على خط التماس و ورقة التوت الوحيدة التي بقيت على الشجرة فاحرص على التآخي و العدل و المساواة و الحقيقة و الفداء و اجعل مبادئ البارزانية في داخلك قوية و متينة كجبال كردستان و اجعل من الحوار البناء المنفذ الوحيد لوحدة الكلمة و الحقيقة الحية التي لا يستطيع أصحابك الجدد إخفاءها بالغربال.

 

الدرباسية 3/3/2008

 

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

مصطفى منيغ/تطوان باقة ورد مهداة من بساتين تطوان ، إلى عراقية كردية ملهمة كل فنان ، مُلحِّناً ما يطرب على نهج زرياب قلب كل مخلص لتخليص ما يترقب تخليصه من تطاول أي شيطان ، على أرض الخير العميم وزرع نَضِر على الدوام وجنس لطيف من أشرف حسان ، بنظرة حلال تداوى أرواحا من داء وحدة كل عاشق للحياة العائلية المتماسكة…

خالد حسو لم تُكتب الحقوق يومًا على أوراق الهبات، ولا وُزّعت بعدلٍ على موائد الأقوياء. الحقوقُ لا تُوهب، بل تُنتزع. تُنتزع بالصوت، بالكلمة، بالفعل، وبالإيمان الذي لا يلين. نحنُ الكُرد، أبناء الجبال والريح، لم نكن يومًا طارئين على هذه الأرض، ولا عابرين في ليلِ الخرائط. نحن الأصل، نحن الجذر، نحن الذين إذا تحدّثوا عن النكبات كان لحنُها لغتنا،…

صلاح عمر   في كل مرة تلوح فيها تباشير الأمل في أفق القضية الكردية في كردستانسوريا، تظهر إلى العلن أصوات مأزومة، تأبى إلا أن تُعيدنا إلى الوراء، أصوات لا تُتقن سوى صناعة الضجيج في وجه أي محاولة صادقة للمّ شمل البيت الكردي الممزق. الحقد، يا سادة، ليس موقفًا سياسيًا، بل مرض نفسي. الحقود هو إنسان معتقل من الداخل، سجين قفصه…

اكرم حسين في الوقت الذي تشهد فيه الساحة الكردية السورية جُهوداً متقدمةً لتوحيد الصفوف من خلال عقد “كونفراس ” كردي جامع يضم مختلف القوى السياسية والمنظمات المدنية والفعاليات المجتمعية، بالتوازي مع الاتفاق المبرم في العاشر من آذار بين قائد قوات سوريا الديمقراطية وحكومة أحمد الشرع الانتقالية، تفاجأ المواطنون في مناطق “الإدارة الذاتية” بقرارٍ غيرِ مدروس ، يقضي برفع…