الحياة السياسية في البلاد … إلى أين … ؟

افتتاحية جريدة اتحاد الشعب *

  أن الحياة السياسية تزداد انغلاقاً في بلادنا وتشهد تراجعاً سنة بعد سنة ، لكن كل العالم في تطور يوم بعد يوم … ؟
والسبب الرئيسي برأينا هو احتكار السياسة الرسمية من لدن الحزب الحاكم – البعث – وافتقار الساحة السياسية إلى الحريات الديمقراطية والتفاعل الحر بين الأواسط الفاعلة الحقيقية داخل البلاد.

ولذلك تبقى أجهزة التحكم بهذه السياسة تعمل وفق الأمزجة والأهواء، أو وفق مصالح الأفراد والفئات المتسلطة ، وعلى حساب المصالح الاجتماعية والمصلحة العليا للبلاد.

 

وما يزيد الوضع سواءً هو ازدياد أسلوب التزلف والتملق للنظام لدى العديد من الأطراف السياسية منها بهدف تعزيز مواقعها مثل أحزاب الجبهة، وأخرى تأمل تحقيق بعض مصالحها مستغلة الظروف الاستثنائية للحالة العامة في البلاد.

وغدا النقد أو الانتقاد للنظام أو لهذا الطرف أو ذاك كأنه معاداة أو هكذا يفسر– كشكل من أشكال القمع – بغية عدم ذكر الأخطاء وإخفاء الحقيقة عن الجماهير، وهذا الأسلوب هو أسلوب كلاسيكي متبع خلال المراحل السابقة ولا يبشر بتغيير جوهري يستحق الذكر .
إن مجرد الاعتقالات وتحت أية حجة أو ذريعة يعني الإبقاء على قانون الطوارئ ، وكذلك السياسة الشوفينية تجاه الشعب الكردي والإبقاء على القوانين الاستثنائية الجائرة وحتى دون أدنى تفكير بمعالجة سليمة للوضع الكردي ، ومظاهر الفساد المستشري وغلاء الأسعار الفاحش تدل على أن حملة مكافحة الفساد قد توقفت أو أنها لم تكن جدية من البداية ، كما أن الوساطة والسمسرة لا تزال قائمة على قدم وساق والمحسوبية في العمل والاستخدام لا تزال هي الماثلة لا سواها ، والروتين القاتل والتعقيدات المستعصية للمعاملات في الدوائر والمؤسسات والشركات هي السائدة لا غيرها ، كل هذه الأمور على سبيل المثال تدل بوضوح على أن لا تغيير يلبي إرادة وطموح الجماهير للإبقاء على القديم البالي ، ودون معالجة الحالة السياسية في البلاد بحجة أن بلدنا من دول المواجهة مع إسرائيل وأن هناك أخطار خارجية تهددنا ، تلك هي ذريعة ليس إلا ، لأن العكس هو الصحيح، حينما يشعر بلد بخطر خارجي فما عليه إلا أن يحقق التفاهم والوئام بين أبنائه أولاً ويعالج أوضاعهم ويحل مشاكلهم ليكونوا يداً واحدة في التصدي لأي خطر خارجي أو أية عرقلة داخلية لتطوره وتقدمه ، وبذلك يمكن زج كل الطاقات والإمكانات في خدمة البلد والدفاع عنه.
  أن المرحلة بكل معطياتها وحيثياتها تقتضي التفاعل الوطني وتوجيه النقد ورفض الممارسات الضارة والتصدي لها بجدية وحزم على أساس من نكران الذات والمصالح الأنانية أو المكاسب الحزبية الضيقة، ووضع النقاط على الحروف وتحديد المسؤولية والجهة المسؤولة عنها ، وطلب محاسبتها بكل جرأة .

كما أن فضح السياسات والممارسات الشوفينية على أوسع مجال هي مهمة كل القوى الوطنية وكل الأوساط الخيرة، لأن السياسات والممارسات تلك لا تخدم مصالح البلاد وتقدمها ولا تساهم في خلق أرضية التفاهم والوفاق الوطني بين أبناء المجتمع الواحد بل العكس تسيء إلى كل ذلك بوضوح .
  إننا ندعو الأوساط المسيطرة على القرار السياسي في البلاد إلى الامتثال لما جاء في خطاب القسم وترجمته عملياً وإعطاء الأهمية للرأي الآخر ورفع السياسات والتدابير الجائرة التي تحول دون التلاحم الوطني وتحد من تقدم البلاد وتطورها .
* صحيفة شهرية يصدرها الاعلام المركزي لحزب الاتحاد الشعبي الكردي في سوريا – العدد 354 كانون الأول 2007م
لقراءة مواد العدد انقر هنا  hevgirtin_354

 

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

عنايت ديكو سوريا وطن محكوم بالشروط لا بالأحلام. سوريا لن تبقى كما يريدها العرب في الوحدة والحرية والاشتراكية وحتى هذا النموذج من الإسلاموية، ولن تصبح دولة كما يحلم بها الكورد، من تحريرٍ وتوحيد للكورد وكوردستان. هذا ليس موقفاً عدمياً، بل قراءة موضوعية في ميزان القوى، ومصارحة مؤلمة للذات الجماعية السورية. فمنذ اندلاع شرارة النزاع السوري، دخلت البلاد في مرحلة إعادة…

محمود برو حين يتحدث البعض عن كوردستان على أنها أربعة أجزاء، ثم يغضون الطرف عن وجود كوردستان الغربية، ويحاولون النقص من حقوق شعبها تحت ذرائع مبرمجة ومرضية للمحتلين ،فهم لا ينكرون الجغرافيا فقط، بل يقصون نضالاً حقيقياً ووجوداً تاريخيا و سياسياً للكورد على أرضهم. إنهم يناقضون انفسهم ويدفعون شعبهم إلى متاهات صعبة الخروج كل ذلك بسبب سيطرة الادلجة السياسية…

حوران حم واقع يصرخ بالفوضى في مشهد يعكس عمق الأزمة البنيوية التي تعيشها الحركة الكوردية في سوريا، تتوالى المبادرات التي تُعلن عن تشكيل وفود تفاوضية موسعة، تضم عشرات الأحزاب والتنظيمات، تحت مسمى التمثيل القومي. غير أن هذا التضخم في عدد المكونات لا يعكس بالضرورة تعددية سياسية صحية، بل يكشف عن حالة من التشتت والعجز عن إنتاج رؤية موحدة وفاعلة….

مصطفى منيغ/تطوان باقة ورد مهداة من بساتين تطوان ، إلى عراقية كردية ملهمة كل فنان ، مُلحِّناً ما يطرب على نهج زرياب قلب كل مخلص لتخليص ما يترقب تخليصه من تطاول أي شيطان ، على أرض الخير العميم وزرع نَضِر على الدوام وجنس لطيف من أشرف حسان ، بنظرة حلال تداوى أرواحا من داء وحدة كل عاشق للحياة العائلية المتماسكة…