فقيه الورد


بقلم: أحمد حيدر

متلبسا بالجرم المشهود ، ضبطنا كميات هائلة من الورد في غرفتك المسقوفة بالورد ، غرفتك المعلقة في مدائح الآلهة كحدائق بابل !
اعترف ، ولا تحاول أن تخفي عنا دموعها المسيلة فوق زهو عمامتك المطرزة بالتويج اعترف ، ولا داع  للتردد ، من أين جئت بكل هذا الورد ؟ الورد في كل مكان ، في الباحة فوق سطح البيت  ، في الممرات ، في خزانة ثيابك ، في جيبك ، و على المشجب  ……!

ساعاتك تشير إلى الورد في كل الأوقات ، مواعيدك ورد ، تحيتك ورد ، و عناقك ورد في حقيبتك الدبلوماسية ورد ، وبين أوراقك الخصوصية ورد ، ومذكراتك ورد 
فوق الطاولة ورد ، محبرتك ورد ، سجادة الصلاة ورد ، وصلاتك ورد عاداتك ورد ، هتافك ورد !؟
رأيناك تذرف الورد على روح الشهيد فرهاد صبري ، في الذكرى السنوية الأولى لاستشهاده
حتى فاض الورد في مقبرة الشهداء ! ورأيناك أيضا تهدي الورد للأحبة الموزعين في العواصم  البعيدة ، تداري منافيهم بالورد ،  وكيف اغرورقت عيون الخائبين في قامشلو  بالدموع، وأنت   ترميهم بالورد عبر الفضائيات  !!؟
سريرك مفخخ بالورد ورنين هاتفك الجوال ورد ، والمكالمة الأخيرة التي تلقيتها كانت من ورد مجهول !!
اعترف ، يردد الجلاد ، ويهوي بفؤوس الحقد على شجر الورد الطالع من حيطان الزنزانة
المنفردة ، وهي تمد أغصانها – بعناد – بين القضبان ، تستطلع حنين البراعم !!؟
اعترف ، أنت متورط بالورد ، تشهد الحقول التي تتربص بك وتشهد الطيور التي تحوم في ظلك !
أتذكر ، كنت تعانق الشمال ، والورد يتساقط منك ، عندما يعود من رحلة طويلة ، ولا تهدأ
إذا ماتأخر في النوم حلما  تتلو ماتيسر لك من الورد ، وتدعو له بالورد ! نادرا ماكنت تتركه ، ترافقه في مشاويره السرية ، وفي سهراته الخاصة
أجهشت بالورد ذات ربيع ، عندما عاد الشمال من سفر طارئ مضرجا بالخيبة ، يتلوى من طعنات غادرة ، أجهشت بالورد طويلا ، وزملته بعباءتك ، وسهرت قرب رأسه حتى الصباح تنزع الشوك من رجليه ، وتداوي جراحه بالورد ، وتعد له  كأس( الزهورات ) أتذكر ، كيف استرخى في حنانك الدافئ وأنت تقرأ له الورد ، وتتبادلان بحذر شديد، همسات عذبة !!؟
اعترف ، يردد الجلاد وهو يشهر حقده الدفين ، و يدوس بجزمته على الوردالذي يطلع بغزارة في الزنزانة حتى طفحت الزنزانة المنفردة بالورد ،طفح السجن كله ،طفح البلاد  !!؟

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف منذ سقوط النظام المجرم في 8 كانون الأول 2024 وتحول السلطة إلى السيد أحمد الشرع، بات السوريون، سواء أكان ذلك في العاصمة دمشق أو المدن الكبرى والصغرى، يتطلعون إلى مرحلة جديدة يتخلصون فيها من الظلم والاستبداد. حيث سنوات طويلة من مكابدات المعذبين في سجون الطاغية الأسد وأبيه كانت كفيلة بتدمير أرواح مئات الآلاف. بعض السجناء أمضوا…

شكري بكر هذا الموضوع مطروح للمناقشة قد يؤدي بنا للوصول إلى إقامة نظام يختلف عما سبقونا من سلاطين وحكام وممالك وما نحن عليه الآن حيث التشتت والإنقسام وتبعثر الجهود الفكرية والسياسية والإقتصادية والعمل نحو إقامة مجتمع خال من كل أشكال الصراع وإلغاء العسكرة أرضا وفضاءا التي تهدر 80% من الإقتصاد العالمي ، إن تغلبنا على هذا التسلح يمكن…

إياد أبو شقرا عودة إلى الموضوع السوري، لا بد من القول، إن قلة منا كانت تتوقّع قبل شهر ما نحن فيه اليوم. إذ إن طيّ صفحة 54 سنة خلال أقل من أسبوعين إنجازٌ ضخم بكل ما في الكلمة من معنى. سهولة إسقاط نظام الأسد، وسرعة تداعيه، أدهشتا حتماً حتى أكثر المتفائلين بالتغيير المرجوّ. إلا أنني أزعم، بعدما تولّت قيادة العمليات…

طارق الحميد منذ فرار بشار الأسد، في 8 ديسمبر (كانون الأول)، إلى روسيا، وهناك سيل من النقد والمطالبات للحكام الجدد، وتحديداً أحمد الشرع. والقصة ليست بجدوى ذلك من عدمه، بل إن جل تلك الانتقادات لا تستند إلى حقائق. وسأناقش بعضاً منها هنا، وهي «غيض من فيض». مثلاً، كان يقال إن لا حل عسكرياً بسوريا، بينما سقط الأسد في 12 يوماً…