بين ميشيل كيلو وابراهيم اليوسف

سيامند إبراهيم

عقب أحداث 12آذار طفت على الساحة السياسية الكثير من الأقلام العربية في سورية وخارجها  تتناول تحليل هذه الحوادث تمحيصاً ونقداً مدفوعين بشتى المناحي, فمنها الارتزاقية كحالة نبيه البرجي, منذر الموصلي, ادوار حشوة, سليم عبود, وغيرهم منطلقين من توجهات عروبية ممزوجة بالماركسية العروبية وما أكثرهم من يتبؤون مراكز مهمة في أحزاب الجبهة الوطنية التقدمية
لكن ثمة من خرج من مؤسسات هذه الأحزاب مشكليين قوى جديدة, أخذت تنمو رويداً رويداً وتتفرد بصوتها المعارض لكل ما يجري من قوى القمع التي تبحث عن كل صوت يعلن عن قناعاته وأفكاره اتجاه  الإفلاس السياسي الفكري والثقافي في هذا الوطن من التخريب الذي جاري هلى مختلف الصعد بحق كل شيء تجري مسارتها المنخورة وهي آخذة في الانهيار التدريجي لكل ما هو بني على أحادية الرؤية البعثية في كل شيء بامتياز.
وميشيل كيلو هو واحد من هؤلاء الذين رسموا لأفكار جديدة, ولرؤى جديدة بعيدة عن (الفيصلية العروبية), و(البكداشية المستكردة الموروثة عائلياً) وحلفاء البعث في كل شيء؟!
في الحقيقة إن اسم  الكاتب المعارض ميشال كيلو, ليس بعيداً عن ذاكرتي الثقافية,  فكنت أتابع ما يكتبه في جريدة النهار وغيرها, وعرفته أنه كان شيوعياً قديماً وهو من اللاذقية, وميشيل هذا الكاتب والمعارض الصلب كان قد اتخذ موقفاً سلبياً ن القضية الكردية واتهم الأكراد بشتى التهم والعمالة وهي الاسطوانة المشروخة المعتمدة لدى السياسيين والقومويين العرب في النيل من المعارض الآخر, وهي الصفة الموسومة التي يوسمون الأكراد فيها عند قيام أي نشاط سلمي أو اعتصامات في القامشلي أو في دمشق, وقد انبرى الكثيرين في الرد عليهم مثل إبراهيم اليوسف, وأنا في عدة مواقع انترنيتية كردية وعربية وبعدئذٍ تغيرت مواقفهم واخفت حدة عداوتهم للقضية الكردية في كردستان وسورية, وأذكر أن أحد الشيوعيين الفلهويين واسمه (كمال خلف الطويل) بعث برسالة إلى ميشال كيلو يؤنبه على التقائه  والشخصيات الكردية, وموقفه المؤيد للأكراد وما قاموا به في أحداث 12 آذار من فوضى في سورية, ولم يرد عيه الأستاذ ميشيل.
مرت الأيام والتقيت الأستاذ ميشيل كيلو في مقهى الروضة في دمشق, وتعرفت عليه أكثر- وبالفعل رحب الأستاذ وعرفته على نفسي وتكلمنا في مواضيع شتى واستغربت كلامه الجميل عن القضية الكردية في سورية, و وسألني عن الوضع الثقافي الكردي و أجبته على أننا نقيم الندوات الثقافية بشكل سري, ولا يسمح لنا بالقيام بأي نشاط ثقافي كردي, وقال إنني أعرف أن آلة القمع لا تسمح لأي صوت بالتحرك في سورية باستثناء صوته, وتشعب الحديث, وعندما ذكرته بموقفه من الكلام الذي هدد به إبراهيم اليوسف, لم يتغير أي شيء في ملامح وجهه, وبدأ بالثناء على إبراهيم اليوسف, وعلى كتاباته الملتزمة ونشاطه الثقافي في القامشلي ولأن له شعبية على المستوى السوري وهو عضو اتحاد الصحافيين السوريين, فاستغربت لموقفه هذا ولم أحب أن أنبش الماضي, وأفتح الدفاتر القديمة, ثم تعرفت على مسيرته النضالية وحياته الشخصية والعائلية من خلال المقابلة التي أجراها الروائي نبيل خليفة لقناة (كردسات) التي تبث محطتها في السليمانية, وهنا بدأ الحديث عن والده المعجب بستالين, وحبه للفقراء والمظلومين, وحبه لتعليم أبنائه ونيلهم المراتب العليا وتكلم عن مسيرته الطويلة في السياسة والنضال و الأدب وغيرها من المواضيع المختلفة, فأعجبت أكثر به وموقفه المسئول والجرأة التي يتسم بها, لكن ما حز في قلبي هو هذا التهم الجاهزة الرخيصة بحق أي معتقل رأي, واستمرار هذا المسلسل المكسيكي الطويل من الاعتقالات في سورية.
——————–
·        رئيس تحرير مجلة آسو الثقافية الكردية الممنوعة في سورية.
·        عضو نقابة الصحافيين في كردستان العراق.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

اعتبر الزعيم الكوردي رئيس الحزب الديمقراطي الكوردستاني مسعود بارزاني، يوم الجمعة، أن الارضية باتت مهيأة لإجراء عملية سلام شامل في منطقة الشرق الأوسط للقضية الكوردية. جاء ذلك في كلمة ألقاها خلال انطلاق أعمال منتدى (السلام والأمن في الشرق الأوسط – MEPS 2024) في الجامعة الأمريكية في دهوك. وقال بارزاني، في كلمته إنه “في اقليم كوردستان، جرت الانتخابات رغم التوقعات التي…

اكرم حسين في خطوة جديدة أثارت استياءً واسعاً في اوساط السكان ، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي قراراً منسوباً لهيئة الاقتصاد التابعة “للإدارة الذاتية” برفع سعر ربطة الخبز من 1500 ليرة سورية إلى 2000 ليرة سورية ، وقد جاء هذا القرار، في وقت يعاني فيه اهالي المنطقة من تهديدات تركية ، وضغوط اقتصادية ، وارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة….

عبدالله ىكدو مصطلح ” الخط الأحمر” غالبا ما كان – ولا يزال – يستخدم للتعبير عن الحدود المرسومة، من لدن الحكومات القمعية لتحذير مواطنيها السياسيين والحقوقيين والإعلاميين، وغيرهم من المعارضين السلميين، مما تراها تمادياً في التقريع ضد استبدادها، الحالة السورية مثالا. وهنا نجد كثيرين، من النخب وغيرهم، يتّجهون صوب المجالات غير التصّادمية مع السلطات القمعية المتسلطة، كمجال الأدب والفن أو…

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…