ثقافة العالم المتخلف

محمد أبو سالار

المثقف: هو الإنسان الواعي المتحضر الغير انفعالي الذي يتقبل النقد لنفسه و لعائلته و لعشيرته و لحزبه و لرئيسه….

بصدر واسع ولا يعتبره هجوما عليه, أو مسا بمشاعره وبمشاعر الآخرين,
جريْ وشجاع في الدفاع عن آرائه, والاعتراف بأخطائه على المنابر بكل وضوح وشفافية, لا يتهم أحدا بالجهل وعدم المعرفة إذا عبر عن رأيه, كما لا يعتبره تشويها للحقائق, يعبر عن رأيه دون الهجوم على أحد,

فهو يعلم علم اليقين, بأن الحقيقة نسبية مهما بدا للإنسان, لذلك يشجع مبدأ النقد والنقد الذاتي للوصول إلى الأفضل,  يحترم الناقد الذي يبين نقاط الضعف والقوة في الموضوع, ويعترف بكامل الحقوق الإنسانية والسياسية والقومية للآخرين, سواءً كانوا أشخاصا أم أقواما أم شعوبا, ومستعد للتضحية دفاعا عن آرائه.
أما ثقافة العالم المتخلف: فهي ثقافة السلطة الحاكمة, التي لا ترفض الآراء المخالفة فحسب بل تقمع أصحابها دون شفقة! متهما إياها بالعمالة, أو بالتحالف مع القوى الخارجية, أو زعزعة استقرار البلد, أو إثارة النعرات الطائفية ……!
عالم يسيطر فيها القوي على الضعيف, الكبير على الصغير, الغني على الفقير, الرجل على المرأة, عالم مجرد من القوانين و الدساتير المحمية, شعارها خرّس..

اضرب..

اسجن.!
ونحن كقوى سياسية ومثقفون يبدو أننا لم نستطع أن نتحرر من هذه الثقافة, فسرعان ما نتهم الآخر بالجهل وتشويه الحقائق ومس الشعور, وما نزال نفتقد إلى القدرة والجرأة على الاعتراف بالأخطاء, كما نرفض الرأي الآخر, وعدم قبول النقد بشكل علني, ونعتبره خط أحمر يستوجب المحاسبة, (ضمن الحزب) لذلك نعيش في حالة يرثى لها.
نعيش في هذا العالم المتخلف, مضطهدا, جائعا, حائرا, عاجزا, محروما من جميع الحقوق (السياسية, الثقافية, القومية, وحتى الإنسانية) كما أن هذه الثقافة جزأتنا وقسمتنا وجعلتنا نفكر في الانقسامات والخلافات بدلا من العمل والتلاقي,
ثقافة تجعل التمسك بكرسي الخلافة أكثر من القضية.


انقسم الاتحاد السوفيتي, انهار برج التجارة العالمي, تغيرت مفاهيم العالم وسياسات الدول, وبقينا كما نحن, وكأننا خارج هذا العالم, أليس هذا هو التخلف بعينه؟      
وكلي أمل, أن يبدأ المثقفون بالنقد البناء, وعرض آرائهم للتخلص من هذا التخلف, مع كشف نقاط الضعف والقوة لدى الأحزاب الكردية, ليخرجهم من هذه الحالة, كي يكونوا مثقفين متحدين مناضلين, محاورين قوى المعارضة برأيٍ واحد, طالبين منهم الاعتراف الكامل بالحقوق القومية, بما فيها حق تقرير المصير, دون خجل أو خوف, فالمعارضة التي لا تعترف بحق تقرير المصير لشعب ما, لا يثق ذاك الشعب بها.
 بالإتحاد نقوى, , ونكسب قوة الجماهير التي لا تتزعزع, كما يقول الشاعر أبو قاسم الشابي
إذا الشعب يوما أراد الحياة  * * *  فلا بد أن يستجيب القدر
 و بها تستقيم المعارضة, وتنزع الحقوق.
 وفي الختام أشكر السيد إبراهيم يوسف محمد, بخصوص توضيحه لتعريف النقد للمقالة (الناقد الذي يبحث عن الهفوات) للقراء, فعلا استخرجت التعريف من الرابط المذكور في مقالته, فالتعريف كان مجهولا, بدون اسم كما أني نسيت أن أكتب كلمة (تقديم) أو اسم الرابط للقراء وهذا خطأ مني فعلا, وأعتذر للقراء الكرام, متمنيا منهم قبول اعتذاري,  
لم أنسب يوما ما شيء لنفسي وهو لغيري وإن حدث خطأ لم أتردد لحظة واحدة في الاعتراف به وها أنا أعترف بهذا الخطأ الغير المقصود طبعا,
كما أريد أن أقول لسيد ابراهم يوسف لم أتهم السيد سلمان بارودو بشيء لم يكتبه كما تظن, أعرف السيد سلمان مثلك وربما أكثر منك وهو غني عن التعريف,
 فبخصوص (أيرى السيد سلمان بأن مبدأ النقد الذاتي من الغرائب) فهو يعلم لماذا وجهت إليه,
كما أني لم أتهم السيد سلمان بالتطرف والعنف والإرهاب, كلامي واضح وبإمكانك الرجوع إلى المقالة,   

كما أنك أخطأت في استنتاجك يا سيد إبراهيم بقولك (يبدو هناك حقد واضح من قبله اتجاه الكاتب سلمان بارودو) فالواقع عكس ذلك تماما, بيننا صداقة ومحبة, خبز وملح, وبإمكانك التأكد منه شخصيا, وأكن له الاحترام والتقدير, كل ما هناك نقدنا بعضنا البعض بكل شفافية وبصدر واسع خالي من أي حقد كما تظن.

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

فرحان مرعي هل القضية الكردية قضية إنسانية عاطفية أم قضية سياسية؟ بعد أن (تنورز) العالم في نوروز هذا َالعام ٢٠٢٥م والذي كان بحقّ عاماً كردياً بامتياز. جميل أن نورد هنا أن نوروز قد أضيف إلى قائمة التراث الإنساني من قبل منظمة اليونسكو عام ٢٠١٠- مما يوحي تسويقه سياحياً – عالمياً فأصبح العالم يتكلم كوردي، كما أصبح الكرد ظاهرة عالمية وموضوع…

شيركوه كنعان عكيد تتميز سوريا كما يعرف الجميع بتنوعها القومي والديني وكذلك الطائفي، هذا التنوع الذي استطاعت السلطة البائدة أن تبقيه تحت السيطرة والتحكم لعقود طويلة في ظل سياسة طائفية غير معلنة، ورغم أن علاقة الدين بالدولة بقيت متشابكة، إلا أنها لم تصل إلى حد هيمنة العقلية الدينية أو الطائفية على مؤسسات الدولة بصورة صريحة. أدى ذلك الوضع تدريجيًا إلى…

علي جزيري نشرت جريدة قاسيون، في الخميس المصادف في 17 نيسان 2025 مقالاً تحت عنوان: “لماذا نحن ضد الفيدرالية؟” انتهج القائمون عليها سياسة الكيل بمكيالين البائسة بغية تسويق حجتهم تلك، فراحوا يبرّرون تارة الفيدرالية في بلدان تحت زعم اتساع مساحتها، ويستثنون سوريا لصغر مساحتها…! وتارة أخرى يدّعون أن سويسرا ذات (أنموذج تركيبي)، يليق بها ثوب الفيدرالية، أما سوريا فلا تناسبها…

صلاح عمر منذ أن خُطّت أولى مبادئ القانون الدولي بعد الحرب العالمية الثانية، ترسخ في الوعي الإنساني أن الشعوب لا تُقاس بعددها ولا بحدودها، بل بكرامتها وحقها في تقرير مصيرها. ومنذ ذلك الحين، أُقرّ أن لكل شعب الحق في أن يختار شكله السياسي، وأن ينظّم حياته وفق هويته وتاريخه وثقافته. هذا المبدأ لم يُولد من رحم القوة، بل من عمق…