لا تلعبوا بالنار .. ما في أحسن من هيك حال

صوت الأكراد *

هناك جدل واسع تثيره فئة قليلة من أبناء شعبنا خاصة بين المهنيين والميسورين منهم (نقول الميسورين نسبة للوضع الكردي) أما بالنسبة للوضع العام فهم بالكاد يعيشون حياة تتوفر فيها الشروط الأساسية للعيش ، هذا الجدل تدور حول قضية جوهرية تتعلق بموقف بعض فصائل الحركة الكردية من بعض القضايا المصيرية ، ومنها الموقف من السلطة ، ولسان حال هذه المجموعة يقول نعم إن الوضع غير مقبول بسبب الممارسات الشوفينية ، ولكن أيضاً هناك تغاضي من السلطة عن الكثير من القضايا ، وإن اتخاذ بعض المواقف والتي تعتبر متطرفة بالنسبة لها قد يثير حفيظة الأوساط الشوفينية في السلطة ، ويزيد بالتالي ضغوطها على الشعب الكردي عبر المزيد من الإجراءات الشوفينية وهم يرددون لا مانع من توجيه أي انتقادات مهما كان نوعها إلى البرلمان والحكومة ، ولكن يجب تحييد السلطة السياسية في البلاد لمحاولة كسبها ، ولسان حالهم يقول : (يا جماعة استرونا).

 

إننا في البداية لا نشك بوطنية أي مواطن كردي أو فئة معينة ، أو شريحة ما ، بأنها تريد الخير كل الخير لأبناء شعبها ووطنها ، وتريد أن يتمتع شعبنا الكردي  بكافة حقوقه القومية المشروعة ، ولكن وجهات النظر، وأساليب العمل ، ومفهوم التحليل السياسي المعتمد على الوقائع والمعطيات وحجم المعاناة يختلف من فئة إلى أخرى ، كما يجب الإقرار بأن السلطة المحلية في المناطق الكردية ، والأجهزة الأمنية بمختلف أسمائها وتسمياتها قد نجحت في نسج علاقات واسعة مع فئات معينة من المجتمع الكردي خاصة بعض الميسورين ، وفي هذه العلاقات لا نتهم أبناء شعبنا بالعمالة بتاتاً ، ولكن هذه العلاقات تأخذ في مجملها طابع الصداقة الشخصية ، أو المعرفة ، أو حتى الشراكة الاقتصادية ، لذلك فإن هذه الفئة وبحكم تلك العلاقات البريئة تخضع لتأثيرات تلك العلاقة البريئة من حيث المواقف والتحليل السياسي من جهة ، وتحصل لديها إحراجات شديدة حينما تصدر مواقف من الحركة أو بعض أطرافها تتضمن انتقادات أو مواقف تجاه السلطة السياسية حتى وإن كانت تلك القرارات واقعية حينما تلتقي بمعارفها وأصدقائها من أوساط السلطة ، ولكن ولكي نظهر الحالة التي يعيش فيها أبناء شعبنا ، لابد من ذكر بعض النقاط التالية :
إن السلطات المحلية وبكافة أجهزتها لديها إستراتيجية واضحة وهي عزل الميسورين والمتنورين وأصحاب المهن العالية عن الحركة الكردية عن طريق نسج علاقات صداقة عادية معهم ، والعمل على التأثير على مواقفهم السياسية كونها الفئات الأكثر تأثيراً في المجتمع الكردي ، لذا فإن هذه السلطات تعطي أهمية خاصة لهذه العلاقة ، وتعول عليها الكثير من الآمال  وهي تتجنب في هذه العلاقة إضفاء أي طابع آخر عليها سوى الصداقة العادية .
إن هذه الفئة غير مطلعة تماماً على واقع ومعاناة أبناء شعبنا بشكل كامل وحقيقي ، وحجم المأساة التي يعانيها ، والضغوطات المستمرة التي تتعرض لها ، لذلك لابد أن نذكر أنفسنا ونذكرهم بما يلي كأحد أوجه المعاناة الشاملة والعميقة للمجتمع الكردي وهي :
إن معظم عمال المطاعم وعلى مستوى سوريا كاملة من ديريك وحتى درعا والسويداء ، هم من الشباب الكرد ، ولا نعتقد أن هناك مطعم واحد في سوريا لا يوجد فيه عامل كردي يعمل (ككرسون) ، ولكن ورغم احترامنا لكل أنواع العمل ، أليس لذلك أية مدلولات اقتصادية واجتماعية واضحة ؟
إن معظم العاملين في مسح الأحذية وفي معظم المحافظات السورية هم من الشباب الكرد ، ويكفي أن تلتقي مع أي ماسح احذية في أية محافظة وتتحدث معه مباشرة باللغة الكردية دون أن تستفسر عن هويته ، أليس هذا أيضاً له مدلولات اقتصادية واجتماعية ؟
إن حراس ومستخدمي  معظم المزارع والمداجن في سوريا خاصة في الداخل   ، هم من أبناء شعبنا الكردي ، والذين يعملون في ظروف أشبه بظروف العبيد .
هناك أعمال أخرى يضطر الكردي مكرهاً للقيام بها نخجل من ذكرها
نعم يا سادة ، يا أفاضل ، هذه هي حال أبناء شعبنا ، كل الأعمال الوضيعة في سوريا (رغم احترامنا الشديد للعمل) باتت من نصيبنا حتى كرامتنا التي يعتز بها الكردي أكثر من أي شيء آخر باتت مهدورة ، ومع ذلك تدعون ( ما في أحسن من هيك حال ) بالله عليكم ما هو الأسوأ ، نوّرونا لعلنا نستفيد وندرك ما لا ندركه ، ونتعلم ما لا نعلمه ، فاتحفونا بآرائكم
——
* الجريدة المركزية للحزب الديمقراطي الكردي في سوريا (البارتي) العدد (396) تشرين الثاني 2007

 

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…