الرفض السلبي لإعلان دمشق خدمة مجانية للنظام أو ربما مدفوعة الثمن؟

بقلم: هوزان بادلي
hozanshekhmousa@hotmail.com

 

ان اعتراض بعض أطراف الحركة السياسية الكردية في سوريا على إعلان دمشق و على الانخراط في العمل المعارض عموما هو بأنه قد تم تقزيم القضية الكردية في سوريا و حصرها ضمن مسألة المواطنة فقط و هذا ادعاء فيه الكثير من التجني على الفصائل الكردية المشاركة في إعلان دمشق و للتوضيح هذه هي الفقرة المتعلقة بوضع الشعب الكردي في سوريا الواردة في الإعلان ( إيجاد حل ديمقراطي عادل للقضية الكردية في سوريا بما يضمن المساواة التامة للمواطنين الأكراد السوريين مع بقية المواطنين من حيث حقوق الجنسية و الثقافة و تعلم اللغة القومية و بقية الحقوق الدستورية و السياسية و الاجتماعية و القانونية على قاعدة وحدة سوريا أرضا و شعبا و لا بد من إعادة الجنسية و حقوق المواطنة للذين حرموا منها و تسوية هذا الملف كليا )

أليس هذا انجازا كبيرا أن يتمكن اللورد من إقناع العقلية القومجية العربية بالاعتراف بوجود قضية كوردية هذه العقلية التي تثقفت على يدي العمامة و السيف و غرقت في سياسات الصهر ـ صهر الآخر ـ و الإقصاء حتى أذنيها أليس جديدا على الساحة السورية منذ ما يقارب الأربعة عقود من سياسات التهميش و التضييق و كم الأفواه أن تكون هناك معارضة بهذا المستوى تمثل معظم مكونات المجتمع السوري و تطالب بتغيير النظام تغييرا سلميا ديموقراطيا و تداول السلطة عن طريق صناديق الاقتراع.

أما الآن فلنأتي بكل رحابة صدر تاركين وراءنا أحقادنا الحزبية و خلافاتنا الشخصية حتى لا تنعكس على مناقشتنا لأهم بنود إعلان دمشق بالنسبة إلينا و المتعلق بوضع الشعب الكردي في سوريا و باعتقادي ان هذا البند يحتوي ضمنا على عدة بنود :
1ـ حل القضية الكردية حلا ديموقراطيا عادلا: و هذا ما تناضل من أجله الحركة الوطنية الكردية في سوريا بجميع فصائلها فما هو العيب إذا قمنا بتجنيد القوى الديموقراطية و التقدمية العربية و دفعناها إلى تبني هذا الحق المشروع
2ـ المساواة التامة للمواطنين الأكراد السوريين مع بقية المواطنين من حيث حقوق الجنسية و الثقافة و تعلم اللغة القومية : و هذا بالضبط ما تطالب به جميع فصائل الحركة الوطنية الكردية في سوريا بحيث لا يكون هناك تمييز بين المواطنين على أساس الدين أو اللون أو العرق و لا يبقى المواطنون اللورد مواطنين من الدرجة الثانية و حتى من الدرجة العاشرة في أكثر الأحيان في ظل هذا النظام الشمولي .

و كذلك يضمن هذا البند الحقوق الثقافية للشعب الكردي و هذا الشعار يتصدر الصفحة الأولى من الجرائد المركزية لتلك الأحزاب التي تهاجم الإعلان.

و كذلك يضمن حق تعلم اللغة القومية فكيف يمكن أن نتعلم لغتنا دون فتح مدارس و كيف يمكن فتح هذه المدارس دون منح تراخيص بفتحها في ظل نظام شمولي قمعي إذا فالمنطق يقول بأنه من أجل تطبيق هذا البند و ممارسة حقنا في تعلم لغتنا الأم يجب أن يكون هناك اعتراف دستوري باللغة القومية الكردية
3ـ ضمان الحقوق القومية و بقية الحقوق الدستورية و السياسية و الاجتماعية على قاعدة وحدة سوريا: و هذا الشعار أيضا يتصدر الصفحة الأولى من الجرائد المركزية لجميع فصائل الحركة الوطنية الكردية في سوريا
4 ـ إعادة الجنسية للمجردين منها: هل يتناسى أولئك المعارضون لإعلان دمشق عدد المظاهرات التي قاموا بها من أجل هذا المطلب المشروع لأبناء الشعب الكردي في سوريا و هل يتناسون بأنه قامت جميع القوى الموقعة على إعلان دمشق ـ العربية و الكردية
ـبالتظاهر في دمشق أمام محكمة امن الدولة و أمام البرلمان من أجل إعادة الجنسية للمجردين منها و إلغاء الأحكام العرفية و إلغاء قانون الطوارئ .و مع ذلك نحن لم نقل و لن نقول بأن إعلان دمشق هو سقف مطالبنا الكردية و لم نقم ببيع( قامشلو ) كما يدعي البعض .

و لم يكن قبولنا بإعلان دمشق قبولا سلبيا و يجب أن لا يكون رفض الآخرين رفضا سلبيا.

و هنا أريد أن أوضح بأنه هناك نوعان من الرفض و كذلك هناك نوعان من القبول .
ـ الرفض السلبي لإعلان دمشق لا يخدم بأية حال من الأحوال قضية شعبنا العادلة من أجل التحرر و الانعتاق و ضمان حقوقه القومية و الديمقراطية و إزالة الاضطهاد القومي بحقه و الرفض السلبي لأي فكرة مطروحة هو أن نقوم برفضها بكل ما تحمله من ايجابيات و سلبيات دون دراسة واقعية و نقدية و بناء المواقف على أساس قرارات مبيتة لغايات حزبوية ضيقة لا تخدم المصلحة القومية العليا .
ـ الرفض الايجابي و هو أن نقوم برفض الفكرة المطروحة رفضا عقلانيا أي أن نأخذ ما هو ايجابي و نعمل على تطويره و نبذ ما هو سلبي ولا يخدم مصلحتنا أي أن تكون مواقفنا مبنية على أساس مصلحة شعبنا و قضيتنا القومية قبل كل شيء
ـ القبول السلبي هو القبول بإعلان دمشق على أنه سقف المطالب الكردية و بأنه غاية المراد و هذا أمر مرفوض تماما لدينا و هذا ما أدركته الهيئة العامة للتحالف و الجبهة الكرديين لذلك قامت بصياغة مشروعها ـ رؤية مشتركة للحل الديمقراطي العادل للقضية الكردية في سوريا ـ
ـ القبول الايجابي و هو في مفهومه تماما مثل الرفض الايجابي .و في هذا السياق أريد أن أطرح عددا من الأسئلة على السادة الذين يعارضون من أجل المعارضة على مبدأ خالف تعرف:
1ـ إعلان دمشق يطالب بتغيير النظام تغييرا سلميا ديمقراطيا .

فماذا يعني تشكيل إعلان موازي لإعلان دمشق بغية إضعافه و التشكيك بمشروعيته أي معارضة المعارضة تصب في مصلحة من ؟
2ـ هل هناك أحد من فصائل الحركة الوطنية الكردية في سوريا يقول بأن ما ورد في إعلان دمشق هو سقف المطالب الكردية؟
3ـ لماذا لا تدخلون في حوار مع بقية الفصائل الكردية و التي تعمل ضمن ما يعرف بإطار ( الهيئة العامة للجبهة و التحالف ) و خاصة بعد طرحها لمشروع الرؤية المشتركة للحل الديمقراطي العادل للقضية الكردية
4ـ ما هي رؤيتكم للحل الديمقراطي للقضية الكردية في ظل التطورات المتسارعة ـ محليا و اقليميا و دوليا
5ـ ما الذي يخدم القضية الكردية ـ إدخال الحركة الكردية في سوريا في عزلة سياسية أم الانفتاح على كافة الديمقراطيين و التقدميين من أجل تصدير المسألة الكردية
6ـ أليست هذه مقولة تاريخية صحيحة و التي تقول بأن التصرف الشوفيني و الذي يقابل برد فعل انعزالي هما وجهان لعملة واحدة و أخيرا و ليس آخرا ان كل إنسان كردي هو مناضل و انه لمن المؤسف أن نقوم بوضع العراقيل و نصب الأفخاخ أمام بعضنا البعض بغية الصعود على أكتاف هذا الشعب المضطهد و الذي يحاول مثل بقية الشعوب أن يجد له مكانا تحت الشمس.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

اعتبر الزعيم الكوردي رئيس الحزب الديمقراطي الكوردستاني مسعود بارزاني، يوم الجمعة، أن الارضية باتت مهيأة لإجراء عملية سلام شامل في منطقة الشرق الأوسط للقضية الكوردية. جاء ذلك في كلمة ألقاها خلال انطلاق أعمال منتدى (السلام والأمن في الشرق الأوسط – MEPS 2024) في الجامعة الأمريكية في دهوك. وقال بارزاني، في كلمته إنه “في اقليم كوردستان، جرت الانتخابات رغم التوقعات التي…

اكرم حسين في خطوة جديدة أثارت استياءً واسعاً في اوساط السكان ، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي قراراً منسوباً لهيئة الاقتصاد التابعة “للإدارة الذاتية” برفع سعر ربطة الخبز من 1500 ليرة سورية إلى 2000 ليرة سورية ، وقد جاء هذا القرار، في وقت يعاني فيه اهالي المنطقة من تهديدات تركية ، وضغوط اقتصادية ، وارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة….

عبدالله ىكدو مصطلح ” الخط الأحمر” غالبا ما كان – ولا يزال – يستخدم للتعبير عن الحدود المرسومة، من لدن الحكومات القمعية لتحذير مواطنيها السياسيين والحقوقيين والإعلاميين، وغيرهم من المعارضين السلميين، مما تراها تمادياً في التقريع ضد استبدادها، الحالة السورية مثالا. وهنا نجد كثيرين، من النخب وغيرهم، يتّجهون صوب المجالات غير التصّادمية مع السلطات القمعية المتسلطة، كمجال الأدب والفن أو…

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…