عندما يحاكم الجلاد الضحية

 

صلاح بدرالدين

 

  حتى لو اساء القائد العسكري الكردي الازيدي – قاسم ششو – التعبير في تصريحه، لانه ببساطة بعيد عن دهاليز السياسة ومقاتل منذ نعومة اظفاره، وحتى لو كان هناك بعض الخلل في السياسة ( الدينية – المذهبية ) لحكومة الإقليم، وحتى لو كان هناك نوع من التقصير في الأداء من جانب المرجعيات الروحية لاشقائنا الازيديين في إقليم كردستان العراق فان حكومة بغداد المركزية آخر من يحق لها تناول موضوع سنجار، ومواطنيها من اتباع الديانة الازيدية وهم من ضحاياها أساسا :
الاحرى بالحكومة المذهبية الحاكمة ببغداد ان تحاكم نفسها، ان تحاكم رؤوس ( الاطار ) الحاكم واولهم الذي تحول في غضون أعوام من – فقير مدقع – الى ملياردير – نوري المالكي – والذي سلم فرقا عسكرية بكاملها الى داعش مع الأسلحة والعتاد، وانسحب امام جحافل – الخلافة الإسلامية – للسيطرة على البنوك، والمؤسسات لتستخدمها لاحقا في غزو سنجار وسبي أهلها، وقتل، وابادة عشرات الالاف .
الاحرى بالقضاء العراقي – الممذهب – المسيس – الفاسد – الموالي لولي الفقيه الإيراني ان يحاكم رؤوس ومسؤولي ميليشيا الحشد الشعبي المتواطؤون مع – داعش – في إبادة أهلنا بسنجار، ومواصلة تعريب، وتشييع المنطقة، والوقوف الى جانب جماعات – ب ك ك – لاثارة الفتنة الكردية الكردية .
الاحرى به ان يحاكم المتواطئين مع نظام الاستبداد في دمشق، والذين ابرموا معه وبامر من الحرس الثوري اتفاقيات امنية لمواجهة المعارضة السورية، وتضييق الخناق عليهم .
مايحصل في البيت الكردستاني العراقي من القضايا الداخلية التي يجب وبالضرورة ان تحل في اطار الحوار، والتفاهم بين افراد الاسرة الواحدة، سياسية كانت، او إدارية، او عسكرية، او اجتماعية  .
 طبيعة الصراع في المرحلة الراهنة في إقليم كردستان العراق، وفي باقي أجزاء كردستان تتعلق بمسالة الحرية، وتقرير المصير، والديموقراطية والمساواة، والعيش المشترك مع الشعوب العربية، والإيرانية والتركية،، وكل من يسعى الى تحريف المسار، وتبديل قواعد الصراع الى اثارة المسائل الدينية، والمذهبية، والعشائرية، والمناطقية، فانه – نظاما كان ام حكومة، ام حزبا، ام جماعة، او فردا يشكل العدو الأول لجميع شعوب واطياف ومكونات جميع الأجزاء والمناطق .
  كما أرى فان التحدي الأخطر للكرد الازيديين في كردستان العراق، وسنجار، ليس من الكرد من اتباع الديانة الإسلامية، ( رغم صدور أصوات نشاز من رجال دين في أربيل ودهوك والسليمانية ) بل من بعض الفئات من الازيديين انفسهم الذين يحاولون – تسييس – الازيدية تماما مثل من – يسيس الإسلام – من المسلمين لمصالح فئوية وحزبية، ويسعون الى تشويه التاريخ وسلخ الازيديين من قوميتهم الكردية الاصيلة والاصلية .
  عزاؤنا في كل ماحدث ويحدث هو الدور الإيجابي التنويري من جانب النخب الكردية في كل مكان وخاصة بين اتباع الديانة الازيدية، من المفكرين، والمثقفين، والإعلاميين، ومنظمات المجتمع المدني الذين نجلهم، ونقدرهم، وبينهم صديقات،أصدقاء اعزاء .
  أخيرا أقول وبحذر وبكل احترام، ومن دون حتى رغبة في بحث شؤون إقليم كردستان العراق الداخلية : هناك مهام جسام تنتظر الحلول في الإقليم ( قومية، واقتصادية، واجتماعية، وثقافية، وامنية، وديموقراطية، وقضايا الأديان والمذاهب، والمناطق الكردستانية المتنازع عليها، ومسالة إعادة سنجار للحضن الكردستاني ……) وكل ذلك يشكل التحدي امام نجاح التجربة التاريخية الكردية الأولى في العصر الحديث مابعد – مهاباد -، انها مسؤولية تقع على عاتق الجميع .

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…