تحديات المجلس الوطني الكوردي في سوريا: بين النقد البناء والعداوة الشخصية..!

 

اكرم حسين

 

تًقولُ الحكمة الشهيرة انّ ” من يحاول الجلوس على مقعدين في آن واحد، ينتهي بالوقوع في الفراغ ” هذه الحكمة تجسّد الكثير من كتاباتنا على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث يبذل بعض الأفراد محاولات متكررة لتقديم انتقاداتهم بين الخطأ والصواب، ممن يحاولون، الطًرّقْ، مرة على المسمار وأخرى على النعل ..! وخاصة من يقود حملة منظمة ضد المجلس الوطني الكوردي، وتشويه سمعته، بغية زرع اليأس والإحباط، وإضعاف إرادة المناضلين الصلبة، الذين لازالوا يدافعون – بإخلاص -كآخر القلاع – عن الكردايتي في سوريا بعيداً عن الانتهازية والكولسه، والاجندات الشخصية، رغم كل ما جرى خلال السنوات الماضية من قتل وتدمير وتهجير وانتهاكات تصل إلى حد جرائم حرب وتغيير ديمغرافي، وأزمات اقتصادية وانعدام الخدمات، على يد سلطات الأمر الواقع التي ناصبت الكرد العداء بشكل يماثل على الأقل بعدائها قوة العداء الذي مارسته الأنظمة المتعاقبة في سوريا بحق كردها …!
ان الخلط المتعمد بين النقد الموضوعي الذي يوجّه للمجلس الوطني الكوردي -وهو صحيح – وبين العداء الشخصي ضده، هدفه واضح , يعكس نوايا المنتقدين التي باستطاعة المرء أن يدركها بوضوح، ويعرف اين ينتهي هذا الخلط في نهاية المطاف …!، هذا الخلط يمثل الاغواء الذي يتحدث عنه البعض عن “موت” المجلس وفشله -عبر بعض النواقص والأخطاء- التي من الطبيعي أن تترافق مع صيرورته في واقع الاستبداد والعسكراتية، والتضييق على الحريات، والاعتقالات التي تجري بحق نشطاء ومنتسبي المجلس، وعدم إفساح المجال لتسيير نشاطاته كما حصل في احتجاج ١-٧-٢٠٢٤ في قامشلو او في عفرين…!
والسؤال الذي يحرق اللسان، اذا كان المجلس الوطني الكوردي حقاً كما يزعم البعض من نشطاء وسائل التواصل الاجتماعي ضعيفاً، بلا قوة أو” ميتاً ” واذا كان وزنه النوعي معدوماً كما يكتب آخرون، فلماذا استهدافه، والهجوم عليه بشكل متواصل ؟ اليس الضرب ب”الميت” حرام ؟ لماذا هدّر الوقت واضاعته في الحديث والكتابة عنه …!
هل بوسع المرء أن يتخيل طريقة أكثر حضوراً وفعاليةً من هذا الكم من الهجوم والتكالب على المجلس الوطني الكوردي ومحاولات انهائه …؟
يُدْرِكُ هؤلاء تمام الإدراك أن كل ما يفعلونه ضد المجلس لن ينجح، ولن يدفعه إلى ترك مشروعه السياسي السلمي والديمقراطي الذي تأسس من أجله، بغض النظر عما رافقه من صعود وهبوط، ولن ترى كردستان سوريا النور بذاتها بدون قوة عالمية لديها القوة والقدرة على فرض ذلك، ومن الان، وحتى إشعار آخر لا توجد مثل هذه القوة التي تسعى إلى تكريس حلم الكرد في كيان مستقل أما دون ذلك يمكن للكرد أن يتقدموا ويعملوا على انتزاع حقوقهم القومية والإنسانية وفق خصوصية الأجزاء التي يعيشون فيها ومستوى تقدم حكامها وشعوبها …!
التحديات الكبرى التي يواجهها ابناء الشعب الكردي في سوريا تتطلب منهم الان -على الأقل- إعادة عالية لتنظيم صفوفهم، وانجاز وحدتهم التي تتحطم عليها كل مؤامرات الأعداء، إضافة إلى تعزيز علاقاتهم مع الشعوب المحلية التي يتعايشون معها ويتقاسمون الحلوة والمرة ..!
ورغم أن إنجاز هذه الوحدة غير ممكن في المدى المنظور بسبب طبيعة القوى التي تستأثر بالقوة والسلطة، وهي ليست في وارد التقدم في هذا المسار التاريخي، إلا أنه لا بد من الاصرار والتمسك بهذا الخيار واستمرار المحاولات ..!
ستستمر الحياة بكل تأكيد في المناطق الكردية في سوريا، وستزداد الأوضاع سوءاً وصعوبة بسبب واقع الفوضى وغياب الانتظام، وانفلات السلاح وانعدام القانون والحوكمة الرشيدة إلى أن تأتي لحظة التغيير والحل السياسي، وهذا مرهون بالشروط الموضوعية والصراعات الإقليمية والدولية، وطبيعة الحل السياسي في سوريا .
في النهاية ينبغي العمل – من حيث نحن – دون اوهام أو ترّهات، وان لا نتردد في مواجهة التحديّات، والعمل على تجاوزها مدركين حجم المخاطر والصعوبات التي تنتظرنا، وطبيعة المرحلة، والظروف التي تحكمنا، والمحيطة بنا، والتكيف معها، فعليها يتوقف مستقبل القضية الكردية في سوريا …!

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين نحن في حراك ” بزاف ” أصحاب مشروع سياسي قومي ووطني في غاية الوضوح طرحناه للمناقشة منذ اكثر من تسعة أعوام ، وبناء على مخرجات اكثر من تسعين اجتماع للجان تنسيق الحراك، وأربعة لقاءات تشاورية افتراضية واسعة ، ومئات الاتصالات الفردية مع أصحاب الشأن ، تم تعديل المشروع لمرات أربعة ، وتقويم الوسائل ، والمبادرات نحو الأفضل ،…

أحمد خليف أطلق المركز السوري الاستشاري موقعه الإلكتروني الجديد عبر الرابط sy-cc.net، ليكون منصة تفاعلية تهدف إلى جمع الخبرات والكفاءات السورية داخل الوطن وخارجه. هذه الخطوة تمثل تطوراً مهماً في مسار الجهود المبذولة لإعادة بناء سوريا، من خلال تسهيل التعاون بين الخبراء وأصحاب المشاريع، وتعزيز دورهم في دفع عجلة التنمية. ما هو المركز السوري الاستشاري؟ في ظل التحديات…

خالد ابراهيم إذا كنت صادقًا في حديثك عن محاربة الإرهاب وإنهاء حزب العمال الكردستاني، فلماذا لا تتجه مباشرة إلى قنديل؟ إلى هناك، في قلب الجبال، حيث يتمركز التنظيم وتُنسج خططه؟ لماذا لا تواجههم في معاقلهم بدلًا من أن تصبّ نيرانك على قرى ومدن مليئة بالأبرياء؟ لماذا تهاجم شعبًا أعزل، وتحاول تدمير هويته، في حين أن جذور المشكلة واضحة وتعرفها جيدًا؟…

عبدالحميد جمو منذ طفولتي وأنا أخاف النوم، أخاف الظلمة والظلال، كل شيء أسود يرعبني. صوت المياه يثير قلقي، الحفر والبنايات العالية، الرجال طوال القامة حالقي الرؤوس بنظارات سوداء يدفعونني للاختباء. ببساطة، كل تراكمات الطفولة بقيت تلاحقني كظل ثقيل. ما يزيد معاناتي أن الكوابيس لا تفارقني، خصوصًا ذاك الجاثوم الذي يجلس على صدري، يحبس أنفاسي ويفقدني القدرة على الحركة تمامًا. أجد…