البككة مجرفة بيد الأنظمة المعادية للكرد

أحمد عبدالقادر محمود 
بعد كل حدث تولد العناوين لتتسطر تحتها الآراء ، منها ما هو مبني على معلومات ومنها إستقراء ، وكلاهما في النهاية يخلص إلى نتيجة ربما تكون صائبة أو خائبة ، ويستمر الجدل حول الحدث دون كللٍ أوملل ، حتى يأتي حدث أخر ربما مكملٌ للحدث الأول أو أتى لتغير مساره وفق معطيات جديدة ، لتبدء من جديد ولادة عناوين جديدة وتحتها مكملاتها ، وهنا سنرى ايضا ما يتوافق منها مع النتائج الأول أو مع يختلف معها ، بكل الأحوال صانع الحدث نفسه يضع تصوراتٍ للنتائج وفق ما ستؤول إليه ردات الفعل وأيضاً نسب نجاح مشروعه ، من هذه المقدمة نخلص إلى نتيجة مفادها ، أن ما نراه ونشاهده من الأحداث المتواترة  والحراك الذي يخلفه في هذه الآونة ، ليست سوى تبليط لأرضية مشروع يراد إستكماله وبالتالي إنهائه ، ولا يخفى على أي متابع أن المشاريع في السياسة والإقتصاد مرتبطة فيما بينها بسبلٍ ظاهرة وأنفاق مخفية ، بمعنى أن كل الدروب تؤدي للطاحون ،
ما يهمنا وما نحن بصدده من هذه الفروع هو  حزب العمال الكردستاني  الذي بات ورقةً تلعب بها الأنظمة في كل من تركيا وسوريا والعراق و إيران ، ورقة تستخدم للنيل من الكرد واستحقاقاتهم في الأجزاء الأربع من كردستان ، الحزب الذي نذر نفسه أن يكون عدواً للكرد أينما كانوا ، وهو على أهبة  الأستعداد أن يكون مطرقة هذه الأنظمة على رأس الكرد حتى لا تقوم لهم قائمة ، فعلها في تركيا معقل فروسيته ونجح في تتريك الجُل الأعظم منهم ، وجعلهم كعصفٍ مأكول لتركيا ، هذا ما عدا البلدات والقرى التي أندثرت عن بكرة أبيها  ، وبعدها انسل  لسوريا في الثمانينيات  بدعم وإحتضانٍ  كاملين من النظام السوري  لأستخدامه أولاً  في تميع الحقوق الكردية في سوريا وإضعاف مطالبهم بجعلهم لاجئين أتوا إلى سوريا من الجوار ، كما قال زعيمهم عبدالله أوجلان يوماً : لا توجد قضية كردية في سوريا ، وثانيا تخصيص معسكرات لهم في سوريا لجعلها قواعد إنطلاق لضرب أي تطلعات لكرد العراق من الإنعتاق من نظام البعث العراقي ، وأستطاعوا أن يكونوا الخنجر في ظهر الحراك الكردي في العراق ، وبعد أن أنتهى عملهم الوظيفي عقب التفاهم التركي السوري الذي أسفرعن اتفاقية أضنة ، وضعوهم كخلايا جامدة في الثلاجة إلى حين إستحقاقاتٍ أخرى ، لم يطل بقائهم كثيراً ، ما أن أشتعل حراك الربيع العربي ، وضربت أصدائه سوريا ، أيقظهم النظام السوري من السبات وأطلق يدهم في العبث مرة أخرى بحق الكرد السوريين ، وبدعم كامل سلّمهم غرب كوردستان بأرضها وبشرها وخيراتها ، كي يجعلوا الكرد بمعزلٍ عن القيام ضد النظام السوري ، ونجحوا في ذلك أي نجاح ، لا بل أجتهدوا وبخطط شيطانية مقدمةٍ لهم ، في تسليم بعض المناطق الكردية  لتركيا ومرتزقتها من الفصائل المسلحة السوريا ، وجعل ما تبقى منها خاوية من الكرد ، بزج الشباب بعد إستقطابهم بالترغيب والترهيب في معارك لا ناقة لهم فيها ولا جمل ، مما أسفر عن ألاف القَتلة في صفوف الشباب ، وهرب من لم تستطع يداهم من الإمساك به إلى أرض الله الواسعة ، وجعل من لم يستطع الهروب منهم في كمدٍ من العيش ، بعد أن أستقر لهم الوضع وباتوا في مأمنٍ بدعمٍ ومساندة من أمريكا ، أتتهم الفرصة كي يضعوا قدماً في العراق ، بعد أن كانوا على تخومها داخل حدود إقليم كردستان ، من بوابة داعش ، أستعانت بهم قوات البيشمركة والحشد الشعبي العراقي في مقاتلة داعش ، وما أن سقطت داعش في العراق وخرجوا مدحورين ، أنسحيت كل القوات من منطقة سنجار إلا هم ، وبأتفاق مع الحشد الشعبي تم تسليم سنجار لهم وخصصت لهم رواتب من ميزانية القيادة العامة للقوات المسلحة العراقية التي يتبع لها الحشد الشعبي ، ليس حباً فيهم ، إنما كي لا تعود قوات البيشمركة إليها بعد تحريرها ، وكي تتحول فيما بعد سنجار لأمتدادها إلى غرب كردستان لمعبرٍ للتهريب وبوابة رزق نزلت لهم من السماء ، تمكنوا فيها وفعلوا ما فعلوا في غرب كردستان التي حُرفت إلى شمال شرق الفرات ، وأهل سنجار ما زالوا مقيمين في مخيماتٍ في إقليم كردستان ، وأصبحت سنجار وما حولها قاعدة لإفتعال القلاقل لإقليم كردستان ، بإستجرار القوات التركية من خلال التحرش بهم بإفتعال هجمات على قواتهم ، حتى بات  للقوات التركية أكثر مائة قاعدة داخل إقليم كردستان ، ولم يقفوا إلى هذا الحد إنما بدؤا بزعزة إستقرار إقليم كردستان بتنفيذ عمليات الإغتيالات داخل الأقليم وإشعال الحرائق في الأسواق الكبيرة العامة ،وضرب خطوط النفط …. الخ ،  ولو أستطاعوا إحتلال الإقليم لما وفّروا جهداً لذلك ، تنفيذا لإرادة الإطار الشيعي  المتنازع  مع الأقليم على عدة ملفات ، وهذا غيض من فيض ، من أعمالهم المشينة التي تصب في مصلحة الأنظمة المعادية للتطلعات الكردية ، فها هي تركيا تساوم على ورقتهم من أجل الداخل التركي مع نظام الأسد من جديد بعد أن استغلت وجودهم في غرب كردستان أفضل إستغلال ، وها هو الزعيم الكردي مسعود البرزاني يذهب إلى بغداد بعد قطيعةٍ وإحدى الملفات التي في جعبته هو ملف البككة   ، وستكلفه تنازلات كان بغنى عنها ، بالمحصلة أكبر الخاسرين من هذا المنظومة هم الكرد وليس غيرهم وأكبر المستفيدين هم الأنظمة الواقفة في وجه الحقوق الكردية .

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

اكرم حسين في خطوة جديدة أثارت استياءً واسعاً في اوساط السكان ، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي قراراً منسوباً لهيئة الاقتصاد التابعة “للإدارة الذاتية” برفع سعر ربطة الخبز من 1500 ليرة سورية إلى 2000 ليرة سورية ، وقد جاء هذا القرار، في وقت يعاني فيه اهالي المنطقة من تهديدات تركية ، وضغوط اقتصادية ، وارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة….

عبدالله ىكدو مصطلح ” الخط الأحمر” غالبا ما كان – ولا يزال – يستخدم للتعبير عن الحدود المرسومة، من لدن الحكومات القمعية لتحذير مواطنيها السياسيين والحقوقيين والإعلاميين، وغيرهم من المعارضين السلميين، مما تراها تمادياً في التقريع ضد استبدادها، الحالة السورية مثالا. وهنا نجد كثيرين، من النخب وغيرهم، يتّجهون صوب المجالات غير التصّادمية مع السلطات القمعية المتسلطة، كمجال الأدب والفن أو…

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…