عصر الذكاء الاصطناعي

صلاح بدرالدين
الثورات العلمية بالتاريخ البشري لم تتوقف منذ عهد اليونان ، والرومان وحتى الان ، فقد حدثت تطورات كبرى بهذا المجال مثل معرفة ان ( الأرض تدور حول الشمس ) واكتشاف قوانين ( الحركة الثلاثية ) ، واختراع ( الكهرباء ) و ( الميكانيكيا الكمية ) واختراع ( الترانزيستور وأجهزة الكومبيوتر ) وثورة تكنولوجيا ( الاتصالات والمعلومات ) وثورة ( الهندسة الوراثية ) وثورة ( علوم الانسان ) وثورات ( الطاقة الذرية والنووية ) والثورات العمرانية ، وغزو الفضاء .
على اعتاب عصر الذكاء الاصطناعي
الثلثا الأخير من قرننا الحالي بداية الثورة العلمية الجديدة ،– للذكاء الاصطناعي – فبدانا نسمع با الرجل المتحرك بالروبوتات، والنصوص الاصطناعية حول كافة مناحي الحياة ، من اقتصاد ، وغذاء ، وصناعات دقيقة ، ومعامل الأسلحة الفتاكة ، وفنون ، وسينما ، والخيال العلمي ، والاغنية الاصطناعية ، والسلاح الذكي ، والحرب الذكية أيضا .  ففي عصر الذكاء الاصطناعي ، والحروب الذكية لم تعد هناك حاجة الى العنصر البشري ، فطائرات – الدرون – والمسيرات والحاملة جميعها لمختلف أنواع الأسلحة بمافيها المدمرة ، وحتى النووية ، لاتحتاج الى طيار يقودها بل يتم كل شيئ عبر التكنولوجيا ، والالات الذكية ، حتى الطاقة أصبحت ميكانيكية بقوة الكربون ، من دون الحاجة الى الطاقة البشرية ، وبدا عمل الروبوتات يحل محل الجهد الذهني للإنسان .
  ويعيد البعض سبب اعتماد الدول على – الذكاء الاصطناعي – عدم استعداد الناس الحضر للتضحية ، والموت في الحروب ، وكمثال رفض أهالي موسكو والمدن الأخرى التطوع في الجيش مما اضطر – بوتين – الى الاعتماد على اهل المناطق النائية ، والسجناء لاسباب جرمية ، والمدمنون على المخدرات .
الحرب الذكية 
لاتقتصر الحروب الذكية  على الجانب التقني المتطور ، وحلول التكنولوجيا محل البشر فقط ، بل تشمل أيضا اهداف الحروب ، والمستهدفين ، والصبغة السياسية المحددة ،  وليس مستبعدا ان يتطور الامر مستقبلا الى تحديد ( الجينات ) والهوية العنصرية للهدف ، فإسرائيل على سبيل المثال تسهدف حركة حماس كتنظيم عسكري من الإسلام السياسي ، ولاتحارب عسكريا السلطة الفلسطينية ، او منظمة التحرير ، او حركة فتح ، وتركيا تستهدف جماعات حزب العمال الكردستاني – التركي وتوابعها التنظيمية في سوريا ، ولا تعتبر شعب كردستان تركيا ، وكرد العراق وسوريا هدفا لعملياتها العسكرية اقله بشكل رسمي ، وفي لبنان تهاجم إسرائيل عناصر ومواقع ، ومؤسسات حزب الله فقط ، ولاتعتبر الشعب اللبناني وفلسطينيي المخميات هدفا لهجماتها ، وبوارج الولايات المتحدة الامريكية وبريطانيا الحربية في البحار ، تهاجم الأهداف – الحوثية – ولاتوجه الضربات لليمنيين في الشمال والجنوب ، كما ان الجيوش الامريكية تستهدف أحيانا ميليشيات – الحشد الشعبي العراقي  – الموالية لإيران ، ولاتلحق الضرر بالعراقيين .
هل تحتاج الحروب الذكية الى قوات برية ؟
  من المعلوم ان هذه الحروب الذكية لم تعد بحاجة كما ذكرنا أعلاه الى القوى البشرية المتزايدة ، ومن بينها القوات البرية ، وقد يتوقف الاقبال الشديد على جلب وتجنيد المرتزقة المحلية لقاء الأموال ، او الاستعاضة عن فك الارتباط معها بتزويدها بوسائل – الحرب الذكية – من مسيرات ، وتقنيات متطورة ، وصواريخ حرارية محمولة على الكتف كما فعل الدكتاتور بوتين مع ميليشيات ومرتزقة – فاغنر – على سبيل المثال ، عموما قد يأتي يوم تتحول آلاف المقاتلين بالوكالة ، والميليشيات المسلحة المرتبطة بالدول الكبرى ، وسلطات الامر الواقع خاصة في سوريا مقابل رواتب ودعم مالي وتسليحي الى عاطلين عن العمل ، وهو امر مفيد سيقلب موازين القوى ان حصل .
هل يمكن ان يكون صراع الأفكار والسياسات ذكيا ؟
بطبيعة الحال مازال مجال العمل بجوانب الذكاء الاصطناعي حكرا على الأنظمة الحاكمة خصوصا التي تتمتع بالموارد الهائلة ، والبنية التحتية الصلبة في مجال المال ، والعلوم ، والتكنولوجيا العالية ، والتي  تهدف الى توسيع النفوذ ، والهيمنة على مصادر الطاقة ، والتحكم بمصائر البشرية ، اما غالبية شعوب العالم في آسيا ، وافريقيا ، وامريكا اللاتينية ، فمازالت بصدد انجاز مهام العيش بامان ، وهناك شعوب مكبلة بالاغلال ، ومحرومة من حق تقرير المصير تخوض الكفاح من اجل الحرية وتواجه تحديات داخلية وخارجية لاحدود لها ومن ضمنها مسالة وحدة قواها ، وتنظيم صفوفها ، والاتفاق على مشروعها السياسي كما هو الحال الان للكرد السوريين ، فالصراع الفكري ، والسياسي ، الدائر الان يسير بالاتجاه الخاطئ ويصطدم بعقبات بسبب امتناع أحزاب طرفي الاستقطاب ( ب ي د و الانكسي ) عن قبول الحوار السياسي السلمي  بين تيارات ، واطراف  الحركة الكردية ، مما يستدعي الامر ان تتغير طريقة التعامل مع مبدأ الحوار ، وان تنتقل من التشنج ، وظلامية الجهل والغباء ، والاستقواء بالسلاح والآيديولوجيا ، والاعتماد على الخارج ، ورفض الاخر المختلف ، والتشبث بالمواقع الحزبية المصلحية ، والتمسك بمصالح ذاتية ضيقة ، الى ( الصراع الذكي ) وذلك باالانفتاح ، وقبول الاخر ، والحوار السلمي المدني المباشر ، فاذا كان هناك الحرب الذكية من حولنا وفي بلادنا ومنطقتنا فلاشك من إمكانية البحث عن الحوار الذكي في الاطارين القومي والوطني .

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

ماجد ع محمد بعد أن كرَّر الوالدُ تلاوة قصة الخريطة المرسومة على الجريدة لأولاده، شارحاً لهم كيف أعادَ الطفلُ بكل سهولة تشكيل الصورة الممزقة، وبما أن مشاهِدَ القصف والتدمير والتدخلات الدولية واستقدام المرتزقة من دول العالم ومجيء الجيوش الأجنبية والاقليمية كانت كفيلة بتعريف أولاده وكل أبناء وبنات البلد بالمناطق النائية والمنسية من بلدهم وكأنَّهم في درسٍ دائمٍ لمادة الجغرافيا، وبما…

صلاح بدرالدين لاتحتاج الحالة الكردية السورية الراهنة الى إضفاء المزيد من التعقيدات اليها ، ولاتتحمل هذا الكم الهائل من الاخذ والرد اللذان لايستندان الى القراءة العلمية الموضوعية ، بل يعتمد بعضها نوعا من السخرية الهزلية وكأن الموضوع لايتعلق بمصير شعب بكامله ، وبقدسية قضية مشروعة ، فالخيارات واضحة وضوح الشمس ، ولن تمر بعد اليوم وبعبارة أوضح بعد سقوط الاستبداد…

المهندس باسل قس نصر الله أتكلم عن سورية .. عن مزهرية جميلة تضمُّ أنواعاً من الزهور فياسمين السنّة، ونرجس المسيحية، وليلكة الدروز، وأقحوان الإسماعيلية، وحبَق العلوية، ووردة اليزيدية، وفلّ الزرادشتية، وغيرها مزهرية تضم أطيافاً من الأكراد والآشوريين والعرب والأرمن والمكوِّنات الأخرى مزهرية كانت تضم الكثير من الحب اليوم تغيّر المشهد والمخرج والممثلون .. وبقي المسرح والمشاهدون. أصبح للوزراء لِحى…

د. آمال موسى أغلب الظن أن التاريخ لن يتمكن من طي هذه السنة بسهولة. هي سنة ستكون مرتبطة بالسنوات القادمة، الأمر الذي يجعل استحضارها مستمراً. في هذه السنة التي نستعد لتوديعها خلال بضعة أيام لأن كان هناك ازدحام من الأحداث المصيرية المؤدية لتحول عميق في المنطقة العربية والإسلامية. بالتأكيد لم تكن سنة عادية ولن يمر عليها التاريخ والمؤرخون مرور الكرام،…