كي لا تشوّه الحقائق- التيار باقٍ…!

اكرم حسين 
في منشور على صفحتها بمناسبة الذكرى التاسعة عشرة لانطلاقة تيار مستقبل كردستان سوريا كتبت الصديقة الغالية عزيزة عيسى (كلمة ورد غطاها مات مشعل – مات التيار) – وقد وعدتها بالكتابة حول الموضوع – ومع  ان العبارة فيها مغالطة كبرى فمشعل لم “يمت”  بل اغتيل والكل يعرف تفاصيل عملية الاغتيال  ولا حاجة الى اعادة سردها …!  ومع احترامي وتقديري للشهيد مشعل فقد كانت تربطني به الكثير الكثير من التفاصيل اشرت اليها في ” قصة تأسيس تيار المستقبل الكردي في سوريا ” والمنشورة في عدد من المواقع الالكترونية
ومع اهمية الدور الذي لعبه الشهيد مشعل في التأسيس وفي المراحل التي تلت الا أن ربط التيار ونضاله الميداني والسياسي وشخصنته بمشعل فيه تجني وظلم كبير و اساءة  لأفكاره ونضاله  قبل الاخرين .
لقد كان لمشعل الدور المحوري في تأسيس التيار في 29-5-2005 الى جانب اخرين كان لهم ايضا ادوار واوزان مختلفة وخاصة ممن كان ذا تجربة سياسية ونضالية وقضى عشرات السنوات  في العمل السياسي ، وفي المعتقلات نذكر منهم على سبيل المثال لا الحصر الصديق خليل حسين المنحدر من صفوف حزب العمل الشيوعي في سوريا بعد ان قضى اثنا عشر عاما في السجون والمعتقلات ، والصديق ريزان شيخموس الذي عمل في قيادة حزب الاتحاد الشعبي الكردي لسنوات طويلة اضافة الى مجموعة من كوادر حزب العمال الكردستاني الذين تركوا الحزب في تلك الفترة منهم الشهيد انور حفتارو محمد رسيني والفنان يحيى السلو وهيبت معمو وبعض الشخصيات العلمية  كالصيدلانية روفند التمو والمهندس صلاح سليمان واحمدي موسي واخرين لا يسع المجال لذكرهم . فهؤلاء جميعا ساهموا في تأسيس التيار وكان لكل منهم دور مميز فيما وصل اليه التيار من حضور آنذاك رغم كل الدعايات والاشاعات التي  بثتها بعض الاحزاب  حوله.
سياسياً تنازع التيار خطان متصارعان بشكل غير تناحري قاد الخط الاول الشهيد مشعل التمو والذي كان يركز على اولوية المسألة القومية وضرورة ابرازها والاهتمام بها في خطاب التيار ورؤاه العملية . بينما خليل حسين كان يدعو الى اولوية القضية الديمقراطية في نشاطات التيار واعماله اليومية والولوج في نضالاتها، واستمر هذا الوضع الى حين اعتقال خليل حسين بسبب توقيعه على بيان دمشق بيروت – بيروت دمشق واطلق سراحه بكفالة ثم حكم عليه غيابيا بعشر سنوات سجن مما اضطر للمغادرة الى خارج سوريا وهو الان يقيم في سويسرا معتكفاً العمل التنظيمي .
في هذه الاثناء اعتقل الشهيد مشعل في 15-8-2008  وحكم عليه بالسجن ثلاث سنوات الى ان اطلق سراحه في اوائل الشهر السادس عام 2011 حيث اغتيل بعدها في 7-10-2011 ، وبعملية حسابية بسيطة يمكننا ان نستنتج بان الفترة التي قضاها مشعل كناطق رسمي للتيار لا تتجاوز ثلاث سنوات ونصف السنة وهي كل المدة التي تدعي فيها عزيزة تماهي التيار مع شخصية مشعل وتختزل تاريخه السياسي والنضالي الممتد منذ تسعة عشر عاماً في هذه السنوات القليلة ….!
انصافاً للحقيقة لا بد لنا من القول الصريح والذي يحرق اللسان  بان من كان يقود التيار فعلياً خلال كل هذه السنوات هو الصديق ريزان شيخموس وقد تحمل كامل اعباء فترة اعتقال مشعل وما تلاها، فقد واظب على اصدار البيانات واصدار صحيفة المستقبل رغم كل الاخطار الامنية والوظيفية واستمر حتى بعد اغتياله واحياء اربعينيته، فقد دعا اخوة مشعل ( عبد العزيز- رستم )  الى اجتماع في بيت عضو مكتب العلاقات العامة آنذاك حكمت ابراهيم – وكنت جزءا من الحضور – وقال لهم  ابواب التيار مفتوحة امامكم، دعونا نعمل كفريق واحد كأخوة في مكتب العلاقات وانا واحد منكم، تعالوا نكمل المشروع الذي بدأه مشعل معاً، ونحافظ على ارثه السياسي والنضالي كي يصان من التشويه والعبث لكنهم رفضوا العمل في صفوف التيار وقالوا لا شأن لنا بالتيار، ويبدو ان حسابات البيت لم يكن لها علاقة بحسابات البيدر، فهم وجدوا في التيار ارثاً عائليا، وعملوا على عقد اجتماع لبعض اعضاء التيار في مضافة والد مشعل بالجنازية التابعة لناحية الدرباسية وجعلوا الصديق عبدي كنو رئيسا لمكتب العلاقات العامة في تيار المستقبل الكردي ، وبذلك اطلق اخوة مشعل الطلقة الاولى في جسد التيار .
اما الطلقة الثانية فكانت محاولات السيد سيامند حاجو تاسيس مجموعات عسكرية  بعد ان نصب نفسه رئيسا للتيار في مؤتمر استنبول، والثالثة كانت تأسيس مجموعة عسكرية سمت نفسها بلواء مشعل التمو بقيادة عبد العزيز التمو، عملت مع جبهة النصرة في سري كانية قبل اخراجهم منها من قبل قوات الحماية الشعبية، والان ايضاً هناك الكثير يحاول ان يتاجر بدماء مشعل الطاهرة ، وهي من ضمن الاسباب التي تجعلني اخجل  من الحديث عن الشهيد مشعل  رغم العلاقة الحميمة التي كانت تربطنا اضافة الى الصديق جوان يوسف – وهذه يعرفها القاصي والداني – فبحوزتنا الكثير من التفاصيل عن تلك المرحلة ، والكثير من هؤلاء الذين يعظمون مشعل- اليوم-  وهو عظيم بالتأكيد – كانوا يناصبوه العداء حتى الامس القريب ، وينشرون حوله الاشاعات والكثير من القصص بما فيها  التشكيك في كرديته .!
لقد كان الشهيد مشعل شخصية ثقافية وسياسية ونضالية عمل ونشط من اجل حقوق الكرد والمكونات الاخرى ، ومن اجل ان تكون سوريا خالية من الاستبداد والاستعباد ، وجملته الشهيرة ما زالت ترن في اذني حين نطق القاضي بالحكم في قاعة المحكمة ( كل شيء يهون من اجل الشعب السوري) وبذلك يملك مشعل ارثا قومياً ووطنياً سورياً يشهد له الجميع .
قد يكون من جاء بعده لا يملك الكاريزما التي كان يملكها الشهيد او لم يكن على مستوى المسؤولية والحمل الثقيل الذي تركه وذلك لاعتبارات مختلفة منها صعوبة المرحلة وما استجد من اوضاع انتقالية ادت الى عطالة وانقسام احزاب بحجم البارتي واليكيتي رغم الدعم الاقتصادي والسياسي واللوجستي الذي تحظى به من قيادة الاقليم ، ولا ننكر بان التيار قد مر بمراحل عصيبة وتعرض للانقسام لأسباب متعددة لكنه استطاع ان يتجاوز كل ذلك ، وان ينهض من جديد بغض النظر عن الاخطاء والصعوبات التي عاناها ، ولا يزال بعاني البعض منها، لكنه باقٍ ما دامت افكاره باقية ، ولم يمت كما وصفته الصديقة  “عزيزة “، والان يعمل في صفوف المجلس الوطني الكردي ومشروعه القومي والوطني بقيادة الرئيس مسعود بارزاني ، وضمن صفوف المعارضة التي تدعو للانتقال السياسي وفق القرار الاممي 2254 لإنهاء الاستبداد والاستعباد ، والوصول الى سوريا ديمقراطية علمانية لامركزية تقر وتعترف بحقوق جميع مكوناتها القومية والدينية على ارضية المواطنة المتساوية وحقوق الانسان .
تحية الى روح مشعل في ذكرى الانطلاقة .

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

ماجد ع محمد بعد أن كرَّر الوالدُ تلاوة قصة الخريطة المرسومة على الجريدة لأولاده، شارحاً لهم كيف أعادَ الطفلُ بكل سهولة تشكيل الصورة الممزقة، وبما أن مشاهِدَ القصف والتدمير والتدخلات الدولية واستقدام المرتزقة من دول العالم ومجيء الجيوش الأجنبية والاقليمية كانت كفيلة بتعريف أولاده وكل أبناء وبنات البلد بالمناطق النائية والمنسية من بلدهم وكأنَّهم في درسٍ دائمٍ لمادة الجغرافيا، وبما…

صلاح بدرالدين لاتحتاج الحالة الكردية السورية الراهنة الى إضفاء المزيد من التعقيدات اليها ، ولاتتحمل هذا الكم الهائل من الاخذ والرد اللذان لايستندان الى القراءة العلمية الموضوعية ، بل يعتمد بعضها نوعا من السخرية الهزلية وكأن الموضوع لايتعلق بمصير شعب بكامله ، وبقدسية قضية مشروعة ، فالخيارات واضحة وضوح الشمس ، ولن تمر بعد اليوم وبعبارة أوضح بعد سقوط الاستبداد…

المهندس باسل قس نصر الله أتكلم عن سورية .. عن مزهرية جميلة تضمُّ أنواعاً من الزهور فياسمين السنّة، ونرجس المسيحية، وليلكة الدروز، وأقحوان الإسماعيلية، وحبَق العلوية، ووردة اليزيدية، وفلّ الزرادشتية، وغيرها مزهرية تضم أطيافاً من الأكراد والآشوريين والعرب والأرمن والمكوِّنات الأخرى مزهرية كانت تضم الكثير من الحب اليوم تغيّر المشهد والمخرج والممثلون .. وبقي المسرح والمشاهدون. أصبح للوزراء لِحى…

د. آمال موسى أغلب الظن أن التاريخ لن يتمكن من طي هذه السنة بسهولة. هي سنة ستكون مرتبطة بالسنوات القادمة، الأمر الذي يجعل استحضارها مستمراً. في هذه السنة التي نستعد لتوديعها خلال بضعة أيام لأن كان هناك ازدحام من الأحداث المصيرية المؤدية لتحول عميق في المنطقة العربية والإسلامية. بالتأكيد لم تكن سنة عادية ولن يمر عليها التاريخ والمؤرخون مرور الكرام،…