الى السيد العميد احمد رحال: شرعية الثورة لم يجلبها الملتحقون بها… حوار الشركاء -2 –

صلاح بدرالدين
  اتابع معظم حلقات – ابن البلد – في البث المباشر من جانب الأخ العميد احمد رحال ، وبالرغم من وجود ملاحظات كثيرة الا ان الحلقات بمجملها – التي تابعتها – عمل مفيد يصب في مجرى البحث عن الحقيقة ، يشكر عليه العميد .
  في احدى الحلقات الأخيرة التي تناولت – الائتلاف – عدد العميد مآخذه عليه حول مسالة – الرجل المناسب في المكان المناسب – وتجاهله – القامات الوطنية – وخص بالذكر رئيس الحكومة السورية الأسبق – رياض حجاب – ومجموعة من الضباط سماهم باسمائهم ،  معتبرا ان الأفضلية لهؤلاء لتبوؤ المسؤلية في مؤسسات المعارضة ، وان التحاقهم بالثورة  ، وانشقاقهم عن النظام ( اضافوا الشرعية للثورة ) حسب قوله.
   ولابد من مناقشة بعض الآراء ، والمواقف التي تضمنتها هذه الحلقة ، وذلك محاولة منا في تعميق الحوار حول مآلات الثورة السورية المغدورة ، وتقييم الماضي  بقراءات نقدية بعيدة عن المجاملات والارضاءات ، واستخلاص الدروس لفائدة الحاضر ، والمستقبل ، خاصة وان المعنيين ، والمسؤولين المباشرين عن اخفاق الثورة ، وتراجع المعارضة ، مازالوا يتهربون من اجراء مراجعة نقدية شفافة شاملة .
  ملاحظتي الأولية هي ان الأخ العميد لم يحسم موقفه بعد حول مااذا كان حل أزمة المعارضة بشكل عام  والائتلاف خصوصا بإيجاد البديل  ام  إصلاحه ؟ بمعنى ان هناك ومنذ العام الثاني للثورة من طالب مثلا بعقد مؤتمر وطني سوري جامع على قاعدة الديموقراطية ، والتوافق الوطني ، وهو ان تحقق لكان حلا لازمة الثورة والمعارضة ، وفي هذه الحلقة ظهر اكثر ميلا للخيار الأخير – الرجل المناسب  في المكان المناسب – أي بمعنى تغيير الوجوه وليس السياسات ، واجراء إصلاحات – ترقيعية – بدلا من الحلول الجذرية .
   من جهة أخرى ماهو ملاحظ ان الأخ العميد وبعض الاخوة الاخرين يتجنبون الخوض في مرحلة – المجلس الوطني – علما ان تلك المرحلة شاهدت قيام الاخوان بتشكيل المجلس على مقاسهم ، والسيطرة التامة على كل المقاليد ، وبتجانس مع النظام العربي والإقليمي الرسمي ، ووضعوا – الألغام – الجاهزة للانفجار في اية لحظة ، كما حصل لاحقا ، اما الائتلاف فلم يكن الا الوليد المشوه لماقبله .
       مصادر شرعية الثورة
   المعضلة الأساسية في مضمون هذه الحلقة والتي تثير الخلاف هي مسالة شرعية الثورة حيث اعتبر العميد ان  الوافدين  من خندق النظام الذين التحقوا بالثورة ( جلبوا الشرعية ) للثورة ؟  وفي الحقيقة ان الشرعية الثورية والوطنية  ترافق المعارضة الحقيقية منذ عقود ، وشرعية الثورة استندت الى اهداف المنتفضين ، وأطفال درعا – وشباب التنسيقيات ، في مختلف المناطق ، بمعزل عن جميع الأحزاب التقليدية ( القومية – الدينية – اليسارية ) – التي تفاجأت بالانتفاضة ، نعم انحياز افراد ومجموعات الجيش الحر الى الانتفاضة الثورية ، والتحاقهم بصفوف الشعب المنتفض وانشقاقهم عن نظام الاستبداد بعد فترة وجيزة عزز شرعية الثورة ولم يجلب اليها الشرعية التي كانت راسخة – تلك الشرعية التي تاسست بعد رفع تنسيقيات الشباب ، والحراك الوطني الثوري ، تلك الشعارات : اسقاط النظام ، التغيير الديموقراطي ، استعادة الحرية والكرامة ، الشعب السوري واحد ، ثم التحق بالانتفاضة الثورية الاحتجاجية السلمية مجموعات الجيش الحر ، واطياف ، وأحزاب معارضة إسلامية ، وقومية ويسارية ، وليبرالية ، وكان آخر الموجات الملتحقة : مسؤلون في الحكومات السورية بدمشق ، والحزب الحاكم ، وأجهزة الامن والشرطة ، وادارييون في دوائر الدولة وهو امر كان مرحب به  عند وقوعه ، ولكن علينا ان لاننسى ان الملتحقين جميعا ، كانوا يحملون آيديولوجيات ، وعقائد سياسية ، وعسكرية تربوا عليها لعقود ، ليست بالضرورة متوافقة مع شعارات واهداف النسق الأول المبادر من المنتفضين الثوار ، ولم يكن من السهل التخلص من ترسبات الماضي – بين عشية وضحاها – بل ان البعض من هؤلاء اعتبر الانتفاضة السلمية عفوية ، يقودها شباب غر بدون خبرات مكتسبة ، والوقت مناسب للسيطرة وازاحة الشباب والحراك الثوري عن المشهد ، وقد  كانت لهذه الإشكالية دور في انهاء الثورة ، وانحراف المعارضة الرسمية ( المجلس والائتلاف ) – .
  وفي هذا المجال واجهت الانتفاضة الثورية السلمية ، ثم الثورة المقاومة بالسلاح شكلين من التحديات الداخلية الخطيرة والمصيرية ، الأول : الإسلام السياسي المتمثل بالاخوان المسلمين  ودورهم السلبي الذي الحق الأذى بالقضية السورية  ، والثاني : الوافدون من خندق النظام وهنا استثني الدفعات الأولى من الجيش الحر ،   فقد تعاملت شخصيا منذ بدايات الثورة مع العديد من قادة الجيش الحر الشجعان وبينهم الأخ العقيد رياض الاسعد ، ومساعديه ( حسنو ومالك الكردي وآخرين ) والعقيد أبو ثائر ، واجتمعت بهم وعشرات آخرين في المعسكر الرئيسي القريب من – انطاكية – وشرحت لهم الموقف الوطني الكردي السوري من الثورة ، كما تعرفت عن كثب على خيرة ضباط الجيش الحر مثل اللواء محمد الحاج علي ، والعميد مصطفى الشيخ ، واللواء سليم ادريس ، وغيرهم حيث لاتسعفني الذاكرة حول أسماء الجميع ، وخرجت بانطباع إيجابي عن توجهاتهم الوطنية الصادقة .
 كل ذلك لايعني تبرئة بعض العناصر العسكرية في تاجيج العنف وتغيير الوجه السلمي للثورة ، والعسكرة الى حدود تثبيت أولوية العنف على السياسة ، وانتقال القرار الى العسكريين على حساب القيادة السياسية المفترضة ، وقد تزامن ذلك قيام – الاخوان المسلمين – معارضة اية إعادة  هيكلة  للجيش الحر بل الايغال في الضغط  على منتسبيه من خلال الحصار المالي ومطالبتهم بالانضمام الى تنظيم الاخوان ، ثم قيام الاخوان بتشكيل مجاميع ، وهيئات عسكرية في الظل ، وفي العلن ، وازدياد مداخلات النظام العربي ، والإقليمي الرسمي ومقايضة ( السلاح بمصادرة قرار الشعب السوري ، وتحريف اهداف الثورة ) .
   ومن الواضح جدا ان المسؤلين البعثيين الملتحقين بالثورة كانوا ومازالوا  مترددين من  مسالة  اسقاط النظام بكل مؤسساته ، وبنيته التحتية ، وقاعدته الاجتماعية ، والتركيز فقط على تبديل راس النظام ، وما نعرفه الان من معظم فصائل – الجيش الوطني – ومسالة الفساد ، والجرائم في مناطق سيطرته ، واتخاذ المواقف الشوفينية تجاه الكرد بمناطقهم  كاف لمعرفة الدور السلبي لقسم من الوافدين ، وعدم تاهيلهم للتوافق مع مبادئ واخلاقيات الثورة الوطنية الديموقراطية السورية .
 اما الملاحظة الأخيرة فتتعلق بالحالة الكردية ، ففي معرض المطالبة بالشخص المناسب بالمكان المناسب ، وتسمية العديد من الشخصيات العربية العسكرية والمدنية ، لم تتم الإشارة بتاتا الى شركاء لهذا الوطن من الكرد الذين  يبلغون الملايين وساهم بعضهم في حرب الاستقلال والنضالات الوطنية ، وشارك الكثيرون منهم بالثورة السورية وقدم البعض ارواحهم ، اليس بينهم – رجال مناسبون ) ؟

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

كفاح محمود حينما كان الرئيس الراحل عبد السلام عارف يُنعى في أرجاء العراق منتصف ستينيات القرن الماضي، أُقيمت في بلدتي النائية عن بغداد مجالسُ عزاءٍ رسمية، شارك فيها الوجهاء ورجال الدين ورؤساء العشائر، في مشهدٍ يغلب عليه طابع المجاملة والنفاق أكثر من الحزن الحقيقي، كان الناس يبكون “الرئيس المؤمن”، بينما كانت السلطة تستعدّ لتوريث “إيمانها” إلى رئيسٍ مؤمنٍ جديد! كنّا…

نظام مير محمدي *   عند النظر في الأوضاع الحالية الدائرة في إيران، فإن من أبرز ملامحها ترکيز ملفت للنظر في القمع المفرط الذي يقوم به النظام الإيراني مع حذر شديد وغير مسبوق في القيام بنشاطات وعمليات إرهابية خارج إيران، وهذا لا يعني إطلاقاً تخلي النظام عن الإرهاب، وإنما وبسبب من أوضاعه الصعبة وعزلته الدولية والخوف من النتائج التي قد…

خالد حسو تعود جذور الأزمة السورية في جوهرها إلى خللٍ بنيوي عميق في مفهوم الدولة كما تجلّى في الدستور السوري منذ تأسيسه، إذ لم يُبنَ على أساس عقدٍ اجتماعي جامع يعبّر عن إرادة جميع مكونات المجتمع، بل فُرض كإطار قانوني يعكس هيمنة هوية واحدة على حساب التنوع الديني والقومي والثقافي الذي ميّز سوريا تاريخيًا. فالعقد الاجتماعي الجامع هو التوافق الوطني…

تصريح صحفي يعرب “تيار مستقبل كردستان سوريا” عن إدانته واستنكاره الشديدين للعملية الإرهابية الجبانة التي استهدفت دورية مشتركة للقوات السورية والأمريكية بالقرب من مدينة تدمر، والتي أسفرت عن سقوط عدد من الضحايا بين قتلى وجرحى. إن هذا الفعل الإجرامي يستهدف زعزعة الأمن والاستقرار، ويؤكد على خطورة الإرهاب الذي يتهدد الجميع دون تمييز، مما يتطلب تكاتفاً دولياً جاداً لاستئصاله. كما يُعلن…