الثورجية السورية

مروان سليمان
الواقع المفروض على السوريين من قبل أحزاب و منظمات و جماعات مسلحة  سواء المتأسسة ما قبل الحركة الثورجية أو ما بعدها في مرحلة جديدة قبل الجدل الكبير بين من يحب الله و بين الوطن و الديمقراطيات حيث أن المسكين و الفقير ليس له غير وطنه بعد الله الذي يتضرع إليه ليل نهار من أجل سلامته و سلامة مجتمعه و وطنه و بين فقير له حقوق الحصانة بعدما دخل تحت عباءة عصابة مشاركة في سلب و نهب خيرات البلد بشكل منظم مع الأخذ بعين الإعتبار بدرجات تحكمهم و معرفتهم بما يحصل من تدمير ممنهج في المنطقة بعدما نجح حزب البعث و من بعده سلطات الأمر الواقع بكل منطقة في زرع المناطقية و الطائفية و العنصرية و الحقد بين الناس و تصنيفهم درجات حسب تقربهم للمتحكمين أو ولائهم المطلق لرؤساء العصابات.
و بعدما ثبت بالدليل بأن سورية أصبحت كلها مختطفة و لا يمكن إنقاذها إلا بمشروع من ذوي الخبرات و الكفاءات و إن عمل البعض جاهداً في سبيل تدويل القضية السورية و معاناة شعبه و ما أصابهم من خراب و دمار و ويلات من جراء الحرب المدمرة أمام أنظار العالم و منظماته الحقوقية .
لقد مر على الوضع الكارثي في سورية سنوات و هو محكوم من قبل  جماعات متنفذة إرهابية تعمل على تحقيق أجندات الخارج في تدمير ما تبقى و تهجير من بقي من السكان من خلال التضييق المعيشي و الهاء الناس بتحصيل قوت يومهم و تأمين الطعام لأسرهم و لكن تلك العصابات لم يقدموا أية خدمات إيجابية لهذا الشعب الذي ينتظر منهم من أجل استمرارهم بالحياة الطبيعية على الأقل بدون رفاهية ، لقد أشاعوا في البلد القتل و القمع و الإهمال المتعمد و جعلوا منه ساحة لصراعاتهم و تصفية حساباتهم الذي هو بالمجمل ساحة الصراعات الإقليمية و الدولية حتى إنتهى بها الحال و قد وضعت تحت الإحتلالات العديدة(التركي و الإيراني و الروسي.الخ) بالإضافة إلى تحكم الإهابيين المحليين من صناعة خارجية بمناطق واسعة من البلد و كذلك إنتشار ظاهرة فقدان الثقة بين مكونات سوريا أكثر فأكثر.
بين فترة و أحرى تخرج مجموعات من أبناء الشعب السوري مستنكرين تلك السياسات و مطالبين بتحسين ظروف المعيشة و الإهتمام بالمستلزمات الضرورية للناس في حياتهم اليومية و تحقيق الحد الأدنى من العدل و المساواة و لكن الذي بني على باطل من الأساس فهو باطل و مع ذلك يستمر القمع و القتل و التهجير و تستنزف الخيرات و تهريب الأموال إلى الخارج من قبل الأشخاص المتنفذين الذين يتحكمون برقاب الناس من الجماعات الإرهابية إلى الأنظمة المارقة أو من قبل أشخاص يعملون في ميليسيات إرهابية متحكمين برقاب الشعب و أنشأوا سلطات أمر واقع لهم في سبيل إضفاء الشرعية على سرقاتهم.
كان الناس يتأملون الخير من اللاحقين على التحكم بمجريات الأمور بعد البعثيين بأنهم سوف يحققون لهم العدل و الإنصاف و على أنهم ثوريين و يؤمنون بقضايا الناس حتى تبين لهم بأنهم لا يختلفون أبداَ عن البعثيين بسبب تشابه العقلية و السلوك المنحرف فشعر الناس بأن التغيير أصبح فقط في الوجوه و عرف الناس بأن هؤلاء هم جزء و نسخة طبق الأصل من منظومة بعثية مشاركة في الإدارة المعروفة طوال أربعة عقود مضت حتى إنتهى ذلك الحال في مأساة الملايين من الناس من المهجرين و الذين وقعوا تحت سطوة الإرهاب و إنتشار البطالة و الفقر بالإضافة إلى عسكرة المجتمع.
بالرغم من وعود المتحكمين و المناشدات و المقترحات التي تقدم في سبيل معالجة هذه الأزمات المفتعلة إلا إن المسيطرين يكملون تنفيذ مشاريعهم بالمماطلة و التسويف و لسان حالهم يقول لا يوجد هنا سوى المخربين مع العلم بأن الغالبية من الذين يتخذون القرارات و مستشاريهم المخططون ليسوا بسوريين و هذا يشكل عبئاً أكبر على الشعب المسكين و يحول دون الوصول لبارقة أمل على الإصلاح أو تحسين الأوضاع و معالجة الأخطاء.
من السخرية أن نسمي البعض  الذين حملوا راية صفة الثورة من أجل التغيير مع الفكر الرومانسي اليتيم بأنهم ثوريين أو يريدون التغيير لأنهم لم يكونوا من العقول المفكرة و لم يتبنوا أفكار التغيير إلا بألسنتهم و لم يمثلوا معاناة شعوبهم و كان من خلفهم القطعان الديماغوجية و الأنظمة الإرهابية من أجل تحقيق مصالحا على حساب الشعب السوري الذين يسهل التلاعب بهم و في النهاية و بسبب عدم وجود الفكرة و التنظيم و الإيمان المطلق بالمبادئ الثورية فقدت الثورة وقودها و نفدت الطاقة و لم تتحقق الأهداف و زاد الفساد فساداً و تتكرر المحاولة و يتم إعادة ديكتاتور جديد.
فهل ينصف التاريخ السوريين و يخلصهم من الواقع المرير الذي يجثم على صدورهم منذ سنوات؟
مروان سليمان
السلك التربوي- المانيا 09.05.2024

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

كفاح محمود حينما كان الرئيس الراحل عبد السلام عارف يُنعى في أرجاء العراق منتصف ستينيات القرن الماضي، أُقيمت في بلدتي النائية عن بغداد مجالسُ عزاءٍ رسمية، شارك فيها الوجهاء ورجال الدين ورؤساء العشائر، في مشهدٍ يغلب عليه طابع المجاملة والنفاق أكثر من الحزن الحقيقي، كان الناس يبكون “الرئيس المؤمن”، بينما كانت السلطة تستعدّ لتوريث “إيمانها” إلى رئيسٍ مؤمنٍ جديد! كنّا…

نظام مير محمدي *   عند النظر في الأوضاع الحالية الدائرة في إيران، فإن من أبرز ملامحها ترکيز ملفت للنظر في القمع المفرط الذي يقوم به النظام الإيراني مع حذر شديد وغير مسبوق في القيام بنشاطات وعمليات إرهابية خارج إيران، وهذا لا يعني إطلاقاً تخلي النظام عن الإرهاب، وإنما وبسبب من أوضاعه الصعبة وعزلته الدولية والخوف من النتائج التي قد…

خالد حسو تعود جذور الأزمة السورية في جوهرها إلى خللٍ بنيوي عميق في مفهوم الدولة كما تجلّى في الدستور السوري منذ تأسيسه، إذ لم يُبنَ على أساس عقدٍ اجتماعي جامع يعبّر عن إرادة جميع مكونات المجتمع، بل فُرض كإطار قانوني يعكس هيمنة هوية واحدة على حساب التنوع الديني والقومي والثقافي الذي ميّز سوريا تاريخيًا. فالعقد الاجتماعي الجامع هو التوافق الوطني…

تصريح صحفي يعرب “تيار مستقبل كردستان سوريا” عن إدانته واستنكاره الشديدين للعملية الإرهابية الجبانة التي استهدفت دورية مشتركة للقوات السورية والأمريكية بالقرب من مدينة تدمر، والتي أسفرت عن سقوط عدد من الضحايا بين قتلى وجرحى. إن هذا الفعل الإجرامي يستهدف زعزعة الأمن والاستقرار، ويؤكد على خطورة الإرهاب الذي يتهدد الجميع دون تمييز، مما يتطلب تكاتفاً دولياً جاداً لاستئصاله. كما يُعلن…