زوايا وأعمدة للإيجار !

شريف علي 
هذا العنوان كان عبارة عن إعلان بدا في أحدى الصور التي تم التقاطها في سوق عام ، وهو بالتأكيد متعلق ببعض أصناف مواد و مستلزمات ذات علاقة بالبناء ،ولما كانت كلمتا  زوايا وأعمدة تعنيان للمهتم بالقراءة والمتعامل مع الكتابة ، بناء من نوع آخر،فإنها تقوداه الى وسائل البناء  الفكري للانسان  حيث المعارف والعلوم. فالزوايا والاعمدة مصطلحات  تتردد  أيضا في سياقات الحديث عن الصحف والمجلات والدوريات ، أما كيف يمكن أن يرتبط هذين المصطلحين بكلمة الايجار؟
للوهلة الأولى قد يبدو الأمر غير جدير بالاهتمام عندما يتعلق بالمجلات الفنية والجرائد الاعلانية ،لكن الأمور تبدو مغايرة في حالة الصحافة  الحزبية والملتزمة بسياسة معينة وهو ما نحاول طرحه للنقاش.
 فالابواب هنا  تشرع امام التفكير بالواقع المؤلم – لصحافة – الأحزاب الكوردية في غرب كوردستان  التي ما لبثت أن لامست التطوروالتكنولوجيا من جهة الطباعة والإصدار،وإن بمستوياته الدنيا حتى بات القائمون على بعضها  يضربون بالاخلاق المهنية وأمانة المسؤولية الحزبية ومبادئها عرض الحائط ، بتأجير وحكرأعمدة وزوايا من الصفحات  -المقدسة – والقول مقدسة لأنها فضاء للجماهير وبما يخدم قضاياه ومصالحه ، بل وحتى احداث البعض من تلك، لأقلام معينة تحت حجج واهية تبطن أسباب في غاية السوء لعل أهونها الحرص على المنصب الوظيفي المعتبر لديهم إمتيازا أكثر من كونها مسؤولية وأمانة وكلت إليهم. لتأدية  الصحيفة لرسالتها السامية  والمساهمة في بناء الإنسان الذي هو الأساس  لبناء المجتمع  المتطوروالمتعافي من الفساد من خلال الدور المناط بها كجهاز رقابي يعلو جميع مفاصل المجتمع وسلطاته لتحدد مواضع الخلل والفساد، وطرح الملفات التي تعيق تطورالمجتمع على المستويات الحزبية والجماهيرية وبشفافية كاملة.
ربما البعض يبرر ذلك من باب حرية الرأي والتعبير،لكن الملموس وتأثيراته ينفيان ذلك عندما يخصص عمود معين أو تخصص زاوية معينة لكتابات أشخاص محددون دون غيرهم وعلى مدارعدة أشهر فإنها تعني الكثير بالنسبة للقراء وحتى الكتاب ممن تسود لديهم الإحساس بشكل من أشكال تقييد حرية التعبير وكأنة لا جدير بالكتابة في هذه الزاوية أو ذلك العمود إلا كاتب محدد – مع التقدير لكل رأي مقروء أو مسموع  – فالمرجح بأن صفحات الجرائد الحزبية بكافة مواضعها لا يجب أن تحتكر أو تؤجر لأي كان، بل هي من حق كل الكتاب ما دام موضوع الكتابة إن كان ثناء أو نقدا يصب في سياسة الجريدة ومبادئها ومستوفية لشروط وأخلاقيات الكتابة .
————————-
Basnews 4 Apr 2024

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

اكرم حسين   في السنوات الأخيرة، يتصاعد خطاب في أوساط بعض المثقفين والنشطاء الكرد في سوريا يدعو إلى تجاوز الأحزاب الكردية التقليدية، بل والمطالبة بإنهاء دورها نهائياً، وفسح المجال لمنظمات المجتمع المدني لإدارة المجتمع وتمثيله. قد تبدو هذه الدعوات جذابة في ظاهرها، خاصة في ظل التراجع الواضح في أداء معظم الأحزاب، والانقسامات التي أنهكت الحركة الكردية، لكنها في عمقها…

عدنان بدرالدين   بينما تتجه الأنظار اليوم نحو أنطاليا لمتابعة مجريات المنتدى الدبلوماسي السنوي الذي تنظمه تركيا، حيث يجتمع قادة دول ووزراء خارجية وخبراء وأكاديميون تحت شعار ” التمسك بالدبلوماسية في عالم منقسم”، يتبادر إلى الذهن تساؤل أساسي: ما الذي تسعى إليه أنقرة من تنظيم هذا اللقاء، وهي ذاتها طرف فاعل في العديد من التوترات الإقليمية والصراعات الجيوسياسية، خصوصًا…

جليل إبراهيم المندلاوي   في عالمنا المليء بالتحديات الجيوسياسية والأزمات التي تتسارع كالأمواج، هناك قضية كبرى قد تكون أكثر إلهاما من مسرحية هزلية، وهي “ضياع السيادة”، حيث يمكن تلخيص الأخبار اليومية لهذا العالم بجملة واحدة “حدث ما لم نتوقعه، ولكنه تكرّر”، ليقف مفهوم السيادة كضحية مدهوشة في مسرح جريمة لا أحد يريد التحقيق فيه، فهل نحن أمام قضية سياسية؟ أم…

أمجد عثمان   التقيت بالعديد من أبناء الطائفة العلوية خلال عملي السياسي، فعرفتهم عن قرب، اتفقت معهم كما اختلفت، وكان ما يجمع بينهم قناعة راسخة بوحدة سوريا، وحدة لا تقبل الفدرلة، في خيالهم السياسي، فكانت الفدرالية تبدو لبعضهم فكرة دخيلة، واللامركزية خيانة خفية، كان إيمانهم العميق بمركزية الدولة وتماهيها مع السيادة، وفاءً لما نتصوره وطنًا متماسكًا، مكتمل السيادة، لا يقبل…