لماذا أراد الرئيس التركي أردوغان زيارة أربيل ؟

حسين جلبي
كان يمكن للرئيس التركي أردوغان، أن يطلب لقاء الرئيس بارزاني وقيادة إقليم كُردستان في بغداد، أو ينهي زيارته في بغداد حيث بدأها، بمن حضر، وكانت الرئاسات الكُردستانية ـ من رئيس حزب ورئيس إقليم ورئيس وزراء ـ ستذهب على الأغلب للقائه هناك، ولكنه أرادها زيارة إلى أربيل أيضاً، لتجاوز جراحات الماضي وفتح صفحة جديدة، بعد توتر العلاقات التركية الكُردية على خلفية استفتاء الاستقلال التاريخي قبل ست سنوات، واعترافاً منه ـ أي من الرئيس التركي ـ بوجود حكومتين وعاصمتين في العراق، شيعية وكُردية في بغداد وهولير، واعترافاً بأهمية إقليم كُردستان وتصاعد دوره بما يفوق الدول، على الأقل العراقية منها.
من جهتها، لعبت السياسات الكُردية الداخلية خاصة، من حيث حركة البناء الكبيرة والبنية التحتية القوية، والخارجية من جهة بناء علاقات على أعلى المستوى مع دول العالم، دوراً كبيراً في زيارة الرئيس التركي، وضغطت باتجاه القيام بها، بحيث أصبحت مع كل العمل المضني بعد الاستفتاء، تحصيل حاصل، وألغت بقايا الجفاء بين الطرفين.
وتبقى “عقدة العلم” التي لا يفتأ البعض “خاصة الكُردي السوري” إثارتها في كل مناسبة خارجية كُردية، حول عدم رفع علم كُردستان هنا ورفع العلم الفلاني أو العلاني هناك، وواقع الحال هو أن من موجبات بروتوكولات الزيارات الرسمية رفع أعلام الدول، وزيادة على ذلك، وعلى سبيل الترحيب بمسؤوليها، رفع الأعلام في المدن وعلى أطراف الشوارع، إذ ليس من المعقول فتح بابك للضيف واتخاذ إجراءات عدائية نحوه، في الوقت ذاته.
أما بالنسبة للكُرد السوريين، الذين وضعت الزيارة بعضهم بين نارين، نار محبة إقليم كُردستان وتمني الخير له، والاكتواء بنار السياسات التركية في مناطقهم، نتيجة لسياسات حزب العمال التركي، فليس من حقهم الاحتجاج على الزيارة أو اظهار أي امتعاض تجاهها، أو رفع العلم التركي خلالها، بعد أن تركوا مصيرهم لحزب البككة المغامر، الذي باعهم واشترى فيهم، وربما لو كانوا على قدر المسؤولية، كان يمكن لتركيا أن ترسل رئيسها إليهم في زيارة مماثلة، بدلاً من طائرات الدرون.

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف تعود سوريا اليوم إلى واجهة الصراعات الإقليمية والدولية كأرض مستباحة وميدان لتصفية الحسابات بين القوى الكبرى والإقليمية. هذه الصراعات لم تقتصر على الخارج فقط، بل امتدت داخليًا حيث تتشابك المصالح والأجندات للفصائل العسكرية التي أسستها أطراف مختلفة، وأخرى تعمل كأذرع لدول مثل تركيا، التي أسست مجموعات كان هدفها الأساسي مواجهة وجود الشعب الكردي، خارج حدود تركيا،…

روني آل خليل   إن الواقع السوري المعقد الذي أفرزته سنوات الحرب والصراعات الداخلية أظهر بشكل جلي أن هناك إشكاليات بنيوية عميقة في التركيبة الاجتماعية والسياسية للبلاد. سوريا ليست مجرد دولة ذات حدود جغرافية مرسومة؛ بل هي نسيج متشابك من الهويات القومية والدينية والطائفية. هذا التنوع الذي كان يُفترض أن يكون مصدر قوة، تحوّل للأسف إلى وقود للصراع بسبب…

خالد حسو الواقع الجميل الذي نفتخر به جميعًا هو أن سوريا تشكّلت وتطوّرت عبر تاريخها بأيدٍ مشتركة ومساهمات متنوعة، لتصبح أشبه ببستان يزدهر بألوانه وأريجه. هذه الأرض جمعت الكرد والعرب والدروز والعلويين والإسماعيليين والمسيحيين والأيزيديين والآشوريين والسريان وغيرهم، ليبنوا معًا وطنًا غنيًا بتنوعه الثقافي والديني والإنساني. الحفاظ على هذا الإرث يتطلب من العقلاء والأوفياء تعزيز المساواة الحقيقية وصون كرامة…

إلى أبناء شعبنا الكُردي وجميع السوريين الأحرار، والقوى الوطنية والديمقراطية في الداخل والخارج، من منطلق مسؤولياتنا تجاه شعبنا الكُردي، وفي ظل التحولات التي تشهدها سوريا على كافة الأصعدة، نعلن بكل فخر عن تحولنا من إطار المجتمع المدني إلى إطار سياسي تحت اسم “التجمع الوطني لبناء عفرين”. لقد عملنا سابقاً ضمن المجتمع المدني لدعم صمود أهلنا في وجه المعاناة الإنسانية والاجتماعية…