صلاح بدرالدين
ونحن على اعتاب العام الرابع عشر لذكرى اندلاع الثورة السورية المغدورة، ومازل السورييون الاحرار ينتظرون – عبثا – المراجعة النقدية من الذين تصدروا مسؤولية ( المجلس الوطني السوري – الائتلاف ) اما تسللا، او تعيينا وتكليفا بالاجر .
آخر ( المضحك المبكي) بهذا الصدد ماكتب احدهم من الذين تم تعيينهم في مسؤولية ( المجلس ) وهو يفتقر الى أي سجل نضالي، ولايمثل الا نفسه وفي معرض دفاعه الوظيفي الدائم عن الاخوان المسلمين، وتبرئتهم عن مسؤولية الإخفاق بالقول : ( لاعلاقة للاخوان المسلمين بتشكيل – المجلس الوطني السوري – ونحن الاكاديمييون ! اسسنا المجلس !؟ ) وحتى لو لم يكن – ينطق عن الهوى – لم يوضح من دعا هؤلاء الاكاديميين! الى استانبول ووفر لهم المكان المناسب، ووسائل النقل، والبيئة الجغرافية، والتغطية المالية، والعلاقات الإقليمية، والدولية،
ولكن الحقيقة الغائبة في تصريح هذا المدعي، هي ان فكرة المجلس جاءت من قيادة الاخوان التي كانت تتمركز حينها او بصدد انهاء التمركز في – استانبول – تحديدا بناء على علاقات خاصة مع حزب العدالة الإسلامي الحاكم، وكنت قد صارحت عام ٢٠١٢ وكيل وزارة الخارجية التركية السيد – فريدون سنرلي اوغلو، ومسؤول الملف السوري السيد خالد جفيك – خلال لقائي بهما لجولتين : مرة في بلدة صلاح الدين بكردستان العراق، وأخرى بوزارة الخارجية بانقرة بناء على دعوة رسمية وذلك كشخص وطني مستقل بالقول : انتم تضعون ثقلكم الى جانب الاخوان السوريين وهذا سيضر بالقضية السورية، لان الاخوان أصحاب حجم محدود أولا، ولايناسبون قيادة المجتمع السوري المتعدد الاقوام، والأديان، والمذاهب، فكان جوابهم : نحن دولة علمانية نتعامل مع كل التيارات الوطنية السورية ولكن قد تكون الحكومة الفائزة بالانتخابات قريبة من الاخوان لاسباب عقائدية، وقد علمت ان الكثيرين من الوطنيين السوريين اثاروا هذا الموضوع مع الجانب التركي.
عودة قليلا الى الوراء
قبل الإعلان عن ( المجلس ) بنحو أسبوعين كنت في القاهرة مع مجموعة سوريين معارضين من نحو ١٥ شخص اقترح تشكيله السيد – مامون الحمصي – للتواصل مع القوى السياسية المصرية وشرح اهداف الثورة السورية، وحصلت لقاءات بالفندق – السفير – وكذلك بمكان إقامة السيد – كمال سنقر – بين مجموعة واسعة من المعارضين السوريين من معظم الاطياف وبينهم قيادي بالاخوان المسلمين – ملهم الدروبي – حيث توافقنا على لقاء موسع لاقرار تشكيل مؤسسة للمعارضة يسبقها تشكيل لجنة تحضيرية واسعة للاعداد لها، ثم استاذن – الدروبي – للسفر الى استانبول لنيل موافقة قيادة الاخوان حيث يعقد مجلس الشورى على ان نلتقي بعد أسبوع، فغاب الرجل ولم يعد له اثر، وفي تلك الاثناء وقبل أسبوع من اعلان – المجلس الوطني السوري – اتصل السيد – عبيدة نحاس – – وهو صديق شخصي تعارفنا خلال عملنا المشترك في – جبهة الخلاص الوطني *- ومسؤول بحركة الاخوان ( اعلن انسحابه مؤخرا عن الحركة ) بمنزل السيد سنقر وطلبني ثم أشار الى قرب حدوث تطورات وضرورة توجهي الى – استانبول – بالسرعة القصوى من دون الإفصاح عن كل مالديه حيث شعرت بوجود امر ما ؟ ولكنني رفضت طلبه ولم أتوجه الى تركيا .
طبعا قام مجلس شورى الاخوان بتشكيل – المجلس الوطني السوري – باستانبول حسب مشيئته، وبما يتناسب مع توجهاته، ممسكا بالمفاصل الرئيسية، ممتلكا القرار النهائي، مع تعيين عناصر باغراءات مالية، ومواقع شكلية، لها صفات ليبرالية او يسارية، والموضوع معروف لغالبية الوطنيين السوريين .
لدي معلومات كافية – وهي لم تعد سرية – بشان تفاصيل تحركات الاخوان المسلمين السوريين باتجاه احتواء المعارضة، والسيطرة على كافة مفاصل الثورة : العسكرية، والمالية، والاغاِثية، والعلاقات الخارجية، ومحاولاتهم في الإمساك بالجيش الحر عبر وسيلة ( العصا والجزرة ) وتشديد الحصار الاقتصادي، ولدينا أيضا تفاصيل تعاملهم مع كل واحد من الذين اصبحوا مسؤولين في ( المجلس ) وبينهم ثلاثة من حاملي الشهادة الجامعية ( الاكاديمييون ! ) فهناك قصص وحكايات ممتعة ويندى لها الجبين بالوقت ذاته، بعضها ذات صلة بالسيد الوسيط – الشفيع – عزمي بشارة – نترك سردها للوقت المناسب .
امامي الان بيان منشور باسم ( القيادة العامة للجيش الحر ) بتاريخ ٩ – ٤ – ٢٠١٣، تحت عنوان:
رداً على جماعة الأخوان “المسلمين : إن القيادة المشتركة للجيش السوري الحر تراقب بعين القلق تسلط جماعة الأخوان “المسلمين”على المشهد السياسي وإننا اندفعنا نحو المشهد الديمقراطي التزمنا الصراع مع النظام على الأرض للدفاع عن المدنيين ومدننا وقرانا ووحدتنا الوطنية والترابية ونأينا بأنفسنا عن المشاركة في السجالات السياسية للمعارضة بيد أننا نرى أنه أصبحت هناك ضرورة لوضع حد لهيمنة وتسلط الجماعة ومحاولاتها سرقة الثورة واستعداداتها لامتطاء
الدولة السورية ومؤسساتها بعد سقوط النظام، لذلك يطالب الجيش الحر بحل المجلس الوطني السوري ..)
هناك وثيقة منشورة على نطاق محدود حول طريقة عمل – الاخوان المسلمين – في مؤسسات المعارضة و ” براعتهم ” في ممارسة الخداع منذ تشكيل – المجلس الوطني وانتهاء بالائتلاف – ( بتسمية كيانات افتراضية من دون أساس، ولاوجود تنظيمي، بشري لها، ثم توزيع منتسبيها، والموالين لها، والمتعاقدين معها عليها، حتى تخرج بنهاية المطاف بالسيطرة الكاملة ) ( ، كما يلاحظ فان أصحاب عقول التآمر هولاء، نصبوا أذنابا لهم في المكونات القومية غير العربية، والدينية غير المسلمة أيضا .
وقد تم ذلك أولا في تشكيلة اول مجلس عندما اوتوا بدمى كردية ومن معظم المكونات لقاء عقود وتفاهمات حول ثمن كل دمية ومددها، الى درجة الاطباق الاخواني الكامل على كل كيانات ماسميت بالمعارضة السورية، منذ – المجلس الوطني السوري – وانتهاء بالائتلاف، ومن غير المستبعد، وبعض انفضاح امر هذا الخداع، ان يلجأ الاخوان قادم الأيام – هذا ان قيض لهم الاستمرارية في التسلط لعوامل خارجية داعمة – الى تغيير مخططاتهم واللجوء الى بدائل تم تدريبها باتقان، وتبديل الوجوه المستنفذة، باخرى ) .
( كان هناك ( ١٨ ) مكون افتراضي، يقودها اخوانييون ومن يسير بركابهم وهي :
١ – تيار المستقبل .– ٢ – اللجان الثورية .
٣ – المجالس المحلية . ٤ – المجلس التركماني السوري ..
٥ – المكون السرياني الاشوري
٦ – التجمع الوطني الحر . ٧ – رابطة العلماء السوريين .
٨ – المجلس الوطني الكردي .
٩ – حركة العمل الوطني من اجل سوريا.
١٠ – الاخوان المسلمون الهاشمي.
١١ – مجلس العشائر.
١٢ – الكتلة الوطنية المؤسسة.
١٣ – رابطة المستقلين الكرد ١٤ – الكتلة العسكرية . ١٥ شخصيات وطنية مستقلة .
١٦ – التكتل السياسي لحركة الكرد المستقلة ..
١٧ – المنظمة الاثورية الديموقراطية .
١٨ – التيار الوطني السوري ..
انتماءات الأشخاص السياسية:
من بين أعضاء هذه المسميات الافتراضية ال ( ٨٧ ) ” نحتفظ بالاسماء كاملة ” وبحسب تقديرات المطلعين، ومن دون تسمية احد ( في الوقت الحاضر ) خمسون على الأقل منظمون في خلايا حركة الاخوان المسلمين القيادية، والقاعدية، و ١٥ على اقل تقدير من مؤيدي، وأصدقاء الاخوان، و ١٠ من المتعاقدين معهم لقاء مصالح متعددة الاشكال، والبقية ليسوا ضد الاخوان، حيث لم يحصل ان عارض احدهم نهج الاخوان بشكل علني ) .
مخطط اغراق الساحة السورية بحركات الإسلام السياسي:
بدعم مباشر من قيادة حركة الاخوان المسلمين شهدت مناطق الثورة منذ السنوات الأولى ظهور جملة من الحركات الإسلامية لتكون تحت اجنحتها، والاحتفاظ بالغالبية، لان معظم تلك الحركات تمثلت في مؤسسات – المجلس الوطني السوري – ومن ابرزها :
١ – التيار الإسلامي الديموقراطي المستقل .
٢ – جماعة زيد .
٣ – حركة نماء .
٤ – الجبهة الإسلامية .
٥ – جبهة الاصالة والتنمية .
٦ – تيار السلفية الإصلاحية .
٧ – جيش الإسلام .والعديد من الفصائل الإسلامية المسلحة .
هذا بالإضافة الى قيام – داعش – وهيئة تحرير الشام – النصرة، التي انبثقت عن – القاعدة – حيث تعود جذورها الى حركات الاخوان المسلمين خصوصا بمصر .
ولكن ماذا عن – الاكاديميين – ؟
معلوم ان الاكاديميين غالبًا مايكونوا أعضاء هيئة تدريس في العادة (مثل الأساتذة) في الكليات أو الجامعات ومراكز الأبحاث والدراسات، وقد يشغل بعض هؤلاء الأكاديميين مناصب بحثية في المعاهد، فالأكاديمي هو شخص منخرط في البحث العلمي أو التعليم العالي؛ ويعتبر الأكاديمي معروفاً من خلال تلك المشاركات، ( ولست اعلم هل ان أولئك الاكاديميين الذين هرعوا لتسلم المناصب من الاخوان تنطبق عليهم المواصفات السالفة ؟ ) .
معروف في تجارب شعوب العالم الثورية، ان العالم، والاكاديمي، والمفكر لديهم وظيفة توعية الشباب والمعتصمين وشرح
سلمية الثورة، والمخاطر التي تحدق بالثورة، وكذلك النظرة المستقبلية في الاقتصاد والسياسة والعمل الاجتماعي والثقافي، وفي الحالة السورية كانت الثورة احوج ماتكون الى برامج، ومشاريع مستقبلية تصاغ بشكل علمي، وموضوعي حتى لا تحصل الانحرافات، والردات القاتلة كما حصل فعلا، ولكن نتساءل: هل قدم احد هؤلاء ( الاكاديميين ! ) مشروعا، او طرح نظرية تعبر عن واقع الحال، وتستشرف مستقبل بلادنا ونظام
ه السياسي ؟، هل كان هؤلاء مهيؤون لقيادة ثورة مسلحة ضد اشرس نظام دكتاتوري ؟ الم تكن تلك الوظيفة للثوار الحقيقيين المجربين من عامة الشعب، ومن الذين قارعوا الدكتاتورية لعقود، والخاضعين للتدريبات ؟، للأسف كل واحد من أولئك – الاكاديميين ! – وهم قلة كان لديه مرجعية وهي الاخوان مباشرة او كوسيط لدى نظام إقليمي ولا ارغب الان التوسع في هذه المسالة تفصيلا وبالاسماء، والقرائن .
*
( في عام ٢٠٠٥ تاسست – جبهة الخلاص الوطني – بتحالف ( الاخوان المسلمين ونائب الرئيس السوري الأسبق عبد الحليم خدام، والكتلة الكردية المستقلة وكنت من ضمن صفوفها ) تحت شعار اسقاط نظام الاستبداد، والتحول الديموقراطي، وكانت من حيث المبدأ خطوة أولى إيجابية نحو بلورة معارضة شعبية ثورية للنظام، وكنا منذ البداية على خلاف مع ممثلي الاخوان، الى درجة لم يمر اجتماع للامانة العامة الا وشهد مواجهات كلامية حادة مع كل من ( البيانوني وزهير سالم ) خاصة بعد ان اكتشفنا انهم يمارسون الازدواجية حيث يتفاوضون مع نظام الأسد سرا، ولم نستمر في الجبهة الا عامين حيث انسحبنا ككتلة كردية في مؤتمر برلين ( ٢٠٠٧ )، وعقدت مؤتمرا صحفيا في – أربيل – شارحا أسباب الانسحاب، وتوصلنا الى قناعة عدم جدوى العمل مع الاخوان، بل خطورتهم على الحركة الوطنية السورية، وعلى المعارضة بالذات، وهذا ما حصل فعلا بعد أربعة أعوام من ذلك التاريخ ) .