هديتنا «لقائدهم» في يوم ميلاده

صلاح بدرالدين

  التقيت السيد – عبد الله اوجلان – للمرة الأولى والأخيرة في خريف ١٩٨٢، بمنزل صديق مشترك في دمشق، بعد مغادرة لبنان اثر الاحتلال الإسرائيلي لبيروت، وتمحور حديثنا الذي دام اكثر من ثلاث ساعات حول مختلف القضايا السياسية ذات الصلة بالقضية الكردية عامة وفي سوريا وتركيا على وجه الخصوص، وقد نشرت تفاصيل النقاش، وانطباعاتي حوله في مذكراتي، وبعد ذلك بسنوات وقبل طرده من سوريا باشهر قليلة وجهت اليه رسالة من أربيل عبر – فاكسه الشخصي – بعيد المصالحة بين كل من السيدين مسعود بارزاني، وجلال الطالباني بوساطة – مادلين اولبرايت – وزيرة خارجية الولايات المتحدة الامريكية بواشنطن، مبينا له مدى أهمية هذا التطور الجديد ونتائجه المرتقبة، ووانعكاساته على كردستان العراق والملف الكردي عامة، ومقترحا عليه بالوقت ذاته مغادرة دمشق والتوجه الى كردستان العراق، وسلوك احد خيارين : اما قبول وساطة الرئيس مسعود بارزاني للحوار مع الحكومة التركية لتحقيق السلام، او الصعود للالتحاق برفاقه في – قنديل – ولكنه لم يرد علي إيجابا بعد ان عمم رسالتي على مسؤوليه العسكريين ( ومعظمهم مخترقون من المخابرات الإقليمية ) عبر أجهزة الارسال حيث التقطها جهاز رصد قوات البيشمةركة، والحزب الديموقراطي الكردستاني – العراق، وصار معلوما مرة أخرى ان الرجل ليس مستقلا في اتخاذ القرارات الصائبة وماض في  دربه الخاطئ.
وفي مشاركتنا بهذه المناسبة نقدم  الحقائق التالية كهدية متواضعة لزعيم ب ك ك 
  أولا – ظهور – ب ك ك – كان إيذانا بولادة حزب باسم الكرد خرج من رحم الأنظمة الغاصبة للكرد ووطنهم للمرة الأولى بتاريخ الحركة التحررية الكردية، شكل طابورا خامسا، واداة، وذراعا للنظم الشوفينية في حربها العسكرية والسياسية على الشعب الكردي .
  ثانيا –  شكل – ب ك ك – بكل تاريخه عنصرا نشطا في خدمة اجندات العسكر، والقوى العميقة، وضد الحركات الديموقراطية، والثورات المناهضة للاستبداد، والدكتاتورية في بلدان المنطقة خصوصا في تركيا، وسوريا، والعراق، وايران .
  ثالثا – كان ب ك ك ومازال عائقا امام مساعي التفاهم، والعلاقات الحسنة بين اطراف الحركة الكردية في كل مكان .
 رابعا – ب ك ك كان مصدر أساسي، وسبب رئيسي في القاء صفة الإرهاب على الحركة الكردية .
  خامسا – ب ك ك ابتكر طريقة بديلة للحوار، والمنافسة السلمية في الساحة الكردستانية، وهي احتلال مناطق من أجزاء كردستان الأخرى بقوة السلاح .
  سادسا – ب ك ك اول حزب باسم الكرد يضرب رقما قياسيا في الانتقال من شعار ( تحرير وتوحيد كردستان الكبرى ) الى شعار ( الامة الديموقراطية ) .
  سابعا – ب ك ك اول حزب باسم الكرد تتحكم فيه قوانين عسكرية، بعيدا عن المفاهيم المدنية، والقيادة الجماعية، وتسري عليه عبادة الفرد .
  ثامنا – ب ك ك اول حزب باسم الكرد يتم  بداخله  اغتيال وتصفية الالاف من أعضائه، وكوادره لاسباب غير معلنة .
  تاسعا – ب ك ك اول حزب باسم الكرد تتحكم فيه الاعتبارات المذهبية في راس الهرم .
  عاشرا – ب ك ك اول حزب باسم الكرد يفرض الخوة على افراد الشعب بالداخل والخارج، ويجبر الناس بالتهديد والوعيد لتقديم الأموال، ويسيئ الى علاقات الكرد مع الشعوب الأخرى .
 وختاما أقول: هناك العديد من الأطراف، والاحزاب الكردية لا تبدي الجدية تجاه مساوئ، ومخاطر ب ك ك، فكريا، وسياسيا على حاضر ومستقبل الحركة الكردية، وقد يكون بعضها مستفيدا من هذا المشهد المظلم .
 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…