مهلا ..أيها الجاني !!

أحمد مرعان
الرؤى الهشة التي يستند إليها الحراك الكوردي في تجسيد نظرياته على أرض الواقع، والاسترسال بها إلى التأثيرات المحيطة بقراءة المشهد، وتثبيت الخطى في الاتجاه الصحيح نحو مستقبل أكثر فاعلية بالنهوض لتصحيح المسارات المتداخلة نحو مستقبل أكثر تفاعلا، على أمل تغير بعض المفاهيم المغلوطة، والرجوع عنها، لتضافر الجهود، والاتفاق على ما هو مفيد بالإجماع ..
وما آثار الفضول في قراءة المشاهد المتفاوتة، تنم عن سوء تصرفات تشي إلى فوضى أخذت مجراها في المنحى الخاطئ، لتصبح مفاهيم راسخة في بعض العقول القاصرة عن فهم واستيعاب ما يجب فعله وما هو أنفع وأجدى، لعلنا نضع بصمة للزمن وتصحيح ما هو مغلوط للتاريخ الذي سيعاتبنا في يوم ما، على ما اقترفناه ومارسناه في ترسيخ الخطأ، دون المحاولة على الأقل في توجيهه نحو جادة الصواب ..
منذ أيام كان المفروض ، التجمع للوقوف استنكارا لاحتلال عفرين الجريحة والمغتصبة في الثامن عشر من آذار، من قبل القوات التركية، والمستوطنة من قبل ميليشيات فاقدة للشرعية وتنتهك أبشع الجرائم بحق السكان الأصليين، وللأسف أقولها، كان الحضور لا يتجاوز العشرات، رجالا ونساء صغارا وكبارا، في حين عدد العوائل الكردية يزيد عن ٢٠٠ عائلة على الأقل في المدينة، وما يحز بالنفس وفقدان الثقة بالآمال التي تبنى على المزايدات في المجالس بالارتباط الصّوري بالقضية ..
والحالة الأخرى التي تنزع منك الأمل في الأفق المنشود، بأن تقوم بتعريف الجمهور بماهية عيد النوروز الذي يتم التحضير له قبل الموعد بشهور في استحضار المكان والتاريخ المناسب بحسب ظروف المجتمع الذي تعيشه، وتجهيز الأمور الفنية والتقنية للمناسبة، وكان من ضمن البرنامج المقرر إجراء مسابقات بمنح جوائز للمتسابقين، والأسئلة التي تطرح تخص المناسبة والثقافة العامة للحالة الراهنة استنباطا من التاريخ وما توالت على الأمة من نكسات ونكبات في مثل هذا الشهر ، لإعطاء العيد رمزية مختلفة عن المعتاد في إمضائها بالرقص والغناء وكأننا في حفلة زفاف، وتقوم النجاح على مدى فاعليتها بعدد الدبكات واسم المطرب وما إلى هناك، وكأن الرسالة متوارثة بهذه الطقوس فقط ، فمجرد المحاولة في تبديل المفاهيم وإضفاء روح التفاعل بطرق واساليب جديدة تكون ثورة على المعتاد وخروج المناسبة عن المألوف الخاطئ، مما يشكل امتعاض لدى الغالبية، وكأنهم وصايا في توريث النمطي والسلفي في سيرورة الحفلة إلى  الشاكلة المألوفة ذاتها ، وبكل أسف ما يرسخه بعض من يمتلكون الشخصية الاعتبارية في تحمل المسؤولية لقيادة هكذا مناسبات، وبهذا نكون قد فرغنا المناسبة من محتواها ومغزاها الحقيقي الذي يتمثل في نصرة المظلوم على الظالم والخير على الشر، والتذكير بما لا يجوز نسيانه، وترسيخ الروح الوطنية لدى الحضور الذي يجهل الكثير من الأمور الهامة والتي تعتبر من مسلمات التعريف بها بهكذا مناسبة عزيزة على قلوبنا..
والحالة الأخيرة التي تخرجك عن طورك، هي ما تعرض له الكورد مؤخرا وحرق العلم الكردي في بلجيكا على أيدي جماعات تركية وأظنها الذئاب الرمادية.
دعت منظمة ي ب ك إلى الاعتصام أو مسيرة احتجاجية على ما تعرض له الكورد هناك، وفي نقطة التجمع كانت فقط الأعلام المرفوعة لهم دون غيرهم، وحاول بعض الشباب رفع العلم الكوردستاني، إلا إنهم منعوا من ذلك تحت مسمى ( Qedexeye ) في حين كانت ردة الفعل على الفاعل في حرق العلم الوطني، كيف يحرق العلم الكوردي ومن أجله استنكر ، وفي الوقت نفسه لا يسمح برفع  العلم ذاته بالاستنكار، ما هذا التناقض؟
وبعد الاحتجاج على هذا التصرف، برر المسؤولون عن الدعوة، بحجة إن هذا التصرف فردي من شباب طائش لا يستوعب الأمور ، بالله عليكم انصحونا للمفيد !!
كم هذا العالم متناقض بالمجمل، عما يقول وفيما يفعل على جميع الصعد ..
إلى متى نبقى رهائن افكار سادية مغلوطة، ولا تحاول التصحيح، نحن أمة تأخذنا الحمية العاطفية وتغيب عنا المدارك العقلية في فهم الحقائق وضياعها في معمعة الأفراح والأتراح ..
هذا غيض من فيض، وحالات مستوحاة من وقائع متقاربة بالضياع والذوبان ثم النسيان ..

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…