أنا ولجنة التحديد والتحرير 13 – الأخيرة

د. محمود عباس
فعلينا جميعا مطالبة القائمين على الأمر أن يكافحوا من أجل استرداد ديموغرافية أرضنا قبل أي شيء وأيّا كانت الظروف، فاليوم لنا هذه المظاهر المكتسبة، وغدا سنكون في خبر كان ومعنا كوردستاننا. ولن يحسب لنا ما تحقق في عهدنا الحالي، ولا مما ذكرناه أعلاه ومما لم نقع على ذكره من المظاهر الكوردية.
 كسؤال أسأل به: أين لاتشين، وأين نخشيفان وأين زنكلان وغيرها؟ كانوا كوردية، واليوم يتقاتل عليها الغير! ولا أثر لنا فيها؟ فكل حريص منا على كوردستانية هذا الجزء أن يطالب أولي الأمر بتصحيح الوضع الديموغرافي الذي كان قائما قبل هذا الوقت، وإلا سنكون بمثابة من جاؤوا وحكموا هذه المنطقة ابتداء من الرومان وهولاكو، مرورا بتيمورلنك والسلاجقة والعثمانيين وأخيرا الفرنسيين. ونكرر تساؤلنا أين جمهورية مهاباد، وأين كردستان الحمراء؟ كلها ذهبوا هباءً منثورا لا أثر لهما إلا في كتب التاريخ وفي ذاكرة بعضٍ منا.
خلافاتنا تجعل مناطقنا الكوردية في هذا الجزء من كوردستان الملحقة ذات المظهر الكوردي في خطر. إذا ضاعت منا هذه الفرصة هيهات أن نحصل على مثلها ثانية، كما يقال فالفرص كالطيور تحط على كتف المرء مرة واحدة إن طردها لن تأتيه ثانية. لا بد لنا جميعا الحفاظ على الحاصل، وألّا نفرط فيه بخلافاتنا القائمة؛ لأنها ليست مؤكدة البقاء، حسب مؤشرات الوقائع على الأرض. فالمرحلة الحالية تدعونا إلى الوحدة إلى حين تأكيد القائم وضمان استمراره في المستقبل.
لنفعّل بصيرتنا في تشخيص مربعات أمن النظام، صاحبة الصولات والجولات، ومعها حارسها الأمين إيران، وحاميها الأكبر بوتين وما لهما من يدٍ عليا فيما يخص المنطقة عدا منابع البترول المصونة من قبل العم سام، وهجمات تركيا بين فينة وأخرى ألا كل هذا لا يدعو إلى التساؤل؟ إنّها خلطة عجيبة؟ وأمرها مهم نغفلها إما جهلا أو نكاية ببعضنا البعض!
 أ كوردية المظهر هنا، يعني أن مُقْتَسِمَيّ كوردستان في جزئنا هذا صَالَحَا الكورد الملحقين بسوريا، وقبلا بمشروعيته وحقه في أرضه هذه؟ أم أن هناك خطب ما يتطلب منا الإمعان فيه لاستخلاص ما يمكن جعل هذا المظهر كورديا أكثر مما هو عليه الأن، وألّا يعتريه التغيير أو التبديل لاحقا بما يفقدنا إيّاه، بدلا من التناوش فيما بيننا؟
أرى أن ندع خلافاتنا جانبا ونتعاون سويا في جعل القائم أكثر كوردية، والعمل بدأب على ألا يعتريه أيّ تبديل أو تغيير يؤديان إلى زوال ما تحقق بفضل حراكنا الحالي، رغم ضعفه. فالعراك القائم بيننا يسهّل على الأعداء إنهاء ما تحقق أمرا جدّ طبيعيا. إن الحاصل بيننا من خلافات يجعل هذه الخلطة المتوافقة مع مصلحتنا الكوردية في مهب الريح. لندع كل ما يعيق تكاتفنا في وحدة متماسكة لصون ما هو محقق لصالحنا راهنا.
المكتسبات الحالية بحاجة ماسة إلى نبذ خلافاتنا والعمل على تماسكنا في وحدة متينة؛ كي يتأكد المحقق منها. حيث القائم غير مؤكد، رغم المتداول في الأروقة الدولية على أنه كوردي، وذلك بمقتضى مصالحها وليس إلا، وفي الأمس القريب صرح الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب السياسي العبثي قائلا: أنه مأجور، ويعمل مقابل أجرة مدفوعة، وكذلك عند واقعة عفرين تركنا العم سام نخوض الدفاع بمفردنا، ضد أعظم وأبغض قوة إقليمية، والنتيجة بيّنة للقاصي والداني. وعليه فالمطلوب منا جميعا التآلف والتنسيق، وما تبديه المؤكدات على أرض الواقع أنه من السهولة على المتربصين إزالة القائم، سيما التغيير الديموغرافي الحاصل لمناطقنا! ما يؤسف له أننا لا نعيره أية أهمية، وهو الركيزة الأساسية في شرعيتنا على أرضنا المغيرة ديموغرافيا. نسينا أو تناسينا مخلفات كوارث السلطات السورية العروبية، لجان التحديد والتحرير، ومسيرة الاستيلاء على أملاكنا، ومزارع الدولة، والحزام العربي، والمستوطنات وغيرها من القضايا التي أتينا على ذكرهم.
الولايات المتحدة الأمريكية
mamokurda@gmail.com
12/2/2024م

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف   مرت مئة يوم ويوم على سقوط الأسد، لكن الواقع الذي يعيشه السوريون اليوم يتجاوز بكثير الساعات التي مضت. هذه الأشهر الماضية التي تنوف عن الثلاثة كانت مليئة بالتحولات السياسية غير المنتظرة، إلا أن الواقع الأمني والمعيشي للمواطن السوري لم يتحسن بل ازداد تدهورًا. إذ من المفترض أن يكون تأمين الحياة للمواطن السوري هو أولى الأولويات بعد السقوط،…

شيروان شاهين تحوّل الصراع في سوريا، الذي بدأ منذ 14 سنة كحركة احتجاجات شعبية، من حالة صراع بين ميليشيات مسلحة وسلطة منهكة على مستوى أطراف المدن والأرياف إلى صراع طال شكل الدولة ككل. حيث أفرزت الحرب الأهلية واقعًا وعنوانًا جديدًا في 8 ديسمبر 2024: انهيار دولة البعث وإعلان دولة القاعدة. تميّز حكم البعث، الذي بدأه أمين الحافظ “السني”…

اكرم حسين   طرح الأستاذ عاكف حسن في مقاله هل ما زلنا بحاجة إلى الأحزاب السياسية؟ إشكالية عميقة حول جدوى الأحزاب السياسية اليوم، متسائلاً عمّا إذا كانت لا تزال ضرورة أم أنها تحولت إلى عبء ، ولا شك أن هذا التساؤل يعكس قلقاً مشروعًا حيال واقع حزبي مأزوم، خاصة في سياقنا الكردي السوري، حيث تتكاثر الأحزاب دون أن تنعكس…

صلاح عمر   ثمة وجوه تراها حولك لا تشبه نفسها، تبتسم بقدر ما تقترب من الضوء، وتتجهم حين تبتعد عنه. وجوهٌ لا تعرف لها ملامح ثابتة، تتشكل وفقًا لدرجة النفوذ الذي تقترب منه، وتتلون بلون الكرسي الذي تطمح أن تجلس بقربه. هؤلاء هم “المتسلقون”… لا يزرعون وردًا في القلوب، بل ينثرون شوك الطمع على دروب المصالح. لا تعرفهم في البدايات،…