إلى الأخ ديار سليمان المحترم نحترم الرموز لكننا لن نعبد الأصنام بعد اليوم

توفيق عبد المجيد

أعتقد أن الذين نحّلونا اسمك في فترة من الفترات – نحن الثلاثة – والذين يجب أن يعرفهم من وزع صورتنا وهو محتار أينا الثلاثة هو ديار سليمان، قد أخطأ الهدف وردت سهامه إلى نحره ليس تبرؤاً منك وخوفاً منهم، فأنا أعتز الآن بصداقتك وأتمنى أن يجمع الله شملنا فنلتقي في يوم من الأيام، فقد آن الأوان ليعرفوا ويصححوا جميع حساباتهم المغلوطة ، ويعتذروا بعد الإساءة المتعمدة إن كانوا يملكون الشجاعة، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على بساطة أولئك الفاعلين، وسطحيتهم، وضيق أفقهم، وقصرنظرهم، واستعدادهم لسحق كل صاحب قلم يدلي برأيه في حدث ما لا يتناغم وينسجم مع رؤى وقناعات أولئك الفاعلين المجهولين أو ذلك الفاعل المجهول المعلوم، الذي لو كان يمتلك سلطة ما لحكم علينا نحن الأربعة – مضافاً إلينا ديار – بالإعدام لا لذنب اقترفناه سوى أننا نخالفه الرأي.
أخي ديار : ليعلم ذلك الفاعل المعروف المجهول الذي وزع تلك الصورة بسخاء على وكالات الأنباء والمواقع الألكترونية أن ديار- سامحني على ذكر الاسم مجرداً من الألقاب والتسميات –  لم يكن أحد الثلاثة الذين أخطأ في تشخيصهم منطلقاً من ردة الفعل ، وضعف الحدس ، وضحالة التفكير ، وحب الإساءة لمن لا يتفق معه في الرأي والرؤى ، وأرجو منه أن يقف مع نفسه وقفة المتأمل المراجع لما بدر منه ، وأن يعود إلى ضميره في لحظة صحوة الضمير لديه ، فلربما تكون الصورة الضبابية التي استحوذت عليه قد توضحت له الآن.
لست – أخي ديار – في حاجة إلى من يساندك ويعاضدك ويدافع عنك ، لأنك تمتلك معظم الوسائل اللازمة لذلك ، كما تمتلك قلماً بديعاً ورائعاً ولو أن مفرزاته من الكلمات قد تخالف آرائي أو آراء الغير ، ولكن أريد أن أعرج على التاريخ القديم والحديث لآخذ منه الدروس والعبر التي قد نستفيد منها جميعاً ، وليس أبلغ من التاريخ حجة ، وليس أبلغ من الوقائع سنداً ، ومن الأحداث دليلاً ساطعاً.
علينا ألا نرجم الماضي الذي كان وسيبقى جزءاً من تاريخنا ، علينا ألا نخوّن ذلك الماضي ، بل نحاول الابتعاد عن الحفر والمطبات التي وقعنا فيها كثيراً لأن (التاريـخ يصنعه الماضي، ومن يزيف ماضيه إنما يطلـق المدافع على مستقبله) كما أن (التاريخ لا ينتمي للماضي سوى من حيث موضوعه ، أما هدفه وفائدته فهما يتعلقان بالحاضر والمستقبل) (والتاريخ بالنسبة لنا كمرآة السيارة بالنسبة للسائق فمن لا يبصر ما وراءه لن يبصر ما أمامه) .
نعم أخي ديار فقد أثبتت مجريات الأحداث ، كما أثبتت الوقائع أن الحزب – عفواً لا أقصد حزباً معيناً – الذي يسير على خطه الخمسيني القديم في القرن الحادي والعشرين ، ذلك الخط الذي سار عليه منذ التأسيس في القرن الماضي وحتى الآن ، كما يتشبث بالأسنان والأظافر والوسائل المشروعة وغير المشروعة بأصنامه التي مازالت تعيش ذهنية النصف الثاني من القرن العشرين ، ومازالت تعلم الأجيال ثقافة الخوف وقبول الأمر الواقع إلى الأبد ، لكي لا تحاول حتى خدش مشاعر الخصم ، محكوم عليه بأن يموت كل يوم لأنه يأبى أن يتجدد كل يوم فيفقد باستمرار جزءاً من مسوغات بقائه وديمومته ليتحول في النهاية إلى مجرد اسم دون محتوى يختبئ تحت خيمته الواهية محاربو طواحين الهواء ، وعبدة أمجاد الماضي وأصنامه ، وبعض المنتفعين والمتسلقين والانتهازيين المعطلين لحركة التاريخ والمشوهين لنضال الشعوب ، ناسياً أو متناسياً ، متجاهلاً أو غير عارف أنه (عندما يصبح استمراء الإهانة أمراً مستساغاً ، يبقينا خارج دائرة الشعوب الفاعلة أو المنفعلة) .
في الختام أخي القريب البعيد لا أجد أبلغ من نصيحة المناضل الأسطورة (نيلسون مانديلا لخلفه تابو مبيكي ، ففي المؤتمر الخمسين لحزبه حزب المؤتمر الوطني الأفريقي في نهايات تسعينات القرن الماضي  تقاعد المناضل مانديلا طوعاً من رئاسة الحزب وانتخب نائبه تابو مبيكي رئيساً للحزب ، وقال مانديلا في خطابه أمام المؤتمر :  “آن الأوان لأن يسلم جيلي الذي بذل كل ما في وسعه الراية لخليفته”.

ووجه خطابه لخلفه المنتخب قائلاً : “لا تحط نفسك بأشخاص لا يعرفون أن يقولوا إلا نعم ” وأضاف : “ينبغي أن نحيط أنفسنا بشخصيات قوية ومستقلة كي تصبح السياسات بعد أن تكون عرفت انتقاداتهم قادرة على مواجهة الانتقادات من خارج الحركة)  
ولنعلم جميعاً – وأنا لا أتهم أحداً لأنني مازلت في محراب التاريخ أقتبس منه الدروس والعبر – (أن الخيانة هي التي صفعت ثورة الشيخ سعيد بيران 1925  فيجب علينا تدارك تلك الأخطاء الجسيمة التي نخرت بجسد القضية الكوردية ومازالت تحاول النخر) .

16/11/2007

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

عنايت ديكو سوريا وطن محكوم بالشروط لا بالأحلام. سوريا لن تبقى كما يريدها العرب في الوحدة والحرية والاشتراكية وحتى هذا النموذج من الإسلاموية، ولن تصبح دولة كما يحلم بها الكورد، من تحريرٍ وتوحيد للكورد وكوردستان. هذا ليس موقفاً عدمياً، بل قراءة موضوعية في ميزان القوى، ومصارحة مؤلمة للذات الجماعية السورية. فمنذ اندلاع شرارة النزاع السوري، دخلت البلاد في مرحلة إعادة…

محمود برو حين يتحدث البعض عن كوردستان على أنها أربعة أجزاء، ثم يغضون الطرف عن وجود كوردستان الغربية، ويحاولون النقص من حقوق شعبها تحت ذرائع مبرمجة ومرضية للمحتلين ،فهم لا ينكرون الجغرافيا فقط، بل يقصون نضالاً حقيقياً ووجوداً تاريخيا و سياسياً للكورد على أرضهم. إنهم يناقضون انفسهم ويدفعون شعبهم إلى متاهات صعبة الخروج كل ذلك بسبب سيطرة الادلجة السياسية…

حوران حم واقع يصرخ بالفوضى في مشهد يعكس عمق الأزمة البنيوية التي تعيشها الحركة الكوردية في سوريا، تتوالى المبادرات التي تُعلن عن تشكيل وفود تفاوضية موسعة، تضم عشرات الأحزاب والتنظيمات، تحت مسمى التمثيل القومي. غير أن هذا التضخم في عدد المكونات لا يعكس بالضرورة تعددية سياسية صحية، بل يكشف عن حالة من التشتت والعجز عن إنتاج رؤية موحدة وفاعلة….

مصطفى منيغ/تطوان باقة ورد مهداة من بساتين تطوان ، إلى عراقية كردية ملهمة كل فنان ، مُلحِّناً ما يطرب على نهج زرياب قلب كل مخلص لتخليص ما يترقب تخليصه من تطاول أي شيطان ، على أرض الخير العميم وزرع نَضِر على الدوام وجنس لطيف من أشرف حسان ، بنظرة حلال تداوى أرواحا من داء وحدة كل عاشق للحياة العائلية المتماسكة…