إبراهيم محمود
لماذا الكتابة عن كتابي ” وعي الذات الكردية ” المنشور سنة 2004 في قرابة ” 400 صفحة ” من القطْع الكبير، وكان في الأصل على هيئة حلقات نشرت في موقع ” عفرين “: الحلقة الأولى في ” 14-2/ 2004 ” وفي الحدث الآذاري توقفت عن كتابتها، ورجعت إليها، لأنتهي من هذه الحلقات في ” 4-5 / 2004 “؟ أي مستجد دفع بي إلى الحديث عنه؟ إنه الحدث الآذاري نفسه!
لأن هذا الكتاب الذي خططت له حلقاتياً، ظهر الحدث الآذاري العظيم أكبر شاهد على مصداقية أغلب ما أثرته جهة العلاقة بين ما كان يقوله الكاتب الكردي ” الروجآفاوي : كنموذج” عن نفسه، ومدى صلته بالواقع، أي كمسلك. وأستطيع القول ودون تردد في هذه اللحظة في رحاب ” 12 آذار 2004، بغضّ النظر عن محتواه بداية، أي تقويمي الذاتي له “،
أنه أول تجربة نقدية من نوعها كردياً، عن أولئك الذين تناولتهم ، وهم أحياء وفي أعمار متباينة” أكثر من خمسين اسماً، على أصعدة مختلفة”، مع الأخذ بعين الاعتبار، ذلك التداخل بين هؤلاء وما هو سياسي وحزبي كردي، وهو ما زاد في سخونة العلاقة، وردود أفعال صاخبة: هستيرية، من قبل الذين تخاذلوا في الغالب الأعم، وهم يستعرضون كرديتهم” كونهم كرداً لأن لغة الكتابة كانت كردية، وعرّى الواقع العملي سلوكهم، وأبعاد هذه العلاقة في الواقع اليومي الكردي: الثقاقي والسياسي.
وأن عشرات المقالات التي شكلت كتباً نشرتها لاحقاً، وإلى الآن، جاءت في سياقه، تعبيراً عما يقدّم به الكاتب الكردي نفسه، وما يقوله الواقع مسلكياً.
كان هذا الكتاب في طريقة وضْعه غير مألوف في الوسط الكردي، وكان الحماس له من موقع أن هناك شيئاً جديداً يجري، إنما خلاف حسابات كثيرين حين صدموا أنه لا يستثني أحداً، وهو في نوعية الكتابة، يحاول اختبار مصداقية القول بالفعل، ومفارقات العلاقة بينهما.
ما أقل أقل الذين ” لا أقول تضامنوا معه، لأن الموضوع أبعد ما يكون عما هو تعاطف إنساني” إنما ما يجعل النقد نقداً، وما تكون عليه واعية الكردي: السياسي الحزبي، والكاتب، الذي يرى أن مجرد تناول أي كان نقدياً، في السياق الذي اعتمدته تعرضاً لما هو شخصي.
حسنٌ، أتساءل هنا، وبصدد مثل هذا التصور الدال على تفكك الشخصية الكاتبة: ماذا يعني أن يتباهى أحدهم بأنه ملتحم بقضية شعبه وتاريخه، و” عند اللزوم ” أي في الملمات، ولا أكثر منها، والحدث الاذاري كان المحك، لا يلتزم الصمت فحسب، وإنما يثير زوبعة من الافتراءات عمن انخرط في مواجهة الذين أرادوا النيل من ” شعبه ” كذلك.
هؤلاء الذين كتبت عنهم، ومن ظهروا في ركابهم بالشخصيات الطحلبية ” الطحلب kevz
، الذي لا يكون نبتاً فعلياً، إنما شبيهه، وهو يشوه الماء الزلال، وله رائحة منفرة” استكبروا الجاري، وحشدوا قواهم السوقية بمزاعم شتى لا صلة لها بمفهوم الثقافة الفعلية:
كيف يُسمى من كان يتباهى أنه لم يقرأ كتاباً على مدى سنوات، وإثر نشر الحلقات تلك قدَّم نفسه ليس قارئاً فقط، وإنما يعرف كيف تكون القراءة أيضاً، ناسياً أو متناسياً هذا الغافل عما كان يردده، ما كان يقوله بخصوص ألفباء القراءة؟
كيف يُسمى من يكون له مسلك قبل معبر ” سيمالكا ” وبعده؟
كيف يكون الذي يؤثر الصمت جبناً في ” قامشلو ” في الحدث الآذاري وبعده، وحين خرج من نطاق قامشلو ، أطلق العنان للسانه، وأراد ويريد النيل من الذين لا يتصرفون على طريقته، ولحظة العودة إلى قامشلو يتنكر لما كتبه ؟
أو حين خرج إلى أوربا، دخل في سباق محموم مع نفسه ليثير زوبعة، بجعل طرف سياسي أو شخص معين هدفاً له، ليلفت الأنظار، دون إدراك خلفية هذه النقلة ” الحمّاوية “؟
كيف يكون الواقع النفسي للذي سخر نفسه في وضع هذا الحزب أو ذاك لصنع نجومية رخيصة، وحين تمكّن مما يريد انسحب وصرَّح على أنه كاتب مستقل؟
…
كثيرون تابعوا هذا الكتاب في حلقاته منذ البداية، وقد أرَّخت لذلك في مكان آخر” أشير هنا إلى بعض هؤلاء المعنيين بقضية الكتابة واقعاً وتقديرهم لما كتبت، وهم ” محمد سيد حسين، مشعل التمو، فرهاد عجمو ” وهؤلاء رحلوا ” وإبراهيم يوسف، وعلي جزيري.. وكان هناك اتصالات من جهات مختلفة حينها.
كان ذلك حدثاً ثقافياً، بكل معنى الكلمة، والأحداث التي جرت وإلى الآن صادقت على معظم ما انطلقت منه، وأثرته في تلك الحلقات، وحقيقة من أصبحوا بأسمائهم بين دفتي كتاب.
مع الزمن، كان هناك تهديدات، واستفزازات، وإساءات، وفي الوقت نفسه متابعة لكل حلقة، وتوزيعها فيما بين الكتاب الكرد، بعد تصويرها، ومعايشة تبعاتها ” كان الراحل حسن دريعي والكاتب والناقد هيثم حسين في عامودا، من المتابعين للأجواء الصاخبة التي فجرتها حلقات الكتاب.
أستطيع القول هنا، وكما يعلم الصديق الأقرب إلي جهة المتابعة ومناقشة كل حلقة: إبراهيم يوسف، أن نشر تلك الحلقات نبَّه حتى أولئك الذين لا شأن له مباشرة بالكتابة، جرّاء ” نزول ” هذه الحلقات بمحتوياتها إلى الشارع، وفي جلسات خاصة، وبالتالي، فإن هذا العنوان” وعي الذات الكردية “، ولأول مرة في التاريخ الكردي الحديث والمعاصر: وحَّد الكرد، ليس لأنهم تنبهوا إلى مخاطر تتهددهم جهة أعدائهم أو خصومهم القوميين، للأسف، وإنما جهة من حاول التفكير خلاف ما كان سائداً ومعمولاً به في الوسط الثقافي- السياسي الكردي، والحزبي ضمناً.
لأول مرة شعر أغلب هؤلاء الكرد كتاباً وسياسيي أحزاب كردية، بوجوب التوحد ضد هذه ” الصفاقة ” الممثلة في ثنيات ” وعي الذات الكردية” تأكيداً على عري سياسي وفكري قائم.
والليلة التي أقيمت فيها ندوة حول الكتاب، إثر نشره، وفي بيت شاعرنا الكردي أحمد حيدر، وذلك اللهاث اللافت جهة المهزومين سلوكياً، في محاولة عدم إقامتها، وقد نشرت تفاصيل حول مجريات الواقعة تلك في حينها.
تحتاج تلك اللحظات المرافقة لكل حلقة منشورة وأصدائها، وما كان يُنشر من تعليقات في ذيل كل حلقة، إلى كتاب مستقل، له موقع آخر، أو اعتبار آخر تاريخياً.
نجم عن هذه الحلقات ليس حالة جفاء، إنما قطيعة من الجهتين، وفي الوقت نفسه، ظهور أولئك الذين أدركوا قطيعية هذه” الوحدة ” وأبعادها النفسية والتاريخية والاجتماعية، ويا لها من قطيعية توسعت واستفحلت، وروّج لها في جهات مختلفة، إنما ، كان هناك تعرية لهذه القطيعية، وإقبال على الكتاب، الذي حاول جل الذين عادوا محتواه منع طباعته، وبطرق شتى، دون جدوى، وحصلوا على نسخ منه في دمشق، قبل استلامي للكتاب نفسه، والتهديد لم يختف .
الدليل الأكبر على تلك الصدمة التي أحدثها الكتاب في نفوس من كانوا يتباهون بأسمائهم، بوعي قطيعي، هو لجوء هؤلاء الذين ظهروا جوَّفاً في ركاب حدث ” 12 آذار 2004 ” ووجدوا إمعياً أودعوه كل ما يريدون قوله من خلاله، وليس رداً بأسمائهم، تعبيراً آخر على هشاشتهم، وغياب أي روح نقدية لديهم، ليعتمدوا أسلوب الإساءة الرخيصة، تبعاً لسلوكيات تحزبية معروفة.
الإمعيات موجودة، وقائمة في كل آن وحين، وفي وسط يراهن على ما هو أجوف، سوقي!
ليكون في المحصلة ذلك الكتاب البائس وهو عبارة عن ترهات من قبل كاتب اسمه الأبعد ما يكون عن تمثيل نفسه صراحة في الواقع، وطباعته بكمية كبيرة ” طبعة جديدة ” وتوزيعها في إقليم كردستان – العراق، على خلفية من لجوئي إلى ” دهوك : آذار 2013 ” سعياً إلى الحيلولة دون بقائي، أي السعي إلى طردي بأساليب الدس والأباطيل المعتادة من قبلهم.
حدث في ركاب حدث، حين ينبري الحزبي الكردي وهو في موقعه المزعوم معمماً فتواه الجوفاء على ” أزلامه “: عناصر حزبه، بكيفية النيل من علاقة كهذه، وأرد عليه وغيره في حينها.
ما أفصحت عنه الأحداث، وتحديداً بعد آذار 2011 أن جل الذين مثّلوا أحزاباً كردية وفرخوا واستفرخوا وتفارخوا، من خلال التسابق في نيل مواقع أثارت شهيتهم التحزبية والشخصية، وهم يتشدقون باسم الشعب الكردي وقومية الكرد، تأكيد آخر على صواب ما انطلقت منه وتابعته.
إزاء ذلك، أشدد على أن تاريخ الأحزاب الكردية ” في روجآفا كردستان” كمساحة جغرافية محددة، هو تاريخ هزائمها. إن زئبقيات شخصياتها التي تحرص على بقائها زعاماتياً” ويا لبؤس الزعامة في موقع كهذا، وهي تظهر في منابر وفي لقاءات وغيرها، زئبقيات تتفاعل مع ما هو طحلبي، والأكثر بؤساً وتبئيساً للواقع، ظن هؤلاء أن الحقيقة طوع لسانهم ويديهم، وأن كل من يتكلم أو يكتب لا قيمة له دون تجويز له” حمل بصمة أو دمغة حزبه هذا أو ذاك “. واقع الأحزاب الكردية، إذا كانت في حقيقتها أحزاباً هو واقع شبحيات ممثليها في تفاعلها مع الأحداث.
في العودة إلى الكتابة. أنوه إلى أن اللحظة الآذارية، وجهة الكتابة المواجهة مستمرة، والذي يتابع هرولة الذين لا يريدون الاعتراف بجبنهم، يتبين له أي انحدار قيمي في سلوكياتهم.
شكراً لكل الذين أسهموا قدر استطاعتهم في تلفيق الترهات ولم يفلحوا في تحقيق:
الذين كانوا يرددون ومن خلال من طعنوا في السن، على أنهم كل واحد من ديركا حمكو إلى زورآفا دمشق، بينما إبراهيم محمود، فهو بمفرده. أي قطيعية سوقية تتمثل في تصور كهذا؟
وحين سعى أحد رموز هؤلاء المهزومين في داخلهم، وهو يعرَّف به نجماً كردياً، إلى التعبير عن امتعاضه لأنني حللت في إقليم كردستان، واستقريت في دهوك منذ آذار 2013، وهو يعلِم أكاديمياً كردياً بعد هذا التاريخ عن استغرابه لأنهم ” من هم ” سمحوا لي بدخول الإقليم. أي مسوخية في وعي هذا البالغ أرذل العمر، كما لو أن الإقليم مطوب باسمه وسواه، وأن الذين يمثّلون الإقليم سياسياً وثقافياً يعتمدون على أضاليل أمثاله في ادعاءاتهم الباطلة ( لا أسهل علي أن آتي على ذكر الأسماء. إنها لا تستحق مجرد التذكير بها على خلفية من ضحالتها ).
في السياق نفسه، كيف يمكن تقويم تصرف ذلك الكاتب الذي يحمل عشرات النسخ من كتاب ممسوخ في محتواه عن كتابي” وعي الذات الكردية ” إلى الإقليم، ولأعلَم به من خلال معنيين بقضية الثقافة، ظناً من حامله البائس، والذين ” زَنبركوه ” ” وهم مزنبركون داخلاً” بحمله، أنهم بالطريقة هذه قادرون على التأثير في صورة الواقع الذي أعيشه.
شكراً لكل هؤلاء الذين خرسوا في قضية شعب مضطهَد، ويتعرض لهجوم الأعداء، وأصابهم السعار ولا زالوا سعاريين في داخلهم إزاء ما أنا عليه.
وشكراً للذين حاولوا نشر الإساءات عما أكتب وغيري في أوربا نفسها، تعبيراً آخر ومجدداً عن تلك القطيعية المتنامية في نفوسهم وتطفلهم على التاريخ كتاباً وسياسيين.. وخاب سعيهم.
كتاب وعي الذات هو الذي كان وراء دعوتي إلى أوربا لأكثر من مرة ” يذكر الشاعر أحمد حسيني، إذا كان يتذكر، كيف قدمني لمشاهدي ” روج ” وحاورني في حلقات ثلاث حينها ” سنة 2005 ” ، ونسي أو تناسى ذلك حين نشر ” مقال ” ذلك الدعي الطارىء على الكتابة والأبعد ما يكون عن النقد، وهو يتنقل من طرف إلى آخر بزئبقية صارخة، في موقعه.. بناء على موقف لانقدي ” أي تشهيري . ..
أرأيتم ماذا يسبب الخروج من القطيع، في الوسط الكردي، هنا وهناك ؟
كتابي” وعي الذات الكردية ” سيبقى مطرقة على رأس كل متنكر، ودخيل على الحقيقة كردياً وخلافه.
ليحمل أي من هؤلاء، ومن في ركابهم، والذين يحملون أسماء وألقاباً مزيفة، ويظهرون في هيئة ” ذبابة كفل الخيل ” في تعليقاتهم، وفي نشر ترهات هنا وهناك، وهم في تنوع مواقعهم، أن يظهروا بأسمائهم الصريحة، وبأقلامهم الفعلية، باعتماد النقد انطلاقاً من نصوص قائمة، ليحمل أي من هؤلاء مطرقته، إن استطاع ذلك، ويهزها، منبهاً إياي إلى ما أقوم به.
حتى الآن… حتى الآن.. لم أجد أثراً ليس لمطرقة كهذه، وإنما حتى لنكاشة أسنان، تأكيداً على استمرارهم متطفلون أو عالة حتى على أنفسهم التي ابتليت بهم وهم ومن معهم كردياً بالتمام، وأن ” البوزات ” المسحوبة في مواقع مختلفة، أو الصفحات الفيسبوكية لا تشفع لهم إطلاقاً.