ذكرى إنتفاضة 12 آذار 2004

جمال مرعي 
كانت انطلاقة كبرى ومحطة نوعية فاصلة في تاريخ كردستان سوريا ، جرت الأحداث المأساوية للانتفاضة المليونية بمدينة قامشلو في 12 آذار 2004/ محافظة الحسكة ، وكانت صدى الانتفاضة كالنار في الهشيم حيث انتقلت الى معظم المدن الكردية في كردستان سوريا ، حتى شملت أماكن تواجد أبناء الشعب الكوردي في الكثير من المدن السورية الكبرى ، مثل حلب ودمشق
 . قامت جماهير غاضبة نتيجة سقوط شهداء بدوافع عنصرية ، بأوامر وإشراف مباشر من محافظ الحسكة وكذلك بسبب الا حتقان والإحساس بالغدر والاذلال وانتقلت شرارة الانتفاضة الى معظم الدول الاوربية ، حيث الجالية الكردية من خلال التظاهر أمام سفارات النظام السوري ، منددين بجرائم القتل المتعمد من قبل السلطات المحلية
. جرت الاحداث في البداية بالملعب البلدي في قامشلو قبل بدء المباراة بين نادي الفتوة / فريق دير الزور ونادي الجهاد/فريق قامشلو ، بدء فريق دير الزور الساخط بالهتافات المسيئة للرموز والشخصيات الكردية ورفع صور المقبور صدام حسين ، بسبب ردات الفعل العنصرية و خاصة بعد الاعتراف دولياً بفدرالية كردستان العراق .
 حيث بدات مواجهة الحراك السلمي أثناء تشييع شهداء الملعب ، بتصرف همجي من السلطة الأمنية     و بعنف مفرط ، كان ضحيته سقوط عشرات الشهداء من الشباب والرجال والنساء ظلماً وعدواناً في معظم المدن الكوردية . رغم اهمال السلطة لمحافظة الحسكة تاريخياً ، التي هي سلة الغذاء السوري و مصدر النفط والغاز والماء و رغم التمييز والقهر والحرمان والتجريد من الجنسية الوطنية نتيجة إحصاء استثنائي / ١٩٦٢ و المنع    من السفر و تضييق فرص التعليم العالي بمنع إقامة الجامعات والمعاهد ، والحرمان الكامل من الحقوق القومية ، الثقافية والاجتماعية والسياسية.
 إعتماداً على توصيات مذكرة المسؤول الأمني محمد طلب هلال منذ ستينات القرن الماضي ، الذي ساهم بمشروعه السيء الصيت في تعريب اسماء المدن والقرى الكردية من قبل نظام البعث واقامة الحزام العربي العنصري وجلب سكان من عشائر محافظتي الرقة وحلب بحجة غمر مياه سد الفرات للأراضي واستيطانهم في المحافظة وتمليكهم اراضي الملاكين والفلاحين الكورد مع إنكار قضية الشعب الكردي العادلة طيلة هذه العقود ، حتى يومنا هذا ،
ولم يزل النظام على موقفه المعادي لتطلعات الشعب الكوردي في الحرية والديمقراطية رغم ويلات القتل و الدمار والتهجير الذي سببه النظام والقوى الدولية والاقليمية المتحالفة معه بحق الشعب السوري، منذ أكثر من ثلاثة عشر سنوات على بدء الثورة السورية.
  كانت هذه الانتفاضة رداً على الظلم والطغيان وخاصة بعد انتشار الفكر التحرري القومي الكوردي رداً على إنكار النظام للحقوق القومية ، السياسية والاجتماعية وتذمر الكرد من التصرفات والمراسيم والقوانين الجائرة بحقهم وانتشار البطالة في مناطقهم وانعدام الحريات وخنق الرأي والرأي الآخر في عموم سوريا وعدم وجود حرية التعبير في البلاد .
  فحطمت هذه الانتفاضة حاجز الخوف لدى الكرد وتم لاول مرة بعد الانتفاضة الآذارية الاعتراف بالوجود الكردي في سوريا وفتحت مساراً جديداً للتجربة النضالية الكردية .
وظهر التلاحم الكردي في كل مكان للعيان وكانت لهذه الانتفاضة نتائج على الصعيد المحلي والإقليمي والدولي ، بأن الشعب الكردي ، شعب أصيل يعيش على أرضه التاريخية وأنّ حقوقه مشروعة وقضيته عادلة . تحية وتقدير لذوي الشهداء والخلود لأرواح شهداء انتفاضة آذار.

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

د. محمود عباس قُتل محمد سعيد رمضان البوطي لأنه لم ينتمِ إلى أحد، ولأن عقله كان عصيًا على الاصطفاف، ولأن كلمته كانت أعمق من أن تُحتمل. ولذلك، فإنني لا أستعيد البوطي اليوم بوصفه شيخًا أو عالمًا فقط، بل شاهدًا شهيدًا، ضميرًا نادرًا قُطع صوته في لحظة كانت البلاد أحوج ما تكون إلى صوت عقلٍ يعلو فوق الضجيج، مع…

صديق ملا   إن قراءة سريعة ومتفحصة للتاريخ المعاصر في الشرق الأوسط يستنتج : أن هذا الشرق مقبل على تحولات كبرى ، فالدول التي أنتجتها إتفاقية (سايكس_بيكو)ستتفكك لا محالة ليس فقط بتأثير النظام العالمي الجديد ، بل بتأثير يقظة الوعي القومي للشعوب المستعمَرة أيضا… فالتطورات التي حدثت بعد ثورات الربيع العربي ابتداءاً بتونس ومصر وليبيا وأخيراً سورية قد أرعبت الدول…

خالد بهلوي   تُعَدّ العلاقات الاجتماعية جزءًا أساسيًا من حياة الإنسان، إذ تلعب دورًا جوهريًا في بناء شخصيته وتشكيل نظرته إلى الحياة. فالإنسان بطبيعته كائن اجتماعي لا يستطيع العيش بمعزل عن الآخرين، مما يجعل هذه العلاقات ضرورية لتحقيق التوازن النفسي والعاطفي. ورغم دورها الإيجابي، فإن للعلاقات الاجتماعية جوانب سلبية قد تؤثر على الأفراد والمجتمعات بطرق مختلفة. في سوريا، تتميز…

عُقد يوم الثلاثاء الموافق ٢٢ نيسان ٢٠٢٥ لقاءٌ مشترك بين المكتب السياسي للحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا برئاسة سكرتيره الدكتور صلاح درويش، ووفد من المكتب التنفيذي لحركة الإصلاح الكردي – سوريا برئاسة المنسق العام الأستاذ فيصل يوسف، وذلك في مقر الحزب بمدينة القامشلي. تناول اللقاء عدداً من القضايا ذات الاهتمام المشترك، وكان أبرزها: ١. مناقشة آخر المستجدات على الساحة…