خامنئي يواجه كابوسًا جديدًا: «مقاطعة الانتخابات تزلزل أركان النظام»

نظام مير محمدي* 
يمكن تعريف الحدث المهم ليوم الجمعة الأول من شهر مارس في إيران على النحو التالي:
تم التأكيد في جبهة الشعب على مواصلة الحراك الثوري الذي بدأ منذ سبتمبر 2022 بتعزيز مسار إسقاط النظام وانهيار هرم السلطة، ورفض سياسة الانكماش التي انتهجها خامنئي ورسم خط البطلان بدعوى الانفتاح والتنمية والتغيير من خلال المؤسسات الحكومية التي تم تطهيرها من الأشخاص غير المرغوب بهم من قبل خامنئي.
لقد حاول خامنئي وملالي العصور الوسطى، بكل أدوات الحكومة والإعلام في أيديهم، أن يجعلوا المشاركة في الانتخابات و”التصويت” واجباً دينياً واعتبار “عدم التصويت” موضوع ضد “الدين والله” وبمثابة “إعطاء الرأي والصوت للعدو”.
وكما قال خامنئي في اللحظات الأخيرة قبل بدء الانتخابات، “أسعد أصدقاءك وخيب ظن أعدائك”.
لذلك يمكن الاستنتاج أن المقاطعة واسعة النطاق للشعب الإيراني كانت بمثابة “لا” حاسمة للدين الإجباري وكل الدعاية الحكومية السامة وضربة قوية لخامنئي ومناشداته المتكررة.
ومن الجدير بالذكر أن؛ في إمبراطورية الأكاذيب والدعاية الحكومية الواسعة، يعتبر نشر الإحصائيات حول الفقر والبؤس والتضخم والبطالة وجميع أنواع الاضطرابات الاجتماعية والاقتصادية مسألة أمنية وجريمة أيضاً.
ولذلك، فمن الطبيعي ألا يتوقع المرء التحقق من صحة عرض الإحصاءات الحكومية المتعلقة بمشاركة الشعب في الانتخابات.
ولذلك فإن إحصائيات المشاركة الانتخابية التي يبلغ عدد أفرادها 25 مليون نسمة و40% التي تقدمها أجهزة النظام ووسائل الإعلام التابعة له، هي في الأساس غير صحيحة.
حسب الإحصائيات التي أعلنتها الهيئة الاجتماعية لمنظمة مجاهدي خلق داخل البلاد، فإن “إجمالي عدد الناخبين في 1941 مركزاً للاقتراع بما في ذلك المراكز الكبيرة والمتوسطة والصغيرة في طهران ومدن وقرى ومناطق البلاد، تم رصدها بشكل مستمر من الساعة 8 صباحاً حتى الساعة 24 مساء، بلغ 156597 ناخباً، أي بمعدل 81 ناخبا في كل مركز اقتراع. وبالنتيجة، يبلغ عدد الناخبين في 59,000 مركز في جميع أنحاء البلاد حوالي 4,779,000 وهو ما يعادل تقريبا 5 ملايين. وهكذا، كانت النسبة المئوية من الإقبال حسب 61.172.298 صوت، 8.2 بالمائة للناخبين المؤهلين.”
ويمكن ملاحظة المستوى الحقيقي لمشاركة الناس في الانتخابات التي جرت في أول جمعة من شهر مارس/آذار من خلال تقارير الزملاء الصحفيين في الحسابات الشخصية والفضاء الإلكتروني، وإدراج الصور التي تم التلاعب بها في وسائل الإعلام الحكومية، ورد فعل أفراد العصابة المهزومين، ومساومات عشرات المسؤولين الحكوميين مع بعضهم البعض، والاحتجاجات الساخرة لأولئك الذين لم يصلوا إلى مجلس الخبراء ومجلس شورى الملالي وأدلة أخرى لا حصر لها.
واعتبرت معظم وسائل الإعلام التابعة للنظام أن “العدد الكبير من الأصوات الباطلة وتراجع المشاركة” من بين “المفاجآت الجديدة للانتخابات” في هذه الفترة. وفي قناة التلغرام خبر عاجل مفاده: “الأصوات الباطلة فازت بانتخابات البرلمان الـ12”!
وكتبت صحيفة الاعتماد الحكومية: “أغلب المشاركة مرتبطة بأصوات باطلة”!
وأعلنت صحيفة جاوا التابعة للحرس الثوري الإيراني أن مقاطعة انتخابات البرلمان الثاني عشر أكثر من أي مقاطعة أخرى وهي مؤشر على هذه الانتخابات.
وكتب حسين صارمي، مراسل حكومي، على موقع إكس: “الوضع الانتخابي في طهران بائس! 20% صوتوا، 10% منهم باطلون!
في الحقيقة؛ وفي انتخابات اليوم الأول من شهر مارس، عُرضت صورة النار تحت رماد المجتمع المحتج والمطالب بإسقاط النظام. وهذا خلافاً للتقرير الذي ورد في صحيفة كيهان التابعة لخامنئي والتي يرأسها الحرسي حسين شريعتمداري.
وزعمت صحيفة كيهان، وهي في الحقيقة الناطقة بلسان خامنئي، أن “الشعب أكد على استمرار النظام من خلال المشاركة في الانتخابات”! وهو أمر مختلف تماماً عن واقع المشهد.
لأن الحقيقة هي أن الشعب الإيراني هز الأرض تحت أقدام الملالي مرة أخرى بمقاطعته القوية لمسرحية انتخابات الملالي، وتحول هذا الحدث المهم إلى كابوس آخر لخامنئي الذي توسل مرارا وطلب المشاركة الفعالة في الانتخابات خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة.
ويمكن القول إن عواقب هذه الانتخابات الهزيلة والمتراجعة للغاية ستكون ضارة جدًا بنظام ولاية الفقيه وخامنئي نفسه. لأن الـ “لا” الحاسمة التي نطق بها الشعب الإيراني تمهد الطريق لانتفاضات لاحقة وهي إشارة إلى الإطاحة الوشيكة بنظام الملالي الاستبدادي الحاكم.
*كاتب حقوقي وخبير في الشأن الإيراني

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

خالد بهلوي تحت شعار “وقف العنف والتهجير – العيش المشترك بسلام”، وبمبادرة من مجموعة نشطاء من الشابات والشباب الغيورين، شهدت مدينة إيسين الألمانية يوم 21 ديسمبر 2024 وقفة احتجاجية بارزة للتعبير عن رفض الاحتلال التركي والتهديدات والانتهاكات التي يتعرض لها الشعب الكردي المسالم. الحضور والمشاركة: حضر الفعالية أكثر من مائه شخصً من الأخوات والإخوة الكرد والألمان، إلى…

د. محمود عباس ستكثّف الولايات المتحدة وجودها العسكري في سوريا وستواصل دعمها لقوات سوريا الديمقراطية (قسد) والإدارة الذاتية. تدرك تركيا هذه المعادلة جيدًا، وتعلم أن أي إدارة أمريكية قادمة، حتى وإن كانت بقيادة دونالد ترامب، لن تتخلى عن الكورد، لذلك، جاء تصريح أردوغان بعد عودته من مصر، ووزير خارجيته من دمشق اليوم كجزء من مناورة سياسية تهدف إلى تضليل الرأي…

شادي حاجي المرء لا يذهب إلى طاولة المفاوضات وهو خالي الوفاض وإنما يذهب وهو متمكن وقادر والمفاوض يكشف أوراقه تدريجياً تبعاً لسير العملية التفاوضية فعند كل منعطف صعب وشاق يقدم المفاوض بطريقة أو بأخرى معلومة ولو صغيرة حول قدراته على إيقاع الأذى بالطرف الآخر من أجل أن يكون مقنعاً فعليه أن يسأل عن مقومات الندية والتي تتركز على مسألة القوة…

إبراهيم اليوسف منذ سقوط النظام المجرم في 8 كانون الأول 2024 وتحول السلطة إلى السيد أحمد الشرع، بات السوريون، سواء أكان ذلك في العاصمة دمشق أو المدن الكبرى والصغرى، يتطلعون إلى مرحلة جديدة يتخلصون فيها من الظلم والاستبداد. حيث سنوات طويلة من مكابدات المعذبين في سجون الطاغية الأسد وأبيه”1970-2024″ كانت كفيلة بتدمير أرواح مئات الآلاف. إذ إن بعض…