الإستثمار في التناقضات

 

مروان سليمان

 

 يسعى العالم أجمع إلى طلب المساعدة لتوجيه الإقتصاديات و تحسين الأداء لكي تبتعد بنفسها عن الدخول في الأزمات حيث أن بعض الدول تتحسن الأداء الإقتصادي لديها و تنأى بنفسها عن دوامة العنف مثل الصين و أيضاً هناك من يستمر في إثارة القلاقل و المشاكل في العالم و إثارة الصداع للدول الغربية بشكل خاص مثل روسيا.
كل دول العالم تسعى إلى تأمين نفسها و حماية شعبها و الحفاظ على التوازنات الدولية فإن الغييرات الحالية و السريعة التي تحدث للعالم في فترات متقاربة و بشكل غير متوازن يجعل من بعض الدول تحت التهديدات المباشرة تارة بسبب مواقعها الجيوسياسية و تارة كقوة إقليمية للوقوف في وجه الأطماع الأخرى و فرض نفسها في المنطقة و من بين هذه الدول تركيا التي تسعى إلى التخلي عن كل سياساتها الماضية التي ربطت نفسه بها في دعم جماعات التطرف الديني و القوى الإرهابية في المنطقة سواء الإخوان المسلمين أو داعش و جماعات إرهابية أخرى تعمل لصالح الأجندات التركية سواء في سوريا أو العراق أو ليبيا و غيرها.

 

و عندما أدركت القيادة التركية أن تصرفاتها و أكاذيبها أصبحت مكشوفة بشكل واضح و بأن ما تسعى إليه هو عبارة عن شعارات و صراعات هامشية أعادت ترتيب أوراقها في المنطقة و تصالحت مع روسيا و السعودية و مصر في آخر المطاف مع تحجيم دور الجماعات المتطرفة مثل الإخوان المسلمين في تركيا و حتى تم طرد البعض منهم و سحب الجنسية التركية من البعض الآخر. و في المقابل حافظت على العلاقة مع أوروبا مع بعض الشوائب التي لم تفسد للود قضية بينما بقيت مع الولايات المتحدة الأمريكية عند حدود المعقولية و خاصة عندما فشلت القيادة التركية في فرض صيغ الأمر الواقع في سوريا أو ليبيا و بعض المناطق الأخرى.
ظهرت المواقف الضبابية لدى تركيا في الحرب الأوكرانية الروسية التي فرضتها روسيا و احتلت الأراضي الأوكرانية عندما إدعت تركيا بأنها تقف على الحياد و تتبع سياسة مستقلة و لذلك فقدت تركيا مصداقيتها لدى الكثير من دول العالم و لكن الظروف و الأوضاع العالمية كانت تصب مباشرة في مصلحة النظام التركي و كانت صفقة تصدير الحبوب من أوكرانيا عبر تركيا أكبر مثال على ذلك و بقيت تركيا هي الوحيدة التي كانت تتواصل مع الغرب من جهة و مع روسيا و من يواليها من جهة أخرى و أصبحت الأمور صعبة جداُ في تحديد الموقف التركي و أين تقف تركيا مع روسيا أم أوكرانيا؟
مع فقدان تركيا لمصداقيتها لدى الغرب لم يستغي الغرب عنه و كان لا بد من الإستفادة من موقعها التي تتوسط بين القارتين الأوربية و الأسيوية بالإضافة إلى مجاراته لروسيا فوضعت تركيا نفسها في موقع السماسرة و المهربين و إستثمار الأزمة.
و هكذا بنت القيادة التركية سياستها في سبيل الإستفادة الإقتصادية و السياسية من صفقة الحبوب بين روسيا و أوكرانيا من أجل بيع أسلحتها المتطورة لأوكرانيا و تطوير علاقتها مع روسيا من أجل خسارتها في الحرب.
تبحث تركيا اليوم عن تحالفات جديدة بعد خسارتها على الرهان الإخواني في سوريا و ليبيا و مصر و ما كانت تبيته من النية الحاقدة تجاه دو الخليج و خاصة السعودية و الإمارات و لذلك قررت إعادة النظر في سياساتها الخاطئة عسى أن تستفيد منها في المستقبل من أجل وقف دوامة العنف المدعومة من قبل تركيا من جهة و من جهة أخرى أن تكون الصورة قد توضحت للعالم و خاصة العربي و الإسلامي بأن النظام التركي هو أكبر مهرج و كذاب في الإستثمار بالدين و الديانة.
السلك التربوي – المانيا

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

ماجد ع محمد بعد أن كرَّر الوالدُ تلاوة قصة الخريطة المرسومة على الجريدة لأولاده، شارحاً لهم كيف أعادَ الطفلُ بكل سهولة تشكيل الصورة الممزقة، وبما أن مشاهِدَ القصف والتدمير والتدخلات الدولية واستقدام المرتزقة من دول العالم ومجيء الجيوش الأجنبية والاقليمية كانت كفيلة بتعريف أولاده وكل أبناء وبنات البلد بالمناطق النائية والمنسية من بلدهم وكأنَّهم في درسٍ دائمٍ لمادة الجغرافيا، وبما…

صلاح بدرالدين لاتحتاج الحالة الكردية السورية الراهنة الى إضفاء المزيد من التعقيدات اليها ، ولاتتحمل هذا الكم الهائل من الاخذ والرد اللذان لايستندان الى القراءة العلمية الموضوعية ، بل يعتمد بعضها نوعا من السخرية الهزلية وكأن الموضوع لايتعلق بمصير شعب بكامله ، وبقدسية قضية مشروعة ، فالخيارات واضحة وضوح الشمس ، ولن تمر بعد اليوم وبعبارة أوضح بعد سقوط الاستبداد…

المهندس باسل قس نصر الله أتكلم عن سورية .. عن مزهرية جميلة تضمُّ أنواعاً من الزهور فياسمين السنّة، ونرجس المسيحية، وليلكة الدروز، وأقحوان الإسماعيلية، وحبَق العلوية، ووردة اليزيدية، وفلّ الزرادشتية، وغيرها مزهرية تضم أطيافاً من الأكراد والآشوريين والعرب والأرمن والمكوِّنات الأخرى مزهرية كانت تضم الكثير من الحب اليوم تغيّر المشهد والمخرج والممثلون .. وبقي المسرح والمشاهدون. أصبح للوزراء لِحى…

د. آمال موسى أغلب الظن أن التاريخ لن يتمكن من طي هذه السنة بسهولة. هي سنة ستكون مرتبطة بالسنوات القادمة، الأمر الذي يجعل استحضارها مستمراً. في هذه السنة التي نستعد لتوديعها خلال بضعة أيام لأن كان هناك ازدحام من الأحداث المصيرية المؤدية لتحول عميق في المنطقة العربية والإسلامية. بالتأكيد لم تكن سنة عادية ولن يمر عليها التاريخ والمؤرخون مرور الكرام،…