أفـواه لا تكف عن النفـخ في بالون الأوهام

ديـــار ســـليمان

لا أُحـب الطُغـاة الثـوريين، انهم يمنحـون أنفسهم شـيكآ مفتـوحآ على بيـاض يغفلـون فيه عدد الضحايا الذين ينبغـي صرفه على مجـدهم الشخصي ، فهم لا يكـترثون بإحصـاء (خسائرهم الحربية) تلك، و يلجأون الى جميع الوسائل و خاصة الغير مشروعة للتجميع الحظـائري للبشر المؤمنين أو المجـبرين على الأيمـان بالمبـدأ العسكري القائم على نفـذ ثم (نفـذ) و الذين يقومون بإلغاء دورالعقل و جعلـه محصـورآ و مقتصـرآ على التـبرير والتفـسير لدرجـة الأبـداع لكل ما يتفـوه به الطاغية الذي (لا ينطـق عن الهـوى)، فينسى هؤلاء آدميتهم و يتحـولون الى أدوات لتنفيذ مآربه مهما تعارضت مع ذواتهم التي لا يبقى لها وجود حيث تذوب و تضيع في ذات الطاغية، و خاصة إذا ما قدمت خلطـة مكونة من المجـد الشخصي مغلـفة بهدفٍ سامي  في زمـنٍ فقـيرٍ بالانتصارات فترى (الأتبـاع) يدخـلون في حـظيرته أفواجـآ و يتقاطرون عليه كتهافت الفراشات على النـار.

 و يقوم هؤلاء بتنفيذ أوامـره أو ما يتخيلون أنه ينسجم مع رغباتـه، كما يغيظهم رؤية من يخفق بأجنحته في السماء فيتصرف كل منهم كالطائر الذي أدمن القفص يحاول استدراج غيره إليه بدلآ من الأنضمام الى السرب الطائر، و القصة التي أوردها تلقي جانبآ من الضوء على ذلك الواقع: (كان المساء أخرسآ والجـو باردآ وكانت السماء تمطـر، طرقنا بابه ففتح لنا، سحـبناه من بين أطفاله و أجبرناه على المسـير بيننا نحن الأربعة، و بعد أن أصبحنا في زقاق جانبي و عرفناه على أنفسنا و بأننا نستطيع أن نقتله أنهلنا عليه بالضـرب المـبرح، كان ممنـوعآ عليه حتى الصراخ، بعد فترة سقط على الأرض الموحلـة فلم نتوقف عن ركله على كل انحـاء جسده، ويبدو أنه فقد وعيه أو مات إذ لم يعد يتحرك، تركناه و قد اختلط عرقنا بالمطر و ذهبنا الى ركنٍ نراقب ردة فعله فيما لو أفاق، بعد مدة بدأ يتحرك ثم حاول النهوض فلم يستطع، فبدأ يزحف و يحبو الى أن وصل الى باب منزله فأنصرفنا) لم يكن هذا جـزءآ من رواية درامية بل اعتراف من أحد أعضـاء (القـوة التنفيـذية) في ذلك الزمن الذي تمت تسميته بالزمن الوغد عندما كان يتم بمثل هذه الطـرق إرهاب الآمنين و تجييش الأنصـار الذين شكل منهم ممن لم يتورط بخسائر فادحة ما يشبه جيشـآ من المنافقين حيث أنقلـبوا على أعقابهم عندما سـنحت لهم الفرصة و زال الخوف.
لا يمكن لحزبٍ أن يكون بوجهين، وان يكون له خطابين واحد للاستهلاك المحلي و الآخر للتصدير الخارجي، إذ كيف يمكن للخط الوهمي المسمى الحدود التركية أن يحول حزب العمال الكوردستاني الى حملٍ وديع يتسول الديمقراطية التركية داخل هذا الخط  في الوقت الذي يقدم نفسه كبطل لتحرير كوردستان خارجه، و اذا كان ذلك ينطلي على البسطاء فمن الصعوبة بمكان النجاح في تقديم القضية الكوردية بوجهـين مختلـفين للعالم، إذ لم يعد بالأمـكان خـداع الآخرين فما بالك بإبتزازهم، كما لم يعد بالإمكـان الرقص على أنغـامٍ يتم نسجها في الظـلام في ظـروف غير صحية و تمر في أقنية معادية، كما أن لكل حالة مواصفاتها فلا يمكن حلها بالقياس الى حالات مشابهة، لذلك ينبغي مواصلة السعي لتحرير القضية الكوردية من حالة الأرتهان القائمة التي تستخـدم فيها أساليب رخيصة عفى عليها الزمن من قبيل تخـوين الآخرين و المزاودة بإستخدام دمـاء الشهداء كقميص عثمان لابقائها رهينة و تأخـير ظهـور الحقيقة، وهنا أتسائل: ألا يعتبر قتلى أحد الطرفين المتحاربين لوحدهم شهداء دون الآخرين في الطرف المقابل؟ وهنا أدعي بأن القتلى الكورد في الصراع مع الجيش التركي هم الشهداء، لكن عندما يعتذر قادة العمال الكوردستاني من أمهات الجنود الأتراك و يعتبرون أبنائهن شهداء فماذا يمكن أن يكون قتلانا في هذه الحالة؟ و من الذي يمكن أن يعتذر من أمهاتهم؟ و كيف تكون قضيتنا عادلة و نحن نحارب جيش نعتبر من يسقط برصاصنا منه شهيدآ، ألا تتناسب عدالة القضية مع مفهوم الشهادة طردآ؟ أليست هذه قمة الأستهانة بعواطف الشرفاء و قبل ذلك بعقـولهم.
قـرأت اليوم لأحد الكتاب عن (أداء القيادة الكردية مع أزمة العمال الكردستاني) مقالآ يكشف حقآ أزمة في الأداء لدى البعض، يتحدث كاتبنا من ضمن ما يتحدث عنه عن فرض الحصار الأقتصادي على حزب العمال الكوردستاني من داخل أقليم كوردستان و فرص نجاح هذا الحصار، أرجو أن تلاحظوا أن رئيس  كوردستان و رغم كل المخاطر الجدية رفض إعتبار الحزب المذكورمنظمة إرهابية ورفض التعامل معه على أساس الموقف الدولي منه بل بناءً على مقتضيات  قومية تتعارض مع الأجماع الدولي و تغض الطرف عن سياسات هذا الحزب و تتحمل كل ما يترتب على ذلك من نتائج، كما رفض الأذعان للمطالب التركية بتسليم أعضائه، فكيف يمكن تصديق اندفاعه والحال كذلك الى مثل الأجراءات، لا بل ان فضائية (روج) التي أتهمنا البعض بأننا لا نعرفها و بوجوب أعتمادها مصدرآ وحيدآ للمعلومات، قد ذهبت الى حد القول بأن سلطات كوردستان تقوم بمصادرة المواد التموينية من سكان القرى القريبة من أماكن تمركز المقاتلين إذا كانت هناك مبالغة في الشراء..كذا!
المصادر الاعلامية لكاتبنا الدائم الشكوى من  قلة الوقود و شحة المواد الغذائية في إقليم كوردستان تشير حرفيآ (الى أن حزب العمال الكوردستاني بدأ منذ يومين بتوزيع الوقود على سكان القرى القريبة من مقراته في جبل قنديل، و تعهد لهم بتقديم الامدادات الغذائية و الوقود في حال إغلاق الطرق المؤدية الى الجبل)، ربما فات هذا الكاتب أن يذكر أن دولة قنـديل قد أصبحت عضـوآ في منظمة الدول المصدرة للنفـط (أوبيك) و أنها تتحكم بأسعار السوق العالمية، و مع اضافة حكاية التهديد بالتدخل العسكري في قامشلو من قبل قوات الحزب والتي تحتاج الى قوات تدخل سريع  تمتلكها دول الناتو فقط..

يتضح حجم البؤس الذي يغلف خطاب البعض، فما دامت هذه الدولة تمتلك كل هذه الامكانات والثروات اليس الأولى بها أخوتنا الكورد في كوردستان تركيا أم أن (كلـه تمـام) هناك و الجميع يعيش في نعيم مقيم وهناك فائض في الحاجة و لذلك فمن الأجدر تقديمه على شكل مساعدات أخوية لاقليم كوردستان وبشكل خاص تمديد أنبوب نفطي الى مدفأة صاحبنا ضمن صفقة النفط مقابل الثـرثــرة، علّ ذلك  يخفف من حنينه الى أيام الطاغية النافق فيتدفأ على نيران مثل هذه الأساطير التي لا تشبه حتى أفلام غراندايزر، عجبـي!

 14.11.2007

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

اكرم حسين في خطوة جديدة أثارت استياءً واسعاً في اوساط السكان ، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي قراراً منسوباً لهيئة الاقتصاد التابعة “للإدارة الذاتية” برفع سعر ربطة الخبز من 1500 ليرة سورية إلى 2000 ليرة سورية ، وقد جاء هذا القرار، في وقت يعاني فيه اهالي المنطقة من تهديدات تركية ، وضغوط اقتصادية ، وارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة….

عبدالله ىكدو مصطلح ” الخط الأحمر” غالبا ما كان – ولا يزال – يستخدم للتعبير عن الحدود المرسومة، من لدن الحكومات القمعية لتحذير مواطنيها السياسيين والحقوقيين والإعلاميين، وغيرهم من المعارضين السلميين، مما تراها تمادياً في التقريع ضد استبدادها، الحالة السورية مثالا. وهنا نجد كثيرين، من النخب وغيرهم، يتّجهون صوب المجالات غير التصّادمية مع السلطات القمعية المتسلطة، كمجال الأدب والفن أو…

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…