صلاح بدرالدين
حسب ظني يعلم الجميع انني ومنذ مغادرتي العمل التنظيمي، وموقعي الأول في حزبي آنذاك ( الاتحاد الشعبي ) طوعا، وبارادتي الحرة، ولأسباب أعلنتها حينها عام ٢٠٠٣، أي قبل نحو اكثر من عشرين عاما، لم افكر لحظة ان اتبوأ موقعا قياديا لا في أحزاب الحركة الكردية، ولا في مؤسسات المعارضة السورية، وكان ذلك متوفرا لي ومازال، كما انني وفي السياق ذاته لست على خلاف شخصي مع احد في أحزاب طرفي الاستقطاب الكردي وفي صفوفها أصدقاء شخصيين اعزاء، ولااحمل الضغينة تجاه احد، فقط لن اغفر لكل من تسبب وتعاون مع أجهزة النظام ضد الحركة الكردية، ومن ساهم في ابعادي عن وطني وهو حصرا نظام الاستبداد البعثي الاسدي، ومن منعني من العودة الى قريتي ومنزل والدي، وبين اهلي، وشعبي بعد الثورة السورية المغدورة، وهي سلطة الامر الواقع لحزب – ب ي د -، ولست بالتالي في حلبة المنافسة مع احد، وكل ما اطرحه نابع من قراءة موضوعية حرة مستقلة، ومن ايماني بان مشروع حراك ” بزاف ” لاعادة بناء الحركة الكردية السورية هو الخيار الأمثل، ومن جملة ماتوصلت اليها من نتائج في السنوات الأخيرة ولااخفيها حيث لم يعد سرا : ان طرفي الاستقطاب الحزبي الكردي صنوان متكاملان من حيث المبدأ رغم بعض التباينات الشكلية.
لن ادخل بهذه العجالة في تفاصيل المواقف السياسية للطرفين وهي معروفة وتناولناها عديد المرات تجاه القضايا الوطنية، والناي بالنفس عن رفع شعار اسقاط نظام الاستبداد بالوسائل السلمية، وعدم تبني اهداف الثورة السورية، وتجاهل سبل حل القضية الكردية السورية ومطالب الكرد، ومبدا حق تقرير المصير في اطار سوريا الجديدة الموحدة، ورفض الحوار الكردي الكردي، وكل المبادرات التوحيدية حول إعادة بناء الحركة الكردية السورية وعدم الالتزام بمسالة القرار الكردي السوري المستقل، والتبعية لاجندة الخارج، ولن اسرد بنود اتفاقيات أربيل، ودهوك، بشان المحاصصات الحزبية، واتفاق الطرفين حولها، كما لن اخوض نقاشات حول الشبهات التي تحوم حول اختراقات في صفوف مسؤولي – الانكسي – خصوصا المتواجدين في مناطق نفوذ الطرف الاخر، وعن ادعاءات ( النضال المعارض في ظروف صعبة !؟ )، فقط اطرح احد اهم مواضيع الوجود المصيري للكرد السوريين وهو مايتعلق بالمهجرين، والنازحين الذين يؤثرون بشكل مباشر في مصير الكرد وجوديا بمناطقهم، وتحديدا الكم الهائل في إقليم كردستان العراق، حيث تلتقي مواقف الطرفين بوضوح.
طرف يهجر بشكل غير مباشر ويخلي المناطق من سكانها الكرد الأصليين لاسباب متعددة، وطرف لايمانع التوطين ولايسعى لعودة المهجرين من خارج سوريا.
منذ ان بسطت جماعات – ب ك ك –سلطتها الحزبية بقوة السلاح، وبدعم مباشر من سلطة النظام بدايات عام ٢٠١٢ على معظم المناطق الكردية السورية، تتحمل لوحدها مسؤولية موجات التهجير القسري من الجزيرة وكوباني، ومع النظام، والفصائل المسلحة المحسوبة على الائتلاف في النزوح المستمر حتى الان من عفرين ومدينة حلب وريفها، وتل ابيض، وراس العين، والتي طالت مئات الالاف خصوصا الجيل الشاب، والمنتجين حتى بلغت نسبة الوجود الكردي في مناطق الإباء والاجداد اقل من النصف بكثير.
ارتفعت أصوات، وطرحت مبادرات من اجل توفير الشروط المادية واللوجستية لاعادة المهجرين، والنازحين في إقليم كردستان العراق، ( وهذه لب المشكلة الكردية في الوقت الراهن كما أرى ) وهم حسب الإحصاءات الرسمية يربو على ( ٣٠٠ الف )، ومن المفترض وبحكم علاقات – الانكسي – بالاقليم، ووجود معظم مسؤوليه هناك، ان يلبي نداء الواجب، ويطلب من حكومة الإقليم المساعدة اللازمة بمافي ذلك طلبها بتدخل التحالف الدولي، لتحقيق هذا الهدف الأهم في المرحلة الراهنة، خاصة وان التعقيدات، والصعوبات، والحساسيات القومية، والدينية، والمذهبية التي تواجه عودة السوريين بشكل عام ومن ضمن ذلك المواقف السياسية لدول الاستقبال تنتفي في الحالة الكردية، كما ان تمويل إعادة عشرات الالاف اقل كلفة من عودة الملايين على الصعيد السوري، ولكن وبدلا من ذلك، تسعى أحزاب الانكسي الى توفير، وتحسين شروط التوطين وليس العودة ( وهناك قرائن وشواهد على ذلك )، وقد يكون احد الأسباب التعويض بهؤلاء (الضحايا ) وفي مخيماتهم ( كمنطقة نفوذ ) لاحزاب الانكسي عوضا عن النفوذ المفقود في الوطن، وهنا تحديدا وفي هذا الموضوع الاستراتيجي تلتقي ارادات أحزاب طرفي الاستقطاب بصورة غير مباشرة.