زيادة عمليات الإعدام من قبل النظام الإيراني وتعزيز روح المقاومة!

 

نظام مير محمدي* 

 

في محاولة يائسة لسحق الاضطرابات، شرع النظام الديني الإيراني في تنفيذ عمليات إعدام غير مسبوقة في الأشهر الأخيرة. ولكن بدلاً من قمع المعارضة، تظهر الأدلة أن هذه الإستراتيجية الدموية لها تأثير معاكس من خلال تحفيز معارضة أكبر في المجتمع.
وفقًا لمنظمات حقوق الإنسان، تم شنق أكثر من 1000 شخص منذ بداية عام 2022 وحده، مع استهداف الأقليات والسجناء السياسيين بشكل غير متناسب. ومن بين أحدث الضحايا المنشق الكردي فرهاد سليمي والمتظاهر محمد غوبادلو، اللذين أُعدما بعد وقت قصير من انتهاء محاكمتهما الصورية.

 

إن مثل هذا التجاهل الصارخ للإجراءات القانونية الواجبة والعدالة الأساسية قد دق أجراس الإنذار في الداخل والخارج. وفي داخل إيران، أفاد النشطاء بوجود زيادة في التنظيم السري وأعمال العصيان المدني على الرغم من المخاطر المتزايدة. وقد ظهرت كتابات على الجدران تدين ””””نظام قتل الأطفال”””” في مدن كبرى مثل طهران وأصفهان.
كما تعمل الحملات عبر الإنترنت التي تقوم بها مجموعات الشتات على تضخيم الإدانة العالمية لعمليات الإعدام. وقد حصدت هشتاغات مثل أوقفوا الإعدام في إيران ولا للإعدام #StopExecutionsInIran  ملايين المشاهدات، في حين حصلت الالتماسات التي تحث على تحرك الأمم المتحدة على توقيعات مئات الآلاف. إن وحشية النظام توحد الإيرانيين عبر الحدود في تصميم مشترك ضد حكمه الشمولي.
ولعل الأمر الأكثر إثارة للقلق بالنسبة للثيوقراطية المحاصرة هو أن المعارضة تتخطى الآن الخطوط الطبقية والأيديولوجية. وحتى شخصيات المؤسسة انشقت عن الصفوف، حيث انتقد بعض رجال الدين والمشرعين العملية القانونية المحيطة بقضايا المحكوم عليهم بالإعدام. ويقوم المثقفون العامون بنشر رسائل مفتوحة تطالب بالإجراءات القانونية الواجبة والرأفة.
ويعكس هذا التآكل في الدعم داخل قواعد السلطة التقليدية للنظام فشل عمليات الإعدام في تحقيق هدفها المتمثل في بث الخوف. وبدلاً من ذلك، ومن خلال تسليط الضوء على خضوع القضاء الفاسد للمتشددين الأمنيين، فقد أدى ذلك إلى تطرف العديد من المواطنين المعتدلين الذين كانوا منفتحين في السابق على الإصلاحات.
وكما أشار أحد المحللين، فإن ””””النظام لا يترك مجالاً للشعب للتنفيس عن غضبه من خلال الوسائل المشروعة. وبالتالي فإن الاحتجاجات والمعارضة لن تؤدي إلا إلى انتشار المزيد رداً على ذلك””””. ومع قيام مجموعات المعارضة المنظمة مثل المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية /منظمة مجاهدي خلق الإيرانية بتنسيق المقاومة والتعبير عن بديل ديمقراطي، تبدو إمكانية التغيير أقرب من أي وقت مضى.
وبعد أن وضعوا أنفسهم في زاوية دموية، يواجه قادة النظام الآن خياراً: فإما مضاعفة العنف والمجازفة بالتعجيل بزوالهم، أو الحد من عمليات الإعدام والاعتراف بالضعف. وفي كلتا الحالتين، لا يمكن قمع موجة الإرادة الشعبية المطالبة بالحرية والعدالة. إن المستقبل المشرق يلوح في الأفق بالنسبة لإيران.
وجدير بالذكر، أنّ في صباح يوم الاثنين 29 يناير/كانون الثاني، أعدم جلادو خامنئي أربعة سجناء شباب من المواطنين الكرد هم محسن مظلوم (معروفي)، 27 عاما، من أهالي مهاباد، ومحمد (هجير) فرامرزي، 28 عاما، من أهالي دهكلان، ووفا آذربار، 26 عاما، من أهالي بوكان، وبجمان فاتحي، 28 عاما، من أهالي كامياران، في سجن قزل حصار.
وحكم القضاء في نظام الجلادين، في سبتمبر 2023على هؤلاء السجناء الذين اعتقلوا في أغسطس 2022، حكما بالإعدام على أساس اعترافات قسرية تحت التعذيب بتهمة التجسس لصالح الموساد. ووافقت المحكمة العليا للملالي على الحكم الصادر عن الفرع 26 من محكمة الثورة في طهران.
وفي اليوم نفسه، أعدم جلاوزة النظام سجينا آخر، هو علي رجبيان، في سجن قزل حصار.
* كاتب حقوقي وخبير في الشأن الإيراني

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

نبذة عن الكتاب: يسعدني أن أقدم لكم العمل البارز لصديقي العزيز، ريبرهبون، مؤلف كتاب ” نقد السياسة الكوردية (غربي كوردستان أولاً)”. هذا الكتاب هو استكشاف عميق للمشهد السياسي الكردي، يقدم نقداً ورؤية للمستقبل. إنه رحلة فكرية تمزج بين التحليل التاريخي والواقع الحالي، وتبحث في الحلول للتحديات التي يواجهها الشعب الكردي، خاصة في غربي كوردستان (روجافا). يقدم المؤلف تأملات صادقة في…

د. محمود عباس الزيارة المفاجئة التي قام بها أحمد الشرع، رئيس الحكومة السورية الانتقالية، إلى إسطنبول، لم تكن مجرد جولة مجاملة أو لقاء بروتوكولي، بل بدت أقرب إلى استدعاءٍ عاجل لتسلُّم التعليمات. ففي مدينة لم تعد تمثّل مجرد ثقلٍ إقليمي، بل باتت ممرًا جيوسياسيًا للرسائل الأميركية، ومحورًا لتشكيل الخارطة السورية الجديدة، كان الحضور أشبه بجلوس على طاولة مغلقة،…

جليل إبراهيم المندلاوي   في عالمنا الإسلامي، لا شيء يُوحِّدنا كما تفعل الخلافات، فبينما تفشل جهود الوحدة السياسية والاقتصادية، نثبت مرارا وتكرارا أننا نستطيع الاختلاف حتى على المسائل التي يُفترض أن تكون بديهية، وآخر حلقات هذا المسلسل الممتد منذ قرون كان “لغز” عيد الفطر المبارك لهذا العام، أو كما يحلو للبعض تسميته: “حرب الأهلة الكبرى”. فبعد أن أعلن ديوان الوقف…

قدم الرئيس السوري في المرحلة الانتقالية أحمد الشرع، السبت، تشكيلة الحكومة الجديدة، والتي تكونت من 22 وزيراً. وقال الشرع في كلمته خلال مراسم الإعلان عن الحكومة في قصر الشعب: “نشهد ميلاد مرحلة جديدة في مسيرتنا الوطنية، وتشكيل حكومة جديدة اليوم هو إعلان لإرادتنا المشتركة في بناء دولة جديدة.” وجاءت التشكيلة الوزارية على الشكل التالي: وزير الخارجية والمغتربين أسعد الشيباني وزير…