الفقر يفترس الشعب الإيراني.. أربعون بالمئة جياع!

نظام مير محمدي* 
في الوقت الذي يحاول فيه نظام الملالي الحاكم في إيران إشعال الحروب في المنطقة والمتاجرة بدماء الفلسطينيين الأبرياء في غزة، يعاني حالياً الشعب الإيراني من مجاعة حقيقية، حيث أصبح أربعون بالمئة من الشعب تحت خط الفقر المطلق، أي أنهم لايجدون رغيف الخبز.
وقال وحید محمودي، اقتصادي وأستاذ في جامعة طهران في تصريح، لموقع “تجارت نيوز” إن: “40 في المائة من سكان إيران دون الحد الأدنى للفقر المطلق” ، ورفض ادعاءات أن الفقر المطلق لا يوجد، مشددًا على أن :” الخطة التنموية السابعة لا تهدف إلى تقليل الفقر”.

 

من جانبها كشفت زهرا كاوياني، الباحثة في مركز البحوث البرلمانية في إيران، خلال اجتماع اقتصادي في طهران يوم الأربعاء، 27 كانون الأول/ ديسمبر، أن معدل الفقر في البلاد تجاوز 30 في المائة في عام 2022، مع تصنيف نحو 26 مليون شخص كفقير.
وأرجعت كاوياني خلال الاجتماع، الذي كان بعنوان “اتخاذ القرارات القائمة على الأدلة” باستضافة مركز تحليل البيانات في معهد شريف للدراسات الاقتصادية والصناعية، الإفقار الذي ألم بنحو ثلث سكان إيران إلى فشل السياسات الاقتصادية في البلاد، مؤكدةً أن زيادة مجرد إحصاءات التوظيف أو مساعدة الدعم لن تكون كافية لرفع الناس من حالة الفقر، وشددت على ضرورة تحسين السياسات الداعمة بدلاً من ذلك.
وأشارت كاوياني أيضاً إلى أن نسبة 65 في المائة تقريبًا من الأفراد في حالة الفقر لم تتمكن من الخروج من ظروفهم المتردية في عام 2021. وتشير هذه النسبة الصادمة إلى أن حوالي ثلثي السكان الفقراء يظلون محصورين في حالة الفقر، على الرغم من المساعدات الاجتماعية أو زيادة فرص التوظيف.
وأشارت كاوياني أيضاً إلى أن خط الفقر في محافظتي البرز وطهران يتجاوز الحد الأدنى للأجور. ولفتت إلى أن الحد الأدنى لخط الفقر للفرد في الشهر يبلغ حوالي 850,000 تومان، والذي يغطي فقط تكلفة الطعام، ويجب أن تؤخذ في اعتبارنا نفقات أخرى بالإضافة إلى هذا المبلغ.
ووفقًا لمسؤولي النظام، يتلقى ما يقرب من 70 في المائة من سكان إيران، دعماً مالياً، مما يشير إلى انتشار الفقر بسرعة، سواء كان ذلك فقراً مطلقاً أو نسبياً، وعلى مدى الأربعة عقود الماضية، ساهمت عوامل متنوعة في استمرار وزيادة الفقر.
إحدى المصادر الرئيسية لـ”التفاوت غير المبرر والضار” في المجتمع هي النظام السياسي الحاكم، الذي يتجلى من خلال وجود الحرس والقوات الأمنية ومختلف مؤسسات النظام.
لقد أدت هذه العوامل إلى الفساد والتفاوت داخل المجتمع الإيراني، أصبح التفاوت في المجتمع الإيراني شديداً، مع دخول مؤسسات الأمان والجيش، مما أدى إلى تدفق كبير من رؤوس الأموال من القطاع الخاص في الاقتصاد.
إن وجود هذه المؤسسات القوية، التي تستحوذ على موارد البنوك وتستخدم الموارد الوطنية لاستيراد السلع الفاخرة، قد عرقل نمو القطاع الخاص في البلاد. ونتيجة لذلك، يفتقر الاقتصاد إلى إمكانية الإصلاح طالما تستمر هذه المؤسسات في السيطرة.
جانب آخر حاسم يستدعي تغييرات جوهرية هو نظام البنوك في البلاد، الذي وصفته وسائل الإعلام  للنظام بأنه “ورم خبيث” داخل الاقتصاد، وادعى محمد رضا نقدي، نائب منسق حرس النظام، أن دخول الحرس  إلى الاقتصاد لم يكن دافعاً لتحقيق الربح وإنما رغبة في مساعدة الشعب، ولكن الواقع يظهر شيئًا آخر.
من المهم أن نذكر مقر خاتم الأنبياء، وهو الذراع الاقتصادي للحرس، الذي يحمل حاليًا لقب “أكبر مقاول” لمشاريع الحكومة.
نظام الضرائب في البلاد هو جانب آخر ضار يصيب الاقتصاد، حيث يتهرب مسؤولو النظام والكيانات وأنصاره، الذين يكونون عادة أثرياء، من دفع الضرائب، ويؤثر هذا التفاوت غير المبرر على جميع المواطنين، خاصة الجيل الشاب، ويعوق فرص نموهم.
تهدف ميزانية النظام لعام 2024 إلى تحقيق 50 في المائة من الإيرادات عبر الضرائب مقارنة بالعام السابق، مما يشير إلى زيادة كبيرة، وهذا يزيد من التفاوت بشكل أكبر، حيث ارتفعت الضرائب لهذا العام بنسبة لا تقل عن 61 في المائة مقارنة بعام 2022.
نقص الاستثمار في إيران عامل آخر ساهم في تسارع التدهور الاقتصادي، لقد لعبت التوازنات الميزانية دوراً كبيراً في تسبب التضخم الواسع، وتظهر بيانات النظام الأخيرة اتجاهاً متزايداً للتضخم، تستنزف هذه العوامل الموارد التي يجب تخصيصها للنمو الاقتصادي والاستثمار.
لا يمكن أن تحل ميزانية عام 2024 مشكلات اقتصاد إيران، حيث أن هذه عملية معقدة وطويلة، يبدو أن النظام يستخدم الدعم لإخفاء ارتفاع مستويات الفقر.
وتظهر أخطر عواقب الفقر في قوة العمل، حيث يؤثر الفقر على التعليم والرعاية الصحية والمهارات الأساسية، ونتيجة لذلك، يُتوقع أن تضعف قوة العمل في إيران، مما يؤدي إلى اضطرابات في الأساس الإنتاجي للبلاد.
وأعاقت الأزمة العمالية وهجرة العمال المهرة إلى البلدان المجاورة النمو الاقتصادي، وبالتالي، يمكن توقع انكماش اقتصاد إيران، إلى جانب تدهور أكبر في توزيع الموارد، مما يؤدي إلى زيادة التمييز.
إن الفقر يقلل من جودة وكمية الموارد البشرية القادرة، مما يؤدي إلى دورة مفرغة من الفقر تتجدد وتتعمق في تأثيرها.
من الواضح أن الحل الشامل ضمن النظام الحالي ليس ممكنًا بينما لا تظهر سلوكيات النظام التحول الهيكلي الضروري وتأسيس علاقة متوازنة مع العالم. وأفضل جانب لذلك هو الدعم الهدام للنظام لمختلف التوترات والحروب في الشرق الأوسط.
* كاتب حقوقي وخبير في الشأن الإيراني

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف تعود سوريا اليوم إلى واجهة الصراعات الإقليمية والدولية كأرض مستباحة وميدان لتصفية الحسابات بين القوى الكبرى والإقليمية. هذه الصراعات لم تقتصر على الخارج فقط، بل امتدت داخليًا حيث تتشابك المصالح والأجندات للفصائل العسكرية التي أسستها أطراف مختلفة، وأخرى تعمل كأذرع لدول مثل تركيا، التي أسست مجموعات كان هدفها الأساسي مواجهة وجود الشعب الكردي، خارج حدود تركيا،…

روني آل خليل   إن الواقع السوري المعقد الذي أفرزته سنوات الحرب والصراعات الداخلية أظهر بشكل جلي أن هناك إشكاليات بنيوية عميقة في التركيبة الاجتماعية والسياسية للبلاد. سوريا ليست مجرد دولة ذات حدود جغرافية مرسومة؛ بل هي نسيج متشابك من الهويات القومية والدينية والطائفية. هذا التنوع الذي كان يُفترض أن يكون مصدر قوة، تحوّل للأسف إلى وقود للصراع بسبب…

خالد حسو الواقع الجميل الذي نفتخر به جميعًا هو أن سوريا تشكّلت وتطوّرت عبر تاريخها بأيدٍ مشتركة ومساهمات متنوعة، لتصبح أشبه ببستان يزدهر بألوانه وأريجه. هذه الأرض جمعت الكرد والعرب والدروز والعلويين والإسماعيليين والمسيحيين والأيزيديين والآشوريين والسريان وغيرهم، ليبنوا معًا وطنًا غنيًا بتنوعه الثقافي والديني والإنساني. الحفاظ على هذا الإرث يتطلب من العقلاء والأوفياء تعزيز المساواة الحقيقية وصون كرامة…

إلى أبناء شعبنا الكُردي وجميع السوريين الأحرار، والقوى الوطنية والديمقراطية في الداخل والخارج، من منطلق مسؤولياتنا تجاه شعبنا الكُردي، وفي ظل التحولات التي تشهدها سوريا على كافة الأصعدة، نعلن بكل فخر عن تحولنا من إطار المجتمع المدني إلى إطار سياسي تحت اسم “التجمع الوطني لبناء عفرين”. لقد عملنا سابقاً ضمن المجتمع المدني لدعم صمود أهلنا في وجه المعاناة الإنسانية والاجتماعية…