كيف السبيل ليكون «2024» عام العبور نحو الحسم

 

صلاح بدرالدين

 

  أعوام سابقة مثقلة بالجراحات على مستوى المنطقة والعالم، فمنذ اختلال موازين القوى الكونية في الحرب الباردة، وانهيار المعسكر الاشتراكي، ووحدانية تحكم الغرب بقيادة الولايات المتحدة الامريكية بمصير العالم، ثم بروز قوى جديدة منافسة مثل الصين، وروسيا، انتقلت البشرية التي عانت في ظل المواجهات – الباردة – الى مرحلة شديدة السخونة، تتميز باختراق قواعد الصراع السابقة نحو المزيد من الشدة، وتجاوز القيم الإنسانية، والأخلاقية، تعتبر الفاشية، والنازية التي ظهرت ابان الحربين العالمتين الأولى والثانية وبكل مساوئها، ونتائجها الكارثية، مجرد – جنحة – امامها.
  عمليا وعلى ارض الواقع – الحرب العالمية الثالثة – مندلعة ولكن بشكل يختلف عن سابقتيه، فبدلا من المواجهات الحربية المباشرة بين جيوش المتصارعين من القوى الكبرى، يتصدر الوكلاء المحلييون الصفوف لانجاز المهام المطلوبة ومعظمهم من الجماعات، والفصائل المدربة المسلحة الدينية والمذهبية، والأيديولوجية الحزبية، والبعض منها من أصحاب سلطات امر واقعية وقتية لها ميزانياتها، واداراتها وتشكيلاتها الأمنية، وبدلا من العقائد العسكرية القديمة عندما كانت قوى المشاة تحتل الدول والاوطان وترفع اعلامها، فان الأسلحة الحديثة – الذكية – تقوم بتلك المهام عن بعد، وكل ذلك ضاعف من التعقيدات، والعراقيل امام الحلول.

 

  ومن جديدهذه الحرب العالمية الثالثة الشديدة القذارة، انها ليست بين العالم الحر وبين الفاشية، والنازية، وليست بين النظامين الاشتراكي  والراسمالي، بل يختلط فيها خصوصا بالشرق الأوسط صراع العقائد الدينية والمذهبية المتطرفة ( كما في حالة حرب إسرائيل – حماس ) وقبلها ( سوريا ولبنان، والعراق، واليمن )، ومحاور الشر، ونزعات الهيمنة، والتسلط، حيث غلبة نزعات النفوذ العنصري المغلف بالديني – المذهبي على الطابع التحرري الديموقراطي
  بلادنا تحترق لانها في قلب الازمة، وشعبنا ومن ضمنه الكرد من اكثر شعوب العالم معاناة ان كان خلال مرحلة التسلط الكامل لنظام البعث، او من بعد اندلاع الثورة المغدورة، فاكثر من نصف السوريين مهجرون، ونازحون، وهناك مئات الالاف من الضحايا، والمعتقلين، والمختطفين، والدمار شامل في معظم المناطق، وجرائم النظام وسيده الروسي تتوالى في إبادة البقية الباقية، والمحتلون الأجانب (روسيا، وتركيا، وايران، وامريكا) اما مساهمون في قمع وإرهاب السوريين او متواطؤون، او متفرجون.
  على الصعيد السوري مازالت الكيانات المعارضة المنبثقة عن (المجلس الوطني السوري) السيء الصيت  ومن ضمنها – الائتلاف – ومؤسساته الإدارية، والعسكرية الفصائلية التي تتحمل المسؤولية الأساسية في اجهاض الثورة تسير من فشل الى آخر، ولم تعد عنوانا جامعا لسوريي المعارضة، كما لم تتوقف المحاولات الجانبية من اجل إعادة هيكلة معارضة تمثل المكونات، والتيارات السياسية الوطنية، بعد اجراء المراجعة الكاملة، ولكنها تصطدم غالبا باصحاب المصالح الذين يحافظون على الوضع القائم، وكذلك النظام، ووكلاء المحتلين الأجانب، وسلطات الامر الواقع القائمة، وفي هذا المجال فان ظهور الحراك السلمي لشركاء الوطن في السويداء، وبما يحمله من اهداف ترمي الى إعادة احياء الثورة، بالشكل الجديد، احيت آمال السوريين، ووضعهم بالوقت ذاته امام مسؤوليات تاريخية لدعم الحراك، واسناده من خلال ترسيخ وحدة الصف، وتنظيم – حراكات – أخرى سلمية مماثلة في باقي المناطق السورية، وفي الوقت الذي نحيي حراك السويداء، ونشطائه، ومرجعيته الوطنية سماحة الشيخ حكمت الهجري، نامل وفي اسرع وقت ان تتوفر، وتتجذر عوامل الالتحام الوطني بين الحراك وباقي المناطق .
  في الحالة الكردية السورية المماثلة للوضع السوري العام ماعدا بعض الجوانب الخاصة، تستمر الحركة السياسية الكردية بالانشطار، والتشظي، في ظل صراعات أحزاب طرفي الاستقطاب، ويستمر سكان المناطق التابعة لسيطرة – سلطة الامر الواقع – التي يقودها – ب ي د – بالقلق على المصير، والبحث عن سبل للهجرة الى المجهول، وفي حين تصر الأحزاب على رفض كل المبادرات بشان إعادة بناء الحركة وتوحيدها، واستعادة شرعيتها عبر المؤتمر الكردي السوري الجامع الذي يدعو اليه حراك ” بزاف “، ومجاميع الوطنيين المستقلين  وهم الغالبية، اللذين يسعون جاهدين الى تغيير الوضع السياسي القائم عبر الحوار، والوسائل المدنية السلمية .
ولكن ماذا يريد السورييون ومن ضمنهم الكرد في العام الجديد ؟
كل المحاولات، والمبادرات، والمشاريع المتراكمة، كانت ومازالت تهدف بنهاية الامر الى تحقيق الحسم النهائي في القضايا التالية :
  ١ – اسقاط نظام الاستبداد بكل مؤسساته العسكرية، والأمنية، والإدارية، والاقتصادية، وإيجاد البديل الشعبي الديموقراطي المنتخب في ظل النظام السياسي العلماني المدني .
  ٢ – رحيل جيوش الاحتلال الأجنبي، والميليشيات .
  ٣ – ابطال سلطات الامر الواقع، وفك قواعدها .
  ٤ – رحيل مسلحي – ب ك ك – .
  ٥ – حل جميع أحزاب طرفي الاستقطاب الكردي .
  ٦ – تشكيل لجنة تحضيرية وطنية للاشراف على عقد المؤتمر الكردي السوري الجامع .
  ٧ – التوافق على مبدأ التسامح الوطني، وتحويل جميع الجرائم الى القضاء العادل .
  ٨ – قبول المحاور الكردستانية استقلالية القرار الكردي السوري المستقل .
     اغلب الظن ان المعنيين يعلمون ان ذلك سيتحقق بنهاية الامر بالسلم او الوسائل الأخرى،  وانجازه على وجه السرعة سيوفر المزيد من الضحايا البشرية، وسلامة البلاد والعباد واغلاق درب الالام، على امل ان يكون العام القادم هو عام الحسم، والسلام .

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

اكرم حسين   تمضي سوريا في أحد أكثر مراحلها التاريخية تعقيداً، حيث تتزاحم الأزمات وتتداخل التحديات في مشهد يشبه الركام. نظام قمعي راحل خلّف دولة فاشلة ، واقتصاداً مفلساً، ونسيجاً وطنياً ممزقاً، وأرضاً مباحة لكل من يريد الاستثمار في الفوضى والدم. لكن ما بعد السقوط لا يجب أن يكون سقوطاً آخر. ما نحتاجه اليوم ليس مجرّد حكومة جديدة، بل…

قمع النّظام الانتفاضة بمنتهى القسوة، وبلغ عدد المعتقلين نحو سبعة آلافٍ من الفتية والشباب وكبار السّنّ وبينهم نساءٌ.. وقد مارس معهم أشدّ أنواع التعذيب مثل: تكسير الأسنان، وقلع الأظافر، والصعقات الكهربائية، وتوفي بعضهم تحت التعذيب كالشهيد الشاب فرهاد محمد صبري. وجلب النظام قواتٍ عسكريةً كبيرةً بقيادة ماهر الأسد إلى الجزيرة، وطوّق الجيش والأمن قامشلو وبقية المدن والبلدات الكردية، وقامت بفصل…

إلى كل من يحاول عبثًا تغيير مسار التاريخ بأساليب رخيصة وبالية، تدين لجنة إحياء ذكرى الأمير إبراهيم باشا المللي، بأشد العبارات، الجريمة النكراء التي استهدفت قبر الأمير، في اعتداءٍ لا يمكن وصفه إلا بأنه محاولة بائسة لتشويه إرثه، والإساءة لتاريخ الشعب الكردي، وإشعال الفتن بين مكونات المنطقة عبر خطاب الكراهية والتحريض. لقد كان الأمير إبراهيم باشا، المعروف بلقب “مير ميران…

نظام مير محمدي*   تُغرق الأخبار المتعلقة بالمفاوضات النووية النظام الإيراني في دوامة من الأزمات الداخلية والخارجية. هذه الأزمات لا تقتصر على فئة معينة في الحكم، بل تشمل النظام بأكمله، وتتفاقم مع مرور الوقت. يمكن رؤية دلائل هذه الأزمات في خطب أئمة الجمعة، وردود فعل نواب البرلمان، والتناقضات في تصريحات المسؤولين.   التحدي الكبير للنظام حدد النظام الإيراني هويته…