منتصرون ……مادام الحزب بخير

صلاح بدرالدين
بداية الحكاية 
في حرب حزيران عام ١٩٦٧ وكماهو معروف تكبد جيش حزب البعث، ووزير دفاع النظام الدكتاتور المقبور حافظ الأسد هزيمة نكراء امام إسرائيل، حيث احتل جيش العدو القنيطرة، ومناطق شاسعة من الأراضي السورية، ووصل الى مشارف دمشق، وكما تبين لاحقا فقد امرت القيادة السورية حينها مغادرة أعضاء القيادتين القطرية والقومية العاصمة، والتوجه الى المحافظات الشمالية حفاظا على سلامتهم، وبالرغم من الخسائر البشرية بعشرات الالاف في صفوف المواطنين السوريين، واحتلال الأراضي، والنزوح بمئات الالاف، وهزيمة الالاف من الجنود، اعلن البعث الحاكم : ( انتصرنا مادام الحزب بخير، والنظام لم يسقط ؟! ) .

 

حزب – ب ك ك – والمسميات الاخرى
منذ اكثر من ثلاثين عاما يقدم الكرد في تركيا، وايران، والعراق، وسوريا الضحايا بعشرات الالاف على مذبحة – ب ك ك – وملحقاته، وتوابعه، في سوريا فقط ومنذ عشرة أعوام وحتى الان قدم الكرد السورييون اكثر من خمسة عشر الف ضحية من خيرة شبابهم، ومازال القتل مستمرا كل يوم مع استهداف مصادر عيش المواطنين، من جانب اكثر من طرف وفي المقدمة تركيا وذلك بذريعة ذلك الحزب، وفروعه السورية، هذا ماعدا المخطوفين، والمهجرين، والنازحين، في حين يعلن قادة – ب ك ك – ومسمياتها الأخرى بشكل شبه يومي عن انتصارات وهمية، وإعلان المبادرات، وإصدار بلاغات خلبية هدفها اشغال الناس وتخديرهم، آخرها اعلان ( العقد الاجتماعي الديموقراطي الكونفدرالي بين شعوب شمال وشرقي سوريا ؟؟!!!) .
انتصارات – ب ك ك – الوهمية في حقيقتها احد أ تعبيرات احتقار الانسان الكردي، وعدم احترام الضحايا عندما، يساوي بين قتل جندي مثلا من  الصف المواجه  مقابل عشرين او اكثر من الضحايا المدنيين، ويسترخص أرواح الناس، ليعود بادعاء النصر، والتسبيح باسم الحزب والقائد المفدى، ومن دون تحقيق اية خطوة نحو انتزاع الحقوق، وإرساء السلام العادل، وتحسين ظروف الشعب البائس .
ماذا عن أحزاب – الانكسي – ؟
أحزاب ( المجلس الوطني الكردي ) لاتعير الاهتمام اللازم بالقضايا المصيرية للشعب الكردي السوري، مثل الاستجابة لمبادرات إعادة بناء الحركة الكردية، والالتزام بمصالح الكرد السوريين عوضا عن خدمة الاجندات الخارجية،  والانصياع لشروط عقد المؤتمر الكردي السوري الجامع، وظيفتها التي تكاد تكون الوحيدة تامين سلاسة تدفق المعونة من المانحين، وانتعاش أحوال المتنفذين، واستلام المعلوم أوائل كل شهر، بكلمة موجزة  ديمومة، وسلامة، واستمرارية ( الحزب ) بكل فساده، واهترائه من الداخل، هو الهدف، وهو المطلوب، وهو النصر المبين ؟! .
حركة حماس – الحزب الحمساوي – 
  الحزب الحمساوي في قطاع غزة المنكوب، يحقق الانتصار تلو الانتصار يوميا وفي كل لحظة اذا اعتمدنا اعلامه المضلل، ورديفه اعلام النظام العربي الرسمي، بحسب الاحصائيات المنشورة هناك اكثر من عشرين الف ضحية، وعشرات الالاف من الجرحى، وملايين المهجرين، والنازحين، ماعدا عشرات الالاف من المفقودين، وفي الوقت الذي يخفي – الحزب الحمساوي الاخواني – الحقيقة عن اهل غزة، والشعب الفلسطيني، والعالم بشان قتلاه، وجرحاه، فانه يصر على الانتصار، معتمدا على قتل جندي إسرائيلي هنا وآخر هناك، اما مايحصل من مذابح بحق المدنيين الفلسطينيين، ومعاناة إنسانية اليمة، فلاقيمة لها لدى هذا الحزب، المهم ان بضعة افراد من القيادة المتنفذة بخير، والاهم ان معظم أعضاء مكتبه السياسي خارج القطاع، وفي أماكن آمنة، وتم ترتيب ذلك مسبقا بالرغم من ادعاء كل من ( هنية ومشعل ) انهما لم يكونا على علم بالعملية  التي تؤكد المصادر انها تم التخطيط لها من جانب قيادة الحزب الحمساوي، وضباط الحرس الثوري الإيراني.
اعلام هذا الحزب الشمولي ومعه الاعلام العربي الرسمي، يتغنى ويتباهى، بمظاهرات في تل ابيب تطالب بعودة الاسرى، وترفع شعارات ضد سياسة الحكومة، والامر بالحقيقة اكثر من مديح للنظام السياسي في إسرائيل فحتى في حالة الحرب يمكن للشعب ان يرفع صوته دون خوف من الرقيب، والملايين الذين انتخبوا تلك الحكومة التي نعتبرها مسؤولة عن اهراق دماء الالاف، تجد مئات، وآلاف بينهم ينتقدونها علنا، فهل هناك في غزة المنكوبة او حتى في كل فلسطين من يتجرأ على توجيه ولو نقد بسيط الى سلطة الحزب الحمساوي الذي استولى عليها أساسا بصورة غير شرعية ؟، ولو كان بمقدور اهل غزة ان يرفعوا الصوت، ويتظاهروا، ويرفعوا الشعارات، ويدلوا بتصريحات للاعلام  ويعلنوا بما يريدون لكان بالإمكان ممارسة الضغط على ذلك الحزب المستبد ليراجع حساباته، ويتخلى عن استغلال المدنيين، واستخدامهم دروعا بشرية، ويعلن الانسحاب حفاظا على دماء الفلسطينيين من اهل القطاع .

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف   مرت مئة يوم ويوم على سقوط الأسد، لكن الواقع الذي يعيشه السوريون اليوم يتجاوز بكثير الساعات التي مضت. هذه الأشهر الماضية التي تنوف عن الثلاثة كانت مليئة بالتحولات السياسية غير المنتظرة، إلا أن الواقع الأمني والمعيشي للمواطن السوري لم يتحسن بل ازداد تدهورًا. إذ من المفترض أن يكون تأمين الحياة للمواطن السوري هو أولى الأولويات بعد السقوط،…

شيروان شاهين تحوّل الصراع في سوريا، الذي بدأ منذ 14 سنة كحركة احتجاجات شعبية، من حالة صراع بين ميليشيات مسلحة وسلطة منهكة على مستوى أطراف المدن والأرياف إلى صراع طال شكل الدولة ككل. حيث أفرزت الحرب الأهلية واقعًا وعنوانًا جديدًا في 8 ديسمبر 2024: انهيار دولة البعث وإعلان دولة القاعدة. تميّز حكم البعث، الذي بدأه أمين الحافظ “السني”…

اكرم حسين   طرح الأستاذ عاكف حسن في مقاله هل ما زلنا بحاجة إلى الأحزاب السياسية؟ إشكالية عميقة حول جدوى الأحزاب السياسية اليوم، متسائلاً عمّا إذا كانت لا تزال ضرورة أم أنها تحولت إلى عبء ، ولا شك أن هذا التساؤل يعكس قلقاً مشروعًا حيال واقع حزبي مأزوم، خاصة في سياقنا الكردي السوري، حيث تتكاثر الأحزاب دون أن تنعكس…

صلاح عمر   ثمة وجوه تراها حولك لا تشبه نفسها، تبتسم بقدر ما تقترب من الضوء، وتتجهم حين تبتعد عنه. وجوهٌ لا تعرف لها ملامح ثابتة، تتشكل وفقًا لدرجة النفوذ الذي تقترب منه، وتتلون بلون الكرسي الذي تطمح أن تجلس بقربه. هؤلاء هم “المتسلقون”… لا يزرعون وردًا في القلوب، بل ينثرون شوك الطمع على دروب المصالح. لا تعرفهم في البدايات،…