هل استعادة جزء من القرار ممكنة ..؟

 

اكرم حسين 

 

النقد العلني  الذي وجهه سيامند حاجو الى الاحزاب والاطر الكردية في سوريا ، عبر المقابلة التي اجرتها معه  قناة روداو ، يطرح الكثير من القضايا والتساؤلات التي تحتاج الى نقاشات تفصيلية ،  لما لها من دور واثار وتداعيات على مجمل القضية الكردية وتقدمها في سوريا .
بداية لابد ان نسجل لقناة روداو مهنيتها  وحياديتها وفضاءها الواسع ، لإتاحة الفرصة للتعبير عن الرأي المختلف حتى لوكان يستهدفها ، وبذلك نقلت الاعلام الكردي من المحلية الى العالمية.

 

ثانيا ، وبغض النظر عن الاهداف والغايات التي دفعت الى اجراء هذا الحوار، وفي قلب هولير وتطرقه الى بعض القضايا الحساسة  ، يحتل فقدان الكرد السوريين لقرارهم  ، والتحكم بمصيرهم  وارادتهم – حيزا واسعاً  – وهو حال السوريين جميعاً-  لصالح اجندات ومصالح لها علاقة بالخارج ، في ظل غياب أي افق لإعادة رسم الخرائط وتعديل الحدود في المنطقة  كما أكدته كل القرارات الدولية ذات الصلة بالقضية السورية ، عبر الحفاظ على وحدة وسلامة الاراضي السورية  .
اذاً المهمة الملحة على جدول اعمال الكرد السوريين هي استعادة القرار، والانخراط الفعلي في الوطنية السورية عبرالمساهمة  في انجاز الحل السياسي ، بما يلبي طموحات مكونات الشعب السوري في اطار دولة ديمقراطية تعددية لامركزية ، تفصل السياسة عن الدين ، وترتكز على اسس المواطنة المتساوية بإطلاق بغض النظر عن الجنس او العرق او الدين .
لا احد ينكر او يرفض دعم الاشقاء في الاجزاء الاخرى على اساس  المصالح المشتركة والاحترام المتبادل . فبدون هذا الدعم ماكان لكرد سوريا ان يكونوا على ما هم عليه ، اما قضية غياب الديمقراطية فحدث ولاحرج ، لان الساحة الكردية تفتقد الى تقاليد العمل الديمقراطي واليات تطبيقها .  فهي تحتاج الى بيئة ووعي وممارسة لم يشهد كرد سوريا منها شيئا ،  لانهم تربوا في ظل حكم البعث الاستبدادي الشمولي  وفي مدارسه ، ونهلوا من فكره ،  وخاصة تكريسه لمبدأ التبعية ، وطغيان فكرة الاكثرية  مع غياب حق الاقلية لابل سحقها  …!
السؤال الجوهري في كل ما سبق ، كيف يستطيع الكرد السوريون في مسعاهم استعادة جزء من قرارهم ، لأننا نعلم من شبه المستحيل في ظل الظروف القائمة والتعقيدات المستحكمة  ان تكون صاحب قرارك بالكامل ، وهو منوط بمراحل التاريخ ، وتطورات الاوضاع ، لكن مع ذلك لابد من نقد المفاهيم التقليدية العامة التي كرستها الحركة الكردية السورية ، وتوسيع موضوعاتها ومقولاتها  ، وتبيان انحرافاتها الوضعية  ، بعيداً عن تشويه تاريخها او دفعاً الى اليأس والاحباط والفشل . فما حدث على شاشة روداو لم يحمل طابع النقد التحليلي أوالموضوعي بما فيه الكفاية ، بل اتسم بالطابع الثأري او الانتقامي …!
النزعة الطوباوية او الفوضوية تتمثل عادة في عدم ادراك الاختلاف بين اطر واحزاب الحركة الكردية في سوريا ، وتعمل في اغلب الاحيان على بذل قصارى جهدها للبرهان على نفي الاختلافات التي ينبغي دائماً رؤيتها مهما كانت صغيرة أوبسيطة …!
لابد من توجيه النقد للطابع الايديولوجي ، ولبنية التنظيم  المركزية  وما تُنْتِجُ  من “الهة ” ، كي يتحول هذ النقد الى عناصر مثمرة في تناول موضوعات  اكثر حيوية  ، واجراء المراجعات الضرورية وفق اليات محددة ، قد تساهم في الخروج من الازمة البنيوية التي تعيشها هذه الحركة ، وتحد من طابعها الانقسامي – الانشطاري ، بعيداً عن الشهرة او اثارة الزوابع في الفناجين …!
في النهاية يمكن طرح السؤال التالي : الى أي حد يستطيع  دعاة الديمقراطية والاستقلالية ان يبقوا  اوفياء لهذه المفاهيم على صعيد الممارسة ، ام انه زبد يذهب مع انتهاء زمن القول ، وهل يسمح الواقع العنيد بذلك ام ان كل ذلك ليس الا عبارة عن ثرثرة وترف فكري لا مكان فيه لواقع اصبح اعادة تشكيله  ضرب من الخيال ….!

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…