إبراهيم اليوسف
بينما كنت أتصفح مجموعة- واتس آب- تجمعني بعدد من الأصدقاء، نتبادل فيها الآراء، تم إنشاؤها، بعيد حراك الثورة المجهضة، فاجأتني تعزية موجهة إلى الصديق إبراهيم الباشا بابن عمه: عبدالرزاق إبراهيم الباشا الذي تعرفت عليه عن قرب في العام 2007- بعد لقاءات سابقة- عندما آزرني الصديق إبراهيم الباشا-عبر موقف شهم- من أجل الحصول على الموافقة بمغادرة الوطن للالتحاق بفرصة تدريسية في قطر، تم تأمينها لي بوساطة الصديق: مروان كلش وصديقه بسام علواني. حصلت خلالها على أعلى راتب لي في حياتي، لكني- ركلت تلك النعمة- لأني لم أتقبل أو لم أستسغ ما فرض على المدرسين في تلك المدرسة، بسبب خنوع بعضهم من غير السوريين- الذين شوهوا صورة المربي، وعدت إلى الوطن بعد خمسين يوماً- فحسب- بعد أن قدمت استقالتي، ومارست إدارة المدرسة شتى أنواع الضغوطات، لاستمراري في العمل، من دون جدوى.
منذئذ، بقيت أنا والصديق عبدالرزاق الباشا على تواصل، أي منذ أن كان في الوطن أو في الرياض، أو في تركيا، إلى أن انقطع التواصل اليومي عبر الواتس، بيننا، نتيجة دخوله الغيبوبة- قبل أشهر، وكانت آخر رسالة منه إلي، في نيسان إبريل الماضي. كان موعدي والصديق إبراهيم قرب سبع بحرات الحسكة. التقيته وعبدالرزاق. ، وكنت التقيتهم في مناسبات عدة عن طريق المرحومين: عبدالإله “وإبراهيم عبدالرحمن الباشا” 1956-1998″. أولهما كاتب وثانيهما شاعر. عرفتهم جميعاً والصديق عبدالعزيز أيو وكثيرين من – سري كانيي- عن طريق صديقي المناضل: أحمد رمضان الشيوعي المبدئي الذي رحل قبل سنة وظللنا نتواصل إلى أن وافته المنية!
كنت ممنوعاً من السفر، وتوسط لي إبراهيم الباشا بتوصية من كل من الراحل عبدالحميد درويش ود. عبدالحكيم بشار لمنحي- موافقة السفر- وهوما تم، بعد أن ذهبنا الثلاثة إلى مكتب رئيس فرع الأمن السياسي الذي أطلع إبراهيم الباشا على مقالات كتبتها، وكانت من ضمن دواعي منع السفر ومما قاله له:
انظر لقد نقد الرئيس د. بشار الأسد أكثر من مرة
رددت عليه قائلاً ما معناه:
لقد قال إن بناء دولة كردية خط أحمر. الرئيس ليس فوق النقد. ها ننقد القرآن الكريم ذاته!
ساد صمت طويل، وتحدث الباشا عن مشروع مئوية جده- إبراهيم باشا المللي- الذي لم ينفذ لسبب كتبت عنه في مقال لي بعنوان:
وبينما كنا ننزل الدرج قال عبدالرزاق:
أحييك على موقفك، وقد كنت أتوقع أنك لن ترى النور بعد حديثك!
أشرت إلى ذلك في مقال لي بعنوان: آلة الاستبداد ولذة المواجهة*
وظل يذكرني بذلك الموقف، أنى تواصلنا صوتياً، ولتظل رسائله الصباحية إلي شبه يومية. يختار بطاقات جميلة. مختلفة. أحاول أن أرد عليه ببطاقات تشبهها، إلى أن انقطع التواصل بيننا، قبل أن يعلمني إبراهيم الباشا بذلك
بعد سنوات، أعلمني الصديق عبدالوهاب بحري- عندما التقينا في مظاهرة تضامنية من أجل كركوك في ديسلدورف أمام مبنى البرلمان- بردي على المذكور، ويبدو أنه قد قاله له رئيس فرع الأمن السياسي حرفياً.
لكم هو مؤلم أن تتذرر عائلة الباشا في بقاع الأرض، وتحضن أجساد بعضهم عناوين غير مدينة- سري كانيي- رأس العين، التي ارتبط اسمها باسم آل الباشا، في محطة تالية، في إطار عودتها إلى أرومتها، منذ أن دخلها عياض بن غنم، بعد طوال مقاومة، من قبل أهلها. فها هو قلب الصديق الوديع. الطيب عبدالرزاق يتوقف عن الخفقان، بعد بضعة أشهر من الغيبوبة، ليوارى الثرى غريباً، بعد سلسلة غربات واغترابات، نتيجة ما لقيته العائلة في ظل نظام البعث العنصري الذي كان وراء ما آلت إليه سوريا من مصير مأساوي بحق الملايين من ذويها، ومن بين هؤلاء أهلنا الكرد الذين تم تهجيرهم، أمام مرأى دعاة حماية كوكب الأرض وبشره. أمام أعين العالم كله!
*
رابط المقال المذكور: