كلمات للجزيرة ومحللها العسكري والاستراتيجي..

 

أنور مالك

 

 الخبير العسكري والاستراتيجي لقناة الجزيرة اللواء المتقاعد فايز الدويري وهو بلا شك مثقف نحترمه ونحترم رأيه وتوجهاته وهو حر فيها بلا أدنى شك..
لكن تابعت تحليلاته كثيرا وخاصة حول فيديو بثته كتائب القسام تقول أنه تسجيل لعملية نفذتها المقاومة ضد جيش الاحتلال، ولم يقدم المحلل ما يثبت مثلا أن العملية حديثة وفيها عشرة قتلى ويفند الشبهات المحتملة بطريقة ذكية..
أما الألبسة والأسلحة فقد مر عليها مرور الكرام وهي ليست أدلة قاطعة فقد يأتي من يقول أنها كانت بحوزة القسام من قبل وهم لديهم معدات وعسكريين محتجزين، وما أسهل التشكيك فيها وطبعا اتمني أن ما حدث صحيحا كما يروي إعلام المقاومة..

 

ليس المشكل هنا وأنا لا أستطيع أن أجزم بصحته ولا أذهب إلى تكذيبه، ففيه ما يجعل الأمر يلتبس لحد كبير عندما نستعمل العقل العسكري وليس العاطفة الشعبوية..
لكن الغريب جدا أن المحلل نفسه ناقش فيديو آخر بثه الاحتلال الاسراييلي حول عملياته فركز على جانب نفسي وهو ليس مختصا وشكك فيه جملة وتفصيلا على أساس أن الطرف الآخر لا يظهر والأمر نفسه ينطبق على فيديو القسام وفيديوهات أخرى حيث لم تظهر أحيانا سوى الألبسة والأسلحة وآثار الدماء، وهو ما ظهر مع فيديو المحتل مثل حفرة النفق التي شكك فيها أيضا عبر أطروحة الرياح والتي قدمها بطريقة غير مقنعة..
أيها الجنرال المتقاعد مع كل الاحترام لك وأنا ضابط سابق ودرست ودرّست في الكليات العسكرية ما تقوم به على شاشة الجزيرة لا علاقة له بالتحليل العسكري والاستراتيجي الذي يقتضي لغة عسكرية خاصة وحيادية في تقييم الحرب ودقة في مناقشة المحتوى والمشاهد والمعارك وتبيان الأدلة التي تضع المتلقي أمام الحد الفاصل بين الصدق والكذب..
ليس من التحليل العسكري التعبير عن عاطفيات وتخمينات وأمنيات وتحديات وتصفيقات، وأيضا تصديق كل شيء يأتي من هذه الجهة وتكذيب كل ما يأتي من الجهة الأخرى..
المحلل العسكري ليس قاضيا يصدر الأحكام بل يقدم للمشاهد ما يساعده على تشكيل قناعة معينة، كما أنه لا يعبر عن موقفه الشخصي ويحافظ على حياديته التامة وحتى إن كان متعاطفا مع جهة لا يجب أن تغلبه عواطفه وتظهر علنية للمشاهدين والمتابعين ويصير يطبل فقط بدل استعمال العقل في توصيل الفكرة التي يريدها..
أنصح إدارة الجزيرة التي أحترمها أن تتوقف عن تقديم السيد فايز الدويري محللا عسكريا واستراتيجيا وتقدمه كمناضل وكاتب ومفكر يدافع عن قناعاته ومواقفه الداعمة لحماس في هذه المحرقة ولا حرج عليه وعليها في ذلك..
إن كانت الجزيرة تريد المهنية العسكرية التي لا تختلف عن المهنية الصحافية في أمور كثيرة، أما إن كانت همها النفخ في الظاهرة الشعبوية لتحقيق مآرب بين الجماهير فواصلوا أيها القائمون عليها وأكملوا على ما أنتم عليه فهذا شأنكم، ولكن تأكدوا يقينا أن ما تقومون به في المساحة العسكرية مع المحلل فايز الدويري خاصة لا علاقة له بالتحليل العسكري والاستراتيجي ولا يمكن أن يفيد المتخصصين في شيء بل سمعت الكثيرين من أهل الاختصاص يسخرون مما يسمعون عبر منبركم الكبير من كلام ليس له علاقة بمنطق التحليل العسكري، واسألوا الخبراء من جنرالات متقاعدين تعرفونهم في الدوحة وغيرها..
حتى لا نبخس آخرين حقهم، يوجد ضباط يشاركون مع الشبكة الناطقة بالعربية ونراهم يتحدثون بلغة عسكرية واستراتيجية في المستوى المطلوب، ويظهرون أكثر موضوعية رغم ضغط خط التحرير عليهم، وهو مؤسف جدا في هذا المجال العسكري على قناة عالمية بوزن الجزيرة..
أتمنى أن أكون مخطئا في تقدير بعض الأمور وأرجو من المتابعين الذي لديهم خبرة عسكرية خاصة المختصين من ضباط تقديم رؤيتهم الصائبة إن كنا على خطأ أو الداعمة إن كنا على صواب أو المفصلة لما ألتبس علينا..
وبارك الله فيكم مسبقا

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف منذ سقوط النظام المجرم في 8 كانون الأول 2024 وتحول السلطة إلى السيد أحمد الشرع، بات السوريون، سواء أكان ذلك في العاصمة دمشق أو المدن الكبرى والصغرى، يتطلعون إلى مرحلة جديدة يتخلصون فيها من الظلم والاستبداد. حيث سنوات طويلة من مكابدات المعذبين في سجون الطاغية الأسد وأبيه كانت كفيلة بتدمير أرواح مئات الآلاف. بعض السجناء أمضوا…

شكري بكر هذا الموضوع مطروح للمناقشة قد يؤدي بنا للوصول إلى إقامة نظام يختلف عما سبقونا من سلاطين وحكام وممالك وما نحن عليه الآن حيث التشتت والإنقسام وتبعثر الجهود الفكرية والسياسية والإقتصادية والعمل نحو إقامة مجتمع خال من كل أشكال الصراع وإلغاء العسكرة أرضا وفضاءا التي تهدر 80% من الإقتصاد العالمي ، إن تغلبنا على هذا التسلح يمكن…

إياد أبو شقرا عودة إلى الموضوع السوري، لا بد من القول، إن قلة منا كانت تتوقّع قبل شهر ما نحن فيه اليوم. إذ إن طيّ صفحة 54 سنة خلال أقل من أسبوعين إنجازٌ ضخم بكل ما في الكلمة من معنى. سهولة إسقاط نظام الأسد، وسرعة تداعيه، أدهشتا حتماً حتى أكثر المتفائلين بالتغيير المرجوّ. إلا أنني أزعم، بعدما تولّت قيادة العمليات…

طارق الحميد منذ فرار بشار الأسد، في 8 ديسمبر (كانون الأول)، إلى روسيا، وهناك سيل من النقد والمطالبات للحكام الجدد، وتحديداً أحمد الشرع. والقصة ليست بجدوى ذلك من عدمه، بل إن جل تلك الانتقادات لا تستند إلى حقائق. وسأناقش بعضاً منها هنا، وهي «غيض من فيض». مثلاً، كان يقال إن لا حل عسكرياً بسوريا، بينما سقط الأسد في 12 يوماً…